صفوى: القى السيد كامل الحسن امام وخطيب مسجد الإمام الباقر بمدينة
صفوى خطبة صلاة الجمعة بتاريخ 17 رمضان 1426هـ الموافق 21 أكتوبر
2005م وكانت الخطبة الاولى حول أهداف«يوم القدس العالمي» في فكر
الامام الراحل قدس سره، وفي الخطبة القى سماحته حول «تسلح الافساد
في الارض او الارهاب بمبدأ نظري».. فيما يلي نصها:
الخطبة الأولى:
افتتح سماحته الخطبة الأولى بقوله تعالى {لتجدن أشد الناس عداوة
للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا} لقد ركز القرآن الكريم على
تجربة بني إسرائيل اليهود مع أنبيائهم وألوان الانحراف التي صدرت
منهم بعد بعثة موسى فمناقبهم لا تذكر أمام سيل المثالب التي وصفهم
القرآن بها وهو أمر جدير بالتأمل ولعل ذلك يعود إلى أمور:
1- أن الله تعالى يريد أن يضع أمام المسلمين أنضج وأوسع تجربه
عاشها من قبلهم من الأمم فكانت هي أمه بني اسرائيل.
2- انه كلما كانت التجربة السابقة أشبه باللاحقة وأقرب عهدا كلما
كان الاعتبار أقوى.
3- أن المنظور إليه في تجارب السابقين هو الأخطاء ومظاهر الانحراف
والفشل الذي صدر منهم وهذا تحذير الأمة الناشئة منه وتبصيرها
بعواقبه.
فأبرز ما شنع به عليم القرآن وبقي فيهم من الزمن فهو ضعف العقيدة
وجعل ولد لله وطلب رؤيته وعدم تنزيه الأنبياء وتحريف التوراة وأمور
أخرى من هذا القبيل.
الميل للدنيا وإتباع الأهواء وخذلان الحق وتكذيب المصلحين مثل
العدوان في السبت وتأثرهم بقارون وقتلهم الأنبياء وتركهم القتال مع
موسى واتجارهم بالتوراة وكتمان ما يتصادم مع بعض أهوائهم ومصالحهم،
شيوع اتصافهم بالجبن والبخل ونقض العهد وقساوة القلب والاستهانة
بالحرمات والفرقة فالإسلام يحذر المسلمين منهم.
كما حذر السيد الأمام الخميني طاب ثراه المسلمين من خطر إسرائيل
وقد طرح قدس سره «يوم القدس العالمي» فكان هذا العارف الرباني يرى
بنور قلبه الأخطار المحدقة بالقدس والمسلمين فكان إعلان الأمام
الراحل يستهدف أمور:
1- أن هذا اليوم هو رد على التجزئة فالكيان الصهيوني قام على أساس
التجزئة الاستعمارية التي سلمته فلسطين فالأمام غرضه من هذا الطرح
أن هذه التجزئة لا تزول الا بمشروع الوحدة الإسلامية ومشروع القدس
فالقدس لا تحرر الا بالوحدة والوحدة لا تتحقق بدون القدس.
2- أن الأمام الراحل أراد أن يفجر الطاقات في الأمة الإسلامية
وتحويل هذا اليوم إلى منهج وما المظاهرات الا تعبير عن هذا المنهج
فالأمة الإسلامية ضيعت الفرصة في استغلال هذا اليوم بل لا تتفاعل
مع هذا اليوم.
3- أن الأمام الراحل أعطى للقدس بعد إسلامي وإنساني فطرح شعار صراع
المستضعفين مع المستكبرين في حين نرى اليوم في العالم الإسلامي
تطورات في الوضع السياسي والاقتصادي والثقافي أدى إلى نسيان القدس
واعتباره قضيه ثانوية.
