نحو دراسات مستقبلية إسلامية
 بحث في علوم المستقبل
الحلقة الخامسة


كتابات - زهير الأسدي * العقيدة سلاح استراتيجي مضمون إن من يطالع الأبحاث الأمريكية في مجال الاستراتيجيات- حيث الفردية وحب الذات من السمات المميزة للمجتمع الأمريكي- يجد أن العقيدة من أهم واكبر نقاط الضعف التي يعانون منها ويفردون لها فصولاً في بيانها وسبيل سد ثغراتها الكبيرة, وكثيراً ما يعلنون بكل صراحة ووضوح أنهم ومن خلال الاستعداد القديم لمواجه الحرب المحتملة مع العدو الشيوعي ومنظومة الصواريخ الدفاعية والأسلحة النووية, لا يخشون التهديدات العسكرية من أي بلد في العالم ومهما كانت قدراته الهجومية, بل اشد ما يخشوه هو العمليات الاستشهادية التي غالبا ما ينفذها المسلمون, إن لم تؤثر عليهم مباشرة فهي تطال عملاءهم ومنفذي مشاريعهم الخبيثة وتفشلها فتذهب جهودهم هباء منثورا, ولشدة خوفهم من هذا السلاح الذي لم يجدوا له ما يردعه ولن يجدوا, تبنوا عقيدة الحرب الأستباقية والذهاب للعدو في عقر داره , لتكون العلميات القتالية هناك وبعيدة أن دارهم, وهم يعتقدون انه مهما كانت خسائرهم في الجنود و المعدات والأموال كبيرة فإنها بنظرهم اقل من انتظار عدو شبحي لا يعلمون من أين يـأتيهم وقد يعيد ويكرر عليهم احدث 11 ايلول وبحجم أكبر وتأثير اشد , وقد خصصوا ميزانيات ضخمة للغاية من اجل هذا الحل – الخطأ-الذي يرونه مناسباً لردع السلاح الكبير الذي يهدد أمنهم القومي .  وحينما وجدوا أنفسهم أمام تهديدين وهما السلاح النووي الأكيد لكوريا الشمالية , والعلميات الاستشهادية التي من المحتمل أن تنبع من أفغانستان أو العراق , تركوا تهديداً نوويا أكيدا لأمنهم القومي , وذهبوا لمحاربة أفغانستان المتواضعة في إمكانياتها المادية ولكنها أرضا خصباً لا خطر سلاح يهددهم وهو العلميات الاستشهادية - أو الانتحارية – على زعم الطرفين. فقد جاءت إحداث 11ايلول ( سبتمبر) وجعلتهم أمام الأمر الواقع لتكشف نقاط ضعفهم الكبيرة إذ لم تسعفهم كل الترسانة العسكرية والاستعدادات والخطط والبرامج الدفاعية التي خصصوها للدفاع عن أمنهم القومي, فحينما فشلت إستراتيجية الدفاع وثبت ذلك في الواقع الملموس , تبنوا إستراتيجية الهجوم ونفذوه إلى الآن في العراق وأفغانستان , وهناك دول مثل إيران وسوريا في القائمة الأمريكية , ولم نسمع شيئاً في الأفق عن كوريا الشمالية , مما يعني أن العمليات الاستشهادية أهم واخطر سلاح يهدد أمريكا ويجعلها تبلغ اجلها الذي اجلها لها رب العالمين . واقع مستقبلي إسلامي مؤكد إن من يطلّع على حكمة الله وأهدافه ( الإستراتيجية ) التي يريد تحقيها في النشأة – من خلال القرآن الكريم والأحاديث الشريفة- ويعتقد بحتمية ظهور المهدي عليه السلام وانتصار الحق على الباطل وبسط العدالة الشاملة على الأرض , يجد أن ما قامت به أمريكا من تبديل في إستراتيجيتها إنما انتحاراً وليس حلاً لمشكلتها مع العقيدة , وتلك مقدمة ضرورية لنهايتها , إذ إن من يعاني ضعفاً ونقصا في شيء لا يملكه, يجب عليه أن يأخذه من مصادره لا أن يحاربه ويحاول القضاء عليه, فكان عليهم أن يؤمنوا بالعقيدة التي يرون فيها سلاحاً عظيما يهددهم كي يمتلكوه لا أن يحاربوا عقيدة وعد الله أن تظهر في الأرض ولو كره المشركون.  