مركز الصدرين لحوار الحضارات والأديان

 قصة إسلامهم
ماذا يقول المتحوّل المعروف حامد الغار
حسن السعيد


وهو اسم معروف في الأوساط العلميّة الأجنبية بدراساته المعمّقة في تاريخ المسلمين الحديث. وهو من أصل انجليزيّ، اعتنق الاسلام وكتب عن علمائه، وصدرت له مقالات وكتب عديدة في هذا الشأن. مقيم في أمريكا، يمارس البحث والتدريس في جامعة بيركلي.
وحينما سُئل عن كيفيّة اعتناقه الاسلام... ومتى، أجاب:
"انّ شرح الأسباب الحقيقيّة لاعتناقي الاسلام ربّما يحتاج الى مقالة كاملة ولكن موجزها هو كما يلي: لم يكن لديّ في بدء تخصّصي الدراسيّ بمادّة الاسلام واللغة العربيّة بجامعة كمبردج أواخر الخمسينات أي اكتراث بالاسلام كدين. وكان اهتمامي باللّغة أكثر منه بالدّين، ولكن المضيّ في دراسة اللّغة أخذ يثير لديّ اهتماماً بالثقافة الاسلاميّة حتّى وصلت، في مطلع الستينات، الى الايمان بالاسلام واعتناقه".
ولمّا كان مختصّاً بالدراسات الاسلاميّة، فقد كتب في هذا الخصوص عدداً من الدراسات والمقالات من بينها اطروحته الجامعيّة لنيل شهادة الدكتوراه عام 1965م. من جامعة كمبردج أيضاً، التي كانت تدور حول دور العلماء خلال الفترة القاجاريّة من تاريخ ايران. وقد صدرت في كتاب تحت عنوان "الدّين والدّولة في ايران من 1785 الى 1906". ولمّا كان تاريخ ايران هو مجال تخصّصه، فقد كتب ايضاً مقالة حول احدى شخصيّات القرن التاسع عشر التي كان لها دور في الاطروحات الفكريّة لثورة الدستور "المشروطة" ثمّ أتبعها ببحث عن دور العلماء في القرن العشرين، وقد أورد فيها ذكر "الامام الخميني". قام بعدها بترجمة كتابات "الامام الخميني" وأصدرها تحت عنوان "الاسلام والثورة"، وترجم أيضاً كتابات "علي شريعتي". وأعدّ فيما بعد فصلين عن تاريخ وشخصيّات ايران الاسلاميّة خلال القرنين الأخيرين، كما قام بدراسة واسعة لموضوع التصوّف، وبالخصوص، الطريقة النقشبنديّة في عدد من البلدان الاسلاميّة مثل: تركيا وسوريا والعراق وإيران وباكستان.. ولكنّ مسودّات البحث الذي كان يأمل نشره في كتاب التهمتها النيران في حادث حريق حصل لمنزله، وتعيّن عليه أن يعيد البحث مرّة أخرى.
وباعتباره مسلماً ومستشرقاً اُتيح له الاطّلاع على طريقة عمل المستشرقين وفهمهم للاسلام، فهو ينظر الى الاستشراق برؤية مغايرة لما يحاول البعض الترويج له، إذ يقول:
"لقد أصبحت كلمة (الاستشراق) كلمة ممقوتة في الأوساط العلميّة بعد صدور كتاب (ادوارد سعيد) (الاستشراق)، ويحسّ المستشرقون بشيء من عدم الارتياح تجاهها وهم لا يودّون أن يوصفوا بكونهم (مستشرقين).
يحاول المستشرق التقليدي أن يتكلّم بشكل واسع ومطّلع، من وجهة نظره، حول مختلف أوجه الحضارة والثقافة والدِّين والتاريخ الاسلامي، ولكن المستشرق المحدث يقتصر في دراسته على تخصّص معيّن".
ثمّ يخلص الى القول، حول هذه النقطة:
"يمكنني تلخيص المشكلة على الوجه التالي: هناك خط واحد أساسيّ يجمع المستشرق المحدث مع سالفه ذلك هو الاحساس بالبُعد النفسيّ عن موضوع دراسته، الاسلام في هذه الحالة، وإن لم يكن ذلك بادياً بصورة عيانيّة واضحة. انّه يحاول دائماً أن يُصدر أحكاماً بحقّ الاسلام والمسلمين من زاوية نظره الخاصّة، وهناك فراغ يفصل بين عالمه وعالمهم "نحن" و "هم"، "نحن" الناس الذي يحق لنا الحكم "عليهم" واستخلاص آراء بشأنهم، آراء تحدّدها "مصالحنا" العمليّة والسياسيّة أو غير المحدّدة. هذا هو الافتراض المعتمد لدى السابقين واللاحقين في حقل الاستشراق".
