المهدي المنتظر... في ضوء القرآن والعلوم الحديثة
والرياضيات
كتابات - زهير الاسدي
(( دراسة علمية تتناول بالبحث والتحليل مسألة المهدي المنتظر على ضوء ما
جاء في القرآن الكريم و السنن الكونية ويقوم بتفسيرها على حسب العلوم
الحديثة مثل الرياضيات والفيزياء والأحياء ونحو ذلك ))
المقدمة
هذه الدراسة تتناول بالبحث والتحليل مسألة المهدي المنتظر الذي يملاً الأرض
قسطاً وعدلاً من بعد ما ملئت ظلماً وجوراً[1], ويلقي الأضواء على سمات
الهوية التي يحملها في ضوء ما جاء في القرآن الكريم والسنن الكونية ويقوم
بتفسيرها على حسب العلوم الحديثة والرياضيات , وخلال خطوات البحث عن
البراهين من القرآن والعلم والفلسفة على حقيقة وجوده في النشأة, تتضح لنا
حقيقة كبرى غير متوقعة وهي: ان المهدي المنتظر ليس فكرة متخيلة عن
المستقبل, ولا مجرد قائد مسلم يقيم العدالة الشاملة في الأرض , بل هو من
الضرورات الوجودية التي لا يمكن تصوّر عدمها, وهذه الحقيقة شأنها شأن كل
حقيقة, لم تأتِ من فراغ بل لها جذور تاريخية وعقائدية موغلة في القدم ,
تتناقلها مصادر أهل الديانات السماوية( المسلمين واليهود والنصارى) على
السواء, ويشاركهم في هذا الاعتقاد الكثير من العلماء والمفكرين والمنظرين
الأرضيين الذين يؤمنون بحتمية تحقق العدالة الشاملة في الأرض.
فمسألة المنقذ – المصلح- المهدي – وبسط العدالة الشاملة على الأرض, إنما
مسألة ضرورية يعتقد بها المؤمنون بالله وغيرهم من الأرضيين ,لأن العدالة
حاجة فطرية مركوزة في صميم نفس الإنسان الذي يأخذ هويته الوجودية من صانع
الخير ومانحه -الله تعالى مجده- الذي فطر الكون على العدل والميزان, ولعل
الاختلاف في تحديد هوية وملامح القائد المنتظر الذي يبسط عدالة السماء على
الأرض متأتِ من تنوّع الرؤى التي تستقي مقوماتها من مصادر مختلفة .
ولقد تناول العلماء والباحثون هذا الموضوع بكثير من الجهد المثمر فأتحفونا
بالكتب القيمة التي تؤكد حقيقة بسط العدالة الشاملة وحتمية تحققها في
المستقبل على يدي المهدي المنتظر عليه الصلاة والسلام , و مع كثرة الكتب
والأبحاث وثراء الموضوعات التي تتضمن بيان الحقائق والرد على الشبهات
المثارة في هذه المسألة, تبقى هناك حاجة كبيرة إلى بحث شامل يتناول شخص
المهدي عليه الصلاة والسلام ليس من المقام الدنيوي فحسب , بل من مقام
القائم بأمر الله في الدنيا والآخرة, فهو- كما سيظهر خلال البحث- الشخص
الذي تتجلى في كيانه هوية الله الوجودية بتمام كمالها , فيكون الواسطة
الضرورية التي بها يحاسب الله الناس ويقيم العدالة الشاملة في الدنيا
والآخرة.
ولقد أشار القرآن الكريم إلى المهدي في هذا المقام في آيات كثيرة جداً,
سوف نتناول منها ما يخص موضوع بحثنا بكثير من التفصيل ليتسنى لكل مؤمن
معرفة المهدي الذي ينتظره والقائم بأمر الله الذي سيقف أمامه للحساب سواء
كان ذلك في الدنيا أو في الآخرة ,ونترك الآيات الأخريات إلى فرص أخرى تتحدث
عن دور المهدي في تغيير العالم وبسط العدالة الشاملة على كوكب الأرض ,
فالكثير من المسلمين-إن لم يكن أغلبهم - يؤمنون بالله ورسوله وملائكته
واليوم الآخر ولكن تصوراتهم عن الحساب يوم القيامة فيها الكثير من الضبابية
وعدم الوضوح, كما أن الكثير من المسلمين لا يؤمنون بالرجعة وبسط عدالة
السماء على الأرض في الدنيا قبل الآخرة , على الرغم من إشارات القرآن
الصريحة الواضحة بهذا الشأن.
فإذا ما تابعت -أيها العزيز- الشوط معنا حتى النهاية, سوف يظهر لك من خلال
البراهين الكثيرة, ان المهدي المنتظر الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً هو
القائم بأمر الله الذي يتولى مهمة بسط عدل الله يوم الحساب, أي هو المرآة
التي يتجلى الله فيها للناس( في مقام الظاهر) ويحاسبهم ويحكم بينهم بالعدل
في الدنيا والآخرة, وهذا هو المحور المركزي الذي تدور حوله موضوعات بحثنا
الذي ثابرنا على تدعيم مطالبه بكثير من البراهين القرآنية والفلسفية
والعلمية , و حرصنا على أن يتسم هذا البحث بالموضوعية و أن يتضمن أكبر قدر
ممكن من البساطة والوضوح , فهو همسة محبة للجميع لا نطلب من وراءه إلا رضا
الله تعالى مجده .
البحث عن هوية المهدي
العدالة حاجة فطرية
كما قلنا قبل قليل إن مسألة المصلح- المنقذ- المهدي –المنتظر الذي يبسط
العدالة الشاملة على الأرض لا تخص فئة من الناس دون غيرهم, بل هي فطرة في
الأعماق يستشعرها جميع الناس المركوز في أعماق فطرتهم حب العدالة والحركة
نحوها , لأنها ببساطة مظهر لحب العدل الحق تعالى مجده والحركة نحوه.
وليست النفس الإنسانية وحدها مفطورة على حب الحق والحركة نحوه , بل جميع
مخلوقات الله تعالى مجده تحبه وتتحرك نحوه بالفطرة, وسيظهر خلال السطور
التالية إن مسالة العدالة إنما ضرورة كونية عامة لأنها فطرة مركوزة في
أعماق جميع الموجودات دونما استثناء.
