لقاء صحفي
مع الأستاذ أسعد تركي
الأمين العام لمؤسسة الصدرين للدراسات الإستراتيجية
أجراه المراسل الجزائري عبد الحق بو قلقول
طرح من خلاله عدة محاور متعلقة
بالشأن السياسي العراقي والعربي العالمي
وهي أسئلة لحساب موقع الإسلام اليوم
www.islamtoday.net
بتأريخ 22/12/ 2005م
(( الوضع في العراق هو رحيل التلميذ وقدوم المعلم
......))
أسعد تركي
1 – الأستاذ الفاضل أسعد تركي الأمين العام
لمؤسسة الصدرين للدراسات الإستراتيجية ، السلام عليكم ورحمة الله ،
هل لكم أن تضعونا سيدي بداية في الأجواء العراقية بعد هذه الموجة
الخطيرة من التصعيد الطائفي ؟
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على محمد وآله
الطيبين الطاهرين المعصومين وعلى أصحابه الأوفياء المخلصين ،
بسم الله الرحمن الرحيم (( كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفئها الله ))
بإستقراء خاطف لمجمل التأريخ السياسي نرى وبوضوح تام الأدوار
الرئيسية والبصمات الواضحة للطبقات السياسية ، الحاكمة منها
والمعارضة ، في كل الأزمات الطائفية والحروب الأهلية والتي تقف من
ورائها المخططات الإستراتيجية لقوى الإستكبار العالمي ، فالغالبية
العظمى من الفئات السياسية غالباً ما تتمترس وتتخندق وتتعسكر
بطائفة معينة لرفع أسهمها مستغلين مشاعر الجماهير من خلال
إنتمائاتها الطائفية والذي يعبر بدوره عن الخواء الفكري والإفلاس
الجماهيري لهذه الفئات السياسية ، وفي سيكولوجية الشعوب وعلم النفس
الإجتماعي غالباً ما تضطر الشعوب إذا لم تجد دولة تتمتع بمؤسسات
أمنية وطنية قادرة على حمايتها فإنها ستلجأ حين ذاك إلى طوائفها
وإذا لم تكن طوائفها قادرة على حمايتها ستلجأ بعد ذلك إلى قبائلها
وهكذا إلى أن تحمل سلاحها بيدها لتأمين حمايتها ولذلك فإننا نرى
وجوب الشروع وبجدية لبناء مؤسسات أمنية مهنية ووطنية قادرة على
توفير الأمن للجماهير لكي لا تلجأ بعد ذلك إلى العناوين
والإنتمائات الأخرى التي ذكرناها ، وهنالك عوامل مساعدة أخرى تلعب
دوراً أساسياً في تحديد مستوى حدة هذه التوترات الطائفية ومنها
مستوى الوعي الجماهيري وترابط النسيج الإجتماعي والعامل الإقتصادي
، وفي الوقت الذي أرى فيه وجوب المحافظة على هوية الإنتمائات
المذهبية و الإتجاهات الفكرية التي تتيح بدورها المساحات الشاسعة
من حرية الخيارات العقائدية للإنسانية فتوفر ثرائاً فكرياً وأفقاً
واسعاً لديناميكية العقل الإنساني ، فأنه لا بد من الإبتعاد كل
البعد عن التطرف العقائدي والتعنصر الطائفي الذي لطالما أذكت
غلوائه قوى الإستكبار العالمي من خلال أذنابها من السلطات السياسية
الحاكمة والمعارضة ، فالعنصرية والتعصب الطائفي هو أن ترى شرار
قومك خير وأفضل من خيار قوم آخرين ، أما ما يجري في عراقنا الحبيب
، عراق علي والحسين صلوات الله عليهما وعراق كل الأحرار والثائرين
من أبناء أمتنا العربية والإسلامية فهو عصيٌّ على مخططات الدوائر
الصهيونية وأحلامهم المريضة في إشعال وإذكاء الفتنة الطائفية بسبب
قوة الأواصر الإجتماعية وترابط النسيج الإجتماعي وبسبب ورع وكياسة
وعقلائية المرجعيات الدينية العراقية التي تتمتع بنظرة ثاقبة تجاه
ما يحاك ضد الأمة العربية والإسلامية من دسائس ومخططات ماكرة .
