مركز الصدرين للدراسات السياسية || المقالات السياسية

الحداثة والتجدد في فكر الامام الخميني
السيدة فاطمة طباطبائي


الأخوات والأخوة الأفاضل السلام عليكم جميعاً ورحمة الله أبارك لكم جميعاً ميلاد الصديقة الطاهرة الطيبة العارفة المحدثة وكذا ميلاد حفيدها بالحق الامام الخميني (قدس سره).
أقدم لكم مقالي تحت عنوان (الحداثة والتجدد في فكر الامام الخميني).
يعتبر موضوع الحداثة والتجديد لدى منظري مختلف الفروع العلمية احد المواضيع الهامة المطروحة في مختلف المجالات العلمية وهذا التجديد الذي يعني الخلّاقية والإبداع يتضمن طرح الافكار الجديدة واستخدام الأراء والتظريات القائمة بشكل لم يسبق لة مثيل.
إنّ التوصل إلى افكار جديدة وتطبيقها على شتى نواحي الحياة.. الاجتماعية والثقافية.. والسيايسة والاقتصادية لتحقيق السعادة وراحة البال للبشرية جمعاء يحظى باهتمام خاص لدى المفكرين.
وتكتسب دراسة أراء الامام الخميني (قدس سره) وافكاره باعتباره مفكراً معاصراً ومنظراً مجدداً في الأبعاد السياسة والاجتماعية أهمية خاصة في عصرنا الراهن، ولا نريد هنا ان نستعرض ابداعاته التخصصية في الفروع العلمية في الفقه والاصول والفلسفة والعرفان، والتي يخوض فيها الاساتذة والملمّين والمتبحرين بل انني احلل هنا بشكل عام مستويين من شخصية الامام الفذة وهما:
أ: حياة الامام (قدس سره)
ب: معتقداتة النظرية الرئيسية
في القسم الاول سوف اتطرق إلى كيفية النمط الجديد من شخصية العالم الديني الذي قدمه الامام للحوزات الدينية التقليدية بينما سأشير إلى القسم الثاني في جزئين إلى توجهه السياسي والمعنوي وطبيعته القدسية.
رجال الدين والسياسة:
بعد استيلاء النظام البهلوي على السلطة في ايرن توالت الأحداث التي أدت إلى عزلة رجال الدين وابتعادهم عن المجتمع حفاظاً على الحد الأدنى للبقاء وقد تطورت هذة الحالة تدريجياً لتصبح شيئا مالوفاً وعادياً بحيث لم يكن ممكناً لعالم الدين ان يصبح من رجال السياسة واذا اصبح كذلك احياناً فانه يفقد حينذاك صفتة كعالم دين.
طبعا لم تكن هذه نهاية المطاف بل ان البعض كان يرى ان انتهاج السلوك العرفاني وتهذيب الاخلاق يتعارض والخوض في الشؤون الدنيوية وللأسف فان وعي رجال الدين الذاتي حول دورهم في المجتمع وما يتوقعه الناس منهم خلّف تصوراً مقبولاً لدى عامة الناس بأن رجل الدين غير سياسي لذلك كانت السياسة ورجل الدين على طرفي نقيض بشكل ملحوظ، ولكن حظور الامام في هذه الظروف في هذين المجالين بالذات وفي آن واحد، باعتباره معلماً للأخلاق وفقيهاً وعارفاً وسياسياً بارعاً اخترق الأجواء القائمة والمهيمنة على الحوزة العلمية وقد كان لهذا الاختراق تداعيات.. ورفض وقبول.
فالبعض من الرعيل الاول من رجالات الحوزة كانوا يعارضون هذا المنهج وكانت تصرفات وتصريحات الامام والتي ادت إلى سجنه ونفيه، لا تجد وقعاً حسناً لديهم إذا اعتبروها دون شأن المرجعية ولكن الجيل الجديد الذي واكب الامام في خطواته الجريئة (البعض منهم اصبح من السياسين المرموقيين في يومنا هذا).
واستطاعت هذة الرؤية ان تهدم جداراً قوياً وعاياً كان قائماً على عزل الدنياعن الآخرة والسياسة عن الدين.
ولم يبادر الامام إلى هذا التجديد بناء على خصاله الفردية والنفسية الناجمة عن طباعه ونزعته الشخصية بل انة بنى ذلك على أسس نظرية ومعرفية تبلورت في سلوكة العرفاني.
