مركز الصدرين للدراسات السياسية || المقالات السياسية

الانسجام بين ولاية الفقيه واحترام آراء الشعب


الانسجام بين ولاية الفقيه واحترام آراء الشعب
إن الحديث ليكثر هذه الأيام عن ولاية الفقيه، إلا أن البعض ربما لم يصلوا ـ بعد ـ إلى عمقها، كما ان الأعداء ربما طرحوا تفسيرات مغلوطة عنها، الأمر الذي لا ينسجم مع الواقع.
ولكي نصل إلى أهمية هذه المسألة، يجب التعرف جيداً على الدور البناء الذي تقوم به ولاية الفقيه في الحكومة الإسلامية والمفهوم العلمي والفقهي لها، ومن ثم التعرف على المنبع الرئيس لها وهي الولاية الإلهية العامة وبعدها ولاية النبي (ص) وأوصيائه المعصومين.
ونحن نملك بشكل عام أربعة أنماط من الحكومات:
1 ـ الحكومة الفردية القائمة على أساس القوة:
مثل حكم الملوك والمتسلطين سابقاً، حيث تشكل القوة والعنف والقدرة العسكرية أساساً لهذا النوع من الحكومات، بمعنى أن من يمتلك قدرة وتسلطاً أكبر فهو الذي يمتلك أزمة الحكم.
وإذا ألقينا نظرة على تاريخ قطرنا ـ سواء قبل الإسلام أو بعده ـ استطعنا أن نلحظ بكل وضوح معالم هذا النمط من الحكومات.
أناس متسلطون يقفون على رأس القبائل رغم عدم امتلاكهم لأية أهلية أو معرفة عن الداخل أو الخارج، فيسخرون لسيطرتهم منطقة واسعة أو صغيرة، وعندما تضمحل قدرتهم وشوكتهم يصل الدور إلى زعيم قبيلة أخرى أو أحد الأمراء المحليين فيهم لينقلب عليهم، وليشكل سلسلة أخرى، وهكذا تتتابع السلاسل الملكية، واحدة بعد الأخرى، جيئة وذهاباً، دون أن تكون أي منها قد حلت مشكلة واحدة، بل هي في الواقع تضيف مشاكل ومصاعب أخرى إلى مصاعب الناس، ونحن نجد في عالمنا اليوم نماذج كثيرة لمثل هذا النمط الحكومي.
وهل نستطيع اعتبار هذه الانقلابات العسكرية التي تحدث في الأقطار المختلفة حيث تقوم مجموعة من الضباط الأقوياء ـ وغالباً ما يتم ذلك بمعونة دولية أجنبية ويفرضون حكمهم بقوة المدافع والدبابات ثم يتتابع الاعتراف الرسمي من قبل الحكومات الأخرى ـ هل نستطيع اعتبار هذا النمط من الوصول إلى الحكم سوى حكومة القوة.
أو اننا نجد ـ كما في أفغانستان مثلاً ـ مجموعة من العسكريين يفرضون سيطرتهم على الشعب بمعونة مادية وغير مادية من دولة أجنبية، ولكي يحكموا سيطرتهم ويحتفظوا بوجودهم أمام زئير الجماهير الغاضبة فانهم يلجأون علناً إلى قدرة وسيطرة أكبر، لتقوم هذه القوى الكبرى تحت ستار الإستجابة لطلب من حكومة قانونية باحتلال تلك الأرض احتلالاً عسكرياً، وتصب حمم القنابل والمدافع على رؤوس الشعب المحروم ـ ليلاً ونهاراً ـ وتحصدهم حصداً، في حين يقف العالم ساكتاً تجاه ذلك وإذا أدان ذلك اكتفى بالإدانة اللفظية. وهل يعني هذا إلا حكم العنف والقوة.
إن هذا تعبير عن ملامح متنوعة لحكم القوة والدكتاتورية الفردية التي اعترف بها رسمياً في الماضي والحاضر، ونحن نعلم أن الكثير من الحكومات الممثلة في هيئة الأمم المتحدة هي من هذا القبيل وهي تجلس في ذلك المركز القانوني ـ كما يصطلح عليه ـ ويستمع الآخرون إليها بشكل طبيعي.