حيث ان الله – وهو أكبر قوة فاعلة في الكون – قد أعلن عن أهدافه التي يريد تحقيقها في الأرض بكل صراحة ووضح , قال : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة33) (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) (55النور) (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (53فصلت)  إن هذه الآيات- وغيرها كثير- تشير إلى أن الله سوف يظهر الإسلام على الدين كله - سواء كان سماويا أو أرضياً- ووعد أن يستخلف المؤمنين المسلمين في الأرض ويبدل سوء حالهم إلى أحسن حال , وهذه أهداف إستراتيجية كبرى قد قرر الله تحقيقها في الأرض حتف انف المشركين , ولما كان وعد الله حق , والله لا يخلف الميعاد , فإن تحقيق تلك الأهداف الإسلامية الكبرى من المحتوم وهي بلا شك محطة مستقبلية مشرقة وأكيدة للمسلمين , يجب عليهم الالتفات إليها وتثبيتها من ضمن أهدافهم و برامجهم المستقبلية لتكون توجهاتهم في مسار الزمان منسجمة ومتطابقة مع إرادة الله الفاعلة والمؤثرة نحو تحقيق ذلك الهدف العظيم المحتوم تحقيقه .  وكما هو معلوم إن تبني أهدافاً معلوم تحقيقها في الأرض يعتبر من أكبر عوامل النجاح على مستوى التخطيط والتنفيذ , وعن هذه الأهداف وتحقيقها المحتوم أقول : إنها تصورات ( سيناريوهات ) جاهزة محتوم تحقيها وقد تبنت إرادة الله الفاعلة تنفيذها في الأرض, وليست مجرد احتمالات مستقبلية غير مؤكدة كما في الدراسات المستقبلية العلمانية البعيدة عن السماء ,وها هنا فارق جوهري كبير بين الدراسات المستقبلية الإسلامية المبتنية على اسسس علمية سماوية أنزلها الحق تعالى مجده , وهو العلم المطلق , وبين الدراسات الأرضية البعيدة عن السماء التي هي مجرد احتمالات مبتنية على تصورات بشر بعيدون عن الحق ( جل شأنه) . التصورات " السيناريوهات" الإسلامية نماذج من تصورات "سيناريوهات" مستقبلية من القرآن لما كان الله بكل شيء عليم , وكان القرآن الكريم (..تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ )(النحل89) فإنه بكل تأكيد يتضمن جميع العلوم دونما استثناء بما فيها علوم المستقبل , وفي مجال التصورات و "السيناريوهات" نجد الكثير منها التي تصف لنا أحداث المستقبل وتساهم في تحقيق وعد الله في الارض, منها تحرير القدس الشريف الذي يعني بالضرورة تحرير العراق, فمن الأحداث المستقبلية المهمة التي فيها بشرى كبرى للمسلمين هي تحرير القدس الشريف من أيدي الصهاينة الغاصبين, وهذا الحدث من القدر المحتوم الذي صرح به القرآن الكريم في الآيات التي نذكرها هنا مع الشرح لتكون من ضمن التصورات " السيناريوهات" الإسلامية في الدراسات المستقبلية التي ينبغي أن يتبناها المسلمون للتخطيط المستقبلي : بسم الله الرحمن الرحيم (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً (3) وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً (8))( الإسراء)
بيان السورة المباركة تفتتح الحديث بالإشارة إلى الرابطة المقدسة ما بين المسجد الحرام ( الكعبة المشرفة) والمسجد الأقصى ( القدس الشريف) الذي بارك الله حوله وكلاهما راسخان في عقائد المسلمين , ثم تستعرض أحداث الماضي والمستقبل المتعلقة بهذه الرموز الشريفة المقدسة , وما يهمنا في هذا البحث هو ان الآيات المباركة تتضمن أهم أحداث المستقبل و هي – كما سيأتي بيانها- تحرير المسجد الأقصى من احتلال الصهاينة الغاصبون, والقضاء على إفسادهم في الأرض إلى الأبد, وهذا من ضمن ظهور الإسلام على الدين كله ولو كره المشركون, وليس ذلك ببعيد .
قبل أن نتناول الآيات بالبحث والتحليل نشير إلى أمر نرى أنه في غاية الأهمية وهو: إن الخطاب القرآني لا يتوجه إلى جهة واحدة ونسق متصل في تعاقب الآيات , بل يخاطب أكثر من جهة وتوجه إليها بالخطاب في كل إشارة تعنيها أو تمت إليها بصلة , وكثيراً ما ينتقل الخطاب من هذه الجهة إلى تلك ليخاطبها هي دون غيرها ثم ينتقل إلى جهة أخرى ليخاطبها ثم يعود ليوجه الكلام إلى الجهة الأولى وهكذا تجد الخطاب في آية واحدة يتوجه إلى أكثر من جهة ,ثم يعود ليربط المغزى بأصل الحديث الذي ابتدأ به الخطاب , وكأنه يدور دورة تامة كاملة تشمل جميع الأطراف المعنية بالحديث , ذلك من خلال الجمل الاعتراضية التي توضح المبهم وتجيب على الكثير من التساؤلات التي قد تطرأ على ذهن المستمع .
