مركز الصدرين لحوار الحضارات والأديان

 المسلمون في الغرب
مسلمو فرنسا ومشروع مجلس يمثلهم لدى الحكومه الفرنسية


هناك خمسة ملايين مسلم في فرنسا، كيف يمكن تنظيم شؤونهم الدينية؟ هل سيتمكنون من إنشاء هيئة تمثيلية لهم أسوة بالهيئات الدينية الأخرى كالمسيحية واليهودية التي تخضع للقوانين الفرنسية، وتكتفي بالجانب الروحي في نشاطاتها؟ التعامل مع مسلمي فرنسا مر عبر عدة مراحل بدءاً بالجدل الذي دار حول إدارة مسجد باريس، إلى المحاولات لجمع شتات المسلمين من قبل بعض الحكومات والحركات الإسلامية، وانتهاء بمحاولات الحكومة الفرنسية أو الحكومات المتعاقبة بتنظيم شؤون مواطنيها المسلمين في إطار هيئة أو مجلس تشرف عليه وزارة الداخلية دون غيرها.
والآن هل يتفق مسلمو فرنسا فيما بينهم لإنشاء مجلس يمثل جميع المسلمين ولا يقتصر على من تباركه وزارة الداخلية؟ هل المقصود من مثل هذا المجلس قطع الطريق على الإسلام السياسي؟ هل تريد فرنسا -العلمانية- انصهار مواطنيها المسلمين فيها ودون الحفاظ على هويتهم، أم أن لهؤلاء كل الحق للحفاظ على تقاليدهم وتراثهم الديني؟
يقول د. محمد بشاري: رئيس الفدرالية العامة لمسلمي فرنسا : الغرض من إنشاء هذا المجلس هو إيجاد مجلس تمثيلي للدين الإسلامي يمكن أولاً أن يكون المخاطب الأساسي للحكومة الفرنسية، والسهر على تنظيم أحوال المسلمين في ممارستهم للشعائر التعبدية، ولماذا وزارة الداخلية؟ لأنها الوزارة المكلفة بالأديان فهي تعادل وزارة العدل في بلجيكا المكلفة هي الاخرى بالاديان ووزارة الشؤون الاجتماعية بهولندا , لكن السؤال المطروح : هل المسلمون الان بحاجة الى إيجاد مثل هذه المجالس أم لا؟
هل فرنسا هي بحاجة إلى إيجاد مثل هذه المجالس أم لا؟ الجواب على كلا السؤالين يكون بـ (بنعم)، لأن المسلمين اليوم وهم متشتتين إلى فرق وجماعات بحاجة -أولاً- إلى مرجعية دينية يمكن من خلالها الاجابة على جميع الأحوال والنوازل من جهة..
أما د. صادق سلام :الباحث في تاريخ الاسلام المعاصر فيصرح في برنامج لقناة الجزيرة القطرية : منذ أكثر من 20 سنة وزارة الداخلية الفرنسية هي اللي تطالب بإنشاء هيئة مركزية يمكن أن نسميها (كنسية إسلامية) لأن الدولة الفرنسية متعودة على العلاقات مع كنسية يعني تضبط كل الأمور الدينية وتحتكر القضايا الدينية، لكن لحد الآن الرأي العام الفرنسي المسلم لا يعرف إلا قليل عن هذه المبادرة
ويقول د. فؤاد العلوي الامين العام لإتحاد المنظمات الاسلامية في فرنسا : كانت هناك محاولات عدة لتنظيم وضع الإسلام والمسلمين في فرنسا، وكل هذه المحاولات باءت بالفشل، والمبادرة التي قام بها وزير الداخلية (جون بيير شيفرمون) في إيجاد هيئة تمثيلية للمسلمين، كانت أول ملاحظة أبديناها لوزير الداخلية هو أن الجهات التي دعيت لهذه الاستشارة، لا يمكن أن تعتبر وأن تعطي لها الصفة التمثيلية، هذا كلام صحيح، ولكن كان شرطنا الأساسي أن يكون عمل هذه المجموعة من 20 مؤسسة أو أشخاص يعني اللي هو عمل استشاري أولاً، ولإيجاد مشروع من المفروض فيما بعد أن يطرح على المسلمين وعلى المؤسسات الإسلامية الموجودة في الساحة..