2 – ماذا يعني برأيكم إستمرار المواجهات
بينما وقفت المرجعيات الدينية كلها من قضية الهجوم على المساجد
السنية أو الشيعية ، موقفاً قاطعاً بتحريم ما جرى ، ألا يعني هذا
أن هناك يداً أجنبية تعمل على تأجيج لهيب هذه النار ؟
للإطلاع على صورة حقيقية وواضحة للمشهد السياسي العراقي لا بد من
تسليط الضوء من عدة زوايا ، فهنالك مخططات إستراتيجية تتبناها قوى
الإستكبار العالمي وهنالك تحركات تكتيكية تتغير تبعاً للظروف
والمستجدات على شرط أن تبقى تدور في فلك تلك المخططات ومصالح
القائمين عليها ، فهذه الدوائر الصهيونية تتبلور مخططاتها
الإستراتيجة على هيئة ثلاثة أنواع من الصراعات وهي كل من الصراع
الديني والصراع السياسي والصراع الإقتصادي مع وجود التلازم المنطقي
والتداخل الآيديولوجي لكل من هذه الصراعات الثلاث ، وما نحن بصدد
الإجابة عليه هو الصراع الديني الذي بدأ يطفو على الساحة السياسية
لهذه القوى وبتحرك عسكري عبر سيناريوهات محبوكة بعد أن طرح مفكروا
ومنظروا هذه القوى قبل عقد من الزمن هذه الأطروحات ولعل أوضح ما
طرح بهذا الصدد وبشكل جلي هو نظرية ( صدام الحضارات) لصاموئيل
هانتغتن ، وما التحركات والتوجهات الأخيرة التي أسائت لمقام العصمة
التكوينية والخاتمية التي تمثلّت بشخص النبي الأعظم محمد (صلوات
الله عليه وآله وسلم ) إلا حلقة من الحلقات المستمرة ضمن سلسلة
الحروب التي شنها أعداء السماء والإنسانية ضد الإسلام الكريم الذي
بدأ ينساب ويعانق الإنسانية ويرتقي بها في مجتمعات تلك القوى
الإستكبارية مما يتعارض مع مصالح تلك القوى القائمة على ظلم العباد
ونهب ثروات البلاد بل ومع أصل وجودها وبقائها ، و التفجيرات
الإجرامية التي طالت مرقدي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري
(صلوات الله عليهما ) هي محاولة للتخفيف من حدة الضغوط التي تعرضت
لها مصالح تلك القوى بسبب الوقفة الشجاعة للجماهير المسلمة التي
إنتفظت لعقيدتها دفاعاً عن دينها ونبيها الأعظم محمد (صلوات اله
عليه وآله وسلم ) ولنقل المعركة بين صفوف الأمة الإسلامية لإضعاف
شوكة المسلمين ولنقل صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين بنظر
المجتمعات الغربية لإبعادهم عن الإسلام الكريم وقيمه السمحاء
وتعاليمه المباركة .
3 – لكن هنالك من يسارع إلى إتهام النظام
الإيراني بالوقوف وراء هذا بالنظر إلى هذا الأخير مستفيد من هذا
التدهور الخطير في الوضع بمعنى أن الحالة تساهم في التخفيف من حدة
الضغوطات الدولية على ملف طهران النووي ، ما رأيكم في هذا التفسير
؟
مع أنني أعلم بأنه هنالك إتجاهين رئيسيين سياسيين وإجتماعيين في
توجهات قيادة وشعب الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، وهما كلاً من
الإتجاه الإسلامي والإتجاه القومي إلا أن الثورة الشعبية الإسلامية
المباركة التي قادها السيد روح الله الموسوي الخميني ( رضوان الله
تعالى عليه ) أوضحت وبشكل جلي مستوى الإنتماء العقائدي الكبير الذي
غطى على الشعور بالإنتماء القومي ، أما هذه الشبهة والتهمة التي قد
يتهم بها النظام الإسلامي في إيران فلا يمكن أن تصدر إلا عن جهات
تجهل العقائد الإسلامية ولا تعرف ماذا تعني المقدسات الإسلامية
للمسلمين ، أو تطلق هذه التهم عن عمد وقصد لأغراض سياسية معادية
للإسلام والأمة .