نبدأ الآن من قوله تعالى:
(وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً)
القضاء فصل الأمر – الحكم- قولاً وفعلاً , وقد يعني الوحي نحو قوله: ( وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) ويعني أيضاً الأخبار الجازمة المفصول بأمرها ( المحتومة ) نحو قوله (وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ) (الحجر66)
إسرائيل من أسماء النبي يعقوب عليه السلام , وقد يظن البعض أن (بَنِي إسْرائِيلَ) هم أبناء يعقوب عليه السلام دون غيرهم من اليهود , وهذا الظن غير صحيح , بل هم كل اليهود, لأن الكتاب الذي آتاه الله موسى هدى لبني إسرائيل ليس لأبناء يعقوب فحسب , بل لكل اليهود الذين يتبعون الأنبياء من ذرية يعقوب مثل يوسف وموسى وهارون و الأنبياء من بعدهم عليهم وعلى نبينا الصلاة و السلام, ولما كان ليس هناك كتاباً خاصاً بأبناء يعقوب , وكتاب آخر لليهود عامة من غير أبناءه , بل هو كتاب واحد للجميع سماهم بني إسرائيل , فإن جميع اليهود هم بني إسرائيل , أي أمة يعقوب .
والقرآن الكريم يشير إلى أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأسلوب آخر مقارب نحو قوله :(النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ) لما كانت أزواج النبي أمهات المؤمنين فإن النبي أبوهم بالضرورة , وفي هذه الحال يقال للمؤمنين بني محمد أي قوم محمد صلى الله عليه وآله وسلم , وكلنا نعلم أن العرب لديهم انتساب عشائري يرجع إلى رجل معين تسمى العشيرة باسمه مثل بني هاشم , بني العباس , بني أمية( ...) , ونحو ذلك , وهذه النزعة التعصبية يرفضها الإسلام , و يدعوا إلى الوحدة على أساس الانتماء إلى الإسلام وإلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , فالمسلون هم أمة محمد ( محمديون ) و المسيحيون أمة المسيح عيسى بن مريم عليه السلام الذي لم يتزوج ولم ينجب , والإسرائيليون هم أمة اليهود الذين يتصل أنبياءهم بيعقوب عليه السلام .
الكتاب المشار إليه في قوله (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ ) هو كتاب موسى عليه السلام المشار إليه في الآية الثانية من سورة الإسراء التي نحن بصددها : (وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً(2)) وينبغي الإشارة هنا إلى الفرق بين التوراة وكتاب موسى ع, أما كتاب موسى فهو الألواح التي دون فيها موسى ع وحي الله, و أما التوراة فهي مجموع التعاليم الدينية التي أنزلت على أنبياء بني إسرائيل .
( لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً)
الإفساد انحراف عن تعاليم الله والفطرة السلمية ينجم عنه في العادة إبادة وتخريب ظاهر لخلق الله نحو قوله : (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ)(البقرة205) والعلو الكبير لمَرَّتَيْنِ المعطوف على الإفساد في الآية يشير إلى حجم إفسادهم في الأرض , فالعلو علو إفساد كما هو بيّن يؤيده قوله : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ … إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ ) ( القصص4)
(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً (5))
إذا ظرف زمان نحو قوله: ( إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا)(الزلزلة1) أي حينما تزلزل الأرض زلزالها, وعد وموعد معناهما واحد, أُولاهُمَا الإفسادة الكبيرة الأولى, البعث استنهاض بعزيمة وإرادة وهو عادة ما يكون حركة من بعد سكون مادي أو معنوي نحو قوله: ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ)(الجمعة2) حركة من بعد سكون معنوي خال من رسالة، قوله: (ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (البقرة 56) حركة من بعد سكون مادي وهو الموت, (عِبَاداً لَنَا) عباد وعبيد كلمتان مترادفتان ، وهما صيغة الجمع لكلمة ( عبد ) المقابلة لكلمة حر , والمعنى يشمل جميع الناس مؤمنين وكفار على السواء ,بدليل قوله الذي يشير إلى الكفار, (لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً)(النساء118) وقوله الذي يشير إلى المؤمنين (إِلاّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (الحجر40) ,(وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)(النمل 19) (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) وصف لهؤلاء العباد , البأس هو القوة والبطش في الحروب ، والشديد جاء زيادة في المبالغة .
(فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً (5))
الجوس مصدر جاس جوسا ، له معان عدة منها السحق والمشي جيئة وذهاباً وطلب الشيء باستقصاء , وكل موضع خالطته ووطئته ، فقد جسته, يقال رجل جوّاس إذا كان يجوس (يدوس) كل شيء بقدميه أي يسحقه, والمعنى المستحصل, فطافوا خلال الديار سحقاً واستقصاء من يظفروا به لقتله ( تقول بعض الروايات: أنه سوف يأتي زمان ينطق فيه الحجر ويقول يا عبد الله يا مسلم خلفي يهودي فاقتله , وهي بلا شك إشارة رمزية إلى تقصي المسلمين لليهود الغاصبين للقضاء على فسادهم في الأرض السليبة ).
