الخطاب الإرتجالي الذي ألقاه الأستاذ أسعد تركي
في الإحتفال التأبيني الذي أقامته
مؤسسة الصدرين للدراسات الإستراتيجية
لمناسبة ذكرى أربعينية الإمام الحسين ( ع)
بتأريخ 24 صفر الخير 1428 هـ


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين وعلى أصحابه الأوفياء المخلصين ،
حُبَّاً بمحمد صَلّوا على محمد و آل محمد ...............................
اللهم صَلّي على محمد و آل محمد وعَجِّلْ فَرَجَهُم و إلْعَنْ عَدوَّهم
بايعوا أمير المؤمنين ثانياً .............................................
جَبِّروا ضِلْعَ الزهراء المكسور ثالثاً ....................................
ضَمِّدوا جراح الحسين و رأسه المرفوع على الرماح رابعاً .............
قَبِّلوا كَفَّيْ العباس خامساً ..............................................
إرضاعاً لعبد الله الرضيع سادساً ......................................
نُصرةً للحوراء وسبايا الحسين سابعاً .................................
إستقداماً للقائد المعصوم المنقذ المنتظِر بأعلى أصواتكم ...............

السلام على الحسين وعلى الحوراء نصر الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى إخوان الحسين وعلى عُشّاق الحسين وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مُهَجهم دونه ،
السلام عليكم أيّها الأحبَّة ورحمة الله وبركاته :
ليس لي ولا لأمثالي الرُقيّ إلى هذا المقام السامي وهو الحديث عن المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، لأن الحديث عن الشئ يستلزم الإحاطة وأنّى لنا الإحاطة بالمعصومين ، ولولا الواجب من ذِكْرِهم لَنَزَّهْتُهُم عن ذِكري إيّاهم ، على أنَ ذِكْري لهم بقدري لا بقدرِهم ، ومِنْ نِعَمِ الله علينا جريان ذِكرهم المُقَدَّس على ألْسِنَتِنا القاصرة والمُذنِبة ،
أيُّها الأحِبَّة :
أُثيرَتْ و لا زالت تُثار بعض التساؤلات حول الملحمة الحسينية الخالدة ومنها :

التساؤل الأول /
ما هو الموجِبْ الحقيقي الذي دعى بالإمام الحسين ( صلوات الله عليه ) إلى الإقدام على نهضته المباركة ؟
وقد طَرَحَ المؤرخون ثلاثة تفسيرات رئيسية للإجابة على هذا التساؤل ولكن لم تكن تلك التفسيرات مُنْصِفة وموضوعية بل كانت تحمل بين طَيَّاتها دوافع سياسية مُغْرِضة الهدف منها تشويه الصورة الناصعة للثورة الحسينية الخالدة والتعتيم على أبعادها الإنسانية ، وهذه التفسيرات الثلاث هي :

1 – التفسير القبائلي ( العشائري ) /
على إعتبار أن أبا سفيان هو من قاد معسكر الكفر ضد رسالة الإسلام التي قادها رسول الله صلوات الله عليه وآله ، ثم جاء بعد ذلك معاوية بن أبي سفيان الذي قاد الإنحراف وخرج على سلطان زمانه والحاكم الشرعي للأمة المتمثِّل بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، ثم جاء بعد ذلك يزيد بن معاوية ليكمل مسيرة الكفر والإنحراف التي قادها جدُّه وأبوه ليجابه المسيرة الإصلاحية التي قادها الإمام الحسين صلوات الله عليه ، فبدا الأمر وكأن الصراع هو بين بنو هاشم وبين بنو أميَّة وليس صراعاً بين معسكر الكفر والإيمان وبين الحق والباطل .

2 – التفسير السياسي /
على إعتبار أنَّ الإمام الحسين صلوات الله عليه إنما تحرَّكَ لإستلام زمام الحُكم في الكوفة وحتى قال الكثير من المتخاذلين عن نُصرة الإمام الحسين في تلك الفترة ما نصُّه ( مالَنا والتنازع بين السلاطين ) أي أنَّ هذه الحرب هي صراع بين أطراف سياسية متنازعة حول إستلام زمام الحُكم .