2 ـ حكومة الفرد الصالح
أي الحكومة التي تدار بواسطة فرد واحد، ويرضى الشعب كله أو أكثريته أو يسلموا أمورهم بيده، فهذا الحكم فردي لكنه ليس حكم القوة والعنف، وكنموذج لذلك حكومة أنبياء الله خلال التاريخ، فصحيح أنهم كانوا يستشيرون الناس في إدارة أمورهم إلا أن الرأي القاطع كان لهم لا غير.
ولما كان الفرد العادي ـ مهما كان صالحاً ـ معرضاً للخطأ، فإننا نرى أن هذا النوع من الحكم ينحصر بحكومة الأنبياء والأئمة المعصومين.
3 ـ حكم الشعب للشعب مع توفر الحرية الشكلية
ونعني به نفس النمط المتداول ـ اليوم ـ في بعض الأقطار، إذ تشكل حكومات مبناها ـ في الظاهر ـ هو آراء الشعب، إلا أن ذلك يتم دون قيد أو شرط، فمن اختاره الشعب وما اراده كان، سواء كان ذلك فيلسوفاً عظيماً ينتخب لرئاسة الجمهورية ـ يوماً ـ أو ممثلاً سينمائياً وربما كان مهرجاً أحياناً فلا يختلف الأمر من هذه الزاوية، وإنما المعيار: ماذا يريد الناس؟ ولمن يميلون؟ أكان فيلسوفاً أو عالماً، أو فناناً، صغيراً أو كبيراً، موحداً أو مادياً إن الحال سواء مادام المتبع هو آراء الناس.
ومن الطبيعي أن انتخابه يتم ـ كما نعلم ـ على أساس النصف زائداً واحد، وهذا الأساس أيضاً يشكل قاعدة للقوانين المشرعة في مثل هذه النظم، فما ارتآه الشعب فهو الحق، بمعنى أن المناط هو آراء الممثلين المنتخبين على هذا الأساس، وحتى لو أنهم اتجهوا للموافقة على انحراف جنسي فإن ذلك يعد قانوناً يجب احترامه من قبل الجميع (وهذا ما قام به الممثلون في مجلس العموم البريطاني) وهذه هي الديمقراطية بشكلها الغربي.
4 ـ الحكومات الديمقراطية المبدئية
ان آراء الناس، تشكل أساس هذه الحكومات، ولكن لا بشكل مطلق ودون قيد أو شرط وإنما يتم ذلك في إطار مذهب معين.
فللناس حق إبداء آرائهم، ويمكنهم أن يرشحوا أنفسهم أو ينتخبوا غيرهم ولكن كل ذلك مع لحاظ قواعد المذهب الخاص.
ومن الطبيعي أنه لا يمكن انتخاب أي كان، في هذا النوع من الديمقراطية، وتسليمه أزمة الحكم، ولا يمكن لأي قانون أن يقع موقع الموافقة من قبل المجلس النيابي وإنما الحرية هنا لها إطار وحدود يرسمها المذهب الأساس.
حكومتنا الإسلامية من النمط الرابع
يدعي الشيوعيون أيضاً أنهم يطبقون الديمقراطية المذهبية (الديمقراطية في إطار الماركسية)، ومع غض النظر عن الاشكالات والانتقادات الأساسية اتي توجه إلى أصل مذهبهم فإن حكوماتهم ـ مع ملاحظة ما طبقوه عملياً ـ ترجع عند التحليل النهائي إلى النمط الأول أي حكومة القوة والعنف، لا الحكومة الديمقراطية، وإن كان ذلك يتم في إطار مذهبهم.
وعلى أي حال؛ فإن المدار في الجمهورية الإسلامية هو آراء الشعب، سواء في التشريع أو في التنفيذ، إلا أن ذلك ليس مطلقاً وإنما هو في إطار ما حدده الإسلام لأي من السلطات الثلاث: (التشريعية، والتنفيذية، والقضائية) لا غير.
وإذا كان الأعداء يدعون اننا بقبولنا لمبدأ (ولاية الفقيه) نكون قد قضينا على الديمقراطية فهم صادقون، ولكن أي ديمقراطية هذه التي نقضي عليها؟ إنها الديمقراطية من النوع الغربي الذي لا قيد ولا شرط له.
نعم؛ إن هذا النوع لا ينسجم مع ولاية الفقيه، إلا أننا لم نقل ان حكومتنا هي من نمط (الديمقراطية الغربية) بل اننا أيدنا من اليوم الأول حكومة (الديمقراطية المذهبية) و(الجمهورية الإسلامية).
وعبر ملاحظة هذه المقدمة، نعود إلى أصل الحديث لنعرف ما هي أركان هذه الحكومة.
أثر ولاية الفقيه في الأبعاد الثلاثة للحكومة
لكل حكومة ـ بشكل أصولي ـ ثلاثة أبعاد هي:
1 ـ البعد التشريعي.
2 ـ البعد التنفيذي.
3 ـ البعد القضائي.
وتوجد هذه السلطات الثلاث في أية حكومة ديمقراطية، مع فرق هو أن الديمقراطية أو الجمهورية إذا كانت من النمط الغربي لم يكن هناك أي تحديد للجانب التشريعي ولا لانتخاب العنصر التنفيذي أو القضائي.
إلا أنه وفي حكومة مذهبية، نجد المذهب هو المسيطر على عنصر التشريع، فلا يخرج عن حدوده، وعلى نوعية الموظفين والحكام والقضاة فلا يمكن أن يكونوا أناساً لا تتوفر فيهم الصفات التي يطرحها المذهب.
وكمثل على ذلك نجد انه لا يحق لممثلي الناس أبداً أن يحلوا الربا أو يقروا بمشروعية البنوك الربوية، كما لا يمكن للحكام والقضاة أن يكونوا من غير الملتزمين بالإسلام وخطه العملي.
وعلى هذا الأساس نلاحظ وجود جهاز يشكل صمام أمان مذهبياً إلى جانب آراء الناس في هذه السلطات الثلاث.
فمثلاً يقف إلى جانب السلطة التشريعية المشكَّلة من ممثلي الشعب المنتخبين، جهاز يدعى: (مجلس صيانة الدستور)، واجبه الوقوف بوجه الأخطاء والانحرافات المحتملة للنواب عن القوانين الإسلامية ومواد الدستور، رافضاً أن تتم الموافقة على قانون يخالف الإسلام.
ولو كان النواب أو أكثريتهم من الاخصائيين في المسائل الإسلامية، لم تكن هناك حاجة إلى مجلس صيانة الدستور، إلا أن هذا قد لا يجد تطبيقه العملي، مما يجعل وجود الجهاز آنف الذكر ضرورياً للحفاظ على القوانين الإسلامية.
وإلى جانب انتخابات رئيس الجمهورية ـ على أساس آراء الشعب ـ تأتي مسألة إقرار الولي الفقيه لكيلا يتم تسليم أزمة الأمور إلى فرد منتخب ولكنه لا يمتلك الضوابط الدينية المطلوبة.
وكذلك الأمر حين نركز على الجهاز القضائي الواسع فانه وان كانت عناصره تنتخب من قبل ممثلي الشعب (كما في انتخاب وزير العدل) أو من قبل القضاة إلا أن هذه الآراء ليست مطلقة وتبقى لمراقبة الولي الفقيه واقراره دورهما لاحراز الشروط الشرعية.
وملخص القول: أن السلطات الثلاث في الحكومة الديمقراطية المذهبية ترتكز بشكل مباشر أو غير مباشر على آراء الشعب في نفس الوقت الذي تكون فيه تحت إشراف الدين بشكل مباشر أو غير مباشر.
ونستنتج من هذا ان هناك عنصرين يقفان إلى جنب بعضهما في الحكومة الديمقراطية الدينية، هما؛ عنصر آراء الشعب وعنصر التخصص المذهيني، وهذا هو ما نطلق عليه إسم (ولاية الفقيه).
تساؤل
قد يقال: فلماذا إذن لم تكن حكومة الأنبياء والأئمة بهذا النحو؟ فقد كان الرسول الأكرم (ص) والإمام علي (ع) ينتخبان الحكام والمندوبين بنفسهما، وكانت السلطات الثلاثة مجتمعة في شخصيهما، ولم يكن هناك أي صندوق انتخابي في البين.
وعند الجواب نقول: مع ملاحظة مقام العصمة الذي يمتلكه النبي والإمام، فإن الأمر معه يختلف عنه مع غيره، فالمعصوم له حسابه والمجتهد الجامع للشرائط له حساب آخر، وإن كان المعصوم أيضاً يشاور الآخرين في اختيار الأفراد وتطبيق المشاريع رغم كون القرار النهائي بيده علاوة على أ ن الظروف آنذاك تختلف اختلافاً كبيراً عن الوضع الحالي، ولا نعني بذلك أن القوانين تتباين وإنما نؤكد على أن اسلوب تطبيقها متباين بلا ريب (يرجى التركيز على هذا الأمر).
تساؤل آخر
قد يقال: إذا لاحظنا الموازين الفقهية، فما المانع من أن يجمع الفقيه المستكمل للشرائط في عصرنا الحاضر كل القوى ويمسك بأزمتها ويشكل في الواقع النوع الثاني من الحكومة وهو حكومة الفرد الصالح؟
ونقول في الجواب: إن الفقيه الجامع للشرائط مكلف أن يختار في كل عصر وزمان الأسلوب الأمثل لتطبيق الدين، أو ـ كما يعبر الفقهاء ـ عليه أن يراعي "غبطة المسلمين" أي يختار الأصلح بحال الناس.
وحينئذ فإذا تجنب الفقيه الجامع للشرائط الطريق الأفضل، متجهاً نحو اسلوب آخر، فقد ارتكب خلافاً يفقد معه مقام الولاية.
وبملاحظة هذا المبدأ الأساسي، فهل من الأصلح أن يقف الفقيه الجامع للشرائط في القمة، ويصدر بنفسه حكم رئاسة الجمهورية لشخص معين دون أن يكون هناك أي استطلاع للرأي العام أو انتخاب من قبله أم أن الأفضل اشتراك الناس أيضاً في عملية الانتخاب هذه وإذا رأى بدوره أن المنتخب واجد للشروط المطلوبة أقر عملية الانتخاب المذكورة؟ وأي هذين السبيلين أبعد عن الخطأ؟ وأيهما أقرب إلى الواقع؟ أليس عليه أن يتبع الأقر فالأقرب، والأصلح فالأصلح؟
وبعد التجاوز عن هذا، نقول: إن الناس يشكلون القوة الأصلية والعمود الفقري للنظام الحكومي، ومع هذا فمع أي اسلوب ينسجمون بشكل أكبر ويتعاونون بنمط أشد؟
إن من المسلم به أن الفقيه الجامع للشرائط لو بنى على آراء الناس وراح هو يراقب ويقر لكي يقع الاختيار على الفرد الصالح، فإن هذا سوف يكون أقرب إلى الواقع وأصلح كما سيكون الناس أشد قبولاً بلا ريب.
مما قلناه آنفاً يتضح إلى أي مدى تنسجم مسألة احترام آراء الناس مع ولاية الفقيه. إنها مسألة مهمة أن نعرف انسجام ولاية الفقيه مع حرية الانتخابات وحكم الشعب دون أن ينجر الأمر إلىالاستبداد والديكتاتورية.
اننا نتصور انه مع ما قدمناه من توضيحات لم يبق أي مجال لتصور التضاد الآنف، ونعتقد أن هؤلاء الذين يتصورون التنافي بين (الجمهورية) و(الإسلامية) أو يتصورون أن مسألة (ولاية الفقيه) تعني الاستبداد، هؤلاء يخلطون ـ في الواقع ـ بين الديمقراطية الدينية والديمقراطية بشكلها الغربي، ومجرد مراجعة البحوث التي مرت توضح هذه الحقيقة تماماً.
وربما كان الخطأ ناشئاً من تصورهم ان الفقيه الجامع للشرائط يستطيع أن يفعل ما يشاء في الحكومة الإسلامية دونما ضابط أو قانون، في حين أن تدخله في كل المجالات له ضوابطه الشرعية ومقرراته القانونية الإسلامية، ويتم على أساس من مصالح الأمة الإسلامية (يرجى التركيز).
لقد بعث الله تعالى رسول الإسلام (ص) وأمره بتشكيل الدولة، وكان أول عمل له (ص) بعد هجرته إلى المدينة وتوفر الأرضية المناسبة هو تشكيل الحكومة والجيش وبيت المال والمحكمة وأمثال ذلك.
والقرآن الكريم يقول في هذا المجال {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً}. (النساء: 65)
ومن الطبيعي أنه حتى الرسول (ص) لو كان قد شكل مثل هذه الحكومة دون إذن إلهي، ودعا الناس إلى ولايته، لم يكن ذلك جائزاً، وحينئذ فان من الأولى أن الحكومات المشكلة في هذه الأرض إن لم تنته إلى حكومة (الله) كانت حكومات غاصبة وظالمة.
وبعده (ص) انتقل هذا الحق إلى أوصيائه، ووفقاً لما يعتقده الشيعة فإن زمام خلافة الرسول (ص) اليوم قد انتهى إلى الإمام المهدي (عليه السلام) وان الحكومة الالهية حق له، وانه وحده المجاز بتشكيل مثل هذه الحكومة.
ومن جهة أخرى فإن من المسلم به انه مع غيبة المهدي (ع) لم تترك الأمة الإسلامية دون راع ودون أن تعرف مصيرها ولا يمكننا أن نتصور أن الله تعالى قد ترك الأمة الإسلامية بملايينها لسنين طويلة دون أن يعين لها مصيرها وأسلوب إدارتها.
ترى هل يستطيع أي شعب أن يبقى دون حكومة؟ وهل هناك قانون أو مذهب يدعي لنفسه الكمال دون أن يعين مصير ومسير الحكام، في حين أن هذا يعد من أوضح الضرورات الاجتماعية؟
ترى هل نجيز للمسلمين أن ينضووا تحت لواء الأجانب وحكوماتهم؟ وهل أن علينا ـ وقد قبلنا التوحيد ـ أن نلجأ إلى تشكيل حكومة ـ الديمقراطية الغربية ـ وعلى الاسلوب الغربي دون أن تنتهي في مجال جوازها إلى الله جل وعلا؟
ان الجواب على كل هذه التساؤلات سلبي بلا ريب.
ان الحكومة الإسلامية إنما تتخلص من صفة الغاصبية اليوم إذا كانت مأذوناً بها من قبل المهدي (عليه السلام). ولحسن الحظ فقد صدر هذا الاذن في اطار خاص وبشكل صريح عبر الاخبار الإسلامية.
فعندما سأل اسحاق بن يعقوب الإمام المهدي (ع) عن المرجع الذي يرجع غليه في عصر الغيبة، أجاب "وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وأنا حجة الله". (وسائل الشيعة ج18، ص101).
وفي موضع آخر يقول الإمام الصادق (ع) حول الفقهاء:
"ينظرون من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً فاني قد جعلته حاكماً" (وسائل الشيعة ج18، ص99).
وعلى هذا فإن الولي الفقيه يستطيع أن يشكل الحكومة بإذن الإمام، ويعود حاكماً على الأمة، وحاكماً فيما شجر بينها.
وهناك أدلة عديدة أخرى في هذا المجال وهي وإن كان بعضها ينظر إلى مجال القضاء أو مجال الفتوى ومرجعية التقليد إلا أنه يمكن أن نستفيد منها في هذا المجال.
ان حل كل المشكلات يجب أن يتم في نهاية الأمر على يد المتخصصين بالأمور الإسلامية والفقهاء.
وإذا تجاوزنا عن ما مضى، فإن كون الإسلام كاملاً وخالداً من جهة، وكون مسألة الحكومة باعتبارها أهم المسائل الاجتماعية مسألة ضرورية واضحة من جهة أخرى، يقتضي أن يعين مرجع لهذا الأمر. والقدر المتيقن في مثل هذا المرجع أن يكون فقيهاً بصيراً مطلعاً مديراً ومدبراً بلا ريب.
 

الدراسات السياسية  || المقالات السياسية || الكتب السياسية