وقد اثبت حضور الامام عملياً بأن معلم الاخلاق والفقه والاصولي والعرف بامكانه ان يلج عالم السياسة محافظاً في الوقت نفسه على الشؤون الفقهية والمرجعية الدينية وسنشير في الجزء الأول من القسم الثاني إلى هذا الأمر
ب: معتقداتة النظرية الرئيسية
السياسة المعنوية..
إن ادخال السياسة المعنوية في مجال السياسة يعتبر من جملة تنظيرات الإمام التي سميتها بالسياسة المعنوية ولايضاح الصورة أرى من الضروري تقديم تعريف عن العرفان والانسان.
تعريف العرفان:
العرفان احد اقسام المعرفة البشرية الذي يتناول معرفة الحق بواسطة الأسماء والصفات الإلهية ( العرفان النظري) ويعرض سبل الوصول إلى الحقية في الاتجاة السلبي والايجابي.
العرفان العملي: وهو ان يتخلق العارف بالخلق الالهي بعد ازالة الشوائب والرذائل الاخلاقية ويصل إلى مقام الوحدة والتوحيد وهو آخر منزل من منازل السالكين.
وفي هذه الرؤية ينطلق العرف ويمضي قدماً لكي يتخلص في الخطوة الاولى من الانانية والأهواء النفسية (التنزه).. ثم في الخطوة الثانية يتحلى بالصفات والكمالات الالهية ( التجمل) ومن خلال هذا التعريف - والذي يتبناة الامام ايضاً - يتضح ان العرفان النظري والعملي في فكر الامام لا يقبل التجزئة إذا يتبنى الامام العمل القائم على الفكر والوعي وكذا يتبنى الفكر والوعي المدعوم بالعمل والذي يؤدي للعمل والتطبيق، لذلك يوصي الامام بطلب العلم ويرى من الضروري تطبيق ما يتعلمه المرء طوال الحياة ويصرح ان السلوك العلمي ينبغي ان يكون مقدمة للسلوك العملي.
وهكذا فان ما كان يؤمن به الامام من جهة نظرية باعتبارة رجل سياسة وعالم دين ومفكراً كانت تتجسد في أعماله وسلوكه فقد كان يؤمن في الجانب النظري بحقيقة (ألا مؤثر في الوجود الا الله) و(لا حول ولا قوة الا بالله) وقد تجلّت هذة المعرفة الراسخة في حياته بحيث انه لم يكن يخشى أي قوة ولذلك كان يوصي اتباعه الا يتكلوا الا على القادر الازلي.
تعريف الإنسان:
يعتبر الإنسان في منظومة الامام الفكرية مخلوقاً قيماً وصاحب مثل واختيار وبما انه خليفة الله ومظهر اسمائه وصفاته عليه ان يجسد كمالاته الكامنة في وجودة بحيث يستعين باسم الخالق ليجمل باطنة كمظاهرة وعلى شكل انسان. لان تحقق انسانيته مرهون بخلقه. ومن اجل تحقيق هذا الهدف يحتاج الإنسان إلى نموذج تتكفل الشريعة بتعريفه.
هذا النموذج في الفكر الاسلامي العرفاني هو الإنسان الكامل
إنّ موضوع الإنسان الكامل من المواضيع والقضايا الرئيسية في العرفان النظري. فالانسان الكامل بناء على هذه النظرية ليس مخلوقاً مجرداً اومثالياً تولد من المثل الافلاطونية. بل انه مخلوق واقعي وحقيقي ونموذج كامل لبناء الذات وتوعية الآخرين وتوجيههم نحو السير والسلوك والسفر المعنوي والتكاملي.
والانسان من هذه الجهة ينال المعرفة الربوبية ويتبوأ الباري محله في قلبة حيث قال عزت قدرته: (لم تسعني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن) و(ياعبادي الذين آمنوا ان ارضي واسعة فإياي فاعبدون).
لذلك يستانس سكان هذه الأرض بعضهم بالبعض الآخر وهكذا يسجد عباد الله في حضرة الباري ويؤمنون بالله واليوم الآخر (انما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاخر).
وبعد هذة المقدمة ندرك بأن كمال الإنسان ليس مجرداً ولا فردياً ليس مفهوم الإنسان هو الذي يتكامل.
بل الإنسان الموجود الموجود المتجسد المركب من الروح والبدن هو الذي يتكامل ويسمو وهذا النمو والكمال يحدث في المجتمع بالذات وليس خارج المجتمع ومن الطبيعي على ضوء هذا الاسنباط من حقيقة (الانسان) (العالم) ان تتولد معرفة سياسية خاصة فاذا تقرر ان يكون هذا الإنسان المتجسد موضوع الكمال وان ينمو في المجتمع فايضاً ينبغي ان تكون أرضية المجتمع مؤهلة وممهدة لهذا الكامل.
