مركز الصدرين للدراسات السياسية || الدراسات السياسية

دلالات مواقف السيد القائد والمخاطر على إمدادات الطاقة


مدير الحوار: فؤاد الخرس
الضيوف: محمد باقر شري كاتب ومحلل سياسي, موسى الحسيني باحث في العلاقات الدولية (لندن), سعيد السريحي نائب رئيس تحرير صحيفة عكاظ (عبر الهاتف).
فؤاد الخرسا: السلام عليكم. عود ثقاب واحد يشعل أسعار النفط والاقتصاد العالمي. هل يمكن أن تقترف الولايات المتحدة حماقة ما ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية فيشتعل معها الذهب الأسود والمنطقة؟ أي واقع يمكن أن تستقر عليه أحوال العالم لو ركن الرئيس الأميركي لنبوءة حزقيال الواردة في التورات؟ هل يبقى العالم على حاله أو كما قيل قديماً هل ستبقى روما بعد الحريق مثل ما كانت قبله؟
فؤاد الخرسا: أستاذ محمد، عندما يقول السيد الخامنئي لدينا علاقات جيده مع جميع دول المنطقة، من أين يأت بعض القلق لبعض هذه الدول من موضوع إيران والملف الذي تفتحه الآن واشنطن؟
محمد باقر شري: أولاً، هذا الكلام هو شيء طبيعي أمام هذه التهديدات وهذا الحصار، تصعيد وتسعير العداء لإيران، لابد من أنّ أي دولة أن تدافع عن نفسها. وميزة الجمهورية الإسلامية هي أنّ لها حرية القرار وتستطيع أن تقف في وجه ضغوطات الدول الكبرى. وتعبيراً عن ذلك، قال هذا الكلام ولا يعني ذلك أبداً بأن إيران هي التي ستتولى جعل الأمر صعباً على الأمريكيين. هي تريد أن يكون صعباً لأنهم يصعبونه عليها. ولكن ليس بالضرورة مباشرة وإنمّا ايضاً دول المنطقة ودول الخليج وشعوبها لابد أن يكون لها موقف.
فؤاد الخرسا: عندما يقول السيد خامنئي لدينا علاقات جيدة مع جميع دول المنطقة. من أين يأت مصدر القلق؟ يعني عندما يؤكد قائد الثورة مثل هذا التوجه، عندما يؤكده رئيس الجمهورية الإسلامية، وعندما يؤكده جميع المسؤولين الإيرانيين، هل تعتقد أن هناك مبرر لهذا القلق الذي يُسمع من وقت لآخر من بعض دول مجلس التعاون؟
محمد باقر شري: أهل الخليج من الحكام وكذلك الولايات المتحدة مقتنعون تمام الاقتناع بأن السلاح الذي لم يولد بعد عند إيران، و هي تؤكد بجميع الطرق حتى من الناحية الشرعية بأنها لن تقتني هذا السلاح. ومع ذلك حتى على لسان المسؤولين الاسرائيلين يقولون إذا أرادت إيران أن تمتلك السلاح النووي فأنه لن يكون قبل 5 أو 6 سنوات ومنهم من يقول 10 سنوات.
فؤاد الخرسا: سيد الحسيني سلام عليكم. عندما يسار إلى أبراز مخاوف دول مجلس التعاون ويأت كلام السيد الخامنئي وقبله كلام الرئيس الإيراني وكل المسؤولين الإيرانيين بهدف الطمئنة. وواشنطن هي التي تهدد وتوجه مثل هذه التهديدات لإيران وبالتالي لدول المنطقة. ألا يفترض أن يكون مبعث القلق من الجهة التي تهدد؟
موسى الحسيني: الوضع الطبيعي، أن تقف جميع دول مجلس التعاون الخليجي مع إيران لأنه هنالك مصلحة مشتركة، هنالك مصالح أمنية وسلم المنطقة وأي تهديد في المنطقة لأي دولة من دول المنطقة سوف يكون للدول الأخرى. فالوضع الطبيعي للمنطقة هو أن تقف جميع الدول العربية إلى جانب إيران من جهة نظر الحفاظ على امن المنطقة وسلامتها. الناحية الأخرى هي، بامتلاك إيران للسلاح النووي تخطو الخطوة الأولى باتجاه كسر احتكار السلاح في المنطقة أو أن يبقى بيد إسرائيل فقط لأن إسرائيل حسب الإحصاءات وحسب مركز الدراسات الإستراتيجية في لندن في كتابها السنوي، يقول أن هنالك أكثر من 200 رأس نووي عند إسرائيل.