4- إعلانه طاب ثراه في وقت جدير بالاهتمام ودليل على وعيه طاب ثراه
فقد تزامن يوم القدس العالمي في شهر رمضان وفي آخر جمعه فحالة
الصيام عند المسلمين مع ليالي القدر لإعطاء زخم معنوي للمسلمين
يعلنون موقفهم الصارخ ضد الصهيونية وهو بعد روحي لقضية القدس وحركة
ثقافيه ودينيه وسياسيه. كما يصادف في شهر رمضان ذكرى شهادة علي
المظلوم واعلان مظلومية الشعب الفلسطيني وهذا بعد روحي.
أن بعض المسلمين ومنهم يحسبون على الشيعة يسيئون الظن بطرح هذا
اليوم للقدس إعلانا عالميا ويقولون ان إيران هدفها ليس مبدئي وإنما
هدفها هو ان تجني منه فوائد؟
فنقول: هذا كلام مردود على قائليه لأمور:
• منها: أن إيران لا تجني الا ضغوط من موقفها في دعمها للقضية
الفلسطينية وهذه الضغوط تتمثل في الجانب الاقتصادي والتهديد
العسكري والملف النووي كل ذلك لأن موقفها من عملية السلام هو الرفض
لدعمها للشعب الفلسطيني.
• منها: في الوقت الذي تتدافع الدول العربية والإسلامية لتطبيع
العلاقات مع اسرائيل لإرضاء امريكا نرى في الجانب الآخر الموقف
المشرف للجمهورية الإسلامية.
• منها: أن الفئات الشعبية في إيران مع تنوعها الديني والسياسي
والثقافي يدعمون القضية الفلسطينية.
• منها: فتح مكاتب لحركتي حماس والجها د الإسلامي في طهران وهذا
دعم للقضية الفلسطينية.
• منها: أن الجمهورية الإسلامية في حربها مع صدام الطاغية والذليل
لم تنسى القدس فكانت بعض عملياتها في الجبهة باسم عمليات بيت
المقدس.
• منها: أن الحركة الفنية في إيران كثير من نشاطاتها تركز على
القضية الفلسطينية سواء على مستوى الأفلام والصحف والرسوم
والسينما.
• منها: عقد المؤتمرات السنوية لدعم هذه القضية المبدئية وبذل
الأموال الطائلة في سبيل دعم القضية الفلسطينية.
• منها: تلاحظ في شوارع طهران ان صور شخصيات فلسطينية واطلاق بعض
الشوارع بأسماء شهداء فلسطين.
فالقول أن الجمهورية الإسلامية تجني الفوائد من طرحها شعار يوم
القدس العالمي هو كلام بعيد عن العقلانية والموضعية ويكذبه الواقع
فهذا القول الباطل هو شبيه بقول بعض الحركات المتطرفة دينيا بأن
هزيمة العدو الصهيوني من جنوب لبنان ما هو الا تواطىء يهودي شيعي.
ان المقاومة الإسلامية في لبنان اليوم نالت تعاطف وإعجاب الشعوب
العربية لأنه يرفع شعار إسلامي لا طائفي.
فالمتطرفون الدينيون لا يتفاعلون مع يوم القدس العالمي لان
المبادرة خمينية شيعية وهذا يدل على تعصمهم المقيت. ان الإمام
الراحل نقل القضية الفلسطينية إلى إطارها الإسلامي وليس إطارها
المذهبي.
ان الفكر المتطرف التكفيري في العالم الإسلامي لم يخدم القضية
الفلسطينية ولم نراه يحارب اسرائيل بل نراه مشغول بقتل النساء
والأطفال والشيوخ والشباب من المسلمين الشيعة فلعنة الله وملائكته
والناس أجمعين على التكفيرين الحاقدين الذين لا يرون حرمة لمسلم
ولا حرمة لوطن.
ان الولايات الامريكية تتحرك ضد المسلمين بإبعاد أربعه:
• البعد الأول: البعد الأمني وذلك بخلق أزمات في الدول حتى يتسنى
لها التدخل ولو بعنوان وجود أسلحة دمار شامل.