وهذا الأمر بالذات يجعل من الضروري ان تلج المعنويات إلى السياسة بينما تفترض الحداثة فصل هذا الوجة المتجدد للسياسة عن الشؤون المعنوية.
وهكذا فان التوجة نحو إدخال الشؤون المعنوية إلى عالم السياسة يتجذر في نظرية الإمام العرفانية إلى عالم الطبيعة (ظهر العالم = الدنيا) وعالم المعنى (باطن العالم = الآخرة) فيصبح دخول الأخلاق بمعناها العام إلى ادارة المجتمع والشأن الحكومي في عصرنا الراهن أهم تجديد قام به الامام الخميني في مجال المجتمع الانساني بحيث تكون صورة الحكومة من وجهة نظر الامام بدون مقومات أخلاقية أمراً محالاً.
إنّ جميع المدارس البشرية والايدلوجيات التي تدعو إلى خلاص الإنسان من البؤس والعذاب والأخذ بيده نحو السعادة والمجتمع المثالي تزعم بأنها تدعوا إلى توجيه الإنسان نحو مجتمع تتوفر فيه سعادة الإنسان الشاملة وبالرغم من هذا الهدف مشترك الا اننا نواجه بعض الفوارق والاختلافات بين هذه المدارس ينجم عن رؤيتها (للانسان) ودورة في (المجتمع) وتكوين المجتمع ومن نافلة القول ان الاعتقاد بأن المجتمع مكوّن من أناس هم أدوات مبتلات بجبر الزمن والتاريخ ضمن مجتمع الإنسان فيه مفكر وذو شعور واحساس ووعي متفاوت, من جهة آخرى هناك مجتمع ترك افراده كافة المواهب الطبيعية ورفاهيات العيش لأجل الحياة الأخروية نجدها تختلف جذرياً مع مجتمع يعتبر السعي والحياة هو الإهتمام بالشؤون الدنيوية.
من وجهة نظر الامام الخميني الدنيا والآخرة.. الجسم والروح السعادة الدنيوية والابدية هي امتداد لبعضها البعض ولا يمكن تجزئتها، وانّ افراد هذا المجتمع هم عشاق الكمال والخير المطلق، لإدارة مجتمع كهذا ـ يتكون من أناس شرفاء احرار ذوي شعور واصحاب ارادة ـ تلعب الاخلاق دوراً اساسياً. واصحاب القرار إلى جانب ادارتهم للمجتمع يتكفلون هداية هؤلاء الناس ومن البديهي ان أمر الهداية في مدرسة تعتبر الإنسان خليفة الله وتكن حرمة واحتراماً لكل الكائنات والموجودات باعتبارها دليلاً وآية تسبح بحمد الله لن يؤدي إلى الاستبداد واسيلاء الفرد والمجموعة على الجماعة.
وان ميزة فكر الامام بخصوص التمحور حول الاخلاق يمكن ملاحظتها إبان توليه للحكم ولا سيما خلال فترة الحرب المفروضة بحيث انه لم يكن يضحي بالقيم الاخلاقية لنيل الاهداف السياسية للحرب, وعلى سبيل المثال لا الحصر ابان القصف الكيمياوي لم يوافق ابداً على الرد بالمثل وبقطع الاتصال والامدادات عن جيوش العدو وتدمير قواته وهدم الجسور الخشبية وتعرض المدنيين للاضرار وهناك العشرات من هذه الامثلة تبرهن على ان الامام يهتم بمكارم الاخلاق واصالتها ولم يضحي بها لاجل مصالح أخرى واللافت للنظر ان الجمع والمجتمع والأمة الاسلامية تكن للامام حرمة خاصة وان امر الهداية في مثل هذا المجتمع يتضاعف لأنه ياخذ بعين الاعتبار مصالح المجتمع والافراد ولا يضحي باحدها لاجل الآخر.