والسؤال هو: ما هو الدليل على أن مسالة العدل- الحق- ضرورة كونية عامة ؟؟
القرآن يجيب :
(اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ..)[1]
(وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ )[2]
أي خلق السماء ووضع الميزان في صميم فطرتها, حيث الميزان هو الوحدة
الأساسية التي تبني كيان جميع عناصر الكون من الذرة إلى المجرة , والدليل
على ذلك التوازن العجيب في ابسط وحدات المادة ( الذرات) التي تقوم بها
عناصر السماوات والأرض, حيث القيمة السالبة في الذرة تساوي بالتمام قيمتها
الموجبة, أي مقدار الإلكترونات مساوي لمقدار البروتونات بالتمام , لا يزيد
ولا ينقص , فإذا كان في الذرة بروتون واحد كان فيها بالضرورة إلكترون واحد,
وإذا كان في الذرة عشرة بروتونات كان فيها بالضرورة عشرة إلكترونات, وهكذا
حال جميع ذرات العناصر دونما استثناء .
ولما كانت الذرة ابسط وحدة مادية (معتبرة)[3] تؤلف كيان الكائنات الحية
والجامدة , وهي مفطورة على الحق والميزان في مكوناتها , فإن جميع الكائنات
التي تؤلفها الذرة مفطورة بالضرورة على الميزان , تحب الحق وتتحرك نحوه
بفقرها وقصورها الذاتي , ولما كان اعتراف المخلوق بضعفه أمام عظمة الخالق
تعظيم وتمجيد له جل شأنه , فإن حركة الموجودات بقصورها الذاتي طلباً للكمال
إنما تسبيح وتنزيه للكامل المطلق( الله) تعالى مجده , وهذا ما يؤكده القرآن
الكريم في آيات كثيرة منها :
(هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ
الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )[4]
(يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ الْمَلِكِ
الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)[5]
(يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لَهُ
الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[6]
(وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ.. )[7]
(فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً
وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا
فَاعِلِينَ)[8]
تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ
مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ
تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً )[9]
معنى الآيات ببساطة هو : إن جميع الكائنات -الحية والجامدة - من الذرة إلى
المجرة وما كان أصغر من ذلك أو أكبر تسبّح وتقدّس لله تعالى مجده .
وبيان ذلك انه لما كان الله موجود في كل زمان ومكان ولا يخلو منه شيء , وهو
تعالى مجده العدل الحق فإن العدل الحق موجود في كل الموجودات دونما استثناء
, وهي تتحرك نحوه بفقرها وقصورها الذاتي , فحركة الذرة حول نفسها وحركة
الأرض والكواكب حول نفسها وحول الشمس وما يسمى بالجاذبية الأرضية , إنما
مظاهر لحركة الموجودات بفقرها وقصورها الذاتي نحو الله الموجود في كل
الأشياء ولا يخلو منه شيء , ولما كانت هذه الحركة التكوينية تكون بفعل فقر
وقصور المخلوقات أمام عظمة وكمال الخالق العظيم , فإنها تسبيح وتمجيد
وتقديس له تعالى مجده .
ولما كانت الوحدات الكبيرة تتألف بالضرورة من وحدات صغيرة , وكان الله هو
الخالق لجميع عناصر الكون الصغيرة والكبيرة على السواء, وهو تعالى مجده
هوية واحدة بلا تمايز ولا اختلاف , فإن القانون الذي يحكم الوحدات الصغيرة
هو ذاته الذي يحكم الوحدات الكبيرة [10], وعلى هذا فإن الميزان ( العدل)
الذي يحكم الذرة هو ذاته الذي يحكم جميع عناصر الكون دونما استثناء, و كما
حب الحق والميزان موجود في الذرة و هي تتحرك نحوه بفقرها وقصورها الذاتي
لتحقيق كمالها, كذلك جميع الكائنات مفطورة على حب الحق والميزان وتتحرك
نحوه في سبيل تحقيق كمالها, وهكذا يتضح لنا ان جميع الموجودات – كما يصرح
الحق- تسبح وتقدس لله تعالى مجده وكل قد علم صلاته وتسبيحه.
حب الناس للعدالة
بعد أن بينّا إن حب الحق والتحرك نحوه فطرة مركوزة في أعماق جميع
الموجودات دونما استثناء, نأتي إلى بيان هذه الفطرة في الإنسان الذي هو
خليفة الله وحامل الأمانة الذي تجتمع فيه أعلى نسبة من مظاهر الكمال .
فمن المعلوم ان حركة الإنسان الفطرية في جميع مظاهر حياته في سبيل تحقيق
سعادته تشير وتؤكد انه يتحرك نحو الكمال المطلق, ولو تأملنا في مسألة
العدالة نجد أن جميع الناس بلا استثناء يحبون العدالة والعادلين وينفرون من
الظلم والظالمين, بل حتى الظالم المستبد المتكبّر الذي يسلب الآخرين حقوقهم
تراه يحب العدالة بالفطرة وينفر من الظلم والظالمين , بدليل انه لا يحب أن
يظلمه أحد وينفر ممن يظلمه ويحتج على الممارسات التي تعتدي عليه وتسلبه
حقه, وينجذب نحو الذين يمنحوه حقوقه التي يرى أنها تحقق له السعادة, فجميع
الناس ينجذبون نحو العدالة والعادلين وينفرون من الظلم والظالمين بالفطرة ,
والاختلاف بين الناس ليس في أصل الميل نحو العدالة بل في الرؤى والبرامج
السائرة في سبيل تحقيقها, ولما كانت العدالة هي السبيل إلى تحقيق السعادة ,
فإن حب العدالة مقرون بحب السعادة .
والناس في هذا المضمار ينقسمون إلى قسمين أثنين: إما كافر وإما مؤمن بالله
واليوم الآخر, ومن المعلوم ان الكافر الجاحد ينظر إلى الكون من زاوية
الحياة الدنيا فقط وينسب أصل الموجودات ومظاهر الكون إلى مصدر مجهول , وإذا
ما غاب الله عن رؤية الإنسان للوجود وعناصره, فإن الحضور كل الحضور للذات
والرغبات الشخصية فتكون هي المحرك والمعيار الذي يحدد السعادة وطرق إشباعها
, وعندئذ تتقوض العدالة ويبرز الظلم إلى ميادين الحياة وتتعدد مظاهره مع
تعدد رغبات الإنسان وطرق إشباعها, فالظالم الذي يعتدي على الآخرين ويسلبهم
حقوقهم إنما يتحرك بدوافع ذاتية نحو سعادته التي يحاول تحقيقها, وهو بهذا
لا يرى إلا ذاته ومصالحها, أما الآخرين وحقوقهم فلا وجود لهم في حساباته
وبرامجه التي يطلب من وراءها تحقيق مصالحه وسعادته .
