النجف الأشرف .. أنْ تكون حاضرة عالمية مشرقة *
كتابات - شباب آل محمّد


مقدّمة نحو المقصود
 ليس غريبا على النجف ان تكون حاضرة عالمية ، فقد كانت الكوفة مصدر إشعاع فكري وروحي في العالم الاسلامي طيلة قرون من الزمن ، وقد إقترنت إسماّ وفكراَ ومسيرة بأخطر مرحلة تاريخية عرفها الزمن الاسلامي ، تلك المرحلة التي تولَّى فيها الامام علي الخلافة ، وما تلى ذلك من تحولات فكرية هائلة في الضمير الإسلامي ، وليس من شك كانت الكوفة مصدر توهج فكري حاد ، فالتراب الكوفي كان خصباً معطاء نشطاً على صعيد خلق الفكر وتوليده وتحريكه ، ثم لا يمكن ان ننسى إنّ هذه النقطة الجغرا فية من الوطن الاسلامي الكبير ، كانت ساخنة على الصعيد السياسي في الموقف من الحكام والسلاطين ، فالتاريخ يشهد إنَّها مهد الثورات والإنتفاضات التي كانت تتفجّر على ارض الاسلام منذ ان أوقد الحسين عليه السلام الشرارة الاولى وحتى هذه اللحظة ، ومن هنا لا نستغرب أن يصبَّ صدام ومن قبله من الطغاة والمستبدين حقدهم ا لاعمى على هذه البقعة الجغرافية المحدَّدة من خارطة العالم الاسلامي ، لإنها قطعة ملتهبة بالروح الخلاَّقة المعطاءة ، ويكفي هنا ان نذكر إنَّها كانت وما زالت موطن الحوزة العلمية التي إضطلعت بحماية وإ ثراء ونشر علوم أهل البيت عليهم السلام ، وهي النقطة التي طالما أثارت غرائز النواصب والحاقدين على النجف وأهلها وعطائها وعلمائها ، وقد حاول الاخرون مراراَ وتكراراَ تهديم هذه الصرح الروحي الشامخ ولكنّهم لم يفلحوا . وفي الواقع ان النجف لا تستمد قيمتها فقط من هذا التاريخ الحيوي الساخن بالفكر والشعر والفقه و الفلسفة ، بل تستمدُّه أيضاً من قيمتها الروحية الرائعة ، تلك القيمة التي تتجسّد في مدفن أمير البيان علي بن أبي طالب عيله السلام ، وما توارثه الكثير من المسلمين ، من إعتقاد راسخ من انَّ النجف محضن آدم ونوح وغيرهما من الانبياء الكر ام ، وها هي اليوم تحتل مركز الإنبعاث الاسلامي العلمي لكثير من المسلمين في مختلف أرجاء العالم ، ففي كل سنة يتوافد على المرقد الشريف الملايين من البشر ، وكلهم حب وشوق للتشرُّف بعبق الضريح الطاهر ، ومن ثم يحدوهم الايمان بمذهب اهل البيت للإلتقاء بجماهير العلماء هناك ، للتزوّد بما تجوده قرائح العلم هناك من علم وفكر وادب ، فليس مجازفة بالقول اذا قلنا هناك الشعر النجفي ، وهناك الفقه النجفي ، وهناك البيان النجفي ، ولهذا لم ينل عالم في مجال الفقه حظوة التقليد والتعظيم إذا لم يمر بدورة من المران الفكري والبحثي في حاضرة النجف المشرفة ، وفي هذا السياق تشخص المكتبات النجفية العملاقة كشاهد إضافي الى الشواهد السابقة على سطوع الشخصية الحضارية للنجف الاشرف .
هذه الحاضرة العظيمة تلقت ضربات مؤلمة موجعة في زمن الطاغية صدام حسين ، يحدوه في ذلك حقده الدفين المتوارث من الحقد الاموي البغيض لهذه الحاضرة المحمدية العلوية الشامخة ، فقتل علماءها ، وشرّد أدباءها ، وبعثر مكتابتها ، وشوَّه ذكرياتها ، وفرّق أبناءها ، وليس من شك كان لذلك أثره البغيض على مجمل الوضع الفكري والروحي والتجاري لهذه الحاضرة الكريمة ، ومن هنا تشتد العزائم للنهوض بهذه الحاضرة من جديد ، وفي طليعة العاملين على ذلك علماؤنا الكرام ، يدفعهم لذلك حرصهم على كرامة النجف ، وحبهم لهذه الحاضرة العملاقة ، وقبل كل شي أخلاصهم لاهل البيت كظاهرة عقدية وروحية وتاريخية عظيمة .