4 – صحيح أن المستفيد الأكبر من هذه الأحداث
الأليمة هو الإحتلال بالدرجة الأولى ، ولكن هل من قرائن تثبت صحة
هذا التفسير ؟
أصبح من البديهيات المطوية في علم الأدلة الجنائية للشروع في
الأبحاث الجنائية هو البدء بالسؤال عن المستفيد من وقوع هذه
الجرائم وبنظرة خاطفة لمجمل العملية السياسية في العراق نرى بأن
المستفيد الأكبر من إستمرار الإضطرابات الأمنية في العراق هو
الإحتلال الأميريكي وأذنابه من القوى السياسية والدينية المتطرفة
وبعض الحكومات الإقليمية ودول الجوار التي تلاقت مصالحها جميعاً في
نقل المعركة خارج حدودها لتأمين عروشها ولذلك فكل هؤلاء شركاء في
الجرائم التي يعاني منها الشعب العراقي المظلوم وهم شركاء في
المخاطر المحدقة بالأمة العربية والإسلامية ، فأما فيما يخص منفعة
قوى الإحتلال الأميريكي فهو لتوفير الذريعة اللازمة لبقاء قواتها
المحتلة في المنطقة بعد أن قرنوا بقاء قواتهم في العراق بمستوى
الإستقرار والإستتباب الأمني ولذلك فالوضع الأمني لن يستقر ولكنهم
في نفس الوقت يريدون ( لا إستقرار مسيطر عليه ) .
5 – هناك الطرف الصهيوني أيضاً، ما مدى صحة
الأخبار التي تتحدث عن وجود عشرات من ضباط الإستخبارات الصهيونية
في العراق حالياً؟
لا يخفى على كل مراقب سياسي بأن المواقف الأميريكية تمثل اليد
الضاربة والمدافعة عن كل المصالح الصهيونية وذلك بالدلالة
الإلتزامية كما يعبرون في علم المنطق بسبب سيطرة اللوبي الصهيوني
على مصادر القرار الرسمي في الولايات المتحدة الأميريكية ولذلك فلا
وجود لمائز حقيقي وفارق واقعي بين ال C.I.A وبين الموساد
الإسرائيلي .
6 – هل لنا أن نسمع منكم جواباً صريحاً على
تساؤل يراود كل المسلمين تقريباً ، ألم يكن العراق تحت حكم نظام
صدام أفضل بكثير من واقعه الحالي ؟
لعمري ما أصدق المتنبي حين قال :
لا تشكو للناس جرحاً أنت صاحبه – لا يؤلم الجرح إلا مَنْ به الألم
فلقد أصبح من الواضح جداً بأن الشعوب العربية الشقيقة لم تكن على
إطلاع واضح ودراية كافية حول ما كان يعاني منه الشعب العراقي
المظلوم من قتل وظلم وإضطهاد وإستعباد وإنتهاك للحرمات والمقدسات
فبقي الشعب العربي الشقيق ينظر إلى هذا الحاكم الطاغوتي اللعين
بعين واحدة ومن خلال ما يترشح من الإعلام التابع للطاغية المقبور
الذي ذبح عظماء الأمة العربية والإسلامية ورموز تألقها إرضاءً
لأسياده من قوى الإستكبار العالمي التي نصبته خصيصاً لإطفاء الصحوة
الإسلامية التي شهدتها الأمة ووقف هو حائلاً دون ذلك بعد أن إبتدأ
فترة حكمه البغيض بإعدام المفكر الإسلامي العملاق مؤسس النهضة
الإسلامية الشاملة ورائد حركة التغيير في العراق الحديث فيلسوف
القرن العشرين السيد الشهيد محمد باقر الصدر ( رضوان الله عليه )
صاحب كتاب (فلسفتنا) و ( إقتصادنا ) و ( الأسس المنطقية للإستقراء
) و مبتكر المذهب الذاتي في نظرية المعرفة ، ثم قتل كل الرموز
الإسلامية العراقية الأصيلة التي كانت لترتقي بالأمة العربية إلى
وضعها الطبيعي في مصاف الحضارات المتقدمة فأهلك الحرث وأمات النسل
ولم تسلم منه حتى الدول التي وقفت إلى جانبه في ظلم الشعب العراقي
وليت شعري فإن ذلك مصداق لقول أهل البيت ( صلوات الله عليم أجمعين
) ((مَنْ باع دينه لأجل رجل سلَّط الله عليه ذلك الرجل )) ، أما
اليوم فإننا حقيقة وإن كنا نتمتع بمساحة معينة من حرية الحركة
فإننا لا نرى فصلاً واقعياً بين حكم الطاغية المقبور وبين قوى
الإحتلال بل على العكس تماماً فإننا نصف عملية تبادل الأدوار بين
الطاغية المقبور وأسياده من قوى الإستكبار العالمي التي نصبته على
الشعب العراقي المظلوم قسراً بأنها مجرد ( رحيل التلميذ وقدوم
المعلم بنفسه) .