أما المؤمن بالله واليوم الآخر –الذي يسعى لمرضاة الله - فيرى الكون من
زاوية أوسع , زاوية منفتحة على المطلق حيث يكون الله حاضراً في كل ما يراه
من مظاهر الكون , وإذا ما كان الله حاضراً في ضمير الإنسان , والله هو
العدل الحق الذي لا يسلك الظلم والجور إلى ساحة قدسه من سبيل , فإن المحرك
الذي يحرك دوافعه يسير به نحو هذا الاتجاه الذي يضمن حقوق الآخرين ولا
يتجاوز عليها بميل أو هوى, فسعادته التي يطلبها هي رضى الله وإن كانت على
عكس رغباته , بل رغباته تتحرك وفق عدالة الله الحاضرة في ذاته, وعندئذ تكون
سعادته أن يرى عدالة الله مبسوطة في جميع مظاهر الحياة .
وننقل لك أيها العزيز هنا بعض من كلام الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب عليهم الصلاة والسلام كنموذج لرؤية المؤمن للعدالة ,..قال في رسالة
الحقوق :( وأما حق الخصم المدعي عليك , فإن كان ما يدعي عليك حقاً كنت
شاهده على نفسك لم تنفسخ في حجته ولم تظلمه ولم تعمل في إبطال دعوته و
أوفيته حقه وكنت خصم نفسك له والحاكم عليها والشاهد له بحقه دون شهادة
الشهود فإن ذلك حق الله عليك .وإن كان ما يدعيه باطلاً رفقت به وردعته
وناشدته بدينه ولم تأتِ في أمره غير الرفق, ولم تسخط ربك في أمره وكسرت
حدته بذكر الله وألغيت حشو الكلام ولغطه الذي لا يرد عنك عادية عدوك, بل
تبوء بإثمه, به يشحذ عليك سيف عداوته, لأن لفظة السوء تبعث الشر, والخير
مقمعةٌ للشر , ولا قوة إلا بالله) .
هذه هي رؤية المؤمن للأمور , فإذا كان جميع الناس يملك هذه النظرة للعدالة
أو البعض منها فإن الظلم لا يسلك للناس من سبيل , ولا شك أن هذه الرؤية
التي تضمن حق الإنسان وإن كان خصماً , وإن كانت دعواه غير صحيحة, كفيلة بأن
تغلق جميع منافذ الشر والظلم فلا يبقى في الساحة إلا العدل الذي يضمن
للجميع حقوقهم ويحقق سعادته.
يستفاد مما سبق : إن رؤى وبرامج الأرضيين البعيدين عن السماء لا يمكن أن
تحقق العدالة الشاملة على الأرض بل تحقق العكس , فكلما كثر الكفر وضاق أفق
الناس وتحدد بمظاهر الحياة الدنيا وملذاتها الزائلة كلما كثر الظلم والفساد
في الأرض , فالبرامج الأرضية لا تحقق العدالة بل تسير بالحياة نحو مزيد من
الفساد والظلم, ونظرة متأملة للأحداث الجارية في العالم اليوم تؤكد لنا هذه
الحقيقة .
فكما لا يمكن تصوّر خلق بلا خالق ولا رحمة دون رحيم و لا رزق دون رزاق ولا
عقل دون عاقل , كذلك لا يمكن تصوّر العدالة الشاملة دون العادل المطلق (
الله تعالى مجده) فبسط العدالة الشاملة على الأرض من شأن العادل المطلق جل
شأنه , ولما كان الله تعالى مجده لا يباشر أمر الخلق بنفسه بل يجعل لكل شيء
سبباً , فإن بسط عدالة السماء على الأرض -كما وعد في كتابه العزيز- ينبغي
أن ينهض بها قائد منتخب من قبل السماء ومسدد بإمكانيات غير عادية.
والسؤال هو: من هو ذلك القائد الذي يتولى مهمة بسط العدالة الشاملة على
الأرض ؟؟
للجواب نقول : لما كانت العدالة مظهر للعدل الحق( الله) تعالى مجده , وقد
وعد في كتابه الحكيم ببسط العدالة على الأرض[11] , وإظهار الإسلام على
الدين كله ولو كره المشركون[12], فإن القائد المنتظر الذي يحقق العدالة
الشاملة على الأرض ينبغي أن يكون مسلماً يطبق أحكام القرآن العادلة في
الأرض, ويحيي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وسيظهر خلال البحث
انه القائم بأمر الله (لمهدي المنتظر) عليه الصلاة والسلام الذي أشارت إليه
آلاف الأحاديث المتواترة, وسيأتي بيان ذلك في الفصول التالية إن شاء الله
تعالى.
إجماع المسلمين على المهدي ع
ليست الروايات والأحاديث المتواترة وحدها تتحدث عن المهدي المنتظر الذي
يملأ الأرض قسطاً وعدلاً , بل القرآن الكريم أيضاً , من خلال الآيات التي
تشير إلى مقام القائم بأمر الله -الذي يشغله المهدي- دون التصريح باسمه,
ولسوف نتناولها في فصول قادمة بكثير من التفصيل إن شاء الله تعالى , وإذا
كان القرآن الكريم لم يشر إلى أسمه عليه الصلاة والسلام, فهذا لا يعني ان
التعرف على جنابه المقدس أمراً مستحيلاً , بل الروايات والأحاديث الشريفة
التي فاقت حد التواتر هي التي تحسم لنا الأمر, حيث أشارت إليه ونسبه بكل
صراحة ووضوح , ووصفته وصفاً دقيقاً يشبع رغباتنا النهمة في التعرف على
جنابه المقدس وتحديد هويته .
الأخبار والأحاديث الواردة في السطور التالية منقولة عن كتاب المهدي
المنتظر.
