مركز الصدرين للدراسات السياسية || الكتب السياسية

بحوث في ولاية الفقيه

الدرس العشرون: كيف يكون ولي الأمر المختار من قبل أهل خبرة بلد ولياً على أهل بلد آخر؟

ربما يتساءل البعض: أنه إن كان ولي الأمر المختار ولياً على الأمة الإسلامية بأجمعها فهذا يقتضي أن تشارك الأمة كلها في اختيار ولي الأمر، بينما الذي يحصل هو خلاف ذلك، أي إن بعض الأمة تختار ولي الأمر دون أن يكون للبعض الآخر دخل في ذلك، ثم يصبح هذا الولي ولياً على الجميع بمن فيهم هذا البعض الذي لم يكن له أي دور في اختياره، وربما يكون عدد هذا البعض أكبر من عدد الذين شاركوا في الاختيار، ومن هنا يحق لنا السؤال: كيف صار الولي المنتخب من قبل بعض الأمة ولياً على الجميع؟
وهذا وإن كان متعقلاً في الأزمنة السابقة، حيث لم يكن بمقدور الأمة أن تشارك بأجمعها في اختيار الولي لصعوبة التواصل وبالتالي الحضور في الوقت المناسب، لكنه في هذا الوقت لم يعد بالإمكان الاتكال على مجموعة خاصة ونهمل الباقي بعد أن بلغت الاتصالات مرحلة من التطور بحيث يمكن خلال يومين أن يجتمع مندوبوا المسلمين من جميع الدول والمشاركة في الاختيار أو يشاركون في أماكنهم.
وبعبارة صريحة نقول كنموذج تطبيقي لما نقول:
إن المجتمع المسلم في إيران يختار أهل الخبرة من مجتمعه، بينما لا يختار المجتمع المسلم وغيره من البلاد الإسلامية أهل خبرة من عندهم يكونون جزءاً من مجلس الخبراء الذي يتولى اختيار القائد ومراقبة مسيرته وعزله حين تحتاج الأمر إلى العزل، فهل يمكن مع ذلك فرض أن ولي الأمر في المجتمع المسلم في إيران ولياً على مسلمي لبنان وغيره من البلاد الإسلامية؟
وللإجابة عن هذا التساءل نقول:
أولاً: نحن نسلم بأن المبدأ يقتضي ما ذكر، لكن لا يبلغ حد الإلزام والضرورة.
ثانياً: نحن في الواقع لا نعتبر أن ذلك الأمر لم يحصل ولا نعتبر أننا غير مشاركين في تلك المسألة، بل لنا دور على مستوى التعيين، كما لنا دور على مستوى العزل.
أما على مستوى التعيين فكل المطلوب منا هو أن نحرز كالمسلمين الإيرانيين أن الشخص المعين من قبل أهل الخبرة قد توفرت فيه جميع الشروط المعتبرة في الوالي.
أما على مستوى العزل فلأننا عندما نحرز من طريق شياع أهل الخبرة المفيد للعلم أو الاطمئنان أنه لم يعد صالحاً لهذا الموقع نصبح غير معنيين بولايته.
وبعبارة مختصرة: المطلوب منا أن نحرز من خلال شياع أهل الخبرة توفر الشروط فيه حتى تصبح طاعته واجبة علينا، كما أننا لا نكون معنيين بالطاعة لو أحرزنا من خلال الشياع المذكور أيضاً عدم توفر الشروط أو زوالها.
وإنه لمن المنطقي تماماً أن نحرز هذا وذلك من رأي مجلس الخبراء المشكّل في الجمهورية الإسلامية في ايران كما سنبين ذلك فيما بعد.
ومنشأ ما ذكرناه الآن هو ما ذكرناه سابقاً أن الانتخاب ليس دور إعطاء شرعية حكم للمنتخب، بل استكشاف صاحب الشرعية، وأن ذلك لا يكون إلا من خلال شياع أهل الخبرة المفيد للعلم أو الاطمئنان، وقد ذكرنا أنه لا يكفي في التعيين قول شخص أو شخصين، ولا شياع غير أهل الخبرة، كما لا يكفي ذلك في العزل أو رفض الولاية، فراجع ما ذكرناه.