قوله : (وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً ) يشير بوضوح إلى أن ظرف تلك الواقعة قد تحقق قبل زمن الرسالة, أي أن العلو الكبير لإفسادة اليهود الأولى وعقوبتهم بالبأس الشديد بأيدي عباد الله قد حدثت قبل نزول القرآن الكريم ,وكانت وعداً مفعولا لقضاء الله الذي سجله في كتاب موسى عليه السلام.
و نلفت الانتباه إلى أن الفعل المنسوب إلى الله في (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ) يشير بوضوح إلى أن ذلك الحدث -وكل حدث في النشأة- ليس مصادفة بل تحقيق لإرادة الله النافذة في الكون يظهر من خلال مخلوقاته, وقد نسب العباد إلى نفسه (عِبَاداً لَنَا) ووصفهم بـ (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) كما وصف نفسه سبحانه: (وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً)(النساء84) مما يعني إنه قد اختار هؤلاء العباد أصحاب البطش والقوة الشديدة من دون سائر الناس لينفذ ببني إسرائيل العقوبة التي يستحقونها ويوقع فيهم أشد العذاب ليحقق عده الذي قضاه في كتاب موسى (عليه السلام), وكان وعداً مفعولا من قبل نزول تلك الآيات على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
(ثمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً(6) )
الخطاب هنا إلى بني إسرائيل , ثمَّ للعطف ، وتفيد التراخي في الزمن ، وصدر الآية يشبه قوله ( ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ )(التين5) أي رددنا ( أرجعنا) الإنسان في أسفل المراتب الوجودية من بعدما خلقناه في أحسن تقويم واستثناء المؤمنين في قوله ( إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)(التين6) يوضح لنا إن الذي يكون في أسفل سافلين هو الكافر، وكلنا نعلم إن ذلك لا يكون إلا في يوم القيامة ( في المستقبل) , ونلفت الانتباه إلى أنه قد جعل (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ) بالماضي ، موضع ( ثم نردّه ) في المستقبل , وهكذا جعل (ثمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) في الماضي موضع (ثم نرد لكم الكرة عليهم) في المستقبل أي من بعد نزول القرآن , وسيظهر خلال بحث قادم يستعرض واقع اليهود اليوم إن رد الكرة وإفسادة اليهود الثانية في الأرض هي الوقائع التي نشهدها من بعد إقامة دولتهم في أرض فلسطين المغتصبة, بل احتلال العراق هذه الأيام يدخل ضمن مصداق الآيات الشريفة , حيث كان من تحريض اليهود الذين تخبرهم توراتهم أن نهاية دولتهم الظالمة ستكون على أيدي العراقيين , والنص التوراتي هو : من أرض واحدة تخرج الأثنتان , ولما خرجت الأولى من ارض بابل العراقية, فإن الثانية ستكون بالتأكيد من ارض العراق أيضا, و احتلال العراق هذه الايام هو مصداق لقوله الموجهة لليهود ((ثمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) أي على العراقيين (اولي البأس الشديد) الذين دخلوا المسجد أول مرة وقضوا على مملكتهم الظالمة وقتئذ .
(وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) الخطاب مستمر بالتوجه لبني إسرائيل, والمعنى أعطاهم الله الأموال والبنين وجعل عدد النافرين –الذاهبين- للحرب لنصرتهم على أعدائهم اكثر من عدوهم , وهذا ما نراه في أيامنا هذه في مجال الأموال والأسلحة المقدمة إليهم من أكثر من بلد, وما نراه أيضاً هذه الأيام من احتلال العراق وهو رد الكرة على أولئك ( العراقيين) الذين جاسوا خلال ديارهم وسحقوهم في المرة الأولى في زمن البابليين.
(إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا) ما زوال الخطاب موجه لهم وسيظهر خلال بحث قادم أنه موجه ليهود هذه الأيام , وهو تذكير لهم بأن أعمالهم في الإساءة أو الإحسان من بعد رد الكرة هي التي تحدد مصيرهم ,حيث آثار الإحسان والإساءة تنعكس على فاعلها في كل الأحوال, وهذه سنة الله التي جرت وتجري على جميع الأمم , (ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ)(الأنعام131) ونجد آثار إساءتهم واضحة من خلال الآية التالية التي تبيّن عقاب الله الذي ينزل بهم جراء إفسادتهم الكبرى الثانية .
(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً (7) )
في الآية مضاف محذوف تقديره (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) قد ذكره في آية سابقة مما حال دون تكراره هنا ,حيث التكرار قبح تأباه البلاغة, فكما حذف ذلك التقدير في قوله (ثمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) واستعاض بذلك بذكر الضمير (عَلَيْهِمْ) الذي يُعلم المستمع بمجرد ذكره بـ العباد أولي البأس الشديد الذين جاسوا (سحقوا) دولة بني إسرائيل في المرة الأولى ( وهم العراقيون), كذلك حذف المضاف – وهو الفاعل- في الآية التي نحن بصددها واستعرض أفعال الفاعل وهي (.. لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً ) ومن البيّن إن ضمير الجمع يعود إلى (عِبَاداً لَنَا).