وحول شبهة محاربة الاصولية والاسلام السياسي التي تقف وراء مبادرة الداخلية الفرنسية , يقول بيير فرانس السفير الفرنسي المتجول : لا أظن أن الهم الامني يقف وراء هذه المبادرة , بالعكس الاهتمام الرئيسي لوزارة الداخلية الفرنسية هو معاونة المسلمين بصفة عامة، لينظموا أنفسهم، ليكون تمثيل وافي لجميع المنظمات الإسلامية الموجودة في فرنسا، ليس هنالك غرض سياسي لمحاربة الإرهاب أو محاربة أي مظاهرة سياسية مهما كانت. الهدف هو إيجاد كلمة إسلامية موحدة في فرنسا، إيجاد مخاطب موحد إسلامي للحكومة الفرنسية
د. محمد بشاري: اللي أود أن أقول له هو أن القضية فيها تنظيم الإسلام، وفيها تنظيم المسلمين، الربط بين الهاجس الأمني وتنظيم الإسلام هو الذي أدى إلى فشل إيجاد هيئة وصيغة للعمل الإسلامي من فرنسا، لحد الان , ففرنسا كانت تتعامل مع الإسلام فقط من الزاوية الأمنية، وأما اليوم فمع وجود ووصول الجيل الثاني والجيل الثالث الذين يشعرون بأنهم مواطنون فرنسيون لهم نفس الحقوق والواجبات كأي مواطن فرنسي آخر ذي ديانة مخالفة، يريد هذا المواطن الفرنسي أن تتعامل معه القوانين الفرنسية تعامل عادي كما تتعامل مع الاخرين.
بينما الآن يواجه المسلمون عدة إشكاليات في ممارسة الشعائر التعبدية ولهذا نحن ندعو إلى مجلس تمثيلي للدين الإسلامي وليس للمسلمين.
اليوم هنالك الكثير من رخص بناء مساجد في فرنسا معطلة الى اليوم وهي مرفوضة من طرف عمد بلديات كثيرة. اليوم مثلاً لا توجد مدرسة إسلامية واحدة في فرنسا، اليوم مثلاً لازال يتعامل الإعلام الفرنسي مع قضية الإسلام أنها مرتبطة مع ما يجري في بعض البلدان العربية والإسلامية.
وفي حيال هذا الواقع يقول بييرفرانس أن حل مثل هذه المشكلات يكمن في الحوار.. الحوار بين هيئة تمثلية تمثل بصورة حقيقية جميع المسلمين الفرنسيين وبين الدولة الفرنسية.
ويرد عليه سامي حداد مقدم برنامج ( أكثر من رأي ) في فضائية الجزيرة : ولكن معظم هذه المشاكل مسيو بيير لافرانس، تنبع أصلاً من أن فرنسا تريد من مسلميها من مواطنيها الفرنسيين أن ينصهروا في بوتقة المجتمع الفرنسي في فرنسا، دون أي هوية أو علاقة ثقافية تاريخية بينهم، والدليل على ذلك موضوع لباس الحجاب، والطالبات اللائي يذهبن إلى المدارس، يعني أقمتم الدنيا ولم تقعدوها حتى الآن فيما يتعلق بموضوع بسيط.
ويقول د. فؤاد العلوي: الحقيقة أنا أعتقد بأن هناك إشكاليتين, الاولى متعلقة بالرصيد التاريخي الذي يحمله عدد من القائمين على المؤسسة السياسية الفرنسية، وعقدة حرب الجزائر وعلاقة فرنسا مع الجزائر وحقبة الاستعمار، والإشكالية الثانية: هي أن هناك كثير من القائمين على المؤسسات الإسلامية ومن المفكرين الإسلاميين ومن الفرنسيين غير المسلمين لم يستوعبوا بعد هذا التحول الذي يقع لدى المسلمين الفرنسيين من الاندماج في المجتمع ومن التعامل الإيجابي، وكذلك من تقبل إيجابي المجتمع الفرنسي والغربي للتواجد الإسلامي داخله .
وأخيرا , ينقل أن جمال الدين الافغاني قال : ( وجدت الاسلام في فرنسا بدون مسلمين ) . وهاهم المسلمون اليوم بالملايين في فرنسا فهل سيبقى الفرنسيون على ( اسلامهم ) ؟!
----------------------------------------
المصدر : فضائية الجزيرة
 

الرئيسية  | موسوعة الصدرين لحوار الأديان |  العودة للصفحة السابقة