وجود العلماء بحد ذاته دعوة صامتة للإصلاح

إن وجود العلماء بين أوساط وشرائح المجتمع يؤثر بشكل كبير وإيجابي على المجتمع حتى لو لم يُعرَف عنهم نتاجات علمية ضخمة أو نشاطات اجتماعية وثقافية كبيرة فمجرد إعطاء دروسهم لطلبة العلم وإعداد قادة لقيادة المجتمع فيما بعد هو خطوة أساسية لبناء المجتمع تدريجياً بل أن مجرد عمل العالم بعلمه ولنفسهِ فقط هو مؤثر بشكل كبير لأنه سيحفز المجتمع سواء كانوا من طلبة العلم أو من عامة الناس في أن يسيروا على نهجهِ في الزهد والعلم والعبادة والعدالة وغيرها مما يتصف بها العالم العامل وسيشكل بذلك دعوة صامتة للإصلاح وهذا ما ورد عن أمير المؤمنين(ع) إذ يقول((مَنْ نَصَبَ نفسه للناس إماماً فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه،ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم))(شرح نهج البلاغة/ج18 ص328).
وذلك لأن الفروع تابعة للأصول فإذا كان الأصل معوجاً إستحال أن يكون الفرع مستقيماً كما قال صاحب المثل (وهل يستقيم الظل والعود أعوجُ) فمن نَصَبَ نفسه للناس إماماً ولم يكن قد عَلَّمَ نفسه ما انتصب ليعلمه الناس كان مثل مَنْ نصب نفسه ليُعلم الناس الصياغة والنجارة وهو لا يُحسِن أن يصوغ خاتماً ولا ينجر لوحاً وهذا نوعٌ من السفه بل هو السفه كله ثم قال ((عليه السلام)) وينبغي أن يكون تأديبه لهم بفعله وسيرته قبل تأديبه لهم بلسانهِ وذلك لأن الفعل أدل على حال الإنسان من القول،ثم قال (ع) ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم وهذا حقٌ لأن من علم نفسه محاسن الأخلاق أعظم قدراً ممن تعاطى تعليم الناس ذلك وهو غير عامل بشيء منه،فأما مَنْ علم نفسه وعلّم الناس فهو أفضل وأجلّ ممن أقتصر على تعليم نفسه فقط لا شبهة في ذلك.أما السيد روح الله الموسوي الخميني(قدس الله خَفِيُّه) فيعتبر أن العالم حتى لو لم يقم بأي عمل على المستوى الثقافي أو الاجتماعي أو غيره فهو مفيد بنفس وجوده بين الناس فوجوده بين الناس بحد ذاته موعظة تدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى فيقول في بعض كلماته سلام الله عليه((إذا وجِد عدّة معممين متدّينين جيدين في مجتمع ما أو مدينة ما وعندما يوجد عدّة معممين يهتمون بالدين وكانوا عقلاء وعاملين بعلمهم فلا داعي عندها للموعظة أساساً فوجودهم بذاتهِ يشكل موعظة،لقد رأينا أشخاصاً يترك وجودهم بذاتهِ أثراً في الإنسان ،كان في مدينة قم معممون يؤثرون بوجودهم وأساساً يكفي الإنسان موعظة أن ينظر إليهم ))(الكوثر ج1 ص203) .
 

              

 

الرئيسية