• البعد الثاني: هو البعد الاقتصادي أي التعاون الاقتصادي بين
الدول الغنية والفقيرة على شكل مشاريع ثنائيه فالأموال من الغرب
والبشر من الدول الفقيرة إضافة الى خطورة اتفاقية مع كل الدول
وربطها بمنظمه التجارة العالمية وفتح أسواق المسلمين للبضائع
الاسرائيلية والاوروبية والامريكية.
• البعد الثالث: البعد السياسي بدعوى تطبيقهم للعدالة واعطاء
الحريات للشعوب والهدف تأشيرهم على القرار السياسي العربي
والإسلامي.
• البعد الرابع: البعد الثقافي وإلغاء الهوية للوطن الإسلامي
فالإعلام الامريكي والاوروبي لا يطلق على الدول الإسلامية بدول
إسلامية بل يطلق عليها دول الشرق الأوسط وغير ذلك من تكريس الثقافة
الغربية في أوساط المسلمين رجالا ونساء وأطفالا.
مختتما الخطبة بسورة قصيرة وبالصلاة على محمد وآل محمد
الخطبة الثانية:
استكمل سماحته في الخطبة الثانية بحوثه السابقة «تسلح الإفساد في
الأرض أو الإرهاب بمبدأ نظري»:
ان الإرهاب كما هو بالمصطلح الوضعي لا دين له ولا مبادئ له فهم مع
ذلك يتسلحون نظرا بالدين ويعتبرون أعمالهم الإرهابية بطولات
ويرفعون شعارات براقة لتبرير فسادهم في الأرض ويعتبرون فسادهم
إصلاحا وجهاد في سبيل الله وأن إرهابهم من أجل الله والوطن وتحقيق
المساواة وإرجاع إسلام الصحابة. وهذه الشعارات البراقة هي للتغطية
على إرهابهم وحتى أصبح التسلح النظري بالمبادئ والقيم سمة بارزه من
سمات الإرهاب.
وهذه التبريرات هي تبريرات فرعونية الذي أقام نظاما إرهابيا بربريا
بشيعا وكان يبرر محاربته لله وموسى بقوله تعالى {وقال فرعون ذروني
اقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض
الفساد} والإرهاب اليوم لم يكتفي بهذه التبريرات لتنفيذ جرائمه بل
أنه بطرحه هذه التبريرات يستهتر بعقول المسلمين كما استهتر فرعون
بعقول مواطنيه يوم قال لموسى وهارون {قالوا أن هذان لساحران يريدان
أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى}.
وهذا كما نرى قلب واضح للحقائق وتحريف الكلم عن مواضعه وتسميه
للأمور بغير أسمائها لكنه منطق المفسدين في الأرض وهو أسلوب
الإرهابيين للتغطية على إرهابهم فيقودون السذج من الناس كالماشية.
وهناك تبريرات إرهاب الدولة قام بها معاوية فقد حصل على البيعة
بالتقتيل والتدمير والتحريق وشتم أنصار الرسول وجعل قيادة جيشه إلى
قتله مثل بسر بن ارطاة وقتلوا ونهبوا بل لم يسلم حتى الأطفال الرضع
كطفلي عبيد الله بن العباس وكانت هذه منكرات لم تعرف أيام الراشدين
وقد برر معاوية أفعاله:
1- لقد سمت وسائل إعلام معاوية العام الذي قتل فيه ودمر وحرق بعا م
الجماعة فمعاوية قام بهذه لأعمال لتحقيق الوحدة الأسلامية.
2- اخترع دعاء يتضمن تبريرات متعددة قال الجاحظ في كتاب الرد على
الإمامية أن معاوية كان يقول في آخر خطبته «اللهم ان ابا تراب قد
ألحد في دينك وصد عن سبيلك فالعنه لعنا وبيلا وعذبه عذابا أليما»
وان قوما من بني أميه قالوا لمعاوية لو كففت عن هذا الرجل فقال
معاوية لا والله حتى يربو عليه الصغير ويهرم عليه الكبير ولا يذكر
له ذاكر فضلا.