المنطق الطبيعي أن تكون هنالك وحدة إسلامية عربية تدافع عن حق إيران. لكن هنالك ايضاً بعض المشاكل بين إيران وبعض دول الخليج. يفترض أن تأخذ إيران خطوة أكثر ايجابية باتجاه حل هذه المشاكل. الناحية الأخرى انه تحاول أمريكا وإسرائيل أن تبالغ في عملية الصراع الطائفي في العراق.
فؤاد الخرسا: انطلاقاً مما استنتجت، أولاً هذه الطمئنة التي يطل بها السيد خامنئي في كلامه، هل وحدها كافية حسب جوابك؟ كيف يمكن أن تبدد هذه الهواجس خصوصاً وان البعض يتحدث عن مفاعل بوشهر؟ مع أنهم يحكمون على الموضوع قبل تشغيل هذا المفاعل.
هل الأمريكيون يلعبون مثل هذا الدور لجعل الهواجس قائمة؟
محمد باقر شري: إنّ الولايات المتحدة تنسى بأن سيادة البلد ،يستطيع الإنسان أن ينشئ منشآت في أي مكان من هذا البلد، على حدود أي بلد آخر طالما أنّ نواياه هي سلمية وطالما أنّ الوكالة الدولية للطاقة لم تثبت أبداً بان إيران تتجه نحو السلاح النووي. إذاً، لماذا هذا الإصرار وإثارة هذه المخاوف؟ وبوشهر ليس جديداً.
فؤاد الخرسا: من الذي يدفع في هذا الاتجاه؟
محمد باقر شري: هناك أناس عندهم محركات ذاتية ودوافع خاصة من منطلق أنّهم يكرهون أن تكون إيران قوية. وهذا شيء مؤسف. نحن نرى أن إيران قامت بحملات كاسحة سلمية تجاه دول الخليج وبددت توتر علاقاتها مع دول الخليج بزيارات قامت بها منذ عهد رفسنجاني إلى خاتمي، ركزوا ووطدوا هذه العلاقات بشكل لا يبقى أي اثر للشك. وحتى أنّ المملكة العربية السعودية في وقت من الأوقات كانت تتحالف مع إيران. الآن الأمر يختلف عندما يصل الملك عبدالله إلى شرم الشيخ، أهم شيء كان عنده أن يساوى بين المساعي السلمية الإيرانية لامتلاك السلاح التكنولوجي وبين امتلاك إسرائيل للسلاح النووي. لأن تجريد الشرق الأوسط من الأسلحة النووية هو مطلب قديم وغير واقعي لأنه لا احد يرد عليه.