جميل ولكن !
 جميل أن نفكر بإعادة الروح الحرّة المنطلقة الى النجف الأشرف ، وذلك على صعيد كونها حاضرة علمية مشرقة ، تحتشد بطلبة العلم من كل مكان ، بلا رقيب ، ولا خوف ، حيث حلقاتها الرائعة ، وسجالتها الفكرية الحرّة ، وجميل جدا ان تعود للنجف نشاطاتها الادبية والشعرية المتوهّجة بالبيان الساحر ، وجميل الى حد بعيد ان تزخر حركة المطابع النجفية بتنضيد الحروف والجمل الفكرية بلا توقف كما كانت عهدها في سابق ليس ببعيد ، بل كما هو عهدها منذ زمن طويل ، وجميل جدا أن يشهد النجف الاشرف ذلك الحشد البشري المتواصل من كل انحاء العالم لزيارة القبر الكريم ، ولكن هناك ما هو أهم من ذلك في تصورنا نحن شباب آل محمد ، هناك ما هو ا خطر واعظم واروع ، هناك ما يتناسب مع منزلة النجف التاريخية والعلمية السامقة .
نعم !
ينبغي ان نعمل سوية ، نعمل بنشاط وجد على تحويل النجف الى حاضرة عالمية ، حاضرة عالمية بكل المقاييس ، لها دورها العالمي في الفكر والسياسة ، لها دورها في تحقيق السلام العالمي ، ولها دورها في حوار الاديان ، ولها دورها في تحديث فلسفة الدين ، ولها دورها في التقريب بين المذاهب الاسلامية، ولها دورها في تنمية الروح في الفكر العالمي ، ولها دورها في إنقاذ العالم من الحروب والجشع وتسلّط قوى الظلم والطغيان والفساد ، ولها دورها في إنقاذ افريقيا من الجوع والموت والحرب ، ولها دورها في نشر ثقافة التسامح والحب والخير ، ولها دورها في تأصيل الكلمة الروحية في زمن الطغيان المادي ، ولها دورها في ترشيد الساسة المسلمين وغيرهم .
النجف الاشرف ليس أقل حظوة في العلم و التاريخ والثقافة من الازهر الشريف ، وليس أقل حظوة من الفاتيكان حاضرة العالم المسيحي ، وليس اقل حظوة من الكنيسة الشرقية في روسيا ، وليس اقل حظوة من الكنيسة في اليونان ، وكل هذه الحوا ضر تلعب أدواراً عالمية على صعيد توجيه العالم ، وترشيد العمل السياسي ، ونشر ثقافة السلام و التسامح ، بل وفي ترشيد الطروحات الاقتصادية لحل مشاكل العالم .
نريد ان يكون صوت النجف عالميا ، ينتشر في كل أنحاء العالم ، تستشيره هيئة الامم المتحدة ، ومجلس الأمن الدولي ، وتساهم في صياغة مشاريع اليونسكو ، وتكون طرفاً نشطاً في خضم الدعوة الى تجديد الفكر الديني ، ويكون لها حظ وافر في مواجهة ثقافات العنف والإ رهاب باسم الدين والروحانية ... أن يكون لها دور عظيم في حماية حقوق الاقليات في العراق وفي كل أنحاء العالم .
لقد آن الآوان ان تتحول النجف الى حاضرة عالمية ، خاصّة وإن صوت الأديان عاد قويَّاً مدويِّاً في الضمير البشري ، فلم يعد الدين مجرّد نسق عقدي بل هو نسق إجتماعي ، وحضور عميق ، يستل مشروعيته من التاريخ ، والحقيقة الروحية التي إستطاعت ان تثبت قوية ساطعة في مواجهة الطغيان المادي .
العمران المدني !
هل يمكن ان تكون النجف حاضرة عالمية وهي ترزح تحت الانقاض ؟ أو تتصدرها البيوت ذات النسق البدائي ؟ أو تتوزَّعها الشوارع الضيقة ؟ أو يسودها الظلام الدامس لساعات طويلة ؟ أو لا يأتمن زائروها على حافظة نقودهم من لص قادم من وراء الحدود ؟ أ و يسقي أهلها ومحبيها ماء أٌجاج ؟ او أراضيها سبخة لا تصلح لزرع أو ضرع ؟ أو أسواقها كاسدة عاطلة ، أو مدارسها متداعية متهالكة ؟ أو أليات نقلها محطَّمة تثير القرف والأشمئزاز ؟
الجواب بطبيعة الحال بالسلب ، فإن العمران الجميل ا لمستوفي لشروط الصحّة والسلامة والكرامة جزء لا يتجزء من أي جهد لجعل النجف حاضرة عالمية، ينبغي ان ننهض بهذا البلد الشريف عمرانيا بدرجة فائقة ، على جميع الاصعدة والمجالات .
إن عنوان ( النجف حاضرة عالمية ) يستدعي التواصل مع الجمال الخارجي للحياة بقدر ما هو عنوان فكري يتواصل مع العالم ، وبقدر ما هو حضور في الساحة العالمية .
إن الجدّة والنضارة في الشكل الخارجي للنجف يجب ان يتوازى مع الاتساع الروحي للنجف في العالم كما هو جوهر مشروعنا ، لا يمكن أن تكون النجف حاضرة عالمية وهي فقيرة السوق ، بدائية الحياة ، شحيحة الجمال ، ذلك تناقض ، أو اقل ما يقال عنه عدم تكامل بين الخارج والداخل ، بين الشكل وا لمضمون .
الإرتباط بالعالم
المقترب الثاني في سياق مشروع حاضرة النجف العالمية ، هو الارتباط بالعالم عبر خطوط مواصلات متشابكة ، خطوط مواصلات حديثة... سريعة ... مريحة ... متطورة ... مطار النجف الاشرف خطوة جريئة ورائعة على هذا الطريق ، كذلك خطوط سكة حديد تربط النجف بدول الجوار ثورة مواصلاتية رائعة ، وفي الحقيقة هو مطلب تستوجبه إعتبارات كثيرة ، ومن اهمها ان النجف بلد سياحي ، ديني ، يؤمُّه سنويا ملايين الناس ، وبذلك يمكن أن يتحول هذا الاجراء الى ثروة إقتصادية إ نعاشية تعم بخيرها العراق كله .
هي حاضرة عالمية ، فإذن يجب ان تكون حاضرة عبر خطوط مواصلات سريعة ، تربطها بحواضر العالم الكبرى ، وخاصّة حواضر الدول المجاورة .
المدينة الجامعيَّة
النجف الاشرف على طريق العالمية ينبغي ان تتحوَّل الى مدينة ( جامعية ) ، تماماً كما هو الحال بمدينة ( لوند ) السويدية ، حيث تشكل منطقة جامعية صرفة ، جامعات عملاقة تستقبل طالبي العلم من كل أنحاء العراق ، ومن خارج العراق بطبيعة الحال ، جامعات تهتم بشتى العلوم ، خاصّة الانسانية منها والدينية ، تتواصل مع الجامعات العالمية الكبرى ، تتبادل المناهج والطلاب والإساتذة والخبرات والمعلومات ، أن النجف سوف تتحول الى منارة عالمية فيما تحقق مشروع ( المدينة الجامعية ) .
المكتبة المليونية
مقترب في غاية الاهمية فيما إذا أردنا لمدينة أمير المؤمنين ان تتحول الى حاضرة عالمية ، مكتبة مليونية زاخرة بكل ألوان الفكر والثقافة وا لا دب والعلم . النجف ليست بعيدة عن مناخ المكتبة المليونية ، فهناك عشرات بل مئات المكتبات في النجف الاشرف ، تضم نفائس الكتب و المخطوطات ، ولكن نريد مكتبة أخرى ، مكتبة كونية شاملة ، مكتبة مليونية صارخة بكل الوان المعرفة ، لا تقتصر على التراث و العلم الديني ، يجد فيها الطالب و الباحث كل جديد يصدر ، وذلك على غرار مكتبة ( الكونجرس الأمريكي ) من حيث السعة والضخامة و العلاقة بدور النشر العالمية والعربية والاسلامية ، هذه المكتبة ضرورة جوهرية ونحن نخطط لمدينة الامام علي على طريق العالمية .
