مركز الصدرين لحوار الحضارات والأديان

 رياح الإسلام
الشاعر الألماني بلاتن يستظل بأخيار الأدب الشرقي الإسلامي
عبد الرحمن بدوي


بلاتن (1796 _ 1825)، الشاعر والمؤلف المسرحي الألماني الذي امتتح من الثقافة الإسلامية كثيراً حتى أطلق على مجموعة أخرى باسم "مرآة حافظ" (سنة 1822)، ومجموعة ثالثة باسم "غزليات جديدة" (1823) Neue Ghaselen
نقولأن لبلاتن قصيدة رائعة بعنوان: "في الليل تهمس على ضفاف نهر بوزنتو".. فيها يتدث عن دفن ألريك، زعيم القوط الغربيين، في قاع نهر بوزنتو باقليم كلبريا في جنوب إيطاليا سنة 412م.
وفي الكتب العربية أشباه لهذا كثيرة. منها ما أورده المسعودي في "مروج الذهب" من أنه لما قتل زيد بن علي الذي كان ينازع الأمويين الخلافة في عهد هشام بن عبىد الملك بن مروان، فحاربه يوسف بن عمر الثقفي والي الكوفة، دفنه أصحابه "في ساقية ماء، وجعلوا على قبره التراب والحشيش وأجري الماء على ذلك". كذلك أورد ياقوت في مادة "خزر" ما يلي عن ملك الخزر: "ورسم الملك الأكبر إذا مات أن يبني له دار كبيرة، فيها عشرون بيتا، ويحفر له في كل بيت منها قبر، وتكسر الحجارة حتى تصير مثل الكحل، وتفرش فيه وتطرح النورة فوق ذلك، وتحت الدار والنهر نهر كبير يجري، ويجعلون النهر فوق ذلك القبر، ويقولون: حتى لا يصل إليه شيطان ولا إنسان ولا دود ولا هوام، وإذا دفن ضربت أعناق الذين يدفنونه حتى لا يدري أين قبره من تلك البيوت". وفي مادة "سوس": "وفتحت الأهواز في أيام عمر بن الخطاب على يد أبي موسى الأشعري، وكان آخر ما فتح منها السوس، فوجد بها موضعا فيه جثة دانيال النبي، عليه السلام، فأخبر بذلك عمر بن الخطاب، فسأل المسلمين عن ذلك، فكان أهل تلك البلاد يستسقون بجثته إذا قحطوا. فأمر عمر، بدفنه. فسكّر نهراً ثم حفر تحته ودفنه فيه، وأجرى الماء عليه، فلا يدري أين قبره إلى الآن".
وأما قصيدة بلاتن فهاهي ذي:
قبر في نهر بوزنتو:
"في الليل تهمس على ضفاف نهر بوزنتو عند كوزنتسا الأناشيد الكابية ومن المياه يتردد الجوابُ، ويرنُّ من جديد في دوامه وأشباح القوط البواسل تصعد النهر
وهي تبكي على ألرك، سيد أموات شعبهم؛ لقد دفنوه وهو في ميعة الصبا بعيداً عن وطنه
بينما غدائر الشباب الشقراء لا تزال تحيط باكتافه.
واصطفوا صفوفا على شاطئ نهر بوزنتو وتنافسوا
في تحويل مجرى النهر، وحفروا مرقدا طريا؛ وفي التجويف الخالي من الأمواج حفروا التراب
وانزلوا الجثمان فيه ومعه سلاحه وهو يمتطى فرسه
ثم أهالوا عليه التراب هو وعتاده
ونمت نباتات النهر من فوق قبر البطل
ثم حول المجرى مرة أخرى
وراحت أمواج يوزنتو ترغى وتزيد في مجراه القديم
وغنت جوفة من الناس: "نم في أمجاد بطولتك!
ولا يضرن قبرك طمع أي روماني وضيع!"
هكذا غنوا. ورنت أهازيج المدح بين جيش القوط
فاهدرى يا أمواج يوزنتو من بحر إلى بحر"
----------------------------------
المصدر : دور العرب في تكوين الفكر الأوربي
 

الرئيسية  | موسوعة الصدرين لحوار الأديان |  العودة للصفحة السابقة