مؤلفات العلوية الشهيدة آمنة الصدر

صراع من واقع الحياة

فكر في مهب الريح

 

ها أنا ذي أعود اليك يا مذاكراتي لأبثك ما أجد بعد أن لم أعد أقوى على الكتمان ... ان آنية الماء التي توضع على النار لا بد لها من تنفس وإلا لانفجرت تحت وطأة الغليان .. وهكذا هي آلامي يا وريقاتي ، فهي تكاد تنفجر في أعماقي كبركان من نار يحيل أعصابي الى هشيم .. ولكنك أنت الوحيدة التي اتمكن أن ابثها ما أجد لأخفف الضغط عن هذا الكيان الذي أخذ يتداعى تحت ضربات الأحداث .. صحيح انني لا استطيع ان أقول ولكني استطيع أن اكتب .. فقد يوجد ما يكتب ولا يقال ، وقد يوجد ما يقال ولا يكتب .. نعم أنا أريد أن احدثك عن ليلي وآلامه ونجومه التي تتضاحك عليّ لسهري ، وترنو إليّ بفضول لتتعرف على الشيء الذي باعد بين اجفاني ، وولد النفرة بين عيني والنوم وبين جسمي والفراش .. أنا أريد ان احدثك عن نور القمر الذي أضحى يعذبني باشراقته التي طالما تغنيت بها من قبل ، وطالما أشرقت لها جنبات روحي تتجاوب معها في حنان .. أريد أن أحدثك عن الأطياف التي تتراءى لي


( 59 )

وكأنها نذر الشقاء تتلاعب بأفكاري وعواطفي كما يتلاعب الذئب بفريسته وهو يحاول تمزيقها بأنيابه .. نعم يا وريقاتي ، أنها أطياف كانت تتراءى لي منذ زمان رفيقة بي تارة وعنيفة أخرى .. ولكنها منذ هذا الأمد الذي لا أقوى على تشخيصه لما يتلفعه من ضباب انها منذ هذا الأمد لم تعد تفارقني ولم تعد ترفق بي أبداً فهي عنيفة ومفرطة في العنف .. الشيء الذي جعلني أنقاد اليها ملقية سلاح المقاومة الذي طالما استنقذني منها فيما مضى .. فالى أين ستقودني هذه الأطياف يا ترى ؟ .. وهل هناك من يستنقذني منها أو يساعدني في التغلب عليها الحقيقة انني يائسة ، فالى أين سيقودني هذا اليأس ؟.. ليتني اجد من يقودني الى مطلع النور من جديد .. حتى هذه الكتب التي كانت سلاحي الذي أصد به هجمات الضباب فيما مضى لم تعد تؤدي مهمتها بالشكل المطلوب ولم تعد حروفها تعني عندي اكثر من خطوط سوداء قاتمة لقد حاولت بالأمس ان استعير بعض الكتب من المكتبة العامة ولكني عد فسلمتها بعد استلامها بثلاث ساعات لانني عجزت عن القراءة .. أنا التي طالما سحرتني الكتب بأفكارها .. فالى أين سوف ينتهي بي الحال ؟..

30 | 8 | 1970

التالي  || الفصول || السابق

السيرة الذاتية  || المؤلفات  || الصور  || ما كتب حولها