بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم.
وأفضل الصلاة وأزكى التسليم على خير الخلائق أجمعين محمد وآله
الطاهرين.
واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
أخط وباختصار شديد على صفحات هذا الكتيب الهادف بحث أثير حوله
الكثير الكثير من الأخذ والعطاء، نستطيع القول بأنّه قديم جديد،
قديم منذ عهد الرسالة والأئمة الأطهار "عليهم السلام" وجديد بفكر
وعطاءات الإمام الخميني "رضي الله عنه" وابنه البار وخليفته بالحق
القائد الإمام الخامنئي.. ما هو عنوان هذا البحث يا ترى؟
الجواب: مبدأ ولاية الفقيه، المبدأ الذي عارضه البعض من الجذور
وهؤلاء معتنقي الإسلام الأمريكي بأحقادهم وتعصّبهم البغيض وأيده
البعض بشكل ليس مطلق وهم الذين اجتهدوا وتوصلوا إلى أن الولاية في
الأمور الحسبية فقط، وليست في الأمور العامة لحياة الإنسان والبعض
أيده بشكل مطلق، وعلى رأسهم صاحب الجواهر بمقولته البراقة: {من
أنكر ولاية الفقيه فكأنّه ما ذاق من طعم الفقه شيئاً} ومن بعده
الإمام الخميني "رضي الله عنه" وله تصريحات وأدلة تثبت حقيقة وجوده
بشكل مطلق وسار على نهجه المنطقي الإمام الخامنئي والمتمثلة في
شخصيته القيادية، هذا المبدأ المقدّس وأيدهم في ذلك الدكتور الشهيد
السيد البهشتي وحجة الإسلام السيد أحمد الخميني وآية الله جوادي
آملي وآية الله السيد محمود الهاشمي والإمام الشهيد السيد محمد
باقر الصدر وآية الله السيد محمد باقر الحكيم وحجة الإسلام السيد
حسن نصر الله وغيرهم من أعلام الدين ورايات الثقافة والفكر
الإسلامي.. أريد وفي هذه العجالة ومن على هذا العمود الضيّق أن
أكتب معنى ولاية الفقيه وإثباتها وصفات الولي وأهمية وجود الولاية
في واقع الأمة.
معنى ولاية الفقيه:
معنى ولاية الفقيه كما يقول أحد المراجع المعاصرين {إنَّ الفقيه
أولى بالمؤمنين من أنفسهم مثلما النبي والأئمة في كل القضايا
الحياتية العامة والخاصة, والخاصة تعني تحديد سلطة الفقيه بالأيتام
والقاصرين وأموال الغائب والأمور الحسبية وهي الأمور التي لا ولي
لها.. وكما قال سماحة الإمام الخامنئي "حفظه الله" ولاية الفقيه
تكون في مجال الأمور التنفيذية لا الأمور الذهنية، والولاية في
مفهومها الخاص تعني ارتباط الناس بمركز القيادة أي الحكومة في شتى
مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية،
ويعرّفها أيضاً بأنّها حكومة الفقيه العادل العارف بالدين، وهي حكم
شرعي تعبّدي يؤيده العقل وهي امتداد لحكومة الأنبياء والأوصياء
"عليهم السلام" وتعريف آخر لولاية الفقيه}، هي عبارة عن المرجعية
الدينية في القضايا الأساسية، كالمقدسات والأنفس والأعراض
والأموال، وهذه الشئون والقضايا هي شئون الحكومة الإسلامية.
إثبات ولاية الفقيه:
الإمام الخميني أثبتها نظرياً وعملياً بإقامة دولة إسلامية بحاكمية
الفقيه ويقول الإمام في هذا الصدد: {من يتوهم بأنّ الصلاحيات
الحكومية لرسول الله "صل الله عليه واله" أكثر من صلاحيات الأمير
أو أنّ صلاحيات حضرة الإمام علي أكثر من صلاحيات الفقيه هو خطأ
وباطل, فالولاية التي كانت للرسول الأكرم والأئمة ثابتة للفقيه
أيضا ولا يوجد حول هذا الأمر أي شك، والدليل على ولاية الفقيه في
عصر الغيبة هو الدليل نفسه الذي يثبت النبوّة والإمامة}.
ومن خلال إيمان الإمام العميق بولاية الفقيه وقدسيتها يقول: {إنّ
طاعة الولي الفقيه الجامع للشرائط واجب على الجميع}، وليس الإمام
الخميني هو الوحيد الذي أثبت الولاية عمليا في عصرنا هذا بل نجد
هنا كما يقول سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في إحدى خطب
الجمعة أن السيد الخوئي "قدس سره" تصدّى عملياً للولاية السياسية
إذ يقول: {نجد أنّ السيد الخوئي رحمه الله وهو ممن لا يذهب إلى
الولاية السياسية قد تصدى عمليا كما هو المنقول لأعمال الولاية في
الدائرة محل النزاع عند الحاجة في ظروف الانتفاضة الشعبانية ولم
يتوقف فقهيا في ذلك فتولى ولاية الفقيه ومارسها بشكل عملي كما هو
منقول} ودعما لإثبات الولاية أضع بين يدي القارئ العزيز الحديث
التالي للإمام الصادق "عليه السلام": {من كان منكم ممن قد روى
حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حاكماً
فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما
استخف بحكم الله وعلينا ردّ والراد علينا الراد على الله وهو على
حد الشرك بالله}، وتعني هذه الرواية أن الإمام الصادق قد نصب
الفقهاء للحكومة والقضاء، ولا يستطيع الفقيه أن يحكم بشكل مطلق
وعلى نطاق كل المجالات إلا في ظلال حكومة إسلامية كما قال الإمام
الخميني {على المجتهد أن يلم بقضايا عصره ولا يمكن للشعب وللشباب
وحتى للعوام أن يقبلوا من مرجعهم ومجتهدهم أن يقول أنني لا أبدي
رأيا في القضايا السياسية}، هذا يؤكد أنّ المرجع لابد أن يمتلك
الجرأة والقدرة والحرية والإرادة، وهذه الملكات لا تتحقق بالشكل
العملي إلا في ظلال الحكومة الإسلامية، وأمّا إذا كان في ظل حكومة
جائرة حتما، سيكون مقيّد ومكبّل ولا يستطع أن يصدر قرارات وأحكام
وفتاوى تخص الشأن السياسي وبالذات منها الحساسة جداَ، ويقول سماحة
السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله لابد للمرجع أن يتدخل في
الشئون السياسية ومن غير المعقول أن لا يتدخل المرجع في الشأن
السياسي لأنّ في الفقه أبواباً لها دخالة في الشأن السياسي
كالأبواب التالية: الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والعلاقات الدولية والقضايا التاريخية، وإذا لا سمح الله وجدنا
مرجعاً لا يتدخل في الشأن السياسي سيحكم عليه بالمرجع الذي تكون
فتاواه ذات الطابع الجبان، وهذا النوع من الفقهاء مرفوض رفضاً
قاطعاً.
صفات الولي وأهمية وجود الولاية في واقع الأمة:
يقول الدكتور الشهيد السيد البهشتي، رأيه حول صفات الولي الفقيه
{بأن ولي الأمر يحتاج إلى الكفاءة الاجتماعية والسياسية والإدارية
ولا يحتاج فقط إلى الكفاءة العلمية المجردة، بالإمكان التنازل حتى
عن شرط المرجعية إذا لم يتوافر مجتهد كفؤ وصولا إلى عدول المؤمنين،
وكما يرى الإمام الخميني ذلك حيث أنّه يعارض شرط المرجعية بتعيين
ولي الفقيه، وفي كثير من المواضع يؤكد الإمام الخميني بأن ولاية
الفقيه مبدأ ضروري وبديهي للغاية ولا يمكن التخلي عنه لأنّه أصل
ثابت منذ عهد الرسول والأئمة وذلك لحفظ الإسلام وكيانه المقدس وهذه
الرؤية انتهجها الإمام الخامنئي من خلال نداءاته وخطاباته المبينة
والمدافعة عن هذا المبدأ الإلهي, وفي هذا الشأن يتطرق سماحة آية
الله الشيخ عيسى الدرّازي ويذكر صفات القائد أو الإمام وأهمية
وجوده: الضابط هو الفقه والعدالة والكفاءة العلمية ومنها الخبرة
وإذا لم يمكن الفقيه فيتنزل الأمر إلى عدول المؤمنين من أهل الفقه
والخبرة والكفاءة، كلما لم يمكن المعصوم كان الفقيه، وكلّما لم
يمكن الفقيه كان العدل المؤمن الأكثر توفرا على الفهم الفقهي وبما
له من الخبرة، والطاعة لازمة على المؤمن مع توفر الضوابط من أجل أن
لا تكون الفوضى الضاربة وتعدد القيادات بعدد الأفراد، وهذا الأمر،
المقصود به الفوضى الضاربة وتعدد القيادات بعدد الأفراد} يعبر عنه
سماحته بالسفه الذي لا يجوز ارتكابه, ويؤكد أن القيادة طرحها مهم
جدا ويشدد على هذا الأمر حفاظا على الدين وتنظيما للحياة وتجنبا
للكوارث إذ يقول {و في حكم العقل والدين لا طاعة بلا موجب، ولم
يتشدد طرح بقدر ما تشدد الطرح الديني في أمر الإمامة والقيادة بكل
مستوياتها ومواقعها}.
وهذه المقولات الربانية ما هي إلا لأهمية وجود الولي الفقيه الكفؤ
في ظل المتغيرات الحضارية والحياتية وصولاً لرضى الله وعدول
المؤمنين. عزيزي القارئ هذا البحث فيض من بحر وإذا وددت أن تخوض
غمار البحر فعليك بالاطلاع الدقيق والمتأني والشامل في المصادر
التالية:
1- شمس الولاية.
2- لماذا الخامنئي.
3- الحكومة الإسلامية.
4- خليفة الإمام الراحل.
5- ولاية الفقيه الدستور الإلهي للمسلمين.
6- وحدة المرجعية والقيادة.
لأننا حقًا لم نعط هذا البحث حقه بهذه العجالة إذ أننا لا نستطيع
أن نكتب كل شيء وإنما العناوين فقط وعليك المبادرة بالمطالعة
ومراجعة المصادر المتخصصة كي تنعم بقدر واسع من المعرفة والإحاطة
بالمواضيع والأفكار والأطروحات الغنية بروح الثقافة والوعي الديني
الأصيل، وأخيرًا أردد القول أن ولاية الفقيه شمس هداية ونهج انبثق
من نهج النبوة والإمامة لاستمرارهما.