أما عن العلاقة بين الاستشراق والموقف السياسيّ الغربيّ فانّ "البروفيسور حامد الغار" يؤكّد بأنّ الصّلة بينهما واضحة، مستشهداً _على سبيل المثال _ بالدراسات الاستشراقية في انجلترا التي تقلّصت الى حدّ كبير مع نهاية الامبراطوريّة البريطانيّة، مضيفاً:
"وفي أمريكا مثلاً، ومنذ نجاح الثورة الاسلاميّة في ايران، عُقد أكثر من 20 الى 25 مؤتمراً حول (التطرّف الاسلاميّ) الهدف من ورائها ليس تقديم فهم أفضل للاسلام بل هو الرغبة في معرفة ما إذا كان شيء شبيه بما جرى في ايران سوف يحصل أيضاً في منطقة أخرى من العالم الاسلاميّ أم لا. وقد أضحى ذلك أمراً مكشوفاً في بعض هذه المؤتمرات، من خلال تمثيل رجال الادارة الأمريكيّة فيها. وهناك الصّلة بين بعض الأكاديميين والادارة الأمريكيّة مثل تلك الفضيحة التي تورّط فيها (نداف صفران)، وهو من أصل يهوديّ مصريّ مهاجر الى أمريكا، حيث اُثيرت قضية معقّدة حول تسلّمه أموالاً من المخابرات المركزيّة الأمريكيّة لكتابة مؤلف عن الدولة السعوديّة. وفي وقت الثورة الاسلاميّة كانت السفارة الأمريكية في طهران تستشير الخبراء من المستشرقين المتخصّصين بموضوع ايران، كما أوضحت ذلك وثائق السفارة الأمريكيّة في طهران".
وكمسلم وأكاديميّ يعيش في الغرب له رؤيته الخاصّة لواقع المسلمين هناك، ومستقبل الاسلام فيه، حيث يقول:
"لقد حقّق الاسلام، بغضّ النظر عن واقع مسلميه، حضوراً ثابتاً في الغرب. ولكن هذا الحضور كان حضوراً كميّاً وليس نوعيّاً. مثلاً تشير الاحصائيّات الى أنّ عدد المسلمين في أمريكا هو حوالي ثمانية ملايين نسمة، وهو عدد كبير حتّى في قارّة واسعة مثل أمريكا، ويعطيك هذا الرّقم اعتقاداً بأنّهم سيمثّلون نوعاً من التأثير والضغط، ولكن هذا ليس صحيحاً مطلقاً. والسّبب في ذلك أنّ مسلميّ أمريكا قد حملوا معهم سيّئات البلدان الاسلاميّة مضافاً إليها أخرى جديدة بحكم ظروفهم المعيشيّة وتواجدهم خارج بلدانهم، وعلى الرّغم من أنّ هناك تغيّرات جديدة آخذة بالنموّ تدريجيّاً.. ومن الصّعب التنبّؤ بنتيجة مثمرة".
وفي مجال آخر، تحدّث "الغار" عن وضع المسلمين داخل أمريكا وعن الأديان والأفكار الوضعيّة التي تنتشر في هذا البلد، والتي تأتي دائماً من الهند والشرق الأقصى، وقال: "انّ الشعب الأمريكي يعيش فراغاً معنويّاً كبيراً وما دام الانسان مفطوراً على العبوديّة لله والرّغبة في اتّباع قوّة معيّنة، ونتيجة ما يعانيه من مشاكل وعقبات كبيرة في حياته، كلّ هذا يجعله مستسلماً لتقبّل أيّة عقيدة، ويكون مستعدّاً لها، ويتصوّر أنّها ستملأ فراغه العقائديّ والمعنويّ، وهذا ما يفسّر اقبالهم الكبير على اُناس يصل بهم الأمر الى ادّعاء الاُلوهيّة..."، وأضاف: "انّ ضعف النشاطات الاعلامية لملايين المسلمين داخل أمريكا هو السّبب الرئيسيّ وراء انتشار الأديان الخرافية التي لا تلبي الحاجة المعنوية للناس في هذا البلد.. ولو كان لملايين المسلمين في هذا البلد إعلام مدروس وبرنامج تبليغي فقال لاستطاعوا إيصال مفاهيمهم الاسلامية الى كل سكان هذا البلد، ولما إستطاعت الأديان الوضعية التغلغل والتلاعب في عقول الباحثين عن المعنويات".
---------------------------------
المصدر : الاسلام والغرب، الوجه الآخر
 

الرئيسية  | موسوعة الصدرين لحوار الأديان |  العودة للصفحة السابقة