فالقوم الذين يفعلون تلك الأفعال باليهود هم الذين بعثهم الله في المرة الأولى ورد لليهود الكرة عليهم في هذه المرة, والدليل على ذلك قوله (..وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) فالذين جاسوا خلال الديار في المرة الأولى هم الذين سيجوسونها ويدخلون المسجد في المرة الثانية , وسيظهر خلال البحث أنهم العراقيون , الذين سحقوا اليهود أيام البابليين بقيادة نبوخذ نصر وأخذوهم سبايا إلى بابل, هم أنفسهم – ومعهم المؤمنين من المسلمين- سيسحقون دولتهم في المرة الثانية عند ظهور الإسلام على الدين كله بقيادة المهدي المنتظر عليه الصلاة والسلام .
لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ : اللام لام الغاية بمعنى كي ، والضمير للعباد أولى البأس الشديد, يَسُوءُوا يظهروا المساءة ( الذل والكآبة) في وجوهكم , وهذا الفعل -والأفعال التي تأتي من بعده - متعلق بفاعل حُذف لدلالة ما سبق عليه الذي كان (عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) ، وهو جواب إذا في قوله ((فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ).
وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ : اللام للغاية ، الْمَسْجِدَ هو المسجد الأقصى (القدس الشريف) المذكور في الآية الأولى من السورة (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ..)
كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ : مثلما دخلوه- العراقيون- أول مرة عند إفسادة اليهود الأولى.
وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا : التبار هلاك, والعلو هنا علو قوة ومنعة, والمعنى ليقتلوا ويدمروا ويبطشوا بكل ما أوتوا من بأس وشدة , ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
ويمكن بيان الآية بالصورة التالية : حينما يحين وقت ما وعدوتم من عقوبة على انحرافكم وتحققت إفسادتكم الكبرى الآخرة (الثانية) نبعث عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد ليذلوكم ويحطموا كبرياءكم ويدخلوا المسجد المبارك عنوة كما دخلوه أول مرة ويقتلوكم ما استطاعوا ذلك تقتيلاً . ومن خلال مقايسة هذه المرة بالأولى يظهر أن الثانية أشد على اليهود وأنها سوف تقضى على أكبر عدد منهم بدليل قوله : (وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا).
 (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً (8)) الإسراء
لما كان العباد أولي البأس الشديد يدخلون ديار اليهود عنوة ويقتلوهم ما استطاعوا تقتيلاً, فإن خطاب الآية موجه للفئة الباقية من اليهود, والمعنى عسى ربكم يرحمكم إن رجعتم إليه بالتوبة والإحسان , و إن عدتم للإساءة عدنا عليكم بالعقوبة ذاتها, وقد قال لهم من قبل (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا). الفترة التاريخية للأفسادتين بعد أن تبيّن لنا -بوضوح - معنى الآيات التي تتحدث عن إفساد اليهود في الأرض والعقوبة المترتبة عليه, أصبح من الضروري أن تناول الفترة التاريخية التي تحكي عنها تلك الآيات بالبحث والتحليل وعلاقتها بموضوع بحثنا الذي يخوض في أحداث المستقبل .
 والسؤال هو : هل تحققت تلك الأحداث التي تحكي إفساد اليهود والعقوبة المترتبة عليه أم لم تتحقق بعد؟ وكيف يمكن نعرف الفترة التاريخية لكل حدث يخبرنا عنه القرآن المجيد بدقة؟
قبل أن نخوض في الجواب نلفت الانتباه إلى أن العلو الكبير المعطوفة على (مَرَّتَيْنِ) هو الذي يحدد لنا بدقة المراحل التاريخية التي تشير إليها الآيات المباركة , فتاريخ اليهود – كما يخبرنا القرآن والتاريخ- منذ نشأتهم وإلى يومنا هذا يتضمن ما لا يحصى من مظاهر الإفساد والانحراف, وليس إفسادتين اثنتين فحسب , فقد كانوا يكذبون ويقتلون أنبياءهم , ويحرفون كلام الله عن عمد من بعد يعقلوه , ويعيثون في الأرض بأنواع مظاهر الفساد والانحراف, وإليك بعض ما يقول عنهم القرآن الكريم .
(لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) ( المائدة 70)
(مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاّ قَلِيلاً) ( النساء 36)
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)(المائدة41)
(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ) (المائدة13)
(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)(الأعراف 167)
( وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) ( البقرة61)
(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)(آل عمران112)
ولما كان تاريخ اليهود مليء بالانحرافات والمعاصي والإفساد منذ نشأتهم وإلى يومنا هذا, فإن تحديد الفترة التاريخية التي تتحدث عنها الآيات الأولى من سورة الإسراء بدقة ( اعني الإفسادتين) إنما تكون في علوهم الكبير في الأرض الذي لا يكون إلا لمرتين متميزتين لا ثالث لهما, (لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً) ولعل تمييز هاتين المرتين عن بقية مظاهر إفسادهم كما تحكي الآية الشريفة يكمن في:
 1- أن يكون إفسادهم مقرون بعلو كبير وواضح في الأرض.
2- وأن يكون في الأرض المقدسة المحيطة بالمسجد الأقصى (فلسطين) التي بارك الله فيها, (..الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ..)
يظن البعض من المفسرين القدماء- الذين عاشوا في زمان ذلة ومسكنة اليهود ولم يشهدوا فساد وعلو اليهود في زماننا الحاضر- إن الإفسادتين والعقوبة المترتبة عليهما قد تحققتا فيما مضى من الزمان على اختلاف آراءهم وتفصيلاتها, وهذا الظن غير صحيح, لأنه يعني إن اليهود من بعد ذلك قد انصلحوا وكفوا عن الفساد والعلو في الأرض, وصاروا يأمرون بالعدل والإحسان حتى يوم الدين , وهذا ما يكذبه واقعنا المعاصر, فكل من يقرأ الصحف ويشهد الإذاعات السمعية والمرئية لا بد أن يعلم علم اليقين بأن عنصرية و استكبار وظلم وعلو اليهود ، ومحاربتهم لله ورسوله وأولياؤه ، وقتل الأبرياء من النساء والأطفال والرجال وهدمهم منازلهم ، قد فاق كل تصوّر.
 فهل نكذّب الواقع وما تشهده عيوننا وتسمعه آذاننا ونصدّق روايات قديمة لا نعلم مدى سلامتها ؟؟ وإذا كان ما يفعله اليهود اليوم ليس فساداً وعلواً كبيراً في الأرض فما هو الفساد والعلو إذاً ؟؟
 ولما كان اليهود يفعلون كل تلك مظاهر الفساد والعلو التي فاقت كل تصوّر في أيامنا هذه , فإنها بلا شك إحدى المرتين التي يخبرنا عنها القرآن المجيد , ولا يمكن أن يكون واقع اليهود اليوم خارج اهتمام القرآن المجيد الذي يقول (..مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ.. )( الأنعام 38) , وكل من يقرأ تاريخ اليهود القديم والمعاصر يعلم بأن علوهم وفسادهم الذي يمارسونه اليوم هو الأكبر والأعظم من جميع أحداث تاريخهم , وهذا الواقع التاريخي الذي نشهده اليوم من أكبر الأدلة التي تؤكد على أن ممارسات اليهود اليوم هي مصداق لآيات القرآن التي تحكي عنهم , وإذا أردنا أن نعرف أي الإفسادتين ( الأولى أم الثانية) هذه التي نشهدها في أيامنا هذه , فإن الآيات التالية من سورة الإسراء توضح لنا ذلك :
(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْألْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً (101) قَالَ لَقَدْ علِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (102) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنْ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (103) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً (104) ) الإسراء
نلفت الانتباه إلى انه قال : (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً) وهذا الوعد اعني وَعْدُ الآخِرَةِ هو ذاته (وَعْدُ الآخِرَةِ) في الآية (7)التي تحكي الإفسادة الثانية لليهود ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً)( الإسراء7) ومن خلال الجمع بين الآيتين يظهر لنا بوضوح انه حينما يفسد اليهود في الأرض للمرة الثانية ويعلون علواً كبيراً فإن الله يأتي بهم لفيفاً قبل أن ينفّذ فيهم وعده بالانتقام منهم ببعث عليهم عباداً أولي بأس شديد , ولو فتشنا عن معنى كلمة لفيف في اللغة نجد انها تعني (مُجتَمِع ملتف من كل مكان ، و اللفيف ؛ القوم يجتمعون من قبائل شتى ليس أصلهم واحدا ، واللفيف ؛ ما اجتمع من الناس من قبائل شتى ، واللفيف ؛ الجَمْع العظيم من أخلاط شتى فيهم الشريف والدنيء والمطيع والعاصي والقوي والضعيف ) (4) ، ولا نتوقع أن يجتمع كل اليهود في أرض فلسطين لان كل معاني كلمة لفيف تشير إلى جمع لا جميع. ولم يظهر في معاني الكلمة ما يُفيد ، تجمّع كل اليهود في فلسطين ، كشرط لتحقّق وعد الآخرة ، والمعنى المستفاد منها هو الاختلاط في الأصول ، والجمع من أماكن مختلفة ، وهذا ما تم فعلاً على أرض الواقع من هجرات جماعية إلى أرض فلسطين لم يشهد تاريخ اليهود مثلها من قبل، فقد جاءوا واجتمعوا من أماكن وأنواع شتى وليس من جهة معية , وهذا دليل أكيد يضاف إلى ما سبق يؤكد على أن اليهود في أيامنا هذه يمارسون إفسادتهم الثانية وعلوهم الكبير في الأرض ,وإن نهايتهم كما وعد الله قريبة إن شاء الله القادر على كل شيء.(5)
 أما الإفسادة الأولى فقد كانت وعدا مفعولا و تحققت قبل نزول القرآن الكريم والدليل على ذلك قوله : (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً) ويخبرنا التاريخ بدقة ان البابليين في القرن السادس قبل الميلاد أيام نبوخذ نصّر هم الذين سحقوا اليهود بالقتل والتنكيل وهدموا الهيكل وأخذوهم سبايا إلى بابل, وبقوا هناك حتى زمن الملك كورش – أحد ملوك الفرس -الذي احتل بابل وحررهم من ذل الأسر وأعادهم إلى ديارهم وساعدهم في تعمير الهيكل وسمح لكاهنهم عزرا أن يكتب لهم التوراة , وكان ذلك في نيف وأربعمائة وخمسين قبل الميلاد.(6)
خلاصة
 يستفاد مما سبق- وكما يخبرنا الله في كتابة العزيز- إن تاريخ اليهود مليء بالمعاصي والانحرافات والفساد, و إن الله قضى أن يبعث عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب , وهناك مرحلتين متميزتين في تاريخهم الأسود يبلغ فيهما إفسادهم وعلوهم في الأرض الذروة , و في كلتيهما يبعث الله عليهم من يسحقهم ويدمرهم تدميراً جزاءاً لهم.
 أما إفسادتهم الكبرى الأولى فقد كانت قبل نزول القرآن الكريم , وعاقبهم الله عليها بأيدي البابليين وكانت وعداً مفعولاً , و أما الثانية فهذه التي نشهد أحداثها في أيامنا هذه وعقابهم آت لا محال, فكما بعث الله العراقيين عليهم في زمان البابليين وعاقبهم بما يستحقون, كذلك يبعثهم عليهم في الأيام القادمة ليحطموا غرورهم ويدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليقتلوهم ما استطاعوا تقتيلاً.
هزيمة أمريكا بداية لتحرير المسجد الأقصى
قد يظن البعض - ممن تغيب عنه سنن الله الحاكمة في الكون ويرى قوة الاستكبار الصهيوني ومن يقف خلفه من قوة مستكبرة – إن يوم سحق اليهود وتحرير المسجد الأقصى من دنس الصهاينة بعيد إن لم يكن محالاً , وهذا الظن غير صحيح , بل هو قريب فالله لا يخلف وعده ولا أسرع من بأس الله على المستحقين , ولا أسرع من إنجاز الله لوعده وتحقيقه لأهدافه التي يصرح بها في كتابه المجيد.
يقول : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة33)
(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور 55)
كما ترى الآيات تحكي بكل وضوح عن أهداف الله الكبرى التي يريد تحقيقها في الأرض, وهي من ثمار النمو والتكامل التي تظهر في نهاية المطاف, أما عن أساليب تحقيقها والأحداث التي تمر بها فـ (عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى)(طه52 ) ولكن يمكن بناء تصوّر أساسي عنها على حسب سنن الله الحاكمة .
فكل من يقرأ القرآن –كلام الله الناطق بالحق ووثيقة السماء لأهل الأرض- يعلم علم اليقين أن الظلم من أعظم و أوضح الأسباب التي تؤدي إلى انهيار الأمم من بعد علوها واستمكانها في الأرض, وهذا من قوانين الله العامة الصارمة التي لا تنجوا منه أمة ولا حتى أفراد.
(وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) (هود117)
 ( وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) (القصص59)
 (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) (الكهف59)
إن نظرة واحدة لما يجري حولنا من أحداث تكفى لأن ندرك إن اعظم مظاهر الظلم السائدة اليوم في الأرض يمارسها الصهاينة والأمريكان والحلف المنقاد لهما, وعلى حسب سنة الله فإن نهاية الأمم الظالمة من المحتوم , وكلما ازداد ظلم أمة كلما اقتربت من نهايتها, وعلى هذا فأمريكا والصهيونية من أقرب الأمم لنهايتهم المحتومة , وقد يظن البعض ان نهاية الصهيونية تأتي قبل أمريكا, وتحرير القدس الشريف يتطلب إمكانيات عسكرية ضخمة , وهذا غير صحيح, بل انهيار أمريكا مقدمة ضرورية لنهاية دولة الصهاينة , لأن دولتهم طفيلية قائمة على التسول المستمر من الآخرين, وعلى والجهود والأموال والفيتو الأمريكي , ولولا أمريكا لما بقي الكيان الصهيوني "اسرائيل" فنهاية أمريكا تعني بالضرورة نهاية "إسرائل" .