قدسية الطبيعة:
ربط عالم المادة بالمعنى والروح والجسم من اكثر البحوث تعقيداً في الميتافيزيقيا حيث لا أريد خوضه واكتفي بذكر جملة للامام كرمز تعكس رأيه في اقصر وابلغ شكل ممكن وهي ان "العالم مسجد الربوية" أشير للتوضيح بأنه يعرف نظام الكون كصورة يتجلى فيها الباري تعالى وان اساس الكون مبني على العشق وهو الذي يسري ويجري في كل الموجودات وفي فكره يتحقق الخلق بالحب وعودة الموجودات إلى الوحدة ويتحقق ذلك بالعشق والمحبة حيث يقول: "لولا ذلك الحب لما يظهر موجود من الموجودات ولا يصل احد إلى كمال من الكمالات فانّ بالعشق قامت السموات والأرض" ويعتبر المحبة والشوق كبراق للمعراج والوصول وهكذا في الفكر الكوني للامام يعتبر العشق عنصر الخلقة والتكاثر للموجودات وعنصر عودة ورجعة الموجودات للوحدة.
من وجهة نظره فان كافة الموجودات حاضرة في ساحة الباري والجميع يرتبط بخالقه دون واسطة وذرات العالم بتبع الوجود ـ وهو الخير المطلق وذو الشعور والوعي ـ تتمتع بصفات الحياة والعلم وبقية الشؤون الحياتية ويعتبر قولة تعالى (يسبح لله ما في السموات والأرض) دليلاً لمدّعاه، ويعتقد بان التسبيح وتقديس الله وثناؤه يستوجب العلم والمعرفة بمقامه المقدس وصفاته الجلالية والجمالية.
يعتبر الامام العالم واحداً ذو شعور، منظم، ناطق يتحرك صوب الكمال، وحينما يسمي الامام العالم "مسجد الربوبية" بمعنى ان الإنسان في عالم ونظام الكون يسجد لله المتعال والدنيا بفكرة لا تستحق الذم وليس لها بعد منفى بل هي مزرعة الآخرة، وان الحياة الخالدة للانسان رهن بسلامة حياته الدنيوية. وهذه النظرة لها تبعات جميلة ومعبرة وتؤسس للتعايش الخلقي والبيئي.
إنّ ثمرة مثل هذة النظرة تأتي بالتعرف على عالم الطبيعة، وكذلك صونها وحفظها من مجال الحياة. في الفكر التقني المتطور في كل المجالات.
يتم التعامل معها كأداة والانسان الذي يستقر في مركز العالم يرى الطبيعة في خدمته ولا يرى لها حرمة الا انّ من يرى (العالم محضر الله) و(العالم مسجد الربوبية) والانسان هو الكائن الوحيد بامكانه ان يعرف الله اكثر من بقية المخلوقات ويعرّفه فمن الطبيعي ان يتمتع بالاحترام.
من وجهة النظر هذه فإن اصغر ذرات العالم في نظم ذو شعور وبصورة واحدة مرتبطة ببعضها بانسجام وتتحرك باتجاة مقصدها ولكل منها معنى ومفهوم تجد مكانها في موقعها وان نظام الكون عضو حي باستطاعته احياء نفسه واستقرارها لو لم تتم ازالة حلقة الوصل هذه على يد العناصر غير الطاهرة (التكنولوجيا).
ان القطرة التي تسير في مجرى النهر، تذهب لأداء مهمة على عاتقها مكلّفة بها "الشاعرة بروين اعتصامي".
فاذا اعتبرنا الإنسان مركز العالم بدليل انه يستطيع كشف نظم العالم واحترامه ولأنه مركز العشق الالهي فإنه ينظر بمحبة ومودة لبقية المخلوقات لأن من وجهت نظره بقية الكائنات هي آية وعلائم للمحبوب الأزلي.
في مثل هذا الفكر نرى التكنلوجيا محدودة بحدود المسائل الاخلاقية وان رعاية البيئة لا تعتبر جانبا كمالياً بل هي ذات أهمية وموضوعية.
في هذه النظرة العالم والطبيعة ليست في خدمة الاستغلال النفعي والأناني بل من أجل الحياة السليمة للأجيال المقبلة.
اللافت للنظر ان الحضور في الطبيعة والتعامل معها كالحضور في المسجد والأماكن المقدسة يقتضي آداباً خاصة فبدون الطهارة وبدون الأذن الإلهي لايمكن التصرف بها. ما يمكن فهمه في فكر الإمام في هذا المجال هو ان ازمة البيئة كانت ولم تكن فنحن مكلّفون باحترام الطبيعة وعدم تلويثها.