3 – التفسير الغَيْبي /
أيْ أنَّ الإمام الحسين صلوات الله عليه لديه أمرٌ إلهي كان قد أوصاه به جَدّه رسول الله صلوات الله عليه وآله بالخروج إلى كربلاء ، والقائلون بهذا التفسير يستشهدون ويستدلّون ببعض النصوص التي وردت عن الإمام الحسين صلوات الله عليه وآله قبل خروجه إلى كربلاء وهو في المدينة حينما سأله بعض إخوته وأصحابه كمحمد بن الحنفية وعبد الله بن عباس فقالوا له إنَّ أهل الكوفة قد غدروا بأبيك وأخيك وإنْ كُنْتَ عازماً فما شأنُ العيال والأطفال فأجابهم صلوات الله عليه (( شاء الله أنْ يراني مقتولاً وشاء الله أنْ يراهُنَّ سبايا )) أو كقوله صلوات الله عليه (( خِيرَ لي مصرعٌ أنا لاقيه ، وكأنَّ أوصالي تُقًطِّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء )) ،
وحقيقة الأمر أنَّ هذا التفسير لا ينفع المجتمع الإسلامي ولا الإنسانية بشئ ، إذْ أنَّ معرفة الإمام للنتيجة الحتمية لنهضته المباركة إنما كانت علاقة خاصة بينه وبين ربِّه كإمام معصوم وخليفة لرسول الله صلوات الله عليه وآله ، ولا تنفع المجتمع بشئ ولا يمكن أنْ تفسَِّر الموجب الحقيقي الذي دعى بالإمام الحسين صلوات الله عليه أنْ يُجَسِّد هذه الحضارة الإسلامية العملاقة والملحمة الإنسانية الخالدة ، نعم إنَّ معرفة الإمام مُسبقاً بإستشهاده خلال هذا التحرّك والمعرفة المسبقة بما سيجري عليه وعلى إخوته وأولاده وعياله وأصحابه إنما يُسلِّط الضوء على عظمة التضحية التي أقدم عليها الإمام في سبيل الإسلام والإنسانية والأمة مع علمه المسبق بالنتائج ،
ولمعرفة الموجب الحقيقي لنهضة الإمام فإنني أستطيع أنْ أُرَكِّز الإجابة بثلاث موجبات أطرحها على شكل ثلاث مستويات :

1 – المستوى الأول ( الموجب الأول ) /
وهو صُلْح الإمام الحسن صلوات الله عليه ، حيث لم يتبقى من بنود صُلْح الإمام الحسن (ع) مع معاوية بن أبي سفيان لعنة الله عليه سوى البند الأخير الذي نَصَّ على أنَّ الخلافة الدنيوية تكون بعد رحيل معاوية إلى الإمام الحسن فإنْ لم يكن فللإمام الحسين صلوات الله عليهما ، ولَمَّا مات معاوية وتَسَلَّم يزيد مقاليد الخلافة الدنيوية بعده وبدأ يُرسل مَنْ يأخذ له البيعة من الولايات والأمصار فإنه كان بذلك قَد دَقَّ المسمار الأخير في نعش الصُلح ، وَلمّا كانت الأمَّة تعيش حالة الضبابية وعدم الوضوح في الرؤيا في زمن معاوية بن أبي سفيان لعنة الله عليه وخصوصاً في الفترة الأولى لحكمه ، بينما في أواخر حُكم معاوية وبداية حكم يزيد لعنة الله عليهما كانت لدى الأمَّة رؤية واضحة وبصيرة نافذة تستطيع من خلالها أنْ تُمَيِّز بين معسكر الكفر والإيمان وبين الحق والباطل ، إلا أنها كانت مسلوبة الإرادة وتحتاج إلى صوتٍ مُدَوِّي يَهزُّ ضميرها لتنتفض ضد الباطل ، فكانت ثورة الحسين صلوات الله عليه هي ذلك الصوت الإلهي الهادر الذي أقَضَّ مضاجع الطغاة وضَلَّ نبراساً لكل الأحرار والثائرين على مدى التأريخ لتنهل منه الإنسانية بأسرها على مختلف مشاربها وإنتمائتها الفكرية والعقائدية ، وبذلك فإنَّ قيام الإمام الحسين صلوات الله عليه بثورته الخالدة في هذا الوقت بالتحديد إنما كان إلتزاماً منه بآخر بند من بنود صلح أخيه الإمام الحسن صلوات الله عليه ، فالمؤمنون عند شروطهم وعهودهم ومواثيقهم فكيف بأئمة المؤمنين ، ولكي لا تبقى أية ذريعة للأمة للوقوف ضد الإنحراف والظلم ، وليسقط آخر قناع من أقنعة الباطل فينقشع الظلم والظلام لتشرق شمس الحق والعدل الإلهي .

2 – المستوى الثاني ( الموجب الثاني ) /
رسائل أهل العراق التي بلغت ثمانية عشر ألف رسالة التي دعته لتنضوي تحت قيادته لمجابهة الإنحراف والظلم الذي قادته السلطات الأموية ، والحسين هو بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه الذي لم يتصدَّى بعد إقصائه عن موقعه الإلهي الذي نصَّتْ عليه السماء إلا بعد أنْ زحفت إليه الأُمَّة طالبة الإنقاذ ، حينها قال صلوات الله عليه (( لولا حضور الحاضر ولزوم الحُجَّة بوجود الناصر ، ولولا أنْ تداككتم عليَّ دكَّكً دَكَّا لألقَيْتُ حابلها على غاربها ، ......... ألا إنَّ خَصْفَ نَعلي هذا أحَبُّ إلَيَّ مِنْ إمْرَتِكُم إلا أنْ أُقيم حَقَّاً أو أدفع باطلاً )) ، وبذلك يكون أهل العراق قد ألزموا الإمام الحسين صلوات الله عليه الحُجَّة بإرسالهم تلك الرسائل والعهود والمواثيق ، فلقد ورد عن أئمَّة أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين (( نحن قومٌُ إذا دعوا لَبّوا )) .

