مركز الصدرين للدراسات السياسية || المقالات السياسية

الأمة والإمامة دور المعتقد الشيعي في انتصار الثورة الإسلامية
علي محمد صالحي


يفيد التاريخ الشيعي أن عنصري العقيدة والجهاد، كانا دائماً من الأصول الأساسية الثابتة لتفكير الشيعة الحقيقيين. وكان أئمة هذا المذهب الإسلامي وقادته الدينيون، قد وضعوا محاربة الظلم وعدم التسليم لغير الله عز وجل، في مقدمة توجهاتهم ومسؤولياتهم الحياتية، والتاريخ يشهد بذلك.
إن الأصول الأساسية للمعتقدات الشيعية، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد والشهادة والولاية والتقية، كانت قد ميزت مذهب أهل البيت، وحتى أفضليته، عن سائر المذاهب والأديان منذ الأيام الأولى لنشوئه. فهي تتطلع الى الدنيا وكأننا نعيش فيها الى الأبد، وفي الوقت ذاته تذم التعلق بالدنيا وتدعو للتعامل معها وكأننا نموت غداً. وهي بذلك اختارت الاعتدال بعيداً عن الإفراط في ترك الدنيا أو التعلق بها.
لقد برهنت المعتقدات الشيعية على مرّ التاريخ، بأنها تختزن طاقة هائلة وقدرة فائقة قادرة على تغيير مجرى الأحداث المهمة في اللحظات التاريخية والبرهنة على حيويتها وجدارتها. ولعل في هذا وجه شبه كبير بين الثورة الخمينية والنهضة الحسينية. وسنحاول في هذا المقال أن نجيب على التساؤل عن: دور المعتقدات الشيعية في انطلاقة الثورة الإسلامية وانتصارها؟ والتعرف على مدى تأثير الفهم الواعي للمعتقدات الشيعية على انتصار الثورة.
الولاية والغيبة
إن اعتقاد الشيعة المبني على أساس استمرار الولاية النبوية في الأئمة الأطهار؛ وإناطة مشروعية الحكومة بالتزامها بالعدالة والعمل على تحقيقها؛ وجواز الخروج على السلطان الجائر؛ كل ذلك جعل من الشيعة تنتفض في وجه الظلم دائماً، وتعتبر قول الحق أمام الظلمة وحكام الجور من أسمى مراتب الجهاد.
ففي ظل الاعتقاد بالولاية «تعتبر الشيعة أن ما نطق به أئمتهم هو المصدر الوحيد لمشروعية أيه حكومة، وأصالة أي بيان للمعارف الإسلامية. وإن النموذج الإنساني الوحيد والقيادة المعنوية والذاتية، هو ما جسده هؤلاء الأئمة. وبالتالي فان أيه حكومة تقاوم دون توجيه الأئمة، تعتبر غير مشروعة وغاصبة. وإن أي بيان للمعارف الإسلامية لا ينتسب الى الأئمة يعد تحريفاً وبدعة. وإن أي قيادة باطنية فيما سواهم، كانت تعتبر ضالة وتابعة للشيطان».
في ضوء الاعتقاد أعلاه، كانت تطرح مسألة الغيبة. واستطاع اعتقاد الشيعة بشأن الولاية. أن يلعب دوراً كبيراً في عدم نضال الشعب الإيراني ضد نظام الشاه.
يفيد التاريخ الشيعي بأن الشيعة كانت ترجع الى الإمام، بوصفه قائد المجتمع الشيعي، في قضاياها وحل مشكلاتها، طالما كان الإمام علي قيد الحياة. ولكن مع حلول عصر الغيبة، اتخذت الأمور منحى آخر. فرغم أن الناس بعد انتهاء زمن الغيبة الصغرى وبدء الغيبة الكبرى، وعدم إمكانية الوصول الى الإمام الغائب؛ عاشوا فترة في انتظاره وامتنعوا عن ممارسه أي عمل تجاه الحكومات الغاصبة. ولكن بعد فترة اقتنعوا بأن الانتظار السلبي موقف انفعالي لا جدوى من ورائه. لذلك آمنوا بالانتظار الايجابي، وتحرروا من حاله الانفعال، وآمنوا بالجهاد ضد الظلم، ليتمكنوا عن هذا الطريق من التمهيد لظهور الإمام الغائب وبناء المجتمع الإلهي المنشود. وما كان لهذا أن يتحقق لولا «اعتقاد الشيعة بان ولاية الإمام لن تلغى في عصر الغيبة، وإنما تم تعليقها بشكل معقد». وكانت حصيلة هذا الاعتقاد أن ظهرت أفكار عملية في الوسط الشيعي، كان أبرزها وأكثرها تحديداً في عصرنا فكرة ولاية الفقيه والحكومة الإسلامية.
على أيه حال، إن حصيلة الاعتقاد بالغيبة لدى الشيعة، أن نفت من جهة مشروعية أي نوع من القيادة والولاية ما لم تقترن بولاية الإمام الغائب. ومن جهة أخرى أوجدت ورسخت في الوسط الشيعي الروحية الثورية في محاوله لملئ الفراغ الناجم عن غياب الإمام.
وبطبيعة الحال، وفي ظل مسألة الغيبة وإنكار مشروعية القيادات الأخرى غير قيادة الإمام (عج) لجأ البعض ونتيجة لعدم اطلاعه الكافي على الفكر الإسلامي، الى عرض تفسير آخر لهذه النظرية، واعتبر مطلق النهوض قبل ظهور الإمام الحجة غير رسمي. وبذلك، واستناداً الى بعض الشواهد من قبيل الأحاديث والروايات التي أنكرت النهوض بالسيف وأكدت التقية؛ اختار هؤلاء موقفاً انفعالياً، وجعلوا ذريعة عدم مشروعية النهوض في عصر الغيبة مستمسكاً في انصرافهم عن القيام في وجه الحكام الظلمة والتهرب من الإقدام على أي عمل سياسي.
أما ما يخص موضوع زرع الروح الثورية في الوسط الشيعي لملئ الفراغ الناشئ عن غياب الإمام، فقد أدرك الشيعة بالتدريج بأنه لابد لهم من بلورة وعي جديد لمعتقداتهم، ذلك أن: «.. ومع تأصيل فكرة غيبة الإمام الثاني عشر لدى الشيعة الإمامية، استفحل يوماً بعد آخر فراغ غياب القيادة، وأخذت تشتد أزمة غياب القيادة حتى احتل مفهوم الغيبة والإمامة موقعاً مركزياً في أفكار الشيعة. وبالقدر نفسه الذي ألهبت فيه أدبيات الغيبة أحاسيس الناس وعواطفهم وشدّتهم الى هذه العقيدة. قادت الأزمات الاجتماعية والاختناق والاضطهاد السياسي والظلم والتعذيب والقتل والتشريد الى الإحساس بضرورة القيادة الحيّة الحاضرة المرئية».
إن بروز ملئ هذه الرؤية العميقة في الوسط الشيعي، رغم أنها كانت قد آمنت بها من قبل جماعه مهمة وحساسة؛ يعد منعطفاً في الفهم الشيعي؛ بيد أن حقيقة الأمر هي أن النظرة لن تتجسد في الواقع العملي ولم تخرج عن حدود الفكر. وإذا ما حاول البعض تجسيدها فلا تعدو عن كونها محاولات متواضعة لم يكتب لها البقاء.
ومع إطلالة الثورة الإسلامية عام 1978، وإعادة تفسير مفهوم الغيبة والانتظار؛ ومن ثم تحديد الإمام الخميني الراحل لنهج حكومة الصالحين وغيره من العلماء والذين هم عموماً من تلامذته؛ ومساعدة الظروف والأوضاع؛ توفرت الأرضية اللازمة لتشكيل الحكومة المنسجمة مع المعتقدات الشيعية. وفي هذا المجال سعى إمام الأمة (رض)، وضمن تبنّيه مبدأ ولاية الفقيه وتدريسه له على مدى خمسة عشر عاماً؛ الى تجسيد نموذج للحكومة الدينية، اخرج اختيارات الفقهاء من الأحوال الشخصية الى نهج الحكومة النبوية. وبذلك تبلورت، بالاستناد الى الكتاب والسنة والعقل، أسس الحكومة والدولة الإسلامية التي منحت المشروعية للدولة الإسلامية في إيران.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروع الدين ومن أصول الإسلام العلمية التي تم التأكيد عليها بشدة في القرآن الكريم والسنة الشريفة. ويشهد التاريخ الشيعي، بأن الشيعة المخلصين لم يغفلوا أو يتناسوا هذين الأصلين أبداً. وكانوا يعملون بهما طلباً للفلاح والصلاح مصداقاً لقوله عز من قائل: «ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر أولئك هم المفلحون»؛ وكانوا يعقدون الآمال العريضة على هذه الفريضة لأنها: «بها تقام الفرائض، وتؤمن المذاهب وتحل المكاسب وترد المظالم وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ويستقيم الأمر».
كان الشيعة ينظرون الى هذا الأصل بمثابة أحد مصاديق الدفاع عن الحقوق الإنساني. لذلك فهم يعتقدون بأنه: «إذا ما شاهد أحد في المجتمع أن احتل المعروف مكان المنكر، وحل المنكر محل المعروف، وهبّ هو لمحاربته التزاماً بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فانه في هذه الحال يكون قد دافع عن الحقوق الإنسانية، ويعتبر عمله هذا عملاً مقدساً. وعليه فمتى ما غفل يعني قد تم تجاهل الحكم الإسلامي والمبدأ الإنساني. ولابد من إصلاح ذلك بنحو ما. ومن هنا كان الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر يعرفون باعتبارهم مصلحين اجتماعيين. ولعل هذا ما يعنيه الشهيد مطهري بقوله: «بما أننا نمتلك مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فانه ينبغي لهذا الأصل أن يكون قد أوجد بينا مصلحين كثيرين» وبالالتفات الى تأكيد القران الكريم والسنة الشريفة على هذا الأصل الإسلامي، تم الإحساس أولاً بأهمية هذا الواجب الإسلامي وإلقائه على عاتق قادة الثورة؛ ثم توعيه الناس بهذه الفريضة الإلهية، وبالتالي إحياؤها وإخراجها من حجاب الغفلة، لتطلق الثورة الإسلامية.
وطبقاً لمعتقدات الشيعة. أن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراحل لابد من طيها بالضرورة. وإن الانتقال الى أي مرحلة من مراحل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يستلزم طي مدارجه السابقة. ومن هنا شهدنا خلال مراحل تصعيد أحداث الثورة الإسلامية، أن قام علماء الدين والمخلصون من أبناء الشعب بالكشف عن ممارسات النظام البهلوي، عن طريق الاعتراض والاحتجاج وتحرير الرسائل والخطابات، ومارسوا بذلك دورهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يتوانوا في ذلك أبداً. وقد تجلت المراحل المتقدمة من العمل بهذا الواجب الإسلامي، في أحداث الثورة الإسلامية وفي نداءات الإمام الأخيرة. وقد نعت الإمام في أحد هذه النداءات الشاه بأنه خائن للوطن، وحتى أنه أصدر أمراً بقتله. علماً أن الجرح والقتل يمثل آخر مراحل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويعمل به إذا ما رأى المجتهد العادل صلاح تنفيذه.
إضافة الى ذلك، وطبقاً للمعتقدات الشيعية التي تنص على أن هناك حقوقاً متقابلة للحكومة والشعب، فان فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طرحت على أعلى المستويات كما ورد في كلام الإمام أمير المؤمنين (ع): «أما بعد، فقد جعل الله سبحانه لي عليكم حقاً بولاية أمركم، ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم … » وعلى ضوء ذلك، فالشيعة متى ما رأت حقوقاً لشخص أو جماعه أو الأمة الإسلامية بأجمعها قد ضيّعت؛ لم يجلسوا صامتين، بل يستعينون بهذه الفرضية الإسلامية لإحقاق حقوق الأمة. وخلال أحداث الثورة الإسلامية، وفرت ممارسات النظام البهلوي أرضية ضرورة العمل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع. فكانت الثورة وكان الانتصار.
الاجتهاد
من جمله المسائل التي تشير بوضوح الى دور وتأثير المعتقدات الشيعية في انتصار الثورة الإسلامية في إيران، عنصر الاجتهاد وصورة العلاقة المتوافرة بين المجتهد ومقلديه. فعلى ضوء هذه العلاقة الشرعية، يعتبر المقلد آراء مرجعه الديني مقدسة دائماً ويعمل بها. وبالطبع يجب أن نعرف أن المراد بالاجتهاد هو «استخدام العقل والتدبر في فهم الأدلة الشرعية، وهو بالطبع بحاجه الى سلسلة من العلوم التي تمهد اللياقة والاستعداد العقلي والتدبر الصحيح الواعي». أما الاجتهاد بمعني التقنين وتشريع القوانين فهو بعيد عن المعتقدات الشيعية. وفي ظل الاجتهاد تقبل الناس عالماً دينياً بوصفه مجتهداً مرجعاً لها، وتعتبره أمينها الدين ومرشدها المعنوي، وترجع إليه في حلالها وحرامها وشؤونها الدينية والحياتية وتحرص على التمسك بآرائه عملياً طلباً لرضا الله سبحانه.
ومن الطبيعي مع هكذا إرادة، أن يعتبروا فتوى المجتهد في مختلف شؤون حياتهم بمثابة سند وثيق، ويعتبرونه شيئاً مقدساً وبالتالي لا يطيقون الإساءة إليه مطلقاً. وما حصل خلال أحداث الثورة، أن نشرت إحدى صحف النظام مقالاً وجهت فيه اهانة صريحة الى إمام الأمة. وكرد فعل على ذلك تظاهر أبناء مدينة قم احتجاجاً على ذلك. وقد تدخلت القوات الحكومية لمواجهة المتظاهرين فجرح واستشهد العديد من أبناء الشعب. وفي ذكرى مرور أربعين يوماً على استشهاد العديد من أبناء الشعب. وفي ذكرى مرور أربعين يوماً على استشهاد شهداء قم، نظم أبناء مدينة تبريز تظاهرات واسعة استشهد فيها عدد من المتظاهرين. وفي أربعينية شهداء مدينة تبريز شهدت كل من مدينة يزد و قم ومشهد وخمين وأصفهان ونجف آباد وأروميه وعدد من المدن الأخرى تظاهرات واسعة.
وبغض النظر عن طبيعة التقليد والآراء المطروحة اليوم بشأن تقليد علماء الدين المجتهدين، فان التأمل والتمعن في تاريخ الثورة الإيرانية يدلنا على أن عنصر الاجتهاد قد منح جهاد أبناء الشعب المشروعية، إذ كان ينظر الى أمر النضال في هذا المقطع التاريخي بمثابة واجب شرعي ألقي على عاتق المكلفين من قبل الفقيه الأعلم والأعدل في عصره. ويمكن أن نجد اثر عنصر الاجتهاد أيضاً في رسالة الإمام التي رشح فيها المهندس مهدي بازرگان لتشكيل الحكومة: «إنني أرشحه ليكون رئيساً للحكومة. وهو واجب الإتباع على الشعب أن يتبعه. ليست حكومة عاديه. إنها حكومة شرعية، ينبغي لهم إتباعه. وإن معارضة هذه الحكومة بمثابة مخالفة للشرع». ومن البديهي أن يكون تعيين حكومة بوصفها حكومة شرعية، وإصدار حكم شرعي بعدم مخالفتها، هو ضمن صلاحية المجتهد المقتدر فقط لا غير.
