مركز الصدرين للدراسات السياسية || المقالات السياسية

الثورة الإسلامية النقطة المفصلية
السيد أحمد آل درويش


نعيش في مثل هذه الأيام ذكرى رحيل الإمام الخميني وبين الماضي والحاضر بركات هذا الإمام متجددة ومستمرة مع كل صباح.
نشهد اليوم تقدم الجمهورية الإسلامية في جميع المجالات وهذا ما لا تريده دول الإستكبار الذين أعلنوا العداء والحرب من أول يوم للجمهورية الاسلامية لأنها كانت بالنسبة لهم لقمة سائغة،وسلاطينها كانوا خداما مطيعين يدفعون ضريبة جلوسهم ثروات هذه البلاد التي كان مقسمة بين أمريكا وبريطانيا والإتحاد السوفيتي الذين كان لإلغاء النظام الملكي الصفعة القوية لهم ولأذنابهم. لقد شكلت الثورة الاسلامية نقطة مفصلية بين فترتين زمنيتين متباينتين.
فرق كبير بين هذين المشهدين، مشهد الفقر واختناق الاقتصاد ثم انهياره في عهد الشاه المقبور. ومشهد نمو البلاد وتقدمها في شتى المجالات إلى حد اكتفائها الذاتي،في ظل الضغط الاقتصادي،ومع أن خطى التقدم بطيئة لكنها ذات تأثير اقتصادي وسياسي عالمي،وهذا أمر طبيعي فبعد أن كانت الثروات موجهة للخارج أصبحت للداخل،كما أن تقدمها التكنولوجي والصناعي أصبح ينافس باقي الدول. وجاء الصراع على الملف النووي الإيراني ليضيف فصلاً ساخناً في العلاقات الأمريكية الإيرانية المتوترة. وتجسد موقف الولايات المتحدة بوضوح في رفض أية محاولة لتطوير البرنامج النووي الإيراني، واستخدمت الإدارة الأمريكية لغة التهديد الذي لم يكن في صالحها لأنها تواجه ايران الخميني وليس ايران الشاه، التي تقابلها بنفس اسلوبها التهديدي بصلابة الإمام.
أما في العلاقة الإيرانية الإسرائيلية فإليك هذين المشهدين،مرحلة تعاون ما قبل 1979، ومرحلة صراع منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية وحتى الآن. فقد بادر النظام البهلوي في إيران بالاعتراف بإسرائيل بعد عامين من تأسيسها، وتجسد التحالف في قيام إسرائيل بتسليح شاه إيران، وعقد اتفاقيات أمنية موسعة بين جهاز الموساد الإسرائيلي وجهاز السافاك الإيراني. واقتصادياً، كانت إيران هي المصدر الرئيسي لواردات النفط الإسرائيلية.
أما بعد الثورة الإسلامية فقد قام الإمام بقطع العلاقات مع إسرائيل، وتحويل مقر السفارة الإسرائيلية في طهران إلى سفارة لفلسطين، وتوازى عداء الثورة الإسلامية لإسرائيل، مع تزايد دعمها للقضية الفلسطينية. وحذر قائد الثورة الامام الخميني من خطر الصهيونية الدولية على الإسلام والثورة الإسلامية، وقال: «إن عداء إسرائيل يستهدف الإسلام، وخطر إسرائيل يشمل الشرق الأوسط والأقاليم الإسلامية».
ولا أطيل عليكم، اليكم المشهدين الأخيرين. يختلف هذين المشهدين عن سابقيهما لأنهما معنويان. فحين يولى على الأمة من لا يراعي الله فإنه لن يراعي عباد الله ولن يساهم في تطبيق شرع الله سبحانه. لقد كانت ايران كالدول الأوربية في عهد الشاه، فقد كانت الخمور متوفرة والنساء السافرات في كل مكان والأكثر من ذلك بشاعة وسوء أنه قام بمهاجمة الحوزات وعلماء الدين وقتلهم واعتقالهم. والمسلم يأبى أن يولى عليه من هو كذلك.
وفي المقابل، أمام عظيم عالم ورع تقي تفانى في «خدمة الشعب» لا لأجل منصب أو أمر دنيوي وإنما كان هدفه واحد، هو الله. طرح ولاية الفقيه وطبقها ووجد المستمعين والأتباع الواعين فحقق حلم الأنبياء بتأسيس الجمهورية الاسلامية الحصن الذي قويت به شوكة المسلمين وأصبح للمسلمين عامة وللشيعة خاصة كيان يحمي الإسلام ويدافع عن مقدراته وقضاياه، وصحح ثقافة الإنتظار وأحيا «سياسة الإسلام» وليس كما يقول المغرضون «الإسلام السياسي»، إن كلمة الإسلام السياسي تعني أن تجزء الإسلام لأجزاء وكل جزء بعيد عن الآخر، أي أن هناك إسلام سياسي وإسلام اقتصادي وإسلام اجتماعي.. . الخ، كما أن مفردات «الإسلام السياسي» أطلقها الغرب بعد أحدث 11 سبتمبر ونسبوها للإسلام والإسلام بعيد عن مثل هذه الأعمال. الإسلام يا اخوتي واحد وهو الإسلام المحمدي الأصيل الذي انتهجه الامام وأعاد الناس اليه.
وتستمر المسيرة بعد رحيله بانتخاب الإمام الخامنئي حفظه الله ولي لأمر المسلمين، سائرا على خط الامام الخميني ونحن إن شاء الله موالين له مطيعين لأمره.
 

الدراسات السياسية  || المقالات السياسية || الكتب السياسية