ومن يطلع على تاريخ الحضارات والأمم يعلم أن من أوضح الأسباب التي تؤدي إلى انهيار الأمم والإمبراطوريات هو انتشار جيشها خارج حدودها, وقد مرت الإمبراطورية الإسلامية بهذا الطور من قبل, فانهارت مركزيتها وتشتت بعد انتشار جيشها في مساحات واسعة من الأرض, وعلى هذا الضوء فإن نهاية أمريكا ستكون أسرع من غيرها , ونرى أن هزيمتها في العراق من المحتوم , لأن العراقيون –كما يخبرنا الله بكتابه العزيز- هم الذين سيدخلون المسجد للمرة الثانية كما دخلوه أول مرة أيام البابليين .
ولما كان العراقيون- ومعهم المؤمنين طبعا- مرشحون لدور تاريخي كبير سجله القرآن المجيد في تحرير القدس الشريف وسحق الصهاينة, و كانت أراضيهم محتلة اليوم من قبل أمريكا وقوى التحالف , فإن تحرير العراق من الاحتلال –على حسب الترتيب المنطقي- يجب أن يكون هو الخطوة الأولى التي تسبق كل تحرك لهم باتجاه القدس الشريف, وهو من الضرورات الحتمية التي لا يمكن تصور عدمها , إذ لا يمكن أن يقوم شعب بتحرير أراضي الآخرين من الاحتلال وهو يعاني منه , وعلى هذا الضوء فإنه أولاً وقبل كل شيء يجب على العراقيين تحرير أراضيهم من الاحتلال الأمريكي وحلفها, ومن ثم بعد ذلك التوجه إلى القدس الشريف لتحريره حينما تكون الفرصة سانحة , وسيتحقق ذلك كما وعد الله بكتابه العزيز والله لا يخلف الميعاد.
 وعلى ذلك فإن تحرير العراق – المحتوم- إذا ما تم سيكون بلا شك هزيمة كبرى لأمريكا والحلف المنقاد لها , ومن هنا تبدأ انعطافة تاريخية كبرى , يكون فيها ميزان القوى بالتأكيد لصالح الإسلام الذي يريد الله أن يظهره على الدين كله ولو كره المشركون , فالجميع يعلم ان أمريكا اليوم متورطة ورطة كبرى في العراق وخسائرها في الأرواح والمعدات والأموال كارثة حقيقية لها فقد بلغ عجز ميزانيتهم إلى أكثر من 500 مليار دولار والآتي أعظم, وكل يوم يمر عليهم في العراق تزداد خسائرهم المادية والمعنوية, وشهريا تبلغ خسارتهم المالية دون غيرها إلى 4,7 مليار دولار على حسب إحصائياتهم الرسمية, والنتيجة في النهاية ستكون لصالح المسلمين بإذن الله تعالى.
ولما كان في العراق اليوم أحزاباً وتيارات سياسية كثيرة منهم المقاومون والمجاهدون في سبيل الله ومنهم الراكنون إلى الأحتلال , فإن المستقبل الذي تشير إليه الآيات السابقة من تحرير القدس الشريف الذي يعني تحرير العراق أولاً, لا يمكن أن ينهض بها الاتجاه الأليف الذي ركن البعض منهم للاحتلال , بل المقاومة العراقية الشريفة والمجاهدون الأبطال هم الذي سيتولون تلك المهمة بكل تأكيد, مما يعني إن المسار المستقبلي للمقاومة العراقية الشريفة سوف يأخذ بالنمو والتطور شيئاً فشيئاً حتى يأتي ذلك اليوم الذي يحررون فيه ليس العراق فحسب بل القدس الشريف كما يخبرنا الله تعالى مجده في الآيات السابق ذكرها – وغيرها سيأتي بيانها – (..وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثاً) ( النساء87)
خلاصة
وعلى ضوء ما سبق من حقائق مستقبلية مؤكدة منتزعة من القرآن الكريم, انصح إخواني العراقيين , أن يأخذوا هذه النتائج المستقبلية المؤكدة التي يخبرنا عنها الخالق العظيم تعالى مجده , على محمل الجد في تحديد اتجاهاتهم السياسية والمستقبلية وطرق التفكير في تحرير العراق ووحدته , وأن يتوكلوا على الله ويختاروا طريق المقاومة الشريفة الذي هو السبيل الوحيد والأكيد لكل خير يصيبهم ويصيب بلدهم العراق والمسلمين عامة من بعد,
 فمن يتوكل على الله ويراهن على مستقبل مضمون قد أعلن نتيجته الله تعالى مجده هو الرابح الوحيد وسط هذه المراهنات والمهاترات والآمال السياسية وغيرها , فمن يريد النصر والربح الأكيد فليجعل برنامجه من ضمن أهداف الله التي أعلن عن تحقيها في كتابه المجيد .
 

الرئيسية  | مركز الصدرين للفكر الإستراتيجي |  العودة للصفحة السابقة