هل هناك ضغط أميركي جزئي على إسرائيل بقدر ما هي ضاغطة على إيران؟
فؤاد الخرسا: سيد الحسيني، أريد أن اطرح عليك ما له علاقة بدول مجلس التعاون. هل تعتقد أنّ دول مجلس التعاون يمكن أن تشكل هذا اللوبي الذي يستطيع أن يحد من تهديدات واشنطن لإيران ولدول المنطقة؟ هل سنصل إلى هذه النقطة أم انه من الصعب أن نجده أمامنا؟
موسى الحسيني: قلت انه من الطبيعي أن تقف دول مجلس التعاون الخليجي مع إيران. هنالك بعض الإشكالات قابلة للحل. لكن ليس جميع دول مجلس التعاون، هي دول مستقلة. هي دول صغيرة لا تملك القدرة للدفاع عن نفسها. ونحن عندما نقول دول صغيرة، نستطيع أن نربط بين أمن النظام وأمن الدولة وبالتالي هي تعتمد كلياً في بقاءها في أنظمة الحكم على حماية الأمم المتحدة. فهي بالتالي لا تستطيع أن تتخذ رأياً مستقلاً. بعكس السعودية، على سبيل المثال، الملك عبدالله صرّح، عندما تم الإعلان عن قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، قال إن امتلاك إيران للسلاح النووي لا يهددنا ولا يهدد المنطقة. هذا كلام واضح وصريح.و لكن بعض دول المنطقة تابعة كلياً لأميركا وبالتالي لا تمتلك القدرة على أن تتخذ الموقف الذي يتلائم مع مصالحها، لأن مصلحة الدولة كدولة هو شيء ومصلحة النظام شيء آخر. ومصالح الأنظمة في بعض الدول الخليجية الصغيرة مرتبط كلياً مع أميركا.
فؤاد الخرسا: سيد سعيد سلام عليكم. أولاً ما ورد على لسان السيد الخامنئي لجهة طمئنة جميع دول المنطقة ويقول لدينا علاقات جيدة. مثل هذا الكلام، هل يطمئن هذا الكلام دول مجلس التعاون ولماذا هي قلقلة خصوصاً عندما نصل إلى ما له علاقة بموضوع سلاح النفط إذا ما فرضت واشنطن الحرب على إيران وعلى دول المنطقة؟
سعيد السريحي: أنا لست مخولاً للدفاع عن دول الخليج. لكن اعتقد أنّ الحديث عن مصالح الأنظمة ومصالح الدول هو نوع المصادرة التي تحتاج منا إلى توقف غير قليل خاصة ً في ظل إدراكنا لحرية الدول في اتخاذ مواقفها المتعلقة بمصالح شعوبها أولاً وارتباط هذه المصالح بالأحوال السياسية والاقتصادية والثقافية دون أن يعني ذلك أن تفرض دولة ما من الدول صداقاتها وعدواتها على بقية شعوب المنطقة أو دول الخليج الأخرى. المملكة تدرك تماماً أن إيران دولة إسلامية صديقة وليست مصدر خوف. ولكن الخوف هو ليس من إيران، الخوف هو من امتلاك السلاح النووي. واعتقد أن المملكة وكثير من الدول ترفض مبدأ وجود مثل هذا السلاح لما فيه من خطر شامل وكبير على البشرية.
فؤاد الخرسا: من الذي يتحدث عن السلاح النووي؟ هل إيران تحدثت عن إمكان امتلاكها لسلاح نووي أم تحدثت عن طاقة نووية لاعتبارات سلمية؟
سعيد السريحي: إنّ الاستخدامات السلمية للطاقة النووية هو حق مشروع. ولكن كما لاحظت قبل قليل كان هناك حديث عن السلاح النووي. بمعنى، ما هي الضمانات للاستخدام السلمي للطاقة؟ كيف نستطيع أن نرفض عدم التحول من الاستخدام السلمي لها إلى الاستخدام العسكري؟ السياسة لا تعترف بالمعلن فحسب لكن تحتاج إلى قبول احتمالات التغيّر وأنا أتحدث هنا باعتباري احد مواطني هذه المنطقة.
فؤاد الخرسا: حتى اللحظة، ليس هناك من سلاح نووي وليس هناك أكثر من نوايا تحاول واشنطن أن تحكم عليها وتهدد إيران كل يوم بحرب وهجوم وغيرها. إذا ما ارتكبت واشنطن حماقة ضد إيران، فأن حركة الطاقة في المنطقة ستتعرض لخطر جاد. أولاً كيف تفهمون مثل هذا الكلام وكيف تتوقعون تعاطي دول مجلس التعاون مع هذا التهديد إذا ما وقع في هذه اللحظة؟
سعيد السريحي: أنا اعتقد أنّ إيران وأميركا هي أكثر ذكاءاً وحذراً ووعياً من أن توقع المنطقة بكارثة حرب جديدة. ولعله من باب التفاؤل الحسن أن ندرك أنّ ما يحدث هو محاولة لتحقيق شروط ومكاسب لكلا الطرفين. أمّا إنّ قامت الحرب، فهذه كارثة لن تكون على مستوى المنطقة فحسب وإنما هي كارثة عالمية تضاف إلى الكارثة التي يعاني منها العالم ايضاً في العراق وستكون الكارثة اشد لأنها تتعلق بمصالح العالم اجمع.
فؤاد الخرسا: أستاذ محمد، إذا ما شنت هذه الحرب، نحن نسمع التهديدات والكل يسمعها. إذا وقعت الحرب، ما هو موقف دول مجلس التعاون؟ ومن الذي يتحمل تبعات هذه الحرب؟
محمد باقر شري: كل أحداث الشرق الأوسط منذ إنشاء دولة إسرائيل والى اليوم، وموقف أميركا من كل ما يجري في المنطقة وسياساتها في المنطقة، لا يخضع للقوانين ولا لقضايا المنطق. ما هو المنطق الذي دفعهم للذهاب إلى العراق؟ ما يجري هو خدمة لإسرائيل فقط. أمريكا على يقين بأنه لا خطر حتى ولو امتلكت إيران السلاح النووي، فأنها لا تهدد. والوحيد الذي هدد العالم بالسلاح النووي هو الولايات المتحدة والتي استخدمت السلاح النووي ولم يستخدمها احد في العالم. وهي التي تقود المعركة لمنع دولة صغيرة من أن استخدام التكنولوجيا.
فؤاد الخرسا: الآن وقعت هذه الحرب دون أي مبرر فقط لأنها تريد أن تحكم على النوايا التي تحدث عنها الاستاذ سعيد. دول مجلس التعاون سيكونوا مع من؟
محمد باقر شري: الجواب البديهي، العلمي السريع والذي لا يحتاج إلى تفكير أبداً هو ما رأيناه عندما احتلت دولة عربية، لأنها وضعت كل قواعدها وإمكاناتها تحت تصرف أميركا عند احتلالها للعراق.
فؤاد الخرسا: يعني لن يتغير الموقف؟
محمد باقر شري: سيكون أسوء.
فؤاد الخرسا: حتى لو هددت كل المنطقة بالاشتعال؟
محمد باقر شري: لان دول الخليج سبق لها وان تعاونت مع صدام حسين ضد إيران وعملت ما لا يعمل من وضع كل قدرتها مع صدام. هي نفسها عندما أرادت أميركا أو مصالح إسرائيل الأمريكية أن تحتل العراق.....
فؤاد الخرسا: سيد موسى، الآن إذا ما وقعت هذه الحرب التي تهدد بها الولايات المتحدة، طبعاً السيد الخامنئي في كلامه كان واضحاً من أنّ حركة الطاقة في المنطقة ستتعرض لخطر جاد إذا ما ارتكبت واشنطن حماقة ضد إيران. كيف تتوقعون تعاطي دول مجلس التعاون في حال وقعت هذه الحرب مع إيران؟ من يتحمل مسؤولية هذه الحرب إذا ما وقعت وموضوع النفط إذا ما استخدم في هذه المعركة؟
موسى الحسيني: الأستاذ سعيد يقول بأن الحكومات لا تنظر إلى مصالحها الخاصة وإنما تنظر إلى مصالحها الوطنية وهذه مسئلة غير منطقية وغير حقيقية وغير واقعية نهائياً والتاريخ لا يثبت ذلك. ليس لدينا من حادثة واحدة تثبت أن هؤلاء الناس يأخذوا بنظر الاعتبار مصالحهم الوطنية. الحكام تابعين لأميركا وهم تحت حماية أمريكا. وبالتالي ستبقى الدول الخليجية مفتوحة للقوات الأمريكية لضرب العراق وإيران وسوريا وتضرب كل دول المنطقة من اجل أن يبقى الحاكم الفلاني والأمير الفلاني والسلطان الفلاني في مكانه. هؤلاء الناس لا يبالوا ولا يهتموا بدمار نصف العالم إذا بقوا هم في الحكم.
فؤاد الخرسا: أستاذ سعيد. هل يفهم من كلام السيد الخامنئي من أنّ تعرض إمدادات النفط للمخاطر مرتبط بالتصعيد الأميركي؟ هل مواجهة الخطر سيكون محصوراً بالجانب الإيراني؟
سعيد السريحي: أنا أريد أن أقول إذا كنا سنفكر بمنطق الستينات الذي اضر بالمصالح العربية والإسلامية، فأننا لن نصل إلى حل وسنصل إلى نوع من الصراع اللغوي الذي لا معنى له ولا منطق له. نحن نتحدث عن دول لها مصالحها ولها حقوق شعوبها ولها أمانتها التاريخية تجاه هذه الشعوب. ونحن نعرف أن الإنسان لا يطالب من صديقه أن يكون عدو عدوه وإنما يطالب عبده بذلك, يجب أن ندرك أنّ هذه الدول التي نتحدث عنها بهذه اللغة التي لا يليق بنا أن نقول ونحن نبحث عن وئام بين الدول العربية والإسلامية، أنّ هذه الدول استطاعت أن تحافظ على امن شعوبها وان تحافظ على تطوير شعوبها وان تجنب شعوبها ويلات وكوارث عانت منها دول أخرى وان نحترم إرادتها.
فؤاد الخرسا: نحن قلنا إذا طرحت أميركا مثل هذا التوجه، وصلت إلى موضوع الحرب على إيران. دول مجلس التعاون في هذه اللحظة أين تقف؟
سعيد السريحي: لن نقبل أن تداهم أميركا دولة ً في أقصى الأرض مخترقة ً بذلك حقوق الإنسان في كل مكان، فكيف بنا أمام شعب مسلم صديق وجار. هذه مسألة أخلاقية لا جدال حولها. غير أنّ السؤال الذي يطرح نفسه هو أنّ هذه الكارثة التي ستحدث، لو حدثت هذه الحرب التي لا أتوقع حدوثها، هذه الكارثة لن تكن تهديداً لسلاح النفط فحسب وإنما ستكون تهديد لكل الحياة في المنطقة. بذلك أريد أن أقول، إذا كان السيد الخامنئي يتحدث عن المخاطر التي ستتعرض لها المناطق النفطية في حالة وقوع الحرب، فهذه مسلّمة. منطقة الخليج هي شريان عالمي. والحرب ستؤثر عليها دون أدنى شك. أمّا إذا كان التلويح باستخدام النفط، فأنني اعتقد أنّ مصالح الشعوب المختلفة فوق سطح الأرض، لا تقبل الآن الامساس بالنفط باعتباره سلعة اقتصادية ينبغي علينا أن نحافظ على تجنيبها خلافات السياسة. لن يقبل العالم في أقصى الأرض الامساس بهذه السلعة.
فؤاد الخرسا: أستاذ محمد، إذا ارتكبت واشنطن حماقة ضد إيران، حركة الطاقة في المنطقة ستتعرض لخطر جاد. أولاً من الذي يهدد؟ من الذي يلوح بشن هذه الحرب؟ هل هي إيران، أم هل هي واشنطن؟ بموضوع سلاح النفط، من الذي يهدد بشن هذه الحرب ومن الذي سيلزم هذه المنطقة بموضوع سلاح النفط الذي سيهدد الجميع؟
محمد باقر شري: يجب أن اذكر بأنّ الحرب على العراق لم تكن بسبب أسلحة نووية، ولم تكن حتى بسبب أسلحة الدمار التقليدية بالمفهوم الموجود في العالم. إذاً، القصة لا تؤخذ هكذا، وبالمفهوم البراغماتي الغربي بأن هذا التلويح أو التلميح من جانب مرشد الثورة الإسلامية بالإضرار التي تقع. أنا اعتقد أنّ دول الخليج لو كانت واثقة تماماً بان إيران تهددها بالفعل لغيرت سياستها ايجابياً. لأن لدينا تجربة سابقة عندما كان الشاه شرطي الخليج وكان عصى فوق رأس كل دولة خليجية، كانوا يسجدون للشاه ويذهبون إلى طهران ويفعلون ما يريد الشاه. هناك نقطة يجب الاشارا إليها وهو انه ليس المطلوب تهديد إيران بسبب السلاح النووي. تهديدها أولاً لأستقلاليتها من جهة. وأيضاً أسلحتها التقليدية أصبحت قوة دفاعية قوية من دون أن تملك السلاح النووي.
فؤاد الخرسا: سيد حسيني، تصريحات كونداليزارايس، عندما تتحدث عن ضررها، تتحدث عن موضوع سلاح النفط إذا ما استخدم، وان ضرره سيكون على إيران أكثر. ما الذي تريد أن تقوله برأيك، إضافةً إلى مجموعة السيناريوهات المعدة لإمكان شن هجوم على إيران؟
موسى الحسيني: في البداية أحب أن أنبه، لماذا من حق الولايات المتحدة ومن حق أوروبا أن تستخدم أسلحتها الاقتصادية وسلاح المقاطعة وحتى السلع الغذائية والدواء كما حصل في العراق، وممنوع على الدول الشرق اوسطية والدول العربية والإسلامية أن تستخدم سلاح النفط؟ لماذا عندما نستخدم نحن سلاح النفط ستحدث مشكلة عالمية بينما إذا قطعوا هم الأرزاق عن الشعب، فهذه مشكلة أخلاقية وإنسانية كما حدث في العراق الذي مات فيه حوالي مليون طفل نتيجة للحصار؟ من ناحية أخرى، حاولت أوروبا والغرب الاستعماري منذ زمن أن يمنع الدول النفطية من أن تطور اقتصادياتها وان تعتمد اقتصاديات السلع المتعددة أو المتنوعة. فاعتمدت اغلب الدول العربية على اقتصاديات إنتاج السلعة الواحدة. وبالتالي هي لا تستطيع أن تستغني عن النفط حتى ليوم واحد. إضافة إلى أن الأموال التي تكسبها من النفط تبقى في البنوك الأمريكية والبنوك الأوروبية. الوضع بالنسبة لإيران قد يختلف كثيراً لأن هنالك شيء من التنوع.
فؤاد الخرسا: هل ما قصده السيد الخامنئي في كلامه، هو أنّ إيران ستستخدم هذا السلاح أم إنّ شن حرب على إيران يمكن أن يجعل النفط سلاح مطروح؟ يعني أنّ مصدر التهديد هو الذي سيفرض استخدام مثل هذا السلاح؟
موسى الحسيني: الذي فهمته من كلام السيد الخامنئي هو، انه في حالة استخدام، هناك حالتين: حالة، فرض حصار على إيران وآنذاك إيران ستستخدم إمكاناتها الاقتصادية لمواجهة هذا الحصار بمقاطعة وإيقاف إمدادات النفط. ثانياً، إيران تمتلك عامل استراتيجي آخر وهو إشرافها على مضيق هرمز. لو تصاعدت الخلافات إلى حد المعارك أو الهجوم العسكري على إيران بشكل أو بآخر، إيران تمتلك القدرة على أن تمنع إمدادات النفط، ليس فقط من إيران وإنما من جميع دول المنطقة. صحيح أنّ الغرب منذ عام 1957 ولحد الآن يفكر في بدائل. صحيح هناك مجموعة من الخطط الكثيرة التي يطرحها الغرب باتجاه تجاوز هكذا أزمات، لكن لا يمكن تجاوز هكذا أزمات إذا امتدت الحرب لفترة طويلة.