المؤتمرات الفكرية
مقترب آخر على طريق عالميَّة النجف الاشرف ، يجب ان تتحوَّل النجف الى ساحة ساخنة بحضور الفكر ، وليس من شك ان المؤتمرات الفكرية علامة بارزة على هذا السبيل ، وينبغي ان يكون هناك قصور مخصَّصة لمثل هذه المؤتمرات الفكرية ، هذه المؤتمرات تسمّى باسم النجف بشكل من الاشكال وصورة من الصور، مؤتمرات تعالج شتى الموضوعات الفكرية التي تهم العالم الكبير ، سواء على صعيد الثقافة أو البيئة أو السياسة أو الاقتصاد أو العلاقات الدولية أو مشاكل الاسرة ، او العلاقات بين الاديان ، والعلاقات بين القوميات .
النجف ينبغي ان تكون عاصمة الفكر ، عاصمة الثقافة ، والمؤتمرات الفكرية الدورية أو الطارئة أو الأضطرارية من المعالم الكبيرة على هذا الطريق اللاحب .
النشاطات الفنية العالمية
 نريد للنجف ان تكون مصدر اشعاع فني عصري محتشم ، فقد تحوّل هذا النشاط الوجداني الروحي الى وسيلة إثارة مبتذلة ، وسبيل إستئكال وإثراء حرام ، ومن هنا ينبغي ان تضطلع النجف برسالة فنية شفافة ، تعكس معاناة الانسان ، وتعمل على تجذير القيم الروحية في الضمير البشري ، وتحفز الطاقات البشرية ضد الحروب الظالمة ، وفي مواجهة الإرهاب باسم الدين ــ والدين براء من ذلك ــ وسوف يكون من أحدى المعالم على طريق العالمية النجفية هو الاهتمام بالنشاط الفني ، وذلك في مجال الرسم والنحت والتمثيل والخط ، وذلك بالتفاعل مع المدارس الفنية العالمية التي تحترم خصوصيات الجانب الروحي في الانسان ، وتعمل على إشاعة قيم المحبة و التسامح والخير والعطاء القيمي الشفاف ، وسوف يكون للنجف الاشرف حضور عالمي إذا فكر القائمون على إدارتها بتحويلها الى مصدر إعطاء فني عالمي يتواصل مع مشاكل الانسان العالمية ، أي تتحوّل الى مصدر إثراء الفن الديني الروحي الوجداني الميتافيزي الذي يربط بين الانسان وخالقه وقيمه ومصيره الاخروي الحتمي . أن النجف سوف تنافس حاضرة الفاتيكان إذا توجّهت الى الإهتمام برسالة الفن الروحية ، لان التراث الروحي للنجف أغنى وأعمق وأعظم .
كراسي العلماء و المفكرين
إحياء العلماء و المفكرين و الشعراء الكبار عبر نصب كراسي باسمائهم الكريمة في المدارس والجامعات وقاعات المحاضرات وا لمؤتمرات عملية حضارية رائعة ، وسوف لا تقتصر هذه الكراسي على علماء الفقه فحسب ، بل الشعراء والسياسسين المصلحين من رواد االامة الاسلامية ، إن إستحداث كراسي لهؤلاء الاعلام يمثل نقلة حضارية في التفكير النجفي ، ويجعل النجف على طريق الحاضرة العالمية .
متحف النجف العالمي
معلم آخر على طريق عالمية النجف الاشرف ، أن الآثار النجفية كثيرة وقيمة ورائعة وحضارية وإنسانية ، وفكرة تأسيس متحف نجفي عملاق ، عصري ، يتمتع بامتيازات الفن الجميل والدقيق على صعيد العمران ، وصعيد التنسيق ، وصعيد العرض ، وصعيد الصيانة ، وكل ما يتصل بمقتربات المتحف الناجح سوف يعطي للنجف بعد عالمي رائع ، تستمد كثير من الحواضر قيمتها العالمية من متاحفها ، وكثيرا ما تبدأ هذه المتاحف بسيطة ، ولكن بمرور الزمن تثري وتكبر وتصبح عالمية .
يوم النجف العالمي
مشروع في غاية الاهمية ، يوم محدَّد من كل سنة ، ذلك هو يوم النجف العالمي ، تلقى فيه البحوث والدراسات عن النجف وتاريخها وعطائها ، وتطورها ، وما ينتظرها في المستقبل ، يشارك فيه باحثون ومفكرون عالميون من مسلمين و غير مسلمين ، ويصدر فيه كراس سنوي يؤرخ لكل الانجازات التي تتم في هذا اليوم .