الشهادة
عنصر الشهادة، والمكانة التي تحظى بها لدى الشيعة وارتباط التاريخ الشيعي بظاهرة الشهادة. من العوامل الأخرى المؤثرة في انتصار الثورة الإسلامية في إيران.
إن تأكيد الآيات والروايات الصريح على مكانة الشهيد ومنزلته؛ وخاتمة حياة الكثير من رموز الإنسانية لدى الشيعة ـ خاصة الأئمة ـ بالشهادة، وتعريف الشهادة بأنها: «أشرف الموت قتل الشهادة» وكذلك كونها: «فوق كل ذي برّ برّ حتى يقتل الرجل في سبيل الله، فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه برّ»؛ كل هذا ساعدها لأن تلعب دوراً مهماً في أحداث الثورة الإسلامية.
وعلى ضوء اعتقاد الشيعة، فان الشهادة أو النصر على مستو واحد بالنسبة للمجاهد. وإن النصر على مستوى واحد بالنسبة للمجاهد. وإن حصيلة جهاده هي إحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة. ومن هنا رأينا الإمام الخميني الراحل، بعد وصوله الى أرض المطار توجه مباشرة الى مقبرة الشهداء «جنة الزهراء»؛ تعبيراً عن احترامه وتقديره لمقام الشهداء الشامخ وتضحياتهم الجسام.
وفي ضوء الجهاد والشهادة. لابد من الإشارة الى مكانة واقعة عاشوراء وتأثيرها، واهتمام علمائنا ومفكرينا بها في صور النضال ضد النظام الشاهنشاهي. فمن وجهة نظر الشيعة تتسم واقعة عاشوراء ونهضة الإمام الحسين (ع) بقداسة خاصة؛ إلاّ أن الأهمية الكبرى التي يوليها الشيعة لهذه الواقعة تتمثل في البعد الإحيائي. فهي باعتقادهم لم تكن مجرد قيام ضد اغتصاب حكومة الرسول، بل إعادة الحياة الى الإسلام. إعادة الحياة الى برعم ابتلي في عنفوان, لو نلقي نظرة على حكمة الإمام الحسين وهو يشير الى أهداف نهضته العظيمة، إذ يقول (ع): «إني لم اخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ضالاً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي. أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب».
إن التمعن في كلام الإمام يدلنا على أن الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعودة الى سيرة الرسول وعلي، هي من أهم أهداف نهضة الإمام الحسين (ع). وطبيعي أن الإصلاح في ظل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يكون عندما يوجد التحريف والبدع والتزوير. وفي أحداث الثورة الإسلامية، استلهم قادتها نهج الإمام الحسين في توجيه الأنظار الى التحريف والتشويه والهجمات التي كانت تشن ضد حرمة الإسلام المقدسة. وكان حب الإمام الحسين والاقتداء بنهجه وسيرته، قد أجج روح الجهاد والثورة لدى أبناء الشعب الإيراني، الذين سعوا الى إسداء تلك الخدمة الى الإسلام التي كانوا يتمنون لو وفقوا لأدائها، إذ كانوا يخاطبون الإمام الحسين «يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما». وإن نموذج هذا الموقف يمكن مشاهدته في خطاب الإمام الخميني الراحل الذي ألقاه عصر يوم عاشوراء عام 1963، الذي أشعل شرارة انتفاضة الخامس عشر من خرداد في العالم نفسه.

الدراسات السياسية  || المقالات السياسية || الكتب السياسية