قصة اسلامهم
طالبة في جامعة كمبريدج حاولت انتقاد الاسلام من داخله انتهت واحدة من اتباعه
ابراهيم درويش
تردد منذ الهجمات على امريكا في ايلول (سبتمبر) الماضي الحديث عن الاسلام، والعلاقة بين الغرب والاسلام، وصار الاسلام جزءا، على الاقل في الايام التي تبعت الاحداث، من الخطاب الاعلامي والسياسي، فالحرب في افغانستان ليست ضد الاسلام بل موجهة ضد الارهاب، والارهابيون هم مسلمون متطرفون كما جاء في الالة الاعلامية. ومع الاسلام والحديث عنه، جاء موضوع العنصرية والاسلاموفوبيا والاعتداء على الجالية المسلمة التي تعد بالملايين.
وبعيدا عن هذا الجدل الاعلامي العام، فقد ولدت ظاهرة تشبه الظواهر الاخري التي ارتبطت بحروب اخري لها علاقة بعالم الاسلام والغرب، وهو الاهتمام بالدين الاسلامي. فالاقبال على شراء القرآن والكتب الاسلامية ازداد بدرجة كبيرة، وسجلت المساجد والمراكز الاسلامية معدلات عالية للاقبال على الاسلام واعتناقه، خاصة بين الشباب المتعلم، واشارت دراسات وتقارير اعلامية انه على الرغم من العنصرية التي يواجهها الاسلام والمسلمون، ومن النبرة المعادية للاسلام في الاوساط الليبرالية والحاكمة كما اشارت نائبة برلمانية سابقة قررت الاستقرار في ايران والدفاع عن الحجاب والمرأة المسلمة وصورتها النمطية في الغرب، الا ان الاسلام يتقدم ويتمأسس في الحياة البريطانية، بحيث صار دينا محليا.
والاقبال على الاسلام في الغرب لا يرتبط بالنزعات الفردية، او الهروب من الحياة الاجتماعية المادية، والبحث عن روحانية وصوفية في الاسلام، بل يرتبط بجيل من الشباب المتعلم والذي يعمل في مؤسسات كبيرة وينال رواتب واجورا عالية، وهذا الجيل هو ما اطلقت علىه صحافية اسلام شاب ببدلة ارماني ، حيث يمثل نزعات الجيل الثالث من ابناء المهاجرين الباحث عن تأكيد هويته الدينية في سياق الوضع الاجتماعي المحلي. فالمسلمون الجدد لا يمثلون ابناء الطبقة العاملة او المتوسطة بل ينتمون للمؤسسة البريطانية نفسها فيحيي نجل احد المسؤولين البريطانيين الكبار يقول ان الاسلام يتناسب مع التقاليد البريطانية.
فيما قال جوي احمد دوبسون نجل وزير الصحة السابق فرانك دوبسون ان الاسلام اثر على حياته الروحية، ودفعه للتفوق في دراسته الجامعية حيث حصل على المرتبة الاولي. وكان دوبسون المتزوج من فتاة بريطانية من اصل بنغالي قرر التحدث لوسائل الاعلام من اجل تصحيح صورة الاسلام التي شوهت في هذه المصادر مع انه اعتنق الاسلام حينما كان طالبا في الجامعة. ويعتبر المسجد التابع لرابطة العالم الاسلامي في غودج ستريت من اكثر الاماكن التي يتردد علىها شباب مسلمون بريطانيون متعلمون اعتنقوا الاسلام حديثا.
لوسي بوشيل ماثيوز المتخرجة من جامعة كمبريدج، حاولت ايضا انتقاد الاسلام مــن داخله فانتهت واحدة من اتباعه.
اختارت اليزابيث الفتاة الجامعية بعد اعلان اسلامها في المسجد المركزي في ريجينت بارك الاحتفال بالمناسبة في مقهي في شارع عربي وسط لندن، حيث تناولت مع اصدقائها الاكل العربي ودخنوا الشيشة. وفي هذا الاطار اصبح الطعام الاسلامي جزءا من الحياة الاجتماعية والثقافية للبريطانيين، فالمحلات العربية والاكل العربي صار متاحا ومطلوبا، ومتواجدا في معظم نواحي العاصمة البريطانية وليس فقط المناطق التقليدية التي ارتبط بها التواجد العربي.
القصص الكثيرة عن انتشار الاسلام ومظاهر تأكيده والنزعات الجديدة بين الشباب المسلم الجديد، تشير لحيوية هذا الدين في الحياة البريطانية والغربية بشكل عام، حيث لم يعد الدين ضيفا بقدر ما صار جزءا من السياق الاجتماعي والمحلي العام، ولكن هذا الحديث لا يخفي الوجه الاخر للعنصرية المقنعة التي تمارس ضد اتباعه، وظاهرة الخوف منه والتي تقوم بها الالة الاعلامية.
ومن الممكن القول ان النزعات للتعرف على الاسلام وتزايد الاقبال علىه يمكن ربطها بالحروب الكبيرة التي وضعت العالم الاسلامي والعربي في مركز فهم الرأي العام البريطاني، رغم الصورة المشوهة عنه، والتي بدأت بحرب الخليج، والحرب في البوسنة والهرسك، وكوسوفو واخيرا اعتداءات سبتمبر والحملة، ضد افغانستان. فالانجذاب للعرب والمسلمين لم يعد هما رومانسيا ينتمي الي المغامرين الرومانسيين في القرن التاسع عشر، بل صار اهتماما عاما، محليا وجزءا من الفضاء.
----------------------------
عن صحيفة القدس العربي