(( و قد روى علماء السنة في هذا المجال روايات كثيرة عن رواة يوثقونهم عن
النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم ) و تؤكد هذه الروايات على أن
الأئمة هم اثنا عشر إماماً و إنهم كلهم من قريش ، و أن المهدي من أهل بيته
(صلى الله عليه وآله وسلم ) ومن أبناء علي و فاطمة ، و قد صرح الكثير منها
انه من نسل الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام ) . و قد رووا في هذا
المجال المئات من الأحاديث و التي جاءت في أكثر من 70 مصدراً معتبراً و نحن
نشير إلى البعض منها فيما يلي .
1- المسند تأليف أحمد بن حنبل المتوفي سنة 241 هجرية .
2- صحيح مسلم تأليف مسلم بن حجاج النيسابوري المتوفي سنة 275 هجرية .
3- صحيح الترمذي تأليف محمد بن عيسى الترمذي المتوفي سنة 279 هجرية .
و من الملاحظ أن مؤلفين هذه الكتب المذكورة . و كل منها أصح المسانيد
المعتبرة عن أهل السنة هؤلاء توفوا إما قبل ولادة الإمام المهدي (ع) – سنة
255 هجرية- أو بعد ولادته بقليل .
و هكذا .
4- مصابيح السنة تأليف البغوي المتوفي سنة 516 هجرية .
5- جامع الأصول تأليف ابن الأثير المتوفي سنة 606 هجرية .
6- الفتوحات المكية تأليف محي الدين بن عربي المتوفي سنة 654 هجرية .
7- تذكرة الخواص تأليف سبط ابن الجوزي المتوفي سنة 654 هجرية.
8- فوائد السميطي تأليف الحموي المتوفي سنة 716 هجرية .
9- الصواعق تأليف ابن حجر الهيثمي المتوفي سنة 973 هجرية .
10- ينابيع المودة تأليف الشيخ سليمان القندوزي المتوفي سنة 1293 هجرية .
و قد ألف عدة من علماء السنة كتباً مستقلة حول الإمام المهدي (ع) و منها :
11- البيان في أخبار صاحب الزمان " للعلامة الكنجي الشافعي .
12- عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر " للشيخ جمال الدين يوسف الدمشقي.
13- مهدي آل الرسول " لعلي بن سلطان محمد الهروي الحنفي .
14- كتاب المهدي " تأليف أبى داود.
15- علامات المهدي " جلال الدين السيوطي .
16- مناقب المهدي " الحافظ أبى النعيم الأصفهاني
17- القول المختصر في علامات المهدي المنتظر " لإبن حجر
18- البرهان في علامات مهدي آخر الأزمان للملا علي المتقي
19- أربعون حديثاً في المهدي " لأبي العلاء الهمداني و غيرها (9)
20-كشف الظنون ج1 ،2 ، هدية العارفين ج1 ، 2 ، إيضاح المكنون0
كما إن الأحاديث التي نقلها علماء الشيعة و السنة في الأمور المختلفة التي
تطوف حول الإمام العظيم (ع) كثيرة جداً و قد ذكرت في كتب مثل " بحار
الأنوار ، ومنتخب الأثر " وغيرها ونذكر هنا إحصائية لبعضها كما ذكرها صاحب
منتخب الأثر في كتابه 0
موضوع الرواية
عدد الأحاديث
التي تصرح بأن الأئمة اثنا عشر أولهم علي (ع) و آخرهم المهدي(ع)
58
التي تبشر بظهور المهدي
657
التي تصرح بأن المهدي من أهل البيت (ع)
389
التي تصرح بأن اسمه و كنيته هما كاسم النبي(ص) و كنيته
48
التي تصرح بأنه من أبناء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)
214
التي تصرح بأنه من أبناء الزهراء (ع)
192
التي تصرح بأنه من أبناء الحسين (ع)
185
التي تصرح بأنه التاسع من أبناء الحسين (ع)
148
التي تصرح بأنه من أبناء الإمام زين العابدين (ع)
185
التي تصرح بأنه من أبناء الإمام الباقر (ع)
103
التي تصرح بأنه من أبناء الإمام الصادق (ع)
103
التي تصرح بأنه من أبناء الإمام الكاظم (ع)
101
التي تصرح بأنه من أبناء الإمام الرضا (ع)
95
التي تصرح بأنه من أبناء الإمام الجواد (ع)
90
التي تصرح بأنه من أبناء الهادي (ع)
90
التي تصرح بأنه ابن الإمام العسكري (ع)
146
التي تصرح بأن اسم أبيه هو الحسن (ع)
147
التي تقول بأنه سيملأ العالم عدلاً
123
التي تقول بأن غيبته طويلة الأمد
91
التي تبين طول عمره الشريف (ع)
318
التي تقول بأن دين الإسلام سيكون عالمياً على يديه
47
التي تقول أنه الإمام الثاني عشر و أنه الإمام الأخير
136
مجموع الأحاديث
3666
انتهى النقل عن كتاب المهدي المنتظر .
يستفاد مما سبق-إلى الآن- ان مسألة القائم بأمر الله (المهدي) عليه الصلاة
والسلام من عقائد الإسلام المتفق عليها بالإجماع , وأن الأحاديث التي وردت
بشأنه قد تجاوزت حد التواتر, وهي من الكثرة التي لا نجد ما يماثلها في
مسألة إسلامية أخرى , وإذا ما انظمت هذه الروايات إلى ما صرح به القرآن
الكريم ,تكون مسألة المهدي من العقائد الإسلامية التي يجب على كل مسلم يؤمن
بالقرآن الكريم ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعتقد بها . فالمهدي
عليه الصلاة والسلام هو السبيل إلى إظهار الإسلام على الدين كله وبسط عدالة
السماء على الأرض ولا يمكن تصور تحقيق ذلك دونه, وبهذا يكون ضرورة لا يمكن
تصور عدمها.
ويبقى السؤال :
من هو المهدي المنتظر ؟
للجواب نذكر هنا بعض الأحاديث المعتبرة التي تشير إلى أن المهدي عليه
الصلاة والسلام من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( نقلاً عن كتاب
من هو المهدي ص57)0
1-حديث : (لاتنقضي الايام، ولايذهب الدهر، حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي،
اسمه يواطىء اسمي) وهذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده ، عن ابن مسعود من عدة
طرق ، وأخرجه أيضاً أبو داود في سننه، والطبراني في المعجم الكبير، وصححه
الترمذي ، والكنجي الشافعي ، وعدّه البغوي من الاَحاديث الحسان [1].