وهذا المعنى متحقق في ولاية ولي أمر هذه الجمهورية، فإننا من خلال شياع أهل الخبرة علمنا بتوفر الشروط وانكشف لنا من هو صاحب الحق بالطاعة وصاحب الشرعية بالحكم، ولذا صرنا ملزمين بطاعته، وإن لم نكن ملزمين بتفاصيل الحكم المختص بإدارة الجمهورية الإسلامية، ولذا لا نعتبر رئيس الجمهورية ولي أمرنا إلا إذا أمّره علينا الإمام القائد، وكذا غير الرئيس من المسؤولين في تلك الجمهورية.
ثالثاً: إذا التفتنا إلى ما ذكرناه سابقاً نقول إنه من الضروري تحديد المقصود من السؤال وتحديد منشئه ومنطلقه.
فإن كان المنطلق حالة قومية أو شخصية، فإننا لا نملك جواباً على هذا السؤال إلا تقديم النصح بضرورة الالتزام بالأخلاق الإسلامية وتربية النفوس على قواعد إسلامية، لأن خلفية السؤال غير دينية، والإسلام لم يأخذ بعين الاعتبار هذه الاعتبارات في تشريعاته وخصوصاً في باب الولاية، فإن مجرد أن المسلم اللبناني لم ينتخب أو لم يختر شخصاً من أهل الخبرة فهذا لا يشكل أساساً للطعن من الجهة الشرعية في الموضوع الجاري حالياً في الجمهورية الإسلامية المباركة.
نعم سيكون طعناً إن اعتبرنا أن الولي في إيران إيراني، وسيكون طعناً إن اعتبرنا مجلس الخبراء مجلساً قومياً إيرانياً فنسأل عن مجلس لبناني أو عن مجلس يكون خليطاً بين إيرانيين ولبنانيين.
فالسؤال بالخلفية المذكورة سؤال خاطئ.
بل السؤال الذي يهمنا كمسلمين مع غض النظر عن كوننا لبنانيين أو إيرانيين أو من أي جنسية كنا، هو هل هذا المجلس مشكّل من أهل خبرة أم لا؟ وهل نعترف بكونهم أهل خبرة أم لا؟ وهل هم عدول أم لا؟ وهل يملكون القدرة على تمييز الشخص الذي يملك أهلية الولاية أم لا؟ وبالتالي هل هم حجة علينا أم لا؟.
فإن كان الجواب بالإيجاب، فلن يضر في الموضوع الشرعي بعد ذلك كون أهل الخبرة إيرانيين أو عراقيين أو من غيرهم، وإن كان الجواب بالسلب فلن يفيدنا حينئذ كون المجلس خليطاً من شعوب مختلفة وقوميات متعددة. وبعبارة أوضح: إن كان العدد المتوفر في المجلس هو من أهل الخبرة وكان يكفي لتحصيل العلم أو الاطمئنان كما ذكرنا ذلك فيما سبق حين الحديث عن مجلس الخبراء، فهو حجة علينا سواء شاركنا في الانتخاب أم لم نشارك، وسواء كان لنا مندوبون من أهل الخبرة أم لم يكن.
نعم قد أشرنا إلى أن المشاركة كلما عمت كلما كان ذلك أحسن لكي يشعر المسلمون على اختلاف بلادهم أن لهم دوراً وأنهم يتحملون جزءاً من المسؤولية في هذا المجال، لكن التفضيل والاستحسان شيء ولزومه الشرعي بحيث يصلح ما ذكر نقضاً على العملية الجارية شيء آخر.
لكننا عندما نفضل ذلك فإنما نستحسنه مع إمكان تنفيذ ذلك، ومع إمكان إصدار تشريع يسمح للخبراء من الدول المختلفة في المشاركة من غير ضرر بمصالح الجمهورية الإسلامية التي تعتبر حفظها من أهم الواجبات في الإسلام.
ولكن الذي يسهل الأمر ويؤدي إلى القناعة بأن المجلس يتضمن أهل الخبرة، أن المرشحين لهذا المجلس يجب أن يأخذوا موافقة مجلس أعلى يدقق في حملهم للمواصفات التي تجعلهم أهلاً ليكونوا في هذا المجلس، فنحن لم نستدل على كون المنتخبين في هذا المجلس هم من أهل الخبرة من خلال انتخاب الناس لهم، بل من خلال تأييد ذلك المجلس الأعلى لأهليتهم، والمفروض أن أعضاء ذلك المجلس الأعلى من المعروفين بالعلم والعدالة والورع والتقوى، بل هذا هو ما نعرفه عنهم فعلاً، فمهما كانت جنسية الأشخاص المنتخبين في مجلس الخبراء فهم من أهل الخبرة، وبالتالي فإن قولهم حجة علينا.
نعم سنقع في مشكلة لو أن مجلس الخبرة يفتش عن ولي أمر يكون إيرانياً ويفضله على غيره من الأقطار الأخرى حتى وإن كان هذا الغير أفضل وأكفأ من الإيراني، وبعبارة أصرح سنكون أمام محذور شرعي، لأن الواجب على مجلس الخبراء أن يفتش عن الولي الأصلح من بين جميع الفقهاء في جميع البلاد الإسلامية، أما حصر البحث بالفقهاء الإيرانيين فهو مخالف للشريعة، لأنه لا يشترط في الفقيه الولي أن يكون من جنسية معينة. نعم يجوز ذلك مع الضرورة الداعية لذلك.
لكن الذي يجري في الجمهورية الإسلامية يجري على النهج الصحيح، ولذا نجد أنه لم يشترط في دستور الجمهورية الإسلامية أن يكون الولي إيرانياً، علماً أنهم اشترطوا ذلك في رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء. والسر في ذلك أن رئيس الجمهورية رئيس للإيرانيين وليس رئيساً لجميع المسلمين، بينما الولي ولي على جميع المسلمين، فمن جهة التشريع تم تشريع قانون يوافق المبادئ الإسلامية في موضوع تعيين الولي من حيث عدم اشتراط جنسية معينة.
كما أن التنفيذ يسير بشكل سليم لأننا نعلم بأن أعضاء مجلس الخبراء يبحثون عن الولي من بين جميع الفقهاء المسلمين لعلمنا بورعهم وعلمهم ومعرفتهم بأن الولي لا يشترط فيه أن يكون إيرانياً بل مع علمهم أن هذا الشرط لاغٍ شرعاً.
ولو فرضنا أن مصلحة الإسلام والأمة وحفظ الجمهورية الإسلامية توقفت على أن يكون الولي إيرانياً، بحيث إن لم يكن إيرانياً يخشى من زوال الإنجازات التي تحققت بما يشبه المعجزة، ويخشى من أن تسقط راية الإسلام هناك، خصوصاً وأن الألاعيب السياسية والاجتماعية والمؤامرات الهادفة إلى إسقاط ذلك النظام المقدس الذي اعتبره الإمام الخميني (قدس سره) بحق أوجب من الصلاة وجميع العبادات، واعتبر بحق أن حفظه من أهم الواجبات ففي مثل هذه الحال لا مانع من اختيار ولي إيراني كفوء تتوفر فيه الشروط المعتبرة في الولي.
وفي هذه الحال يجب علينا أيضاً الانقياد له لأن الفرض أن ضرورة الإسلام دعت إلى تخصيص الاختيار، ويجب على جميع المسلمين التضحية من أجل الإسلام وتقديم مصلحة الإسلام على جميع الاعتبارات الشرعية وغيرها ويكون هذا التكليف مقدماً على أي اعتبار آخر وأي تكليف آخر.
لكن بحمد الله لم نصل إلى هذه المرحلة من الضرورة والاضطرار، بل لا زال هذا المنصب تحت سلطة الفقيه الكفوء الذي تتوفر فيه أفضل الشروط من بين جميع فقهاء المسلمين، كما كان كذلك في عهد الإمام الخميني (قدس سره). ولا أعتقد أننا سنبلغ مرحلة الاضطرار المذكورة لأن الله تعالى قد شاء أن تكون الجمهورية الإسلامية مركزاً حوزوياً ومنبعاً علمياً مهماً يتخرج منه العلماء الفقهاء القادرون على تحمل أعباء المسؤولية، وأملنا بالله تعالى أن يحفظ المسيرة ويهيء لها حفظة وأمناء إلى أن يظهر الحجة(عج).


خاتمة للمطالعة

مقتطفات من كلام الإمام الخميني(قدس سره)
1ـ ولاية الفقيه شوكة في أعين الأعداء:
ـ ولاية الفقيه هذا القانون الراقي من القوانين الإسلام، هو شوكة في أعين الأعداء، فحيكت ضده المؤامرات حتى يصير الناس غير مبالين بهذا القانون الأساسي، فاسألوهم إن كانوا يعتبرون هذا القانون الأساسي رجعياً، فأي مادة هي المرجعية؟ فسيقولون هي مادة ولاية الفقيه، وهم إنما يخافون من الإسلام ويعتبرون الإسلام رجعياً، ولكن لا جرأة لديهم للنطق بهذا، لكنهم يعبرون بما يدل عليه فيقولون: يريدون إعادتنا إلى ما قبل 1400سنة.
ـ وقد كان مبدأ ولاية الفقيه سامياً إلى درجة أنه قل نظيره من حيث الشروط المعتبرة فيه من الجهة الأخلاقية والدينية والعملية ومن حيث الحاجة إلى ثبوت ذلك للناس والشعب نفسه يحدد ذلك..
ـ إن هذه المادة هي من أرقى المواد في القانون الأساسي، وهي عدو الذين ينادون بأقلامهم بضرورة تبديل اسم الجمهورية إلى جمهورية ديمقراطية بدل إسلامية، وهم لا يدركون أنه لا وجود لمثل هذه الديمقراطية في العالم، وإلا فأي دولة هي التي عملت بموازين الديمقراطية بل ما هو معناها؟ ولها في كل مكان وكل بلد معنى، ومعناها في الاتحاد السوفياتي مختلف عن معناها في أمريكا، ولها في مكان آخر معنى ثالث فليس من معنى واحد، بل الحديث عن الديمقراطية حديث عن أمر مجهول، له في كل مكان معنى، وهذا يمنعنا من إدراج هذه الكلمة في القانون الأساسي حتى لا تكون قابلة للتأويلات المختلفة والتفسيرات حسب الأهواء والمشتهيات.
ـ لكن عندما نقول إسلامية نكون قد أحلنا إلى معنى واضح، لأن الإسلام له معنى واحد في كل مكان وزمان، وجميع المسلمين يعرفونه، قلنا جمهورية إسلامية، والشعب أراد ذلك بغالبية تقرب من الاتفاق، لأن نسبة المخالفين كانت اثنين في المائة، وهي مخالفة تعبر عن خوف من الإسلام لا من الجمهورية، وهو ما يوجعهم... بينما أراد الشعب الإسلام لأن الإسلام يدلهم على ماذا يجب أن يحصل لأن الإسلام دنيا وآخرة.
ـ لن تأتي أمريكا بالرمح إلى ساحة المواجهة بل ستأتي بالقلم، لن تأتي بقوى عسكرية بل ستضع يدها بيد أمثال هؤلاء الذين عليهم أن يلتفتوا إلى أن لا يصبحوا آلة بيد الأعداء.
2ـ ولاية الفقيه هبة إلهية:
ـ سئلت فيما سبق عن الطلاق فأجبت أنه يمكن للزوجة أن تشترط في عقد الزواج على زوجها أنها وكيلة في طلاق نفسها، لكن هذا الجواب لا يكفي، إذ ما حال اللواتي لم يذكرن هذا الشرط في عقد الزواج.
ولاية الفقيه تحل هذه المشكلة، لأن للفقيه أن يطلق المرأة من زوجها إن أساء معاملتها بعد أن ينصحه الفقيه أولاً، ثم يؤدبه ثانياً، فإن لم يرتدع يطلقه منها.
وعندما قلت هذا الكلام وافق على ولاية الفقيه هذه من كان مخالفاً لها، فهم لا يدركون أن من صلاحيات الفقيه الولي أن يطلق في مورد يترتب على الزواج الفساد وإفساد حياة إن لم يكن هناك حل آخر رغم أن الطلاق هو بيد الرجل.
ـ إن ولاية الفقيه هبة إلهية للمسلمين... واعلموا أن الإسلام للجميع ومفيد للجميع فلا تخافوا منه، ولا تخوّفوا الناس منه، تكتبون ما تريدون وكل ما يخطر على بالكم مع جهلكم بالإسلام، أو ربما تكونون قد قرأتم كتاباً عن الإسلام يكون مؤلفه جاهلاً بالإسلام فتستنفرون، بل أحياناً يكون هناك سوء قصد، وإرادة إعاقة تقدم هذه النهضة، بعد أن رأوا البعد بينهم وبين الناس ورأوا أنهم خسروا مصالحهم التي كانوا ينالونها من النظام السابق.
