مركز التخطيط الشيعي
فصل من كراس سيصدر قريباً
الشيعة في عالم متغير (3)
السفير الشيعي


هل هي بداية حرب فعلية ؟
    الذي يتابع المشهد السياسي العربي والإسلامي فيما يخص المستقبل السياسي في العراق سيرى أن الكلام عما يُسمَّى ( الخطر الشيعي ) يحتل مركز الخبر السياسي على مدياته الواسعة ، ويحتل مركز الاهتمام السياسي في مجالاته المهمة ، ليس من لدن أفراد وأحزاب ، بل هناك خارطة متشعبة تتعاهد المهمة ، تلتقي حتى لو كانت تصدر من مصادر متباعدة الهوية السياسية ، ومتباعدة الثقافة ، ومتباعدة العلاقة بالغرب والشرق !
أليست ظاهرة غريبة ؟
كان هناك أولا العودة إلى نغمة ( التكفير ) ...
فالشيعة كفار ، يجب استئصالهم من الجسم الإسلامي ، تلك هي شعارات ( أنصار السنة ) ألتي بدأت في باكستان وانتقلت عدواها بأشد ما يكون إلى العراق لتقتل الروافض. وتلك هي شعارات الزرقاوي وغيره من يشاركه الخط والهدف ، حتى لو لم يرفع السلاح بعد ، وهي فلسفة صريحة لحزب ( جيش الصحابة ) الذي تولى عمليات قتل علنية لمجاميع شيعية باكستانية بدم بارد .
وكان هناك ثانيا عملية التحذير السياسية من هلال شيعي ...
من نافلة القول أن هذا ( الهلال ) نكتة سياسية ، لا نتصور أن صاحبها يجهل وزنها الخفيف في ميزان التحقق ، أين هذا الهلال في ظل هذه التعقيدات المدهشة في ساحة الهلال نفسه ، وفي ما يحيط هذا الهلال المزعوم ، وفي ظل هذه التغيرات الهائلة التي راحت تجتاح الحدود والسدود؟
أين ؟
ولكن كان هناك هدف كبير ، هدف سري مخبوء ، جوهره تأليب الوجود السني العالمي ضد شيعة العراق ، نعم ضد شيعة العراق ، وهم لمَّا يتنفَّسوا بعد طعم الحرية الذي حرموا منه مئات السينين !
وكان هناك ثالثا كلام مواز قد يبدو غريباً عما نتحدث فيه وعنه ، ولكنه يصب في الصميم ، كان هناك عن أقلية شيعية في العراق وليس أكثرية !
هل رأينا كيف تتكامل حلقات البرنامج الخطير !
الشيعة في العراق أقلية ، ولكن لما تحدثنا عن المقابر الجماعية قالوا لأنكم أكثرية فكنتم أولى بمقاومة صدام حسين ، ومن ثم أنتم أكثر تعرضا لمجازره ومذابحه الوحشية !
ثم ماذا بعد ؟
هناك كلام صريح ، لا يمكن تهميش دور السنة في العراق !
قالها رجالهم من على الجزيرة والعربية ، في الخطب وبيانات القتل والذبح ... ومن هو الذي يريد تهميشهم ؟ ولماذا لم يكن هناك سؤال عن تهميش الشيعية طيلة عقود من الزمن القاسي ؟
ليست القضية قضية تهميش فإنه حديث باطل ، ولكن لأن هناك بادرة انعطاف بسيطة على صعيد المعادلة الطائفية ، لا أكثر ولا أقل ... نعم ، مجرد بادرة لمَّا يتحقق منها شي لحد الآن ، وربما لن يتحقق ...
سفير شيعي
هل من مناسبة بين كل ما تقدم ومشروع سفير شيعي ؟
نعم بطبيعة الحال .
تلك فقرة مهمة لمواجهة هذه الخطة التي أبرمت أو سوف تبرم ، خطة القتل ، خطة الحذف ، خطة العزل ، خطة التهميش ، سواء في العراق أو في لبنان أو في كل مكان...
أليس هناك عملية تشويه للشيعة في كل إنحاء العالم ؟
أليس هناك عملية تضخيم لخطر الشيعة في العراق ؟
أليس هناك عمليات قتل جماعي بشعة العراق وغير العراق ؟
فلماذا لا نوصل صوتنا إلى الآخرين كي نطلعهم على الحقيقة ؟
سفير ( طائفة / والتسمية مجازية رغماً عنا ، لأننا أمة ) وليس سفير دولة ...
 سفير طائفة تريد أن يعرف العالم ما يجري عليها ، وما تلقاه من ظلم وتشويه وتعذيب ، وفي الحقيقة إنَّ الأخ النظير سباق في هذا المجال ، طالما يرسل سفراءه إلى الجامعة العربية ، ومنظمة العالم الإسلامي ، والأنظمة العربية ، يشرحون لهم معاناة ( السنة في العراق ! ) ، ويطرحون وجهات نظرهم بمستقبل العراق !
فلماذا لا يكون لنا سفيرنا إلى هذه المؤسسات والمنظمات والأنظمة ؟ سواء العالمية منها أو الإقليمية .
سفير طائفة وليس حزب ...
يشرح لأمين الجامعة العربية بأن شيعة العراق عرب ، بل هم صميم العروبة ، بل أن التشيع عربي النشأة والانتشار و التكوين والصيرورة و المصير ... ليس عن ضعف واستكانة بل بقوة وصلابة وعلم .
سفير شيعي ...
 يحاور ملوك العرب ورؤساءهم عن الشيعة في كل مكان ، لم يكونوا يوما تكفيريين ، ولم يحملوا السلاح يوما في وجه الحكومات ، وهم الذين أسسوا جمعية التقريب بين المذاهب ...
سفير أمة منتشرة في كل العالم الإسلامي ...
 يتصل بكل الشخصيات النافذة في القرار السياسي ، ليعرض عليهم الحقائق المرة فيما يتصل بهذه ألأمة المظلومة ، بمواقفها من وحدة العالم الإسلامي ، بمواقفها من الغزو الاستعماري للعالم الإسلامي ، بمواقفها من القضية الفلسطينية .
سفير كيان ( بشري ــ عقدي ) له إسهاماته الفكرية في تطوير الفكر البشري وخلق حضارة عالمية ، وليس سفير مدينة مقدسة أو مدينة عادية ، يتجشم عناء السفر إلى حاضرة الفاتيكان واليونسكو وغيرها من الحواضر الدينية والعلمية يكشف عن دورنا في بناء الحضارة العالمية .
سفير شيعي يتجول في بلدان العالم ليتصل بكل ممكن سياسي واقتصادي وعلمي للدفاع عن الشيعة ، وتصحيح وجهات النظر المبتورة عن هذه الأمة المبتلاة بعدو لا يعرف ولا يريد أن يعرف .
سفير مهمات لا بطر ...
سفير سلام ، ومحبة ، وبيان ، وحقيقة ، وليس سفير صفقات تجارية علنية أو سرية ( والإشارة مقصودة بطبيعة الحال ) ، وليس سفير سلاح أو تجميع تبرعات وصدقات حقوق ...
سفير يحمل مشروع الوئام والتفاهم وليس سفير يتدخل بشؤون الداخلية لهذا البلد أو ذاك ، لهذه الطائفة أو تلك ، ليس سفيراً يمزّق أحزاباً ويشكل منظمات ، ويدعو إلى كتابة دساتير إسلامية لهذا البلد أو ذاك ، فيما هو لا ينتمي إلى هذا البلد أو ذاك ، لا من قريب ولا من بعيد!
سفير عمل ، يساهم في تجنيب هذه ( الطائفة ) كوارث الشعارات الثورية ، وهوس البيانات النارية ، التي جلبت علينا عداء العالم كله ، ومن دون نتيجة سوى العزلة ، والتشكيك ، والخوف!
سفير يقاضي ( فهمي هويدي ) وغيره من صحافي الحقد و المكر ، يقاضي فكرهم الطائفي التجريحي التسقيطي ، يقاضيهم إلى الملأ وإلى حكوماتهم وصحفهم ، بالفكر والرقم والدليل و البرهان .
سفير يتساءل عن سر الأكواخ في مدينة ( الثورة ) ، عن سر البؤس في ( حي السلم ) ، وعن سر الفقر المدقع في المدن و القرى الشيعية هنا وهناك .
سفير يحمل هموم الكيان كله ، هموم الصغير والكبير ، هموم الغني و الفقير ، هموم القريب و البعيد ، وليس سفير تسهيلات وعمولات ، يحمل هموم أولاده وأحفاده وأقرباءه ، فتجير السفارة كلها لشراء بيت ، أو عقد صفقة أو حيازة وظيفة .
سفير مهمات صعبة ، وليس سفير مواسم ، وسفير مناسبات ، وسفير دعوات .
سفير يحمل هموم التواصل الشيعي العالمي ، وليس سفيراً يرمي جمع تواقيع اعتراض ، وينشر خطاباً سرياً في الجوامع الشيعية والنوادي الشيعية ...
سفير يحمل رسالة ود ، وتفاعل وتواصل مع الآخر ، أ يا كان هذا الآخر ، ما دام يتعامل معي من منطلق الاحترام المتبادل ، والمصالح المتبادلة ، وليس سفير تحريض وتجييش شيعة مساكين هنا وهناك .
سفير يحمل صورة واحدة، صورة واحدة ليس أكثر ، صورة الشيعي الخير ، المسالم ، الذي يحب الناس ، الذي يريد أن يعيش كغيره من البشر، لا يفكر بحذف ، ولا بنفي ، ولا بتحجيم الأخر ، صورة الشيعي كما هو في فكر قادته من أهل البيت ، يتضاد مع العنف ، ويحمل غصن الزيتون ، مادام الآخر كذلك .
