شرفات غربية
مع المستشرق الفرنسي هنري كاستري في كتابه " الاسلام, خواطر وسوانح "
محمد كامل عبد الصمد
يعد الكونت " هنري كاستري " من اكثر المستشرقين الاجانب انصافاً للاسلام0 يقول في كتابه " الاسلام خواطر وسوانح " : " إن غاية ما يرمى إليه هو إطلاع مواطنيه على صورة صحيحة للأسلام حتى يحاطوا بأصدق المعلومات عن العقيدة التي يعتنقها بعض رعاياهم في القارة الافريقية, مما يسهل لهم التفاهم معهم والسيطرة عليهم"0
ومن الجدير بالذكر أنه قد بدأ كتابه بمقدمة أوضح فيها الظروف التي دعته الى تأليفه :
" ذات يوم عندما كنت ضابطاً في الجيش الفرنسي بالجزائر0 خرجت أجوب الصحراء في ولاية وهران وخلفي ثلاثون من الفرسان العرب000وعندما حان وقت الصلاة, ترجلوا عن جيادهم واصطفوا لأداء صلاة العصر جماعة " هذا, وقد وصف شعوره- عندما أضطر أن يتنحى جانباً حتى يفرغوا من أداء صلاتهم- بقوله :
" كنت أود لو أن الارض أنشقت فابتلعتني, وجعلت أشاهد البرانس العريضة تنثني وتنفرج بحركات المصلين, وأسمعهم يكررون بصوت مرتفع " الله أكبر 000الله أكبر " فكان لهذا الأسم الإلهي أثر عجيب في نفسي وكنت أشعر بحرج لست أجد لفظاً يعبر عنه بسبب الحياء والانفعال00 كنت أحس بأن اولئك الفرسان الذين كانوا يتدانون امامي قبل هذه اللحظة, يشعرون في صلاتهم بأنهم أرفع مني مقاماً وأعز نفساً "0
ثم ذكر " كاستري " كيف دفعته تلك الخواطر الى الاستزادة من التعرف على مبادئ الإسلام , فكان من أهم ما لفت نظره الأسلوب الذي أنتشر به الاسلام00وكيف قاومه العرب في البداية , ثم أستجابوا له فرادى وأفواجا فيقول:
" لو كان دين محمد أنتشر بالعنف والإجبار للزم أن يقف سيره بانقضاء الفتوحات الاسلامية مع أننا لا نزال نرى القرآن يبسط جناحيه في جميع ارجاء العالم "0
ثم ضرب مثلا على ذلك بوجود عدة ملايين من المسلمين في الصين, مع أن الفتوحات الاسلامية لم تبلغ تلك البلاد!!
كما ضرب المثل بانتشاره بين الملايين من سكان القارة الافريقية !
ثم قال :
" وهكذا جلب الاسلام قسما عظيما من العالم بما أودع فيه من إعلاء شأن النفس "0
وتحدث كاستري عن تعذر أخراج المسلمين عن دينهم عندما تناول الصعوبات العديدة التي أعترضت سبيل المبشرين الفرنسيين في مستعمراتهم الإفريقية ومنها الجزائر - لحمل المسلمين على نبذ دينهم فقال :
" إن الإسلام ليس في أهله من يمرق عنه إلى غيره , وبعيد عن فكر المسلمين تصور هذا الامر , حتى أنهم لا يجدون لفظاً يعبرون به عن صفات من يأتيه, كما أنهم تحيروا في وصف المسلمين الذين تجنسوا بالجنسية الفرنسية , لأن فيها معنى من معاني الردة000"
بعدها قارن "كاستري" بين العجز عن حل المسلمين على ترك دينهم, ومايلقاه المسلمون - في الوقت نفسه - من يسر في أقناع غيرهم باعتناق دينهم 000
ثم أختتم "كاستري" كتابه بقوله :
" لو لم يكن للإسلام من فائدة إلا تحويل عبدة الاصنام من وثنيين إلى موحدين , وترقية أخلاقهم ومكانتهم, لكفى بذلك داعيا إلى معاملته بسياسة التلطف والاعتدال , جريا على قاعدة العمل بأخف الضررين"00000أنها عبارة تحمل المعاني العظيمة ما يغني عن الشرح والتعقيب0
-----------------------------------
المصدر : الجانب الخفي وراء اسلام هؤلاء