3ـ ولاية الفقيه ليست ديكتاتورية:
ـ يقولون إن كانت هذه هي ولاية الفقيه وهذه هي صلاحياته وجب إقامة المآتم، إنهم لا ينطقون بكلمة لو كانت هذه الصلاحيات بيد رئيس الجمهورية الفلاني أو بيد رئيس الوزراء الفلاني، وإن كان منحرفاً، لكنهم يكثرون من الكلام عندما لا تكون القدرة شيطانية، بل تكون قدرة الإشراف على أمور البلد حتى لا ينحرف البلد... أنتم الأقلية تجلسون تريدون أن تحكموا الأكثرية بأقلامكم فأنتم الديكتاتوريون، وذلك الديكتاتوري حكم بالسيف وأنتم تريدون أن تحكموا بالقلم، وسينكسر قلمكم كما انكسر سيفه.
ـ فاستيقظوا من غفلتكم أيها السادة، وتنبه أيها الشعب من هؤلاء المنحرفين الجالسين على هامش الطريق، يريدون حرف الشعب والثورة ويتخيلون أنهم سيسقطونها، واعملوا أنهم لم يقدروا على ذلك... ولاية الفقيه ضد الديكتاتورية، والفقيه لا يريد أن يقول الزور للناس، ولو فعل الفقيه ذلك لسقطت ولايته.
ـ إن الحاكم في الإسلام هو القانون والنبي(ص) تابع للقانون الإلهي، فإن كان الرسول ديكتاتورياً يمكن أن يكون الفقيه ديكتاتورياً. لا ديكتاتورية في ولاية الفقيه، بل هي ولاية على الأمور حتى لا تخرج عن مسارها، فهو يشرف على المجلس وعلى رئيس الجمهورية حتى لا يرتكب أي خطأ، ويشرف على جميع الأجهزة وعلى الجيش حتى لا يرتكب أي خطأ، فهو يمنع من الديكتاتورية...
ـ صلاحكم في أن تتوقفوا عن هذا الكلمات وعن هذه المؤامرات وعن هذه الأخطاء وأن تعودوا إلى الأمة... هل فكرتم أنكم تخدمون أعداء الشعب، بعضكم عن غفلة، وبعضكم عن قصد، فلا تثيروا ضجة إلى هذا الحد.
4ـ دور الناس في اختيار مسؤوليهم:
ـ آمل أن تفكروا في المرشحين لرئاسة الجمهورية، وأن تختاروا الأكثر التزاماً، فلا تختاروا من تربى تربية الغرب، ولا من تربى تربية الشرق، بل اختاروا المسلم العامل بأحكام الإسلام والوطني الذي يحمل هم الشعب والذي يخدم الشعب ذو الماضي الجيد، ومن لم يعمل في أجهزة النظام السابق، ولم يكن له ارتباط بالأجانب، بل يكون منكم ولكم، والاختيار بيدكم، فأنا لا أريد أن أعين شخصاً، بل علينا تحديد المواصفات وعليكم أنتم الانتخاب... يجب أن يكون ملتزماً بالإسلام، مؤمناً بقوانين الإسلام، يخضع للقانون الأساسي ولمبدأ ولاية الفقيه.
5ـ الاختلاف والحرية في ظل ولاية الفقيه:
ـ سئل الإمام الخميني (قدس سره) عن الاختلاف في الآراء حول ولاية الفقيه، فأجاب: بأن هذا أمر طبيعي، بل إن الخلافات كثيرة في عالم الفقه، لكن الناس لم تلتفت إليها، إلى أن يقول: يجب في الحكومة الإسلامية أن يبقى باب الاجتهاد مفتوحاً، وطبيعة الثورة والنظام تقتضي عرض الآراء الاجتهادية المختلفة بشكل حر، ولا حق لأحد في أن يمنع ذلك... ولا يكفي الاجتهاد بالمعنى المصطلح عليه في الحوزات، بل لو كان الفرد هو الأعلم في جميع العلوم الحوزوية المعهودة لكنه لم يكن قادراً على تشخيص مصلحة المجتمع أو لم يكن قادراً على تمييز الأشخاص الصالحين عن الطالحين وكان بشكل عام فاقداً للرؤية الصحيحة على المستوى الاجتماعي والسياسي واتخاذ القرارات الصحيحة، فهذا الشخص لا يصلح لأن يكون زمام المجتمع بيده.