2- حديث : (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل البيت
يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً).
وهذا الحديث هو المروي عن علي عليه السلام ، عن رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم ، أخرجه أحمد في مسنده ، وابن أبي شيبة، وأبو داود ، والبيهقي،
وأشار الطبرسي في مجمع البيان إلى اتفاق المسلمين من الشيعة والسنة على
روايته[2] ، وقال أبو الفيض الغماري عن هذا الحديث: ( هو صحيح بلا شك ولا
شبهة )[3].
3-حديث : (لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي ، يواطىء اسمه اسمي ).
وهذا الحديث رواه ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخرجه عن
ابن مسعود: أحمد، والترمذي، والطبراني من عدة طرق، والكنجي وصححه، والشيخ
الطوسي0
وأخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن أبي هريرة)[4], وقال في الدر المنثور
: « وأخرجه الترمذي وصححه عن أبي هريرة )[5].
4-حديث : (المهدي منا أهل البيت أشم الاَنف ، أجلى الجبهة ، يملاَ الأرض
قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلما) 0
وهذا من حديث أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأخرجه
عنه عبد الرزاق، وصححه الحاكم على شرط مسلم، وأورده الاردبلّي في كشف
الغمة[6].
لقد كنا -حتى الآن- نتساءل عن هوية – المنقذ- المهدي الذي يظهر في آخر
الزمان , وقد انتهينا إلى نتيجة لا تسر المسيحية وهي : إن المهدي المنتظر
الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
(حفيد علي بن أبي طالب زوج فاطمة بنت رسول الله) وهذه أهم سمة من السمات
التي تعرفنا على هوية الجناب المقدس , فهي –على الأقل-تغلق المنافذ التي قد
تنفتح على الاحتمالات الأخرى , التي من ضمنها المقولة الخاطئة التي تزعم ان
عيسى بن مريم عليه السلام هو المهدي المنتظر .
ولقد أختلف القوم بشأن مولده وتحديد نسبه الشريف, فمنهم من قال انه سيولد
في آخر الزمان, ومنهم من قال -وهم الجمهور الغالب- انه قد ولد وأن أباه
الحسن العسكري عليه الصلاة والسلام , وفي سبيل بيان هذا الأمر نستعرض
الروايات التي تشير إلى هذا الأمر , ننقلها هنا عن كتاب المهدي في أحاديث
السنة – عادل الحريري0
قال :(( ويشير إلى هذا الخلاف الشيخ أبو بكر النيسابوري الشافعي حيث قال :
اختلف الناس في أمر المهدي فتوقف جماعة و أحالوا العلم إلى عالمه و اعتقدوا
أنه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول الله (ص) يخلقه الله متى شاء يبعثه نصرةَ
لدينه 0
و طائفة يقولون : ان المهدي الموعود ولد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس و
خمسين و مائتين ، و هو الإمام الملقب بالحجة القائم محمد بن الحسن العسكري
)[7].
و لا يمكننا نحن إثبات شيء إلا من خلال نقل آراء أساطين العلم و جهابذته
الذين يشار لهم بالبنان حيث يمكن الوثوق بقولهم للتواتر الذي سوف تراه في
أقوالهم.
1-يقول العلامة أبو سالم الشافعي في مطالب السؤال : ( . . . فهو من ولد
الطهر البتول ، المجزوم بكونها بضعة من الرسول . . . فأما مولده فبسر من
رأى (سامراء) في ثالث و عشرين سنة ثمان و خمسين و مائتين للهجرة ، و أما
نسبه أباً و أماً ، فأبوه الحسن الخالص بن علي المتوكل ، بن محمد القانع ،
بن علي الرضا ، بن موسى الكاظم ، بن جعفر الصادق ، بن محمد الباقر ، بن علي
زين العابدين ، بن الحسين الزكي ، بن علي المرتضى أمير المؤمنين . . . )[8]
.
و جاء في ينابيع المودة قال : (و منها -أي من الروايات في المهدي - عن
حذيفة بن اليمان قال : خطبنا رسول الله (ص) فذكر ما هو كائن ثم قال : " لو
لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوَّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يبعث الله
رجلاً من ولدي اسمه اسمي .
فقال سلمان : يا رسول الله : من أي ولدك هو ؟
قال : من ولدي هذا ( و ضرب بيده على رأس الحسين عليه السلام )[9] .
2-و يؤيد انه قد ولد و أن أباه الحسن العسكري ما ذهب إليه الشيخ القطب
الفوثي محي الدين بن العربي في الفتوحات قائلاً : " اعلموا انه لا بد من
خروج المهدي و هو من عترة رسول الله (ص) من ولد فاطمة (رض) جده الحسين بن
علي بن أبى طالب ، و والده الإمام حسن العسكري ، ابن الامام محمد التقي ،
ابن الامام علي الرضا ، ابن الإمام موسى الكاظم ، ابن الإمام جعفر الصادق ،
ابن الإمام محمد الباقر ، ابن الإمام زين العابدين علي ، ابن الإمام الحسين
، ابن الإمام علي بن أبى طالب رضي الله تعالى عنه . . . )[10].
3-وهذا ما ذهب إليه أيضاً العلامة سبط ابن الجوزي حيث قال : " هو : محمد بن
الحسن ، بن علي ، بن محمد ، بن علي ، بن موسى ، بن جعفر ، بن محمد ، بن علي
، بن الحسين ، بن علي بن ابي طالب ، و كنيته ابو عبدالله و ابو القاسم و هو
الخلف الحجة صاحب الزمان القائم و المنتظر و التالي ، و هو آخر الأئمة ،
انبأنا عبد العزيز بن محمود بن البزاز عن ابن عمر قال : قال رسول الله (ص)
يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي ، اسمه كاسمي ، و كنيته ككنيتي ، يملأ
الأرض عدلاً كما ملئت جوراً فذلك هو المهدي ، و هذا حديث مشهور[11].