3 – المستوى الثالث ( الموجب الثالث ) /
هو أنَّ الإمام الحسين صلوات الله عليه أراد أنْ يُظهر الوجه الناصع والحقيقي للإسلام المحمدي الأصيل ، لأنَّه لو إستمرَّت الإنسانية على معرفة وجهاً واحداً للإسلام والمتمثّل بالسلطات الظالمة التي تعاقبت وتسلطَّت على رقاب الإنسانية قسراً وقهراً كالدولة الأموية والدولة العباسية والدولة العثمانية ، لسقط الإسلام بنظر الإنسانية بعد سقوط الدولة العثمانية ، إلا أنَّ الإمام الحسين صلوات الله عليه بثورته الخالدة والثورات المتلاحقة لأصحابه وأتباعه قد أظهرت للإنسانية وبشكل جَليّ بأنَّه هنالك إسلاماً حقيقياً آخر غُيِّبَ عن الساحة الإنسانية وقد تَجَسَّدَ بالملحمة الحسينية المباركة .

التساؤل الثاني /
مَنْ قَتَلَ الحسين صلوات الله عليه ؟
بطبيعة الحال قد يُجيب البعض بأنَّ شِمر بن ذي الجوشن لعنة الله عليه هو مَن قتل الإمام الحسين صلوات الله عليه ، على إعتبار أنه هو مَنْ حَزَّ رأسه المُقَدَّس ، ويَصْدُق هذا الجواب،
ويجيب البعض بأنَّ عمر بن سعد لعنة الله عليه هو مَنْ قتل الإمام الحسين صلوات الله عليه ، على إعتبار أنَّه القائد الميداني المباشر الذي قاد معسكر الكفر في واقعة الطَفّ ، ويَصدُق هذا الجواب ،
ويُجيب البعض بأنَّ عبيد الله بن زياد وبن مرجانة لعنة الله عليه هو مَنْ قَتل الإمام الحسين صلوات الله عليه ، على إعتبار أنَّه يُمَثِّل الحاكم السياسي الفدرالي لولاية الكوفة في تلك الفترة وهو مَنْ أمر عمر بن سعد ، وكذلك يَصدُق هذا الجواب ،
ويُجيب البعض بأنَّ يزيد بن معاوية لعنة الله عليهما ، هو مَنْ قتل الإمام الحسين صلوات الله عليه ، على إعتبار أنَّه يُمَثِّل الحاكم الأول للسلطة الأموية الظالمة ورئيس الدولة ، وكذلك يَصدُق هذا الجواب ،
أما الفَيْضُ المُقَدَّس محمد محمد صادق الصدر قَدَّسَ الله خَفِيُّه يَطرح رؤيا أخرى للإجابة على هذا التساؤل ، حيث يُجيب : بأنَّ الدولة البيزنطية هي مَنْ قتلت الإمام الحسين صلوات الله عليه وذلك من خلال عملائها المندسّين في الدولة الأموية والتي دفعت بيزيد وزبانيته على الإقدام على هذه الفاجعة الكبرى التي أدمَت قلوب الإنسانية بأسرها ، وكذلك يَصدُق هذا الجواب ، وإلى العصر المتأخّر والماضي القريب رأينا كيف أنَّ قوى الإستبداد والإستعباد والإستكبار والإستهتار كانت هي مَنْ تُدير الطاغية المقبور صدام اللعين وذلك من خلال ميشيل عفلق ومن ثم طارق عزيز وأصبح ذلك واضحاً لكل لبيب ،

إلا إنَّني أستطيع أنْ أطرح رؤيا أخرى للإجابة على هذا التساؤل :
وهو أنَّ الأُمَّة التي تخاذلتْ عنْ نُصرة الإمام الحسين صلوات الله عليه هي مَنْ قَتَلَتْ الحسين حقيقةً ، فإنَّ فرعون لم يَقُل أنا ربُّكم الأعلى إلا بعد أنْ وجد مَنْ يسجد له ويمَجّده ،
لأنه وكما ورد في الحكمة والمنطق بأنَّ العِلَّة الفاعلية على الشئ لا تَتم إلا بعد أنْ تتم العِلَّة القابلية على ذلك الشئ ، أي أنَّ القابلية على الإستعباد تسبق الإستعباد ، وببيان آخر ؛ أنَّ الأُمَّة حينما تخاذلت عن نصرة الإمام الحسين صلوات الله عليه ورضخت للظلم والطغيان الأموي تكون بذلك قد أعطت الضوء الأخضر ليزيد وزبانيته للإقدام على قتل الحسين صلوات الله عليه وهيأت الأرض الخصبة لإستعبادها من بعد ذلك ، وأدعم أطروحتي هذه بما ورد في زيارة الحسين صلوات الله عليه و الواردة عن المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين والواردة في زيارة وارث تحديداً ، حيث ورد ما نصُّه (( فَلَعَنَ الله أُمَّة قتلتكَ ولعنَ الله أُمَّةً ظلمتك ولعنَ الله أمَّةً سمعت بذلك فرضيت به .......)) ،
إذن ؛ هنالك أمَّة قتلت الإمام الحسين وليس فرداً واحداً أو عدