الاستراتيجية الأمريكية في العراق خلال نصف قرن
الحلقة الأولى
كتابات - صلاح التكمه جي



أن ملامح المشروع الأمريكي في العراق برزت بشكل واضح في أواخر السبعينات ، آنذاك نفض التراب عن الملف العراقي من قبل مراكز القرار الأمريكي ومراكز الدراسات الاستراتيجية في الجامعات الأمريكية و دوائر الأبحاث القريبة من البيت الأبيض.

أن سقوط الشاه و التغيير الذي حدث في التوازن الاستراتيجية بمنطقة الشرق الأوسط في أواخر السبعينات ، تلك الأحداث جعلت من ملف العراق على طاولة الرئيس كارتر في البيت الأبيض ، و استنفرت في حينها مراكز الدراسات الإستراتيجية في كيفية الاستفادة من الملف العراقي ، و بالسيطرة على تداعيات سقوط شاه إيران ، حيث كان يمثل بالنسبة لصاحب القرار الأمريكي أحد الركنين الاستراتيجيين في منطقة الشرق الأوسط إضافة الى إسرائيل .

ومن ذلك الوقت اصبح الملف العراقي من الملفات المهمة في البيت الأبيض و استخدمت استراتيجيات مختلفة منذ أن سقط شاه إيران و حتى سقوط صدام ولهذا لابد دراسة الاستراتيجية الأمريكية ضد العراق لعدة مراحل، كل مرحل كانت لها أسلوبها الخاص في التعامل الأمريكي مع العراق و هي كالتالي :المرحلة الأولى ( حرب الخليج الأولى)

• المرحلة الثانية(حصار قوة توازن الرعب والاستعدادات للحرب الشاملة)

• المرحلة الثالثة: حرب الخليج الثانية و قرارات هزيمة العراق

• المرحلة الرابعة: (سياسة الاحتواء المزدوج و الحملات التأديبية )

• المرحلة الخامسة: ارتباط العراق في ملف الإرهاب

• المرحلة السادسة: 11 سبتمبر و التغيير في الإستراتيجية الأمريكية ضد العراق

• المرحلة السابعة: مقدمات حرب العراق

• المرحلة الثامنة: مرحلة استثمار سقوط العراق

• المرحلة التاسعة: مشروع الاحتلال الأمريكي

• المرحلة الأخيرة : أهداف المشروع الأمريكي

• المرحلة الأولى(مقدمات حرب الخليج الأولى)

بعد سقوط الشاه و نجاح الثورة الإسلامية في إيران و تمكنها من تشكيل الدولة الإسلامية وظهور معالم سياساتها الخارجية ،شكل هذا التغيير اختلال في التوازن الاستراتيجي ضد وجود دولة اسرائيل، أضافة أن شكل انبثاق الوجود الإسلامي في إيران و ظهور الصحوة الإسلامية عند التيار الثوري بالمنطقة بكل أشكاله السياسية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين . ولهذا سارع اللوبي اليهودي بالضغط على مركز القرار الأمريكي و دوائر الأبحاث الاستراتيجية القريبة منه في رسم سياسة جديدة للمنطقة، وبالفعل توعد بريجسنكي مستشار الأمن القومي في رئاسة كارتر لوضع ملف باسم( ملف الانتقام من ايران)، و كان افضل من يدير هذا الملف ، هو العراق لوقف تداعيات الخلل الاستراتيجي ، وكانت أهم الخطوات التي حدثت في الملف العراقي هي في تأهيل القيادة العراقية آنذاك و في وقف تدعايات انتصار الثورة الإسلامية في أيران و امتدادها إلى دول الجوار و خصوصا بالعراق .

و أهم الخطوات التي حدثت في تأهيله هي :

 تغيير القيادة العراقية : بعد اشهر قليلة من سقوط الشاه ، حدث أول تغيير في المنطقة وهو تغيير القيادة العراقية في 16 تموز 1979 و استلام صدام الحكم لرئاسة العراق و لم يكتف بالتغيير فقط بالرأس الهرمي بل شمل التغيير كل أركان مؤسسات الدولة العراقية من قيادات الحزب بإقصاء 56 من قيادات الحزب آنذاك و شمل التغيير أيضا قيادات الجيش و البدء بتكوين المؤسسات الأمنية و المخابراتية و أعداده للمهمة الجديدة . وأول عمل قررته القيادة الجديدة هو بالتلميح لأهمية الشروع بإعادة العلاقات الأمريكية ،بعد إعلان من صدام في زيارة له إلى اهوار ، وفي مقابلة له إلى مجلة ( الف باء) العراقية، و في حينها شرع بتسخين ملف العلاقات العراقية الأمريكية و نشطت الحركة التجارية في أواخر 1979 و الأشهر الأولى لسنة 1980 حيث بلغت استيرادات العراق من الولايات المتحدة الأمريكية 188,2 مليون دولار و على سبيل المقارنة ، لم تكن قيمة استيراداته للفترة ذاتها ، عام 1979 سوى 99,2 مليون دولار (الأنباء الكويتية 11/7/1980) وفي نفس الوقت سخن ملف توتير العلاقات العراقية الإيرانية ،اعتداءات حدودية حيث بلغت حسب تقارير الأمم المتحدة بين الطرفين 298 اعتداء بين الطرفين ما بين نيسان 1979 إلى أيلول 1980( 234 اعتداء عراقي ضد إيران مقابل 64 اعتداء أيراني ضد العراق) ، صاحبت هذه التوتر الحدودي توتر أعلامي في الجرائد العراقية وتصعيد في لهجة الخطاب الرسمي فمثلا خطب الرئيس السابق صدام في 8 شباط 1980 حيث بدا يتحدث عن ( خطر الرياح الصفراء و السوداء) وتحدث عن تكرار القادسية وبدأ الأعلام العراقي يتحدث عن تلك المعركة وضرورة إعادة ملامحها و دشن مجمع بانوراما القادسية في تموز 1980
 

الرئيسية  | مركز الصدرين للفكر الإستراتيجي |  العودة للصفحة السابقة