7 – بمناسبة الحديث عن صدام كيف تنظرون إلى
وقائع محاكمة هذا الأخير ، ألا تبدو القضية على أنها مسرحية أسيء
إخراجها ؟
قال تعالى (( َالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ
خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا
لَغَافِلُونَ))(يونس / 92)
إنَّ جبار السماوات والأرض كان قد حفظ بدن فرعون لترى الإنسانية
مصير المتجبرين والمستكبرين الذين نصَّبوا أنفسهم آلهة للناس
فإستعبدوا العباد وعاثوا في الأرض فسادا وليكون بذلك عبرةً لكل
مَنْ تسوّل له نفسه أن يسير في مسالك الظلم والعدوان ، وها هو
فرعون العصر الحديث الغادر الفاجر العميل لأسياده من قوى الإستكبار
العالمي صدام الكافر اللعين ، قد نجّاه الخبير الحكيم ليجعله يحيا
حياة الذل والخزي والعار قبل وروده على مصيره المحتوم في نار جهنم
و سائت مصيرا والحمد لله الحكيم العليم الذي أبقى على حياة هذا
الطاغية اللعين فلو كان قد قتل في المعركة لضلَّ الإعلام المأجور
الضال والمضلّل يصوره على أنه الرمز القومي والشهيد الخالد الذي
قتل أثناء دفاعه عن وطنه ، ولقد أثيرت بعض الشبهات العقائدية حول
أصول الدين وما يهمنا ذكره هنا هو إحدى الشبهات التي أثيرت حول عدل
الله تعالى ، ومضمون هذه الشبهة هو أن الإنسان العاصي قد يرتكب من
الذنوب طيلة حياته ولتكن ثمانين عاما كمعدل لعمر الإنسان ، فهل من
العدل بأن يكون مصيره في جهنم خالداً فيها ، أليس من العدل بأن
يعاقب ذلك الإنسان العاصي لنفس المدة التي عاش فيها في الحياة
الدنيا ، وجواب ذلك هو أن هذا الإنسان العاصي لو قدر الله وأمد في
عمره إلى ملايين السنين لبقي يرتكب نفس الذنوب والجرائم لملايين
السنين وهذه الإجابة تتجسد لنا ولكل متابعٍ لمحاكمة صدام الكافر
وأعوانه الذين نراهم مصرّين وغير نادمين على كل تلك الجرائم البشعة
التي إرتكبوها بحق الإسلام والإنسانية والوطن فإننا نرى وبوضوح تام
بأن هؤلاء المجرمين لو عادوا إلى سدّة الحكم لأستمروا إلى النهاية
بنفس الجرائم وبقناعة تامة ، وليكن واضحاً بأننا لا نسعى إلى إعدام
صدام الكافر مادياً بل نريد إعدامه معنوياً ليظهر على صورته
الواقعية البشعة فلا معنى لإعدامه مرة واحدة وهو ما مستطاع في هذه
الحياة الدنيا ولكن الإعدام في نهاية المطاف ولمرة واحدة هو إمتثال
لقوله تعالى (( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب )) لكي تحافظ
الشريعة الإسلامية المقدسة على المنظومة الإجتماعية ولتردع الطغاة
والمتجبرين ولتقر بذلك عيون أمهات الشهداء والمضطهدين و إلا فإن كل
قطرة دم سفكها هذا الطاغية اللعين من دماء العلماء الأعلام
والمراجع الكرام ومن الشهداء المؤمنين تقتضي إعدام الملايين من
أمثال هذا المجرم اللعين وأعوانه ولآلاف المرات ولكنه هوَّن علينا
أنه سينال جزائه العادل عند المنتقم الجبار وفي كتاب لا يضلُّ ربي
ولا ينسى فالله تعالى يقول (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ
بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ
جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ
الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً ))( النساء / 6
5) ويقول جلَّ وعلا (( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً
فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ
وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ))( النساء / 93
)ويقول عز وجل (( إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ
لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيى ))( طه / 74) ولذلك
فإننا نؤيد وندعم إستمرار المحاكمة العلنية بشرطي العدالة والحزم ،
كما لا ينبغي للمحكمة أن تعامله على ضوء القاعدة القانونية التي
تنص على أن المتهم بريئ حتى تثبت إدانته ، فجرائم صدام الطاغية
اللعين يشهد على إثباتها كل العراقيين الشرفاء وأدلتها دامغة وأوضح
من الشمس في رابعة النهار ، كما نرى وجوب تأخير إصدار وتنفيذ حكم
الإعدام بصدام اللعين حتى تنتهي جلسات كافة القضايا الموجَّهة ضده
والبالغ عددها إثنى عشر قضية نوعية ونحذّر من صدور وتنفيذ حكم
الإعدام بعد الإنتهاء من أول قضية مباشرة ، بل يجب الإستماع إليه
مباشرة في كافة القضايا ، فإننا نرى بأن المهم في محاكمة صدام
الكافر وحزبه العميل وأعوانهم هو أن تتعامل معهم المحكمة بالصورة
التي تجعل هؤلاء الطغاة يظهرون على حقيقتهم أمام الرأي العام
المحلي والإقليمي والعالمي ليسقط هذا الصنم الرمز بأعين الأمة التي
انخدعت به وسلّطت الأضواء عليه وأظهرته كفارس لها لأسباب سياسية
واقتصادية وطائفية ، والأسئلة التي توجه له يجب آن تكشف عن ثلاث
محاور في شخصيته الحقيقية وهي :
المحور الأول: عمالته للغرب والمستوى العميق في علاقته الباطنة مع
بريطانيا وأميركا وكيفية تجنيده في الستينات من القرن المنصرم في
مصر كما هو مذكور في مذكرات نجل الرئيس المصري الراحل خالد جمال
عبد الناصر وكما بثَّت ذلك التقارير السياسية للفضائيات العربية
والأجنبية من خلال لقائاتها المباشرة والمصورة مع مسئولي وكالة
المخابرات الأميركية ال C.I.A في تلك الفترة .
المحور الثاني : هو جبنه وخسته وانهزاميته وضعفه لكي تنهدم تلك
الصورة التي طبعها في عقول ومخيلة الملايين من الأمة العربية والتي
يظهر فيها كأنه فارس همام لا يخشى الأهوال وأهدر معظم أموال العراق
في سبيل ذلك فاشترى ذمم بعض الفضائيات العربية وبعض الإعلاميين
العرب الذين كانوا يمثلون أبواق الشياطين .
المحور الثالث: هو حقده على الإسلام ويركز في هذا المحور بسؤاله
تحديداً عن السيد الشهيد محمد باقر الصدر والشهيدة العلوية آمنة
حيدر الصدر والسيد الشهيد الصدر الثاني وما هي أسباب إعدامهم
والكيفية التي قتلهم بها ويكون التركيز أكثر على آمنة الصدر التي
قتلها بيده لعنة الله عليه .