ـ فما دام الاختلاف في هذه الدائرة فلا ضرر على الثورة، نعم إن صار الاختلاف جوهرياً فهذا يضعف النظام وهذه المسألة واضحة لدى جميع الأفراد والأجنحة الموجودة المرتبطة بالثورة، والاختلاف الموجود هو محض سياسي وإن أعطي شكل المبدئي، لأن الجميع متفقون في الأصول، ولذا فإني أؤيدهم وهم أوفياء للإسلام والقرآن والثورة وقلوبهم تحترق من أجل بلدهم وشعبهم، وكل منهم يطرح رأيه من أجل الإسلام وخدمة المسلمين، والأكثرية القاطعة من الجناحين تعمل لاستقلال البلد وتطهيره من الفاسدين وكلاهما يريدان أن يعم الصلاح بين الناس في البلد..
ـ نعم يجب الاجتناب عن الاختلاف الناشئ عن حب النفس، وهو ما لا نراه في الجناحين.
مقتطفات من كلمات الإمام القائد
آية الله العظمى السيد الخامنئي (دام ظله)
1ـ دور الناس في تعيين الحاكم في عصر الغيبة:
ـ ... أما بعد عهد الأئمة المعصومين وحيث لا يوجد شخص معين قد نصب من قبل الله كحاكم للمجتمع، فإن المناط في تعيين الحاكم أمران هما:
1ـ حيازته للصفات التي حددها الإسلام كالعلم والتقوى والكفاءة والإخلاص وسائر الصفات...
2ـ قبول الناس به واجتماع كلمتهم عليه، فإن لم يعرف الناس ذلك الشخص الحائز على مواصفات الحاكم أو لم يقبلوه على الرغم من توفر الشروط اللازمة فيه فإنه ليس حاكماً، وإذا وجد شخصان حائزان على تلك المواصفات وقبل الناس أحدهما فالحاكم من اختاره الناس، فقبول الأمة ورضاها شرط من شروط الحاكمية.
وهذا الأمر ورد أيضاً في دستور الجمهورية الإسلامية في إيران، إذ ينص الدستور على كونه مجتهداً عادلاً مديراً ذا رأي وبصيرة قد عرفه الناس ووصل إلى مرتبة المرجع الذي يقلده الناس ويظهرون الرغبة فيه والإقبال عليه، فإذا لم يعرف الناس مثل هذا الشخص فإن خبراء الأمة يبحثون عنه، فإذا شخصوه وعرفوه بادروا على تعريف الأمة به، وهكذا ترون أهمية الدور الذي يقوم به الناس في تعيين الحاكم الإسلامي.
2ـ معنى ولاية الفقيه:
ـ المراد بالولاية المطلقة للفقيه الجامع للشرائط هو أن الدين الإسلامي الحنيف الذي هو خاتم الأديان السماوية والباقي إلى يوم القيامة هو دين الحكم وإدارة شؤون المجتمع، فلابد أن يكون للمجتمع بكل طبقاته ولي أمر وحاكم شرع وقائد، ليحفظ الأمة من أعداء الإسلام والمسلمين، وليحفظ نظامهم، وليقوم بإقامة العدل فيهم، ويمنع تعدي القوي على الضعيف، وبتأمين وسائل التقدم والتطور الثقافية والسياسية والاجتماعية، والازدهار لهم.
ـ وهذا الأمر في مقام تنفيذه عملياً قد يتعارض مع رغبات وأطماع ومنافع وحريات بعض الأشخاص. ويجب على حاكم المسلمين حين قيامه بمهام القيادة على ضوء الفقه الإسلامي اتخاذ الإجراءات اللازمة عند تشخيص الحاجة إلى ذلك، ولابد أن تكون إرادته وصلاحياته فيما يرجع إلى المصالح العامة للإسلام والمسلمين حاكمة على إرادة وصلاحيات عامة الناس عند التعارض، وهذه نبذة يسيرة عن الولاية المطلقة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

السابق

الدراسات السياسية  || المقالات السياسية || الكتب السياسية

مركز الصدرين للدراسات السياسية