وهكذا فان الاخلال بنظام الطبيعة باعتبار أنه لصالح الإنسان غير مرغوب (الا في حكم الضرورة) لان نظم الطبيعة بعكس الحكمة المعنوية وان ترتيبها لم يتم بالصدفة وهكذا فان الاخلال بها يجب ان يكون مبرراً معنوياً وشرعياً. وهكذا فان التكنلوجيا التي تتصرف بالطبيعة وتتعامل معها كأداة يجب ان يكبح جماحها ولكن للاسف نجد ان المدافعين عن الطبيعة ينظرون لها كاداة ايضاً.
أكتفي هنا بهذا المقدار واذكر بان هذه النظرات العامة يمكن ان تتمخض عنها نظريات جديدة في المجالات المدنية والاجتماعية ونحن في ايرن نجرّب الآن بعض الاشكال الممكنة لهذه النظريات العامة لكي تتبدل إلى انظمة اقتصادية واجتماعية.
وتحتاج إلى تجارب اطول ومع الاسف فاننا نواجة المضايقات والضغوط الاجنبية كالحرب المفروضة والحصار الاقتصادي واغتيال الشخصيات العلمية والثقافية والسياسية وسلب الامن والاستقرار.
ان الجمهورية الاسلامية الايرانية هي احدى النماذج التي نجربها الآن ولا ندّعي انها النموذج الوحيد الموجود وان هدفي من تقديم هذا البحث بيان ان ماحصل ويحصل في ايران له جذور عميقة اكثر مما تعكس وسائل الاعلام العالمية كالأصولية الاسلامية والارهاب وانتاج الاسلحة النووية.
لاشك بأن الفكر الذي ينظر للطبيعة بهذه النظرة السمحاء لا يمكن ان يتعامل مع الإنسان كأداة وان السياسة والنظرة الارهابية للانسان والطبيعة تضحي بالغاية من اجل الوسيلة وتبررها.
يبدوا اننا لا نبالغ إذا قلنا بان السياسة المعنوية التي يمارسها الامام هي ابعد ما تكون عن الارهاب والتشدد والاخلال بالسلام والأمن وتلوث الطبيعة.
طبعا مثل هذا الادعاء لايعني ان مطالب الامام قد تحققت بل المقصود ان الهدف يستحق الحياة والتجربة وان مطالب الشعب الايراني من المجتمع الدولي لا تتعدى الاحترام والاعتراف بهذا الطلب المعنوي وهو الطلب الذي بذل الشعب الايراني لأجله النفس والنفيس ومع الاسف يجب ان أقول بأن شعبنا مهدد من قبل أقسى مهددي السلام والحرية في العالم لذا يمكن القول ان فكر الامام ينادي بالسلام العالمي الا اننا للاسف نواجة سخرية مرّة، هي ان هذا الفكر ونداء الامام يتهم وتتم محاربته باعتباره تهديداً للامن والسلام العالمي ومن قبل محاربي السلام العالمي الذين اشعلوا نار الحروب وسفكوا دماء الابرياء ويهددوا السلام العالمي ومن خلال تفجيراتهم النووية قتلوا مئات الالاف من الناس في فتنام واشعلوا نيران الحرب في افغانستان والعراق.
ولكن على الرغم من كل هذه الاشاعات نرى ان فكر الامام ينتشر في ارجاء العالم الاسلامي. أنا كعضو صغير في المجتمع الأكاديمي اقول لكم ايها الاخوات والاخوة الافاضل ان اقل ما يمكن ان نفعلة هو ان نسلط الاضواء على هذه الحقائق ونستثمرها لصالح السلم العالمي للتصدي امام موجة الاعلام الخادع الذي يرسم مثل هذة الصور المغلوطة.
برأيي ان فكر الامام هو فكر الغد ويجب ان لا نقارنة بميزان الخطاء والصواب الموجود في بعض التجارب. ان اهمية هذا الابداع الذي استعرضته في فكر الامام لا ينحصر في مداه الاقليمي والوطني بل يتبلور في دمج المعنويات والاخلاق بالسياسة.
واعتبار العالم محضر الله والتمتع بنظرة الإنسان العاشق للعالم والتي تفتح افاق العلم الرحبة للمدى الأبعد للانسان المتوتر في القرن الحادي والعشرين.
هذه الرؤى البديعة للامام ـ والتي يجري متابعة بعضها في ايران ـ يمكن ان تكون هدية السلام واحترام الإنسان وكرامته ورعاية البيئة للعالم المتوتر اليوم والتي إذا لم نجسدها تفقد معناها ويتم نسيانها, وكما لا يمكن نفي الروح إلى الاعماق لا يمكن ان نحبس ونحصر الفكر ايضاً.

الدراسات السياسية  || المقالات السياسية || الكتب السياسية