فؤاد الخرسا: أستاذ سعيد، حول هذا الكلام الخاص باستخدام سلاح النفط، هل فهمتم من موقف السيد الخامنئي إنّ إيران ستستخدم هذا السلاح إذا ما فرضت هذه الحرب، أم أنّ الحرب إذا ما فرضت وإذا نفذت واشنطن تهديداتها، هذا السلاح كغيره من الأسلحة يمكن أن يستخدم في وجه الولايات المتحدة؟ ما الذي فهمتم من هذا الكلام؟
سعيد السريحي: أنت تؤكد عن الاستخدام السلمي والأساتذة يتحدثون عن السلاح النووي. إذاً، نحن بحاجة إلى أن نتحفظ على المسافة بين مقاصدنا وحقيقة الأزمة. علينا أن نعقلن تفكيرنا قليلاً. أنا اقرأ خطاب السيد الخامنئي في ثلاث احتمالات. اولاً، إنّها تسليم بأنه إذا حدثت كارثة فسوف تضر بإمدادات النفط وذلك أمر مسلم به. فمنطقة الخليج منطقة شريان حيوي. وبالتأكيد لن يتوقف على إمدادات النفط، سوف يضر بالمنطقة وعلى مدى طويل. وهذا الضرر الذي تدركه إيران وتدركه أميركا وتدركه شعوب المنطقة هو الذي يجعلني أتعشم أن لا تقع مثل هذه الحرب. الأمر الآخر هو أنّ السيد الخامنئي يلوح بسلاح النفط عن طريق قطع الإمدادات. هنا أريد أن أقول أنّ المنطقة في حالة قطع الإمدادات ستتضرر هي. الحصار الاقتصادي على ليبيا والعراق لم يكن يضر الشعب الأميركي، لكن الإمدادات إذا قطعت فسوف تضر بالمنطقة نفسها، بشعوب المنطقة. دعني اطرح الاحتمال الثالث الذي لا أريد أن أفكر به رغم انه وارد. السيد الخامنئي يضيف لستم قادرين أبداً على توفير امن الطاقة في المنطقة. إذاً، هناك جهة غير قادرة على توفير امن الطاقة. أريد أن اسأل سؤالاً، هل هو تلويح إيران بضرب الطاقة في المنطقة؟ أنا لا أريد أن اطرح هذا الاحتمال رغم انه قد يرد.
فؤاد الخرسا: هل إيران هي التي تهدد بهذا السلاح، أم أن تهديدات واشنطن بالحرب ضد إيران هي التي ستجعل النفط سلاح يمكن استخدامه؟ من الذي يحرك من؟
سعيد السريحي: اعتقد انه إذا وقعت الحرب فبإمكان إيران أن تستخدم أي سلاح في معركتها وهذا حق إيراني مشروع دون أن يكون هذا الحق ملزماً لأي دولة أخرى. واعتقد أن الواقعية السياسية تفرض علينا أن نفكر مثل هذا التفكير.
فؤاد الخرسا: أستاذ محمد، إيران بهذه الحجة التي وصل إليها، انه من حقها أن تستخدم سلاح النقط إذا ما وقعت الحرب عليها. وبالتالي ألا تنطلق هي هنا من منطلق دفاعي؟ هل هي في حالة هجوم؟ من الذي يحاول أن يرتب سيناريو للهجوم؟ هل هي إيران أم واشنطن؟
محمد باقر شري: أريد أن أضيف شيئاً وهو أنّ المملكة العربية السعودية عندما قطعت النفط هزت أركان العالم بأسره وكان موقفاً خالداً ولم يكن موقفاً سلبياً ابداً، بدافع انه نحن ضد الحضارة العالمية، كنا ندافع عن أنفسنا. نريد أن نقطع هذا النفط حتى يعرفوا قيمة هذه النعمة التي يأخذونها من بلادنا. ولذلك كان جلالة الملك فيصل الشهيد ذهب ضحية لهذا الموقف العظيم وربما دفع ثمن ذلك وهذا سبب عقدة ً لدى الكثيرين من الناس. واذكر أنّ جريدة السفير كتبت عن لسان الملك فيصل قبل مقتله بثلاث أيام بعد أن خرج من لدن كيسنجر بعد حديث معه يطلب منه إعادة ضخ النفط قال الملك فيصل، كيسنجر هو ابن حرام.