و كذا روى إبراهيم الجويني عن عبد الله بن عباس قال : ( سمعت رسول الله (ص)
يقول : انا و علي و الحسن و الحسين و تسعة من ولدي مطهرون معصومون )[12] .
4-و يقول ابن الصباغ : ( ولد أبو القاسم محمد بن الحجة بن الحسن الخالص بسر
من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين للهجرة ، و اما نسبه
أباً و أماً فهو : أبو القاسم محمد الحجة بن الحسن الخالص ، بن علي الهادي
، بن محمد الجواد ، بن علي الرضا ، بن موسى الكاظم ، بن جعفر الصادق ، بن
محمد الباقر ، بن علي زين العابدين ، بن الحسين بن علي بن علي بن أبى طالب
صلوات الله عليهم أجمعين و أمه : أم ولد يقال لها نرجس . . . )[13] .
5-و يقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي في كتابه (
الاتحاف بحب الأشراف ) في معرض حديثه عن الإمام الحسن العسكري ( عليه
السلام ) : " و يكفيه شرفاً ان الإمام المهدي المنتظر من أولاده ، فلله دُر
هذا البيت الشريف ، و النسب الخضم المنيف ، ناهيك به فخاراً ، و حسبك فيه
من علوه مقداراً ، فهم جميعاً في كرم الأرومة (الأصل) ، متعادلون ، و لسهام
المجد مقتسمون قيل له من بيت عالي الرتبة ، يامي المحلة ، فلقد طال السمّاك
عُلاً و نبلاً ، و سما على الفرقدين منزلة و محلاً ، و استغرق صفات الكمال
، فلا يستثنى فيه بِغيرٍ ، انتظم في المجد هؤلاء الأئمة ، انتظام اللآلئ ،
و تناسقوا الشرف ، فاستوى الأول و التالي ، و كم اجتهد قوم في خفض منارهم ،
و الله يرفعه ، و ركبوا الصعب و الذلول في تشتيت شملهم ، و الله يجمعه ، و
كم ضيعوا من حقوقهم ، ما لا يهمله الله ، و لا يضيّعه ، أحيانا الله على
حبهم ، و أماتنا عليه ، و ادخلنا في شفاة من ينتمون في الشرف اليه (ص) ، و
خلّف بعده ( أي الحسن العسكري ) ولده و هو الثاني عشر من الأئمة ، ابو
القاسم ، محمد الحجة ، ولد بسر من رأى ، ليلة النصف من شعبان سنة (255) قبل
موت أبيه بخمس سنين ، و كان أبوه قد أخفاه حين ولد ، و ستر أمره ، لصعوبة
الوقت ، و خوفه من الخلفاء ، فانهم كانوا في ذلك الوقت يتطلبون الهاشميين ،
و يقصدونهم بالحبس و القتل ، و يرون إعدامهم سلطنة الظالمين ، و هو الإمام
المهدي ( عليه السلام ) كما عرفوا ذلك من الأحاديث التي وصلت اليهم من
الرسول الأكرم (ص) و أخبرَتْهم ان الإمام المهدي الموعود المنتظر ( عليه
السلام ) يقطع دابر الظالمين ، و يستولي على الدنيا ، و لا يترك أحداً منهم
في الأرضين .
ثم قال بعد ذلك :
و قد اشرق نور هذه السلسلة الهاشمية ، و البيضة الطاهرة النبوية ، و
العصابة العلوية ، و هم اثنا عشر اماماً ، مناقبهم علية ، و صفاتهم سنية ،
و نفوسهم شريفة أبية ، و ارومتهم كريمة محمدية ، وهم ، محمد الحجة بن الحسن
الخالص ، بن علي الهادي ، بن محمد الجواد ، بن علي الرضا ، بن موسى الكاظم
، بن جعفر الصادق ، بن محمد الباقر ، بن علي زين العابدين ، بن الامام
الحسين ، اخو الامام الحسن ، ولدي الليث الغالب علي بن أبي طالب ( رضي الله
عنهم أجمعين )[14].
6-و يقول الشيخ حسين بن محمد بن الحسن الديار بكري المالكي في كتابه تاريخ
الخميس :
الثاني عشر (من الأئمة) محمد ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا يكنى
ابا القاسم . . . ولد في سر من رأى في الثالث و العشرين من رمضان سنة ثمان
و خمسين و مائتين هـ . )[15].
7-و يقول الشيخ المحدث الفقيه محمد بن ابراهيم الجويني الحمويني الشافعي في
فرائد السمطين ، قال : " و اما شيخ المشايخ العظام اعني حضرات : شيخ
الاسلام احمد الجامي النامقي ، و الشيخ عطار النيسابوري ، و الشيخ شمس
الدين التبريزي ، و جلال الدين مولانا الرومي ، و السيد نعمة الله الولي ،
و السيد النسيمي ، و غيرهم ذكروا في اشعارهم في مدايح الأئمة من أهل البيت
الطيبين ( رضي الله عنهم ) مدح المهدي في آخرهم متصلاً بهم فهذه أدلة
(واضحة ) على أن المهدي ولد أولاً . . .و من تتبع آثار هؤلاء الكاملين
العارفين يجد الأمر واضحاً عياناً )[16] .
8-و يقول الشيخ محمد بن محمد بن محمود النجار المعروف بـ(خواجا يارسا) في
كتابه ( فصل الخطاب) في حديثه عن الامام الحسن العسكري (ع) : " و كان مدة
بقاء الحسن العسكري بعد ابيه ست سنين ، و لم يخلف ولداً غير ابي القاسم ،
محمد المنتظر ، المسمى بالقائم ، و الحجة و المهدي ، و صاحب الزمان ، و
خاتم الأئمة الاثنى عشر عند الامامية ، و كان مولد المنتظر ليلة النصف من
شعبان ، سنة خمس و خمسين و مائتين ، امه ام ولد يقال لها نرجس ، توفى ابوه
و هو ابن خمس سنين ، فاختفى إلى الآن . . . و طول الله تبارك و تعالى عمره
كما طول عمر الخضر (عليه السلام ) .
