مركز الصدرين لحوار الحضارات والأديان

 رياح الاسلام
المجر 


مع بداية القرن الحادي عشر، حتى القرن الرابع عشر الميلادي، وصل إلى المجر، مسلمون من الطائفة الاسماعيلية، هم أصلاً من الجماعات التركية وطوائف البلغار، والفولجا، الذين هاجروا إلى هذه البلاد|.
كانت هذه الجماعات والطوائف المسلمة، تقوم على دعم اقتصاد المجر، ونظامه العسكري، وأساليبه السياسية، التي ما استغنى عنها المجريون وحكومتهم لما كان لهم من باع في هذه الامور.
ومن خلال إقامتهم، ودراستهم لاُمور البلاد السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، راحت هذه الجماعات المسلمة، التي استوطنت البلاد، تنشر الدين الاسلامي الحنيف، وتدعو له بتعاليمه.
واسترعى ذلك انتباه الحكومة المجرية، فتركوهم يفعلوا ما يريدون، وزادت دعوتهم للإسلام. واقتنع به كثيرون. واعتنقوه ديناً لهم، وكانت هذه هي البداية التي دخل بها الاسلام، المجر، علاوة على هجرة بعض المغاربة المسلمين المجريين الذين دخلوا الدين الاسلامي عندما أصبحت المجر تحت الإدارة التركية عام 1586 ميلادية، وانتشر الاسلام، وشيدت المساجد حتى أنها أصبحت في ذلك الوقت 61 مسجداً و 22 زاوية للصلاة، علاوة على عشرة مدارس إسلامية، لتعليم القرآن الكريم وتفسيره.
وازدهر الاسلام في هذه الآونة، وزاد عدد المسلمين، وكثرت المساجد التي اُقيمت على الطراز الاسلامية، وأهم هذه المساجد، المسجد المجري الكبير، الذي كان يتسع لمئات المصلين، ليؤدوا الصلاة فيه، ويقيمون فيه الاحتفالات الدينية.
وقد حرص المسلمون آنذاك على إقامة مقابر لهم، التي ما زالت آثارها باقية حتى اليوم، يزورها السائح الزائر الى المجر، حيث توجد في "بيشزوكانيزا"، بعض المعالم الاسلامية القديمة ذات الآثار والطراز الاسلامية في فن العمارة والنقش الذي ما زال يجد السائح متعة في زيارته ورؤيته. وتوجد أيضاً قرية حمزة، التي ما زالت تحتفظ بطابعها الإسلامي على غالبية آثارها.
ويوجد في بودابست ضريح "جول بابا" على قمة عالية من جبالها.
وكان جول بابا. واحداً من قادة الادارة التركية، الذي ازدهر الاسلام في عصره. فبنوا له ضريحاً لم يصب بسوء أثناء ويلات الحرب العالمية الأولى والثانية ولأن الرجل كان حريصاً على الاسلام، ومصلحة المسلمين. فما زال المسلمون يزورون ضريحه، ويتذاكرون خطبه الدينية، ومذهبه في التصرف. ويزور ضريحه أيضاً المسيحيون مع المسلمين، تبركاً بهذا المتصوف الذي كان له منزلة كبيرة في نفوس جميع الطوائف.
لهذا، عنيت وما زالت حكومة المجر، بالاهتمام بهذا الضريح الذي يعتبر واحداً من معالمها.
وقد اعتنق كثيرون بالمجر، الدين الاسلامي، وأسهموا إسهامات كبيرة وبارزة في أن تبقى أحاديث جول بابا، موجودة بينهم، فقاموا بطبع خطبه وأحاديثه التي ما زالت موجودة حتى الآن يتداولها المسلمون وغيرهم، ليتعرفوا على زعيم استطاع أن يجعل للإسلام مكانة، فأعلاه الاسلام بمكانته.
ومن بين الذين يذكرهم التاريخ، من الذين أسلموا، أحد المستشرقين الذين عاشوا بالمجر آنذاك، وهو "جولاجر مانيوس"، الذي أطلق على نفسه اسماً إسلامياً بعد إعلان إسلامه وأصبح عبد الكريم جرمانيوس.
واستطاع المستشرق المجري الذي أسلم، أن يدعو للإسلام والرسالة المحمدية وسط مجال عمله، حيث كان يعمل استاذاً في جامعة "لورانت أنوفيش". وتبع عبد الكريم جرمانيوس، كثرة هائلة، من داخل الجامعة وخارجها حتى ان الجامعة خصصت كرسياً للتاريخ العربي والاسلامي، باسم عبد الكريم جرمانيوس.
وقد ساهم هذا الاستاذ المجري، بدراساته التي عرفها العالم العربي، بنشر الدعوة الاسلامية، وإنشاء مكتبة اسلامية شهيرة بالاشتراك مع الشيخ أبو يوسف المصري، وقد اهتمت الحكومة المجرية بهذه المكتبة، التي ما زالت ترعاها حتى الآن حفاظاً على التراث الاسلامي وتاريخه وتشجيعاً للمسلمين هناك.
-----------------------------------------
المصدر : هكذا دخل الاسلام 36 دولة
 

الرئيسية  | موسوعة الصدرين لحوار الأديان |  العودة للصفحة السابقة