هذا اليوم سيكون من معالم عالمية النجف المرتقبة بإذن الله تعالى .
مراكز البحوث والتحقيقات
 ينبغي ان تتحوّل النجف إلى معمل فكري دائم ، مراكز البحوث والتحقيقات معلم مهم وجوهري على طريق عالمية النجف ، بحوث دينية وعلمية وتاريخية وادبية ... تحقيقات دقيقة وعميقة تتناول التراث باكمله ، تقدم زاداً عالمياً للثقافة العالمية ، على ان تحدث هذه التحقيقات ثورة معرفية في الضمير العربي والمسلم ، ومن الطبيعي ان يكون لهذه المراكز علاقاتها الرصينة والتعاونية مع مراكز البحوث العالمية ، بصرف النظر عن هويتها وإنتمائها الديني ، لانّنا نريد من النجف ان تكون مدينة سجالية على مستوى الفكر و الثقافة و الفن و الأدب .
مدينة سياحيَّة
ينبغي ان تتحوَّل النجف إلى مدينة سياحية عالمية ، فهناك المراقد ، والمزارات ، والمتحف المرتقب ، وغيرها من الممكنات الكبيرة التي تسمح بان تكون النجف مدينة سياحية عالمية ، وليكن الزائر الذي يريد التشرُّف بزيارة الأئمة المعصومين ليكن سائحا ايضا ، يتمتع بالمشاهد الجميلة، ويستمتع بهواء الكوفة الطيب ، ويستمتع بكنوز المتحف النجفي المُرتقب ... النجف مدينة سياحية ، ذلك من معالم النجف العالمية بلا شك ، فيما إذا عزمنا على ذلك .
المقبرة العصرية
المقبرة النجفية أكبر مقبرة في العالم ، وهناك نصوص دينية على استحباب الدفن في هذه التربة الطيبة ، والمقابر في العالم المتحضِّر روضات وزهور ، ونعتقد ان تحديث مقبرة النجف أمر ضروري على طريق عالميتها المرتقبة بإذن الله تعالى ، يجب تغيير أنماط المقبرة النجفية ، نحوِّلها الى روضات ، إحتراما لارواح الموتى ، وإنقاذا لها من التلف و الضياع ، والشويه ، يجب ان تتحوَّل المقبرة النجفية الى رياض جميلة وتطهر من العابثين و الماجنين والمستهترين .
الجريدة النجفية الأسبوعية
هذه الجريدة تستعرض ا خبار النجف كحاضرة عالمية ، الانجازات الفكرية ، التطورات الاجتماعية ، النشاطات التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني في النجف ، المستجدات ، الطموحات ، التواصل مع العالم ...
الجريدة يجب ان تهتم بالنجف كمدينة دينية ... سياحية ... فنية... علمية ... فكرية ... أدبية ... هذه خطوة جبارة على طريق عالمية النجف الاشرف ، بطبيعة الحال هناك الى جانب ذلك التفلزة النجفية ، والإعلام النجفي ... كل ذلك في نطاق هذه الفكرة ، عالمية النجف الأشرف .
النشاط التجاري الصناعي
لا يستطيع احد ان ينكر ان القابليات النجفية على صعيد التصنيع رائعة وعلى صعيد التجارة ماهرة ، وهي حاضرة صناعية متقدمة في كثير من المجالات ، ويختزن النجفيون مهارات تجارية ضخمة بفضل كونها مدينة سياحية ، يأتيها الناس من كل فج عميق ، وتلعب المهارة النجفية على صعيد الصناعة والتجارة دوراً كبيراً في تحريك عجلة الاقتصاد هناك ، ومن هنا نعتقد ان من معالم عالمية النجف هو الإهتمام بهذه المهارات ، تنميتها ، وصيانتها ، وتوفير المجلات الملائمة لها ، وتوفير فرص التشجيع عليها . ذلك من مقتربات المشروع هذا ، وأهل النجف شطار وأذكياء ، ومجرَّد ان تتوفر الممكنات الاولى يحدث انقلاب في هذه المجالات في النجف الاشرف .