سفير يحمل أوراق اعتماد من نوع خاص ، هي الأرقام والشواهد والمواثيق والأدلة والبراهين ، أوراق اعتماده تاريخه المسالم ، وعلمه الغزير ، وتقواه المشهود لها ، وشجاعته الحليمة ، وحبه الصادق للكل .
بل سفراء وليس سفير
ليس من شك نحتاج ليس إلى سفير و احد ، بل إلى كوكبة من السفراء الجادين العاملين على هذه الأهداف الطيبة ، النبيلة ، فلكل شيعة من شيعة العالم الإسلامي مشاكله ، و خصوصياته ، و همومه ، ولكل شيعة من شيعة العالم الإسلامي أجندته وآلياته التي تنسجم مع قدراته وممكناته ومديات تحركه ، ومن هنا لابد أن يكون لشيعة العراق سفيرهم ، ولشيعة السعودية سفيرهم ، ولكن تبقى الأهداف هي تلك الأهداف التي تصب أولا وأخيرا في صالح هذه الأمة المضطهدة ، ترفع غشاوة فهمهم عند الآخرين ، وتكشف عن مظالمهم ، وتعالج علاقاتهم بغيرهم ، وتوثق العلاقات بالأخر ، وترمم سوء الفهم الذي ترشح لدى الغير عن أهدافنا وفلسفتنا في الحياة ومساهمتنا في خلق الحضارة ، وتعرض بالأرقام مجازرنا في العراق ، وفقرنا في هذا البلد أو ذاك ، وتعرض حملات الإعلام المزيف الذي يؤلب العالم علينا ، لا لسبب سوى أننا نطالب بحقنا في الحياة والحرية والأمل ، ذلك الأعلام الخبيث الذي طالما يصورنا بأننا خطر على العالم .
ولسنا بدعة في هذا العمل ...
أبدا ...
ألم يكن للأخوة الفلسطينيين سفيرهم ، بل سفراؤهم في كل أنحاء العالم ؟
 يعرضون مظالمهم على المنظمات العالمية ، ويتواصلون مع الكتاب و المفكرين والصحافيين العالميين ، للحديث عن معاناة الشعب الفلسطيني ليس في داخل الأرض المحتلة فحسب ، بل في كل العالم ، حتى في البلدان العربية التي تستضيفهم .
ألم يكن للأخوة الأكراد سفراءهم في كل مكان ؟
 يطرقون أبواب المنظمات والحكومات والأشخاص النافذين ، يعرضون ما يحل بهم ، وما يجري عليهم ، من ظلم وانتهاك واضطهاد في ظل نظام صدام حسين ، وفي تركيا وسوريا وإيران كما يقول أعلامهم ، بل كما ينقل سفراؤهم إلى العالم ؟
ألم يكن للأقباط سفراؤهم في كل أرجاء المعمورة ؟
يتكلمون عن انتهاك كنائسهم ، وحرمانهم من ممارسة طقوسهم الدينية ، وإجبارهم على لبس غطاء بعينه ، وملاحقتهم بالتخويف والترهيب من هذه الجماعة أو تلك ، من هذه الدائرة أو تلك .
بل ألم يكن لإخواننا السنة في عراقنا الواحد سفراؤهم إلى الجامعة العربية ، وبلاد الكنانة ، والأردن ، و السعودية ، بل وحتى إلى كوفي عنان ومنظمته ؟
نعم !
سفير شبه دائم في بيروت ، يتصل بعلمائنا ومناضلينا شيعة لبنان ، يشكي إليهم خيانة ( مراجعنا )، ويعرض عليهم مظالم الأخوة السنة ، وكان لذلك آكله العذب الطيب ...
نعم !
ألم يكن لثوار الصحراء الغربية سفراؤهم في أكثر بلا د العالم ؟
ألم يكن لمتردي الهوندارس سفراؤهم في العالم ؟
ولكن ألم يكن ( للمعارضة ) الإيرانية سفراءهم في العراق ؟
ألم يكن ( محمود دعائي ) سفير الإمام الخميني لدى الحكومة العراقية ؟
ليس ذلك بدعة ، ولا هو عمل غريب ، بل هو أمر طبيعي ، بل أن عدم المبادرة إلى مثل هذه المشاريع هو الشاذ، هو الغريب ، هو الذي يجب أن يثير السؤال تلو السؤال ، وهو علامة على عدم وعينا لحركة العالم .
أن عدم الشجاعة ربما هي التي تجعلنا بعيدين عن مثل هذه المشاريع ، وعدم الثقة بالذات ربما هي التي تجعل مثل هذا التفكير شاذ بالنسبة لنا .
إن التفكير في هذا المشروع سوف يكون بمثابة نقلة رائعة في حركة الشيعة في العالم كله.
فهل من بداية خيرة ؟
 

الرئيسية  | مركز الصدرين للفكر الإستراتيجي |  العودة للصفحة السابقة