سياستنا تجاه المرجعية الدينية


إنَّ المرجعية الدينية تقف اليوم أمام عِدَّة خيارات للتعامل مع الأمة وأكثر تحديداً مع القيادات السياسية للأمة وهذه الخيارات هي :

6- الخيار الأول / أنَّ المرجعية الدينية لا تتدخل إطلاقاً في العمل السياسي وهذا مناقضٌ لمنهج وخط ولاية الفقيه بل إنه تفسيق عملي للنظام الإسلامي وإقرار بعدم قدرة الإسلام على قيادة الإنسانية وإفراغ الساحة السياسية للتيارات الملحدة وقوى الإستكبار و الإستبداد العالمي وهو تقاعس واضح وتخلٍّ صريح عن أداء التكليف الشرعي .
7- الخيار الثاني / أنَّ المرجعية الدينية تتدخل بين الحين والآخر حينما تطلب القيادات السياسية منها التدخل أو حينما ترى هي وجوب التدخل ، وهكذا تدخل يفقدها السيطرة على زمام الأمور ويجعل تدخلها فاقد الأثر والأهمية وهذا ما يلحق الضرر بسمعتها ومكانتها التأريخية مما يؤدي إلى إضمحلال أثرها في هذا المجال تدريجياً ومثال على ذلك أن المرجعية حينما حرَّمت قتل البعثيين من أزلام اللانظام المقبور إلا بمحاكم قانونية ولم تتدخل المرجعية في إنشاء تلك المحاكم فماذا كانت نتيجة هذا التدخل الجزئي والمنقوص غير إستفحال حزب البعث الكافر وأزلامه من جديد و إستمرارهم بجرائمهم ضد الإسلام والمسلمين من أبناء الشعب العراقي المظلوم ، وكانت تلك الفتوى هي السبب الرئيسي في كبح جماح الجماهير المظلومة والثائرة وبالتالي ضياع الفرصة التأريخية للقضاء على هؤلاء المرتزقة والعملاء فلقد كانت الأجواء النفسية والظروف الإقليمية والدولية كلها كانت تساعد على ذلك ،
ومن جهة أخرى فإن هذا التدخل الجزئيَ سيجعل السياسيين يستغلون المرجعية بين الحين والآخر لكي يتسلقون من خلالها إلى مشاعر الأمة ومن ثم إلى السلطة .
8- الخيار الثالث / أنَّ المرجعية الدينية تتبنى حزباً سياسياً واحداً وهذا ما يقلل من شأنها ومكانتها التأريخية ومقامها الكوني لأنها تمثل الإمامة القائدة للإنسانية بأجمعها .
9- الخيار الرابع / أنَّ المرجعية الدينية تتبنى كافة القيادات السياسية الإسلامية منها والعلمانية تحت عنوان الرعاية الأبوية للجميع وهذا النفاق بعينه بسبب الإختلاف الجذري في الآيديولوجيات و المتبنيات .
10- الخيار الخامس / أنَّ المرحعية الدينية تتبنى عِدَّ ة أحزاب وحركات ومنظمات إسلامية تضع لها مبادئاً معينة وأسساً عامة تسير على ضوئها تلك القوى السياسية الإسلامية بإجتهادات مختلفة وبصيغٍ متعددة ووسائل متنوعة تجعلها تتنافس فيما بينها لإستقطاب الجماهير والذي ينعكس بدوره بشكل إيجابي على مستوى إلتفاف الأمة حول المرجعية وهذا الخيار مثمرٌ جدا لأنه يوفر للمرجعية الدينية عِدَّة أذرع تستطيع من خلالها تفعيل أطروحاتها بصيغٍ قانونية ووسائل معاصرة تواكب تطور الحركة الإجتماعية وتوفر لها بذلك مساحات واسعة للتأثير على السياسات الداخلية ويجعلها قادرة على التعبير والتأثير في موازين القوى الخارجية والرأي العام العالمي ومن ثم تغيير المعادلات السياسية لصالح الإسلام والإنسانية والوطن ، فهذا الخيار يجعل هذه الأحزاب في حالة تنافس مستمر لإرضاء المرجعية الدينية والذي هو أحد مصاديق رضا الله ورسوله وأهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين وذلك بالدلالة الإلتزامية كما يعبرون في علم المنطق وبما يخدم المصالح العليا للإسلام والإنسانية والوطن وهذا ما نتبناه و ندعوا المرجعيات الدينية والأمة لتبنيه وتجسيده عملياً ،
وكذلك نرى وجوب المحافظة على إستقلالية الحوزات العلمية والمرجعيات الدينية ، بل وتكون الدولة كفيلة بتقديم الدعم الكامل لطلبة العلوم الدينية ويكون ذلك بتوفير المساكن المناسبة للطلبة والراتب المجزي الذي يكفل معيشة الطلبة وتوفير الأجواء الدراسية المناسبة والإهتمام بالجامعات والمدارس الدينية من دون التدخل في كيفية إدارتها بحيث يكون ذلك من صلاحيات المرجعية الدينية وكل ذلك يكون أقل الوفاء تجاه ما تعرضت له الحوزة العلمية والمراجع الكرام طيلة عقود من الزمن ، وكذلك نتبنى إلغاء ما كان يسمى بوزارة الأوقاف بحيث تكون كل طائفة هي المسئولة عن إدارة عتباتها المقدسة ، و كذلك نرى بأنه يجب أن تخضع قوانين الأحوال الشخصية وعقود الزواج والطلاق والمواريث للأحكام الشرعية وكلٌّ حسب دينه و مذهبه وطائفته .


 

              

 

الرئيسية