المحور الرابع : هو فسقه وفجوره وفساده ولهوه وانغماسه في شهواته
وملذاته وهو الذي كان يدعي بأنه صاحب الحملة الإيمانية والإسلام
منه براء ،
وكذلك نرى بأن محاكمة وإعدام صدام يجب أن تكون علنية واكرر و أؤكد
بأن الإعدام يجب أن يكون علني وعلى شاشات التلفاز وبحضور جمهور
غفير لكي لا نعطي أية فرصة للتشكيك في هذا الأمر فقد يشاع بان
أميركا قد دبرت أمر تهريبه والى غير ذلك هذا من جهة ومن جهة أخرى
لكي يتحطم الصنم الذي كان يعبده هؤلاء المرتزقة الذين يعبثون في
العراق ويحاولون تدميره على أمل أن يعود إليهم صنمهم من جديد وبذلك
ستنكسر شوكة هؤلاء المجرمين وتقرُّ بذلك عيون أمهات الشهداء
المؤمنين وليكون ذلك عبرة لكل متجبر ومستكبر، وإلى المغرر بهم من
أبناء أمتنا العربية الكريمة أعاتبهم شعراً :
أُمَّتي كَـم صَنَم مجَّدتِه لم يكن يَحمل
طُهْر الصَنم
لا يُلام الذئب في عدوانه إنْ يكُ الراعي عدوَّ الغنم
8 – طيب وكيف تفسرون لنا إستقالة القاضي
السابق للمحكمة رزكار أمين ، ألا يعني موقف هذا الشخص أن المحاكمة
ليست نزيهة بالضرورة ؟
إن العراقيين العظماء الذين علموا الناس الكتابة وأصحاب أقدم
الحضارات الإنسانية لطالما كان قدرهم أن يكونوا رواداً في كل ما
يترك بصمات واضحة في مسيرة الإنسانية ، وها هم مؤخراً يشكلون
المحكمة الأولى في تأريخ الأمة العربية التي تحاكم حاكم ظالم حكمهم
طيلة أربعة عقود من الزمن ، ونحن وما لنا من مؤاخذات على المحكمة
برمتها بسبب التدخلات الأميريكية التي تتدخل حتى بأسبقية القضايا ،
إلا أن القاضي السابق قد حاول أن يكون ملكياً أكثر من الملك بحيث
كان يتعامل مع هؤلاء المجرمين بالشكل الذي يستخف بمشاعر أمهات
الشهداء والمؤمنين الذين عانوا الأمرّين من حكم هذا الطاغية اللعين
فكان لا بد من تغييره ، مع ما لنا من مؤاخذات حتى على مجلس القضاء
الأعلى وكيفية تعيينه وتغييره .
9 – لقد كان نواب التيار الصدري هم من لعبوا
في الواقع دور المُرَجِّح في إختيار الجعفري لمنصب رئاسة الوزراء ،
كيف سيكون موقفهم الآن بعد أن تقاربت الرؤى بين العرب السنة
والأكراد على ضرورة عزل هذا الأخير ؟
إن المعيار الأوحد الذي يتبناه الخط الصدري المجاهد وأبنائه
الغيارى في قرب ودعم وتسديد هذا الطرف أو ذاك هو مقدار ما تقدمه
هذه الأطراف من خدمات وتضحيات تجاه المصالح العليا للإسلام والأمة
العربية والوطن ، وفي هذا المنعطف التأريخي الخطير يجب إنقاذ الأمة
و الخروج بها بأقل الخسائر والتضحيات على ضوء المعطيات السياسية
الحالية أما فيما يخص الدكتور إبراهيم الجعفري ودعمه من قبل أبناء
الخط الصدري المجاهد فلأنه الأقرب من بين المطروحين على الساحة
والمرشحين لهذا المنصب ولكنني حقيقة أستغرب من موقف الأخوة
القوميين العرب الذين وقفوا بجانب التحالف الكردستاني ضد ترشيح
الدكتور الجعفري وهم يعلمون بأن سبب الخلاف هو قضية كركوك التي
يريد التحالف الكردستاني ضمها إلى إقليم كردستان ، فذلك تناقض واضح
وصريح في الموقف والإتجاه الذي يتبنونه الأخوة القوميون العرب
والذي يصرحون به عبر الإعلام مدّعين بأنهم المدافع الوحيد والحقيقي
عن عروبة العراق فماذا عدا مما بدى ، أم إن ذلك ليس حباً بمعاوية
وإنما بغضاً بعلي .