فؤاد الخرسا: سيد موسى، السيد الخامنئي يقول لابد من إجماع دولي ضد إيران. الأوروبيون يقولون لنا ذلك، أليس هذا كشف لوقائع مغايرة لما تبثه بعض وسائل الإعلام الأمريكية؟
موسى الحسيني: لا شك انه هناك مصالح مشتركة على ضفتي الأطلسي ولا شك أنّ أميركا تقود التحالف الغربي بشكل أو بآخر، هذه مسألة لا تقبل الخطأ. هنالك فرق، أنّ الأوروبيون قد يكونوا أكثر استعداداً للتسوية السلمية، أكثر استعداداً للتفاوض في حين أنّ بوش يؤمن بيأجوج ومأجوج. بوش في الحرب العراقية – الإيرانية اتصل بشيراك. قال له شيراك، ليس هناك أسلحة نووية في العراق. فقال له بوش لكن هذه ارض يأجوج ومأجوج. فعندما يتصرف بوش بعقلية يأجوج ومأجوج تنتهي العقلانية الأوروبية أو الجهود الأوروبية من التسوية. وعندما تتخذ أمريكا الموقف، عندها سيكون الأوروبيون تبعاً لأمريكا كما رأينا ذلك في الهجوم على العراق. نحن لا نستطيع أن نقول إنّ الموقف الأوروبي يختلف كثيراً عن الموقف الأميركي.
فؤاد الخرسا: أستاذ سعيد، عندما يقول السيد الخامنئي من أنّ إيران لا تحتاج إلى قنبلة نووية واستخدام الأسلحة النووية يتنافى مع مبادئ الإسلام. هل برأيك يطمئن هذا الكلام العالم الغربي أم انه يبقى على موقفه حتى لو تحدث عن الإسلام وعلاقته بهذا السلاح.
سعيد السريحي: علينا أن ندرك بان الساسة يقولون شيئاً وأمور السياسة تجري على شيء آخر. هذا ليس تشكيكاً في السيد الخامنئي ولكنه هو ما جرت عليه السياسة الآن. نحن نتراوح ما بين الحديث عن الاستخدامات السلمية للطاقة والحديث عن السلاح النووي. أنا اعتقد إنّ السلاح النووي محرم دولياً ومحرم دينياً وموقف المملكة هو رفض هذا السلاح النووي أينما كان. ونرفض أيضاً امتلاك إيران له لأننا ندرك أنّها كدولة إسلامية تعرف أنّ استخدام هذا السلاح يتنافى مع الدين حتى لو استخدم ضد العدو. بإمكان أمريكا أن تستخدمه لأنها لا تؤمن بالقيم التي نؤمن بها ولا تدين بالدين الذي ندين به. لكن المسألة تحتاج إلى ما يمكن الدخول في النظام الدولي الذي يستطيع فيه العالم اجمع أن يطمئن إلى ارض الواقع.
فؤاد الخرسا: أستاذ محمد، يؤكد السيد الخامنئي على أنّ الهدف هو التنمية وليس الحرب. ألا يؤكد هذا الأمر على سلمية البرنامج النووي؟
محمد باقر شري: ليس سلمية فقط بل حضارية الثورة الإسلامية.
فؤاد الخرسا: أشكرك محمد باقر شري: الكاتب والمحلل السياسي. كما نشكر السيد موسى الحسيني من لندن والسيد سعيد السريحي نائب رئيس تحرير صحيفة عكاظ.
 

الدراسات السياسية  || المقالات السياسية || الكتب السياسية