مركز الصدرين لحوار الحضارات والأديان

 شرفات غربية
اشارة الى موقف المستشرقين من نبوة محمد (ص)
عبد الجبار الرفاعي


أوضح الأستاذ عمر لطفي العالم في كتابه "المستشرقون والقرآن"، أن الإطار الفعلي الذي وضعت فيه صورة الاسلام على مدى قرون طويلة، كان سلسلة من الافتراءات والتهم التي تناولت شخص الرسول أولاً، والرسالة التي بُعِث بها ثانياً، ولقد أجمل مؤلف كتاب "السلام والغرب" Normann Daniell خطة الايديولوجيين المسيحيين لخلخلة جذور الاسلام في عبارة وردت في باب النبوة المزيفة، بقوله:
"لقد بدا لأولئك الأكثر اهتماماً أن الهجوم المسيحي يجب أن يوجّه بمجمله الى تعرية الرسول، فاذا أمكن إظهاره على حقيقته، أي تجريده من صفات النبوة، فإن ذلك سيؤدي الى انهيار صرح الاسلام كله".
كما أكدت المستشرقة شيمل Schimmel ذلك بقولها:
"لقد أثار محمد من الخوف، والكره، وحتى الازدراء، في عالم الغرب أكثر مما أثارته أي شخصية تاريخية اخرى..".
لقد تدفقت جهود المستشرقين في دراسة سيرة الرسول (ص) ونبوته منذ فترة مبكرة في تاريخ الاستشراق ثم تواصلت هذه الجهود حتى اليوم.
فمثلاً ظهر كتاب جوستاف فايل "محمد الرسول: حياته وتعاليمه" عام 1843م، وخلال الاعوام 1858 _ 1860م قدّم فرديناند وستنفلد سيرة ابن هشام في نصها الأصلي، بينما ظهر كتاب تيودور نولدكه قرن وربع القرن "تاريخ القرآن"، وبعد عام من ذلك التاريخ ظهرت الترجمة الألمانية لسيرة ابن هشام.
ولم يقف من تلا هؤلاء متفرجاً، بل ساهم بنصيبه في نفس المنحى والإتجاه، وكان من أبرز هؤلاء الفرنسي ليون كاتان، والهولندي سنوك هورجرونيه، والمجري جوزيف هوروفتر، والألمانيان فرانتس بوهل، وتور آندريه، والانجليزيان ريتشارد بل، وزميله مونتغمري وات.
لقد أسهم هؤلاء في إعادة تشكيل صورة النبي والقرآن والاسلام في العقل الغربي لكنها لم تكن صورة غريبة عن تلك الصورة التقليدية المتوارثة في الوعي الغربي، الصورة التي ظل العقل الغربي في أسرها قرون عديدة، وان تنوعت أساليب التعبير عن النبي والاسلام والقرآن، بين جيل وآخر من أجيال المستشرقين.
-------------------------------------
المصدر : كتاب متابعات ثقافية

الرئيسية  | موسوعة الصدرين لحوار الأديان |  العودة للصفحة السابقة