الإستراتيجية الأمريكية في العراق
الحلقة الخامسة
كتابات - صلاح التكمه جي


(سياسة الاحتواء المزدوج )
أولى بوادر سياسة( الاحتواء المزدوج) للمفكر الاستراتيجي الامريكي ظهرت بعد انتفاضة آذار ، وذلك عندما سيطر الهاجس الإيراني و الغالبية الشيعية في العراق على صاحب القرار الأمريكي ، و منعته من الاستمرار بالعمليات العسكرية للإطاحة في نظام صدام السابق ، بالإضافة لإعطائه الضوء الأخضر للقيادة العراقية البائدة في قمع انتفاضة آذار 1991 .
ففي برقية أرسلها شارلز فريمان ل صحيفة (نيويورك تايمز)
( للأسباب شتى ، لا نستطيع متابعة استسلام العراق غير المشروط ، و الاحتلال من قبلنا . ليس من مصلحتنا تدمير العراق أو أضعافه لدرجة لا تعود من إيران و سوريا مكبوتة به)
 و أكد الرئيس بوش( أن هدف التحالف كان إنهاء العدوان ولم يكن القضاء أو القضاء على الحرس الجمهوري )
كما عبر بوش عن غضبه لاتهامه بتحريض الشيعة في العراق على التمرد ضد صدام ثم الامتناع عن دعهم عندما تعرضوا الى القمع حيث قال(قلت انه حالما يطاح صدام سنكون مستعدين فورا لإقامة علاقات أفضل مع العراق لم يكن لدينا خلاف مع شعب العراق أو جيشه بل مع صدام حسين) (المصدر:الديكتاتورية والانتفاضة،أكرم الحكيم).
( ونقل سكوكرفت قائلا : أن العراق بحاجة الى تأديب، لقد تضخمت قوته العسكرية و أصبح كالسرطان يهدد كل أجزاء الجسم . وأضاف: لا أخفيكم أن الرئيس بوش عقد معنا ثمانية اجتماعات في الشهور الماضية لبحث موضوع محدد، هو خطر القوة العراقية على مصالحنا في المنطقة).
ونقلت صحيفة ( نيويورك تايمز) عن الرئيس كلينتون قبل انتخابه (أن صدام ليس بذلك الشخص الذي لا يمكن إصلاحه) ( المصدر :القراءات الخاطئة:وفيق السامرائي).
الواضح أن القرار الأمريكي و مراكز الأبحاث الاستراتيجي المرتبطة بالبيت الأبيض توصلت إلى مجموعة من التوصيات و الأفكار لتعامل مع الواقع العراقي بعد حرب الخليج الثاني:
1. تدمير قوة الرعب العسكرية للعراق عن طريق قرارات المجتمع الدولي.
2. العراق يشكل المركز في التهديد الأمني للولايات المتحدة الامريكي.
3. تغيير القيادة العراقية ضمن أشراف مركزي للقرار الامريكي. ولهذا شرعت مجموعة من القوانين أهمها قانون تحرير العراق في عام 1993 ، إضافة الى حشد ميزانية ضخمة في شن حرب نفسية ضد إسقاط النظام البائد
4. استخدام سياسة الاحتواء المزدوج في الحد من تأثير إيران بالتغيير المستقبلي للعراق.
5. استخدام الضربات التأديبية العسكرية في حالة تملص العراق من تدمير قوته العسكرية.
6. منع و تطوير القدرات العسكرية و البشرية وعدم الاستفادة من موارد العراق الكبيرة في تنمية أي قدرة عسكرية محتملة و ذلك من خلال قوانين وتشريعات الأمم المتحدة.
7. اهم ملاحظة ينتبه أليها المراقب لمرحلة (الاحتواء المزدوج) عند العقل الاستراتيجي الامريكي بخصوص العراق ، عدم اعتبار شيعة العراق امتداد للوجود الإيراني في أي خطة توضع للتغيير في منطقة الشرق الأوسط ، هذه الورقة التي كان يراهن عليها النظام البائد حتى لحظات الأخيرة من حياته .
ولهذا الاستراتيجي الأمريكي تحرر من العقدة الإيرانية و أ صبح ينظر للخطر العراقي بقيادة صدام كحلقة متصلة مع الخطر الكبير الذي بدأ يهدد نظام العولمة الذي هو (خطر الإرهاب الإسلامي المتطرف) ، وبدأت تظهر خطط جديده للمراكز الاستراتيجي الأمريكية و التي من أهمها (دائرة مكافحة الإرهاب) والذي كان من أهم المشرفين عليها (بول بريمر) و ( كلارك) منسق دائرة مكافحة الإرهاب ، هذه الدائرة متصله بشكل مباشر بالبيت الأبيض الأمريكي .
العراق دخل في مرحلة جديدة حين بدأت معركة الإرهاب للعقل الاستراتيجي الامريكي على الحركات الإسلامية المتطرفة بقيادة القاعدة ، والتي ستناول شرحها في المرحلة القادمة.
 

الرئيسية  | مركز الصدرين للفكر الإستراتيجي |  العودة للصفحة السابقة