شرفات غربية
مقتطفات من آراء روجيه غارودي
غارودي اسم مدوٍ في عالم الفكر، وفيلسوف صاحب تجارب جعلت آراءه من أهم ما يطرح في القضايا المختلفة.. أختار الدين الإسلامي بعد انتمائه للشيوعية وميله للنزعات الوجودية. وهو اليوم أشهر من نار على علم وأحد ألمع المفكرين في العالم كله.
يقول عن الخصائص التي شدته إلى الإسلام: "وجدت في الإسلام دين التفتح والعمل والجمال، هو دين التفتح لأن يختلف عن اليهودية التي انغلقت على مفاهيم التعصب العنصري، وهي الأفكار التي تتبناها اليوم إسرائيل، فالإسلام منفتح على باقي الحضارات، وهذا ما يجذبني إلى الحضارة الإسلامية، كما إن الإسلام قد بعث في الثقافات المختلفة والإسلام دين الجمال كما نراه في الأعمال التي تركها من المساجد العظيمة التي لا يشك أحد في أنها تعبّر عن عقيدة واحدة تجدها ذات معمار مختلف تمام الاختلاف، وتعبّر عن ثقافات مختلفة، ولكننا نشعر بأننا في مجال روحاني إسلامي.. أقول ذلك بحكم أنني كنت أُدِّرس علم الجمال في الجامعة".
ومن السمات التي شدته أيضاً ما يعبّر عنه بقوله: "لقد وجدت في الإسلام التوافق بين العمل السياسي والإيمان، وأعتقد أن الإسلام سيكون له مستقبل باهر، كما كان في ماضيه أمام انهيار وإفلاس الغرب الرأسمالي والشيوعية الشمولية. كما أن الإسلام دين الأخلاقيات والعمل، ولذا فإنني أعتقد أن الإسلام هو الدين الوحيد اليوم القادر على حل مشاكلنا، ولهذا أسلمت بسعادة وحماسة".
ويتطرق غارودي إلى النزعة التحررية في الدين الإسلامي فيقول: " إن عبارة "الله اكبر" التي يطلقها المسلم للتعبير عن عقيدته، تجعل من كل سلطان ومن كل ملك ومن كل علم أمراً نسبياً، إن هذا النداء هو تعبير عن الحرية الحقيقية لأنه تأكيد للبعد المتسامي للإنسان أي تأكيد لقدرته على الخروج من حتمية طبيعته وغرائزه وعاداته، وتجاوزها جميعاً".
وحول مفهوم التوحيد الإسلامي ودوره التحريري في حياة المجتمعات يرى المفكر الفرنسي: "وحدانية الله تعالى هي محور الإسلام وهي مبدأ يحول دون عبارة الطواغيت المنتشرة في المجتمع الأوربي، طاغوت النمو والتقدم وطاغوت العلمانية والتقنيات وطاغوت الفردية وطاغوت الوطنية، فيجيب الإسلام عن كل أولئك ب "لا إله إلاّ الله" المبدأ الذي يقضي بوضع الخالق سبحانه وتعالى فوق كل شئ".
ثم يبرز تأكيد أن ما جاء به رسول الله (ص) إنما جاءه من عند ربه وأن الوحي الإلهي لا ينبغي علينا أن نضعه في إطار زمني من تاريخ أو من ثقافة أو من حياة شعب ومن الخطأ الفادح أن نفصل شريعة الله عن حياتنا لأن الإسلام بقرآنه وسنُّةُ نبيه (ص) حركة وحياة إلى يوم القيامة".
ثم يقرر غارودي حقيقة تاريخية وإنسانية مستمرة عندما يعلن أن الإسلام أنقذ العالم من الانحطاط العام والفوضى، وأن القرآن الكريم أعاد إلى ملايين البشر وعياً وروحاً جماعية جديدة.
ويستكمل نظرية للإسلام في أحد مؤلفاته فيقول: "إن الإسلام دعوة لتحرير الشعوب المقهورة سياسياً واقتصادياً ودينياً، فقد منح الأمل لجميع المضطهدين وطمأن قلوبهم فسرعان ما انضموا إلى صفوفه وساعدوه على مناهضة إمبراطوريات كبرى مثل فارس وبيزنطة فانهارت الواحدة تلوى الأخرى أمامه ولم تكن قوته تقارب قوة تلك الممالك عدداً ولا عدة، فمن السذاجة حقاً تصور انهيار تلك الكيانات أمام المسلمين بفعل السلاح.. وفضلاً عمّا سبق فإن الفتح الإسلامي لم يشكل استعماراً، فقد استقبل مثلاً شعب إسبانيا المسلمين الفاتحين الذين أنقذوهم من طغيان وغطرسة سلطان بلادهم الروحية والزمنية فلم يقاوموهم، ولعل أصدق صورة تعكس هذه الحقيقة هي أن العرب فتحوا الأندلس في قرابة سنتين فقط في حين تطلبت استعادتها منهم سبعة قرون".