تنظيم المواسم الدينية
ينبغي تنظيم المواسم الدينية ، فمن المعروف للاسف الشديد ، ان النجف يفتقد هذا التنظيم الحضاري ، تعم الفوضى ، وتكثر السرقات ، وتتزاحم الناس ممّا يترتب عليه الكثير من المخاطر ا لكبيرة ، هناك موسم عاشوراء العظيم ، والا ربعين ، ورمضان المبارك ، وولادة ووفيات المعصومين ، وكل مناسبة تتقاطر الناس على هذه المدينة المقدسة ، ونعتقد إن وضع نظام أو مصفوفة أنظمة للهذه المواسم ، سواء في الدخول أو الخروج أو الا قامة أو تأدية الطقوس المقدّسة أو المراجعات الصحية والأمنية ... كل هذه المقتربات يجب ان تخضع لأنظمة مدروسة ، تسهر الدولة وا لمسؤولون على صياغتها وتطبيقها ، ومن هنا يجب ان يكون للمدينة شرطتها الخاصّة ، شرطتها التي تعرف تاريخ المدينة ومستحقات القداسة فيها ، وجغرافيتها ، و ثقافتها ، ويجب ان تعقد لهذه الشرطة دورات تدريبية للتعامل مع الحالات الخاصة لهذه المدينة ، وذلك بسبب أستثنائتها التي تتميَّز بها .
مدينة مقدّسة
النجف كـ ( حاضرة دينية عالمية ) مدينة مقدسة ، يجب ان يعم فيها السلام ، بل ان تكون مصدر سلام للعراق والعالم كله ، منها تنطلق مبادي السلام ، وفيها تعقد مؤتمرات السلام ، وفي ربوعها يستشعر المؤمن السلام الروحي والإجتماعي والفكري ، ومن هنا ينبغي ان تكون خالية من السلاح ، نظيفة من كل ما يكدر الأمن الاجتماعي ويربك المعادلات الاخلا قية ، ينبغي ان تكون نظيفة من تجارة الموت ، وتجارة العاهات ، وتجارة الفساد والخراب ، لها نظامها الامني الخاص ، وشرطتها الخا صّة ، وحراسها الخاصون ، بما يتناسب مع قدسيتها واهميتها ودورها . مدينة نشطة روحيا وعلميا وفكريا وتجاريا ، بعيد عن مساومات السياسة وا لمحسوبيات بدرجة كبيرة .
و... الحوزة المشرفة
وتبقى الحوزة هي المحرِّك الروحي الجوهري لهذه الحاضرة العلمية الدينية السياحية الفنية الأدبية التجارية الصناعية ، تجدَّد الفكر ، و ترشِّد الناس ، وتنشر لواء السلام ، وتعمل على ترسيخ فكرة الوئام الاجتماعي ، وتبارك مؤسسات المجتع المدني ، وذلك في سياق نقلة سوف تقوم على تحقيقها المرجعية العظيمة ، نقلة فكرية وعمرانية ونظمية ومنهجية ، ولنا كل الامل في ذلك الطود الشامخ الذي أثبت حبه للعراق والاسلام ، صاحب العقل النير ، والفكر التجديدي السيد اية الله العظمى السيستاني حفظه الله تعالى .
نعم !
الحوزة النجفية في طريقها الى تجديد الطرح الفكري الديني بكل مجالاته، نحن على ثقة سوف تدرس علوم النص الجديد ، وسوف تدرس علوم ا لتحقيق العلمي المعاصرة ، وسوف تدرس فلسفة الدين الحديثة ، وسوف تشرف على تنقية التراث ، وسوف تقنن الدراسة بدقة كي لا تكون الحوزة ملجا لبعض الكسالاى وا لفاشلين ، وسوف تتحول الى حاضرة عالمية ، تستعين بالدراسات الحديثة ، تحتضن خيرة الاساتذة و الاختصاصين في علوم اللغة و التاريخ وعلم النفس والا جتماع ، حتى تصبح النجف خالقة أفكار ، وباعثة روح لك ا لعالم .
عالمية النجف مشروع رائع يمكن ان يقوم على إنجازه الدولة ومجالس الاوقاف و التجار واهل الخير وا لمؤسسات العالمية الحيادية وأهل الفكر وا لعلم .
والحمد لله ربِّ ا لعالمين .
* هذه المقالة القيمة ، نشرت في وقت سابق في كتابات ، نعيد نشرها لأهمية ماجاءت بها من افكار - كتابات

الرئيسية  | مركز الصدرين للفكر الإستراتيجي |  العودة للصفحة السابقة