10 – كيف تنظرون إلى مستقبل المنطقة والعراق
بشكل خاص ، أستاذنا الكريم هل العراق مقبل فعلاً على حرب طائفية ،
بما أن جهات عديدة سوف تستفيد من وقوع مثل هذا الأمر ؟
مهما بلغت قوى الإستكبار والطغيان من دهاء وعتوّ وإستكبار
فلن تجد لها موطئاً في بلاد الأنبياء والأوصياء والثائرين بلاد علي
والحسين صلوات الله عليهم أجمعين ، ومع ذلك فعلى النخب من القيادات
الإسلامية المخلصة إحتضان الأمة والإرتقاء بها إلى مستوى خطورة
المرحلة فبعد إستقطاب الجماهير وإلتفافها حول الأطروحة الإسلامية
وقياداتها المخلصة لن تضيرها كل المخططات الماكرة والدسائس التي
تحاك ضدها لأنه وكما ورد في الحكمة وعلم المنطق بأن العلة الفاعلية
على الشيء لا تتم إلا بعد أن تتم العلة القابلية على ذلك الشيء
وتذكروا ما قاله محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه (( إن
الجماهير أقوى من الطغاة مهما تفرعن الطغاة )) بسم الله الرحمن
الرحيم (( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين))(الأنفال / 30 )
.
11 – نشكر لكم سيدي تعاونكم وتجاوبكم معنا ،
هل من كلمة أ خيرة ترغبون بتوجيهها لقراء الموقع ؟
إنني أحذّر الإنسانية على مختلف إتجاهاتها وإنتمائاتها الفكرية
والعقائدية ومختلف مكوناتها الإجتماعية بأن قوى الإستعباد
والإستكبار والإستهتار العالمي التي كانت في الأمس القريب تنتقد
وتتصدى لتصدير الثورة الفكرية الإسلامية التي نادى بها ودعا إليها
السيد روح الله الموسوي الخميني ( رضوان الله تعالى عليه) ، تجيز
لنفسها اليوم تصدير بل و قيادة ما يسمى ب(الثورة الديمقراطية)
قيادة ميدانية مباشرة وفرضها بالقوة ، بعد أن تخلَّت عن
إستراتيجيتها السابقة المتمثلة بتنصيب الدكتاتوريات على الشعوب
قسراً وقهراً من خلال عملائها وأذنابها ، وإنها اليوم تتبنى نظرية
( الفوضى المنتظمة ) أو بتعبير آخر اللا إستقرار المسيطر عليه ،
لأن الإستقرار السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي التام للأمم
والبلدان يزيل الذرائع ويرفع الحجج التي تتذرع وتتحجج بها هذه
القوى للتدخل في شؤون ومصائر ومقدرات وثروات تلك الأمم والشعوب ،
وفي ذات الوقت تمنع من حدوث الفوضى الكاملة وتعمل بكل قواها لتحول
دون حدوث لا إستقرار غير مسيطر عليه لكي لا يعصف بمخططاتها أو ينتج
عن ذلك بروز قيادات شعبية ورموز وطنية تقود ذلك الشعب وتلك الأمة
لقيادة ثورة شعبية عارمة تغرّد خارج موازين قوى الإستكبار العالمي
وغير خاضعة لموازين المعادلات السياسية الدولية وبالتالي تفقد تلك
القوى إمتيازاتها ومصالحها السياسية و الإقتصادية والدينية
الإستراتيجية ، ولأن الفوضى المنتظمة واللا إستقرار المسيطر عليه
يجعل كلا قطبي المعادلة السياسية في كل البلدان وأعني بهما قطب
النظام وقطب المعارضة يدوران في فلك تلك القوى وبحالة إحتياج دائم
لغطائها الدولي ودعمها اللوجستي وذلك مصداق لقوله تعالى : (( إنَّ
فرعون علا في الأرض وَجَعَل أهلها شِيَعَا ))(القصص/4). والحمد لله
رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على محمد وآله الطيبين
الطاهرين المعصومين وعلى أصحابه الأوفياء المخلصين والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته .
![](http://webstats.web.rcn.net/cgi-bin/Count.cgi?df=10000000+39)