9-و يقول الشيخ أبو المعالي ، سراج الدين الرفاعي في كتابه ( صحاح الأخبار
في نسب السادة الفاطمية الأخيار ) : و أما الحسن العسكري فأعقب الحجة
المنتظر ولي الله الإمام المهدي عليه السلام )0
10-و يقول الشيخ المحقق بهلول بهجت افندي مؤلف كتاب ( المحاكمة في تاريخ آل
محمد ) ( مترجم بالتركية و الفارسية ) : " ولد في الخامس عشر من شعبان سنة
(255) و ان اسم امه نرجس " 0
11-و يقول الشيخ الفاضل البارع عبد الله بن محمد ، المطيري شهرةً ، و
المدني مسكناً ، و الشافعي مذهباً ، في كتابه الرياض الزاهرة في فضل آل بيت
النبي و عترته الطاهرة : ( إن ابنه - أي ابن الإمام الحسن العسكري- الإمام
الثاني عشر محمد القائم المهدي . . . و قد ورد النص عليه في الأحاديث من
جده علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) و من بقية آبائه الكرام ، أهل الشرف
و المقام و هو صاحب السيف ، القائم المنتظر كما ورد في الصحيح من الخبر . .
. و له غيبتان . .. )
12-و يقول الشيخ ابو المواهب الشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني في
كتابه ( اليواقيت و الجواهر ) : " و هو ( المهدي ) من اولاد الامام حسن
العسكري ، و مولده 0 عليه السلام ) ليلة النصف من شعبان ، سنة خمس و خمسين
و مائتين ، و هو باقٍ إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم ( عليه السلام ) فيكون
عمره إلى وقتنا و هو سنة ( 958 هـ) سبعمائة و ست و ستين سنة [17] .
13-و يقول الشيخ شهاب الدين احمد بن حجر الهيثمي ، الشافعي ، في كتابه (
الصواعق المحرقة ) : " و لم يخلِّف ( اي الامام الحسن العسكري) غير ولده (
ابي القاسم محمد الحجة ) و عمره عند وفاة ابيه ، خمس سنين ، آتاه الله
الحكمة و يسمى القائم و المنتظر ، قيل : لانه سُتر و غاب [18].
وهناك جمع غفير من علماء المسلمين ، ذهبوا إلى انه من ولد في الخامس عشر من
شهر شعبان عام 255 هـ و حيث لا مجال لذكر كل أقوالهم فنكتفي بذكر أسماءهم و
محل حديثهم :
14-سيد مؤمن الشبلنجي في كتابه نور الأبصار 0
15-سيد علي الخواص في اسعاف الراغبين لابو العرفان ص 35 0
16-الشيخ شمس الدين محمد بن طولون ، و ابن الازرق في تاريخ ( ميّافارقين )
في كتاب ابن طولون – الأئمة طبع بيروت 1958 مـ 0
17-الشيخ شهاب الدين ابوعبد الله ياقوت الحموي الرومي البغدادي في معجم
البلدان ج6 ص 175 طبع مصر 1324 هـ 0
18-الشيخ العارف فريد الدين العطار في كتابه مظهر الصفات 0
19-الشيخ جلال محمد العارف البلخي الرومي المعروف بالمولوي ، ذكر ذلك في
ديوانه الكبير 0
20-الشيخ الكامل صلاح الدين الصفدي ، في كتابه شرح الدائرة 0
21- الشيخ جمال الدين بن علي بن مهناّ ، في كتابه عمدة الطالب ص 186 طبع
النجف 1323 هـ 0
22-الشيخ ابو عبد الله بن عفيف الدين اليافعي اليمني المكي الشافعي ، في
كتابه مرآة الجنان جزء رقم (2) ص 107 – 172 طبع ايران 1328 هـ 0
23-الشيخ شهاب الدين و الدولة أبادي في كتابه هداية السعداء 0
24-الشيخ شمس الدين بن احمد الذهبي الشافعي ، في كتابه دولة الإسلام جزء
(1) ص 122 طبع حيدر آباد 1377 هـ 0
25-الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش المطل على بركة الرطل بمصر 0
26-الشيخ نور الدين بن احمد بن قوام الدين المعروف بجاني الشافعي الشاعر
المعروف ، في كتابه شواهد النبوة 0
27-الشيخ نور عبد الرحمن مؤلف كتاب مرآة الأسرار 0
28-الشيخ مير خواند ، المؤرخ المشهور في كتابه روضة الصفا ج 3 0
29-الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الزرندي ، في كتابه معراج الوصول إلى
فضيلة آل الرسول 0
30-الشيخ حسين بن معين الدين الميبدي ، في شرح الديوان ص 123 – 371 0
31-الشيخ الجليل عبد الكريم اليماني ذكر ذلك في شعره ( راجع ينابيع المودة
الطبعة القديمة ص 466 ) 0
32-الشيخ عبد الرحمن البسطامي في كتابه درة المعارف 0
33-الشيخ سعد الدين الحموي ( راجع الينابيع الطبعة القديمة ص 477 ) 0
34-الشيخ صدر الدين القونوي ( راجع الينابيع ص 468 ) 0
35-العلامة ابو المجد عبد الحق الدهلوي البخاري في كتابه المناقب 0
36-العلامة الشيخ حسن العدوي الحمزاوي ، مشارق الانوار 0
37-العلامة ابن الاثير الخدري ، في تاريخ الكامل ج7 ص 90 0
38-العلامة أبي فداء اسماعيل بن محمود الشافعي ، في كتابه تاريخ أبي الفداء
ج2 ص 52 0
39-الشيخ محمد أمين البغدادي أبو الفوز السوري ، في كتابه سبائك الذهب في
معرفة قبائل العرب ص 77 باب 6 0
40-الشيخ علي الهروي القاري ، في كتابه الموافاة في شرح المشكاة 0
41-الشيخ موفق الخوازمي الحنفي ، في المناقب 0
42-الشيخ عامر البصري ، في قصيدته المسماة بذات الأنوار 0
43-الشيخ جواد الساباطي ، في كتابه البراهين الساباطية 0
44-الشيخ نظر بن علي الحظمي النصري 0
45 -الشيخ حسين بن علي الكاشفي ، مؤلف جواهر التفسير 0
46-الخليفة العباسي الناصر لدين الله احمد بن المستضيء بنور الله 0
47-العلامة الشيخ احمد الفاروقي النقشبندي المعروف بالمجدد 0
48-العلامة ابو الوليد محمد بن شحنة الحنفي ، في كتابه روضة المناظر 0
49-القاضي فضل بن روزبهان ، شارح الشمائل للترمذي 0
50ء-الشيخ بن همدان الحصيني 0
51-العلامة شمس الدين التبريزي ، استاذ المولوي الرومي 0
52-العلامة الشيخ ابو الفتح بن ابي الفوارس ، في اربعينه 0
53-العلامة الشيخ عماد الدين الحنفي 0
54-الشيخ وليُّ الله الدهلوي في النزهة 0
55-الشيخ رشيد الدين الدهلوي الهندي ، في كتابه ايضاح لطافة المقال 0
56-لشيخ مير خواند المؤرخ المشهور محمد بن خاوند شاه بن محمود في كتابه (
روضة الصفا ) الجزء الثالث 0
إلى هنا ينتهي النقل من كتاب المهدي في السنة- عادل الحريري .
يستفاد مما سبق وبتصريح جميع الروايات والأحاديث المشار إليها, ان القائم
بأمر الله المهدي المنتظر عليه الصلاة والسلام الذي يبسط عدالة السماء على
الأرض هو أبو القاسم محمد بن الحسن (العسكري) بن علي (الهادي) بن محمد
ا(لجواد) بن على (الرضا), بن موسى (الكاظم) بن جعفر (لصادق) بن محمد
(الباقر) بن على (زين العابدين) بن الإمام الحسين ( الشهيد) أخو الإمام
الحسن( المجتبى) ولدي أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليهم الصلاة والسلام
أجمعين.
ويتضح أيضاَ أن القائم بأمر الله عليه الصلاة والسلام قد ولد بـ سرى من رأى
(من مدن العراق المعروفة اليوم باسم سامراء) في الخامس عشر من شعبان عام
255 هـ حيث يحتفل المؤمنون به ومحبيه في هذا اليوم من كل عام
ونلفت الانتباه إلى أن الكثير من الأحاديث والروايات الواردة عن النبي صلى
الله عليه وآله وسلم قد سجلها الرواة وتناقلها الرجال جيل من بعد جيل بوقت
سابق لميلاد المهدي عليه الصلاة والسلام بقرنين ونصف من الزمان مما يعني
انه حقيقة مؤكدة والإيمان به عقيدة إسلامية أصيلة مصدرها رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم باتفاق جميع المسلمين وبشهادة تلك المصادر التي أشرنا
إليها.
ملاحظة: أنتهى البحث الكلاسيكي و الفصول القادمة تتناول مسألة المهدي
المنتظر في ضوء القرآن الكريم والعلوم الحديثة والرياضيات .
--------------------------------------------------------------------------------
هوامش الفصل الأول
[1]- أنظر حديث رسول الله صلى عليه وآله وسلم (لا تقوم الساعة حتى يملك رجل
من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ، يملأ الأرض عدلاً و قسطاً ، كما ملئت ظلماً
و جوراً ) المعجم للحافظ: حديثة 10214 ج10 0 وفي لفظ آخر في :فرائد السمطين
للجويني المجلد 2 الباب 16 ص 335 طبع بيروت 1398 هـ .
[2]- سورة الشورى, الآية 17
[3] - سورة الرحمن , الآية 7
[4]- أثبت العلم الحديث وجود وحدات أصغر من الذرة نحو الكواركات والأوتار
الفائقة وهي مصاديق لقوله تعالى مجده :(..لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ
ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ
وَلا أَكْبَرُ إِلاّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) سـبأ: الآية3 وقوله : (..وَمَا
يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي
السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاّ فِي كِتَابٍ )
يونس: من الآية61
[5] - سورة الحشر, الآية24
[6] - سورة الجمعة , الآية 1
[7] - سورة التغابن , الآية
[8] - سورة الرعد , الآية13
[9] - سورة الأنبياء , الآية 79
[19] - سورة الإسراء , الآية 44
[11] - راجع كتابنا ( النظرية التي تفسر كل شيء)
[12] - (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي
ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً
يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً..) النور:55
[13] - (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)
التوبة:33\ الصف: 9
================
هوامش الفصل الثاني
[1] - مسند أحمد 1 : 376 و 377 و430 و448، سنن أبي داود 4 : 107 | 4283،
المعجم الكبير للطبراني 10 : 164 ـ 165 | 10218، سنن الترمذي 4 : 505 | 22،
البيان في أخبار صاحب الزمان : باب 1 ، مصابيح السنة 3 : 4| 4210.
[2] - مسند أحمد 1 : 99 ، المصنف لابن أبي شيبة 15 : 198 | 19494 ، سنن أبي
داود 4 : 107 | 4283 ، الاعتقاد للبيهقي :0 173 ، مجمع البيان 7 : 67 0
[3] - ابراز الوهم المكنون : 0
[4] - مسند أحمد 1 : 376 ، سنن الترمذي 4 : 505 | 3231 ، المعجم الكبير
للطبراني 10 : 165 | 10220 و 10221 ، 10 : 167 | 10227 ، البيان للكنجي :
481 ، كتاب الغيبة للشيخ الطوسي : 113 ، مسند أبي يعلى الموصلي 12 : 19 |
6665 .
[5] - الدر المنثور 6 : 58 .0
[6] - المصنف | عبد الرزاق 11 : 372 | 20773 ، مستدرك الحاكم 4 : 557 ، كشف
الغمة 3 : 259
[7] - راجع كتاب شعب الايمان .
[8] - مطالب السؤال : ج2 الباب 12
[9] - ينابيع المودة : من الأربعين حديثاً الذي جمعه أبو نعيم في المهدي ص
490 .
[10] -مشارق الأنوار للشيخ حسن الحمزاوي ص 112 طبع 1307 هـ
[11] - تذكرة الخواص : ص 363 طبع 1964 م النجف 0
[12] - فرائد السمطين : المجلد الثاني.
[13] - الفصول المهمة : الباب الثاني عشر.
[14] - الاتحاف بحب الأشراف:ص178 ، طبع مصر ( 1316 هـ ).
[15] - تاريخ الخميس الجزء 2 ص 321 .
[16] - فرائد السمطين.
[17] - اليواقيت و الجواهر صلى الله عليه وآله وسلم 142 ط مصر 1307 هـ 0
[18] - الصواعق المحرقة ، ص127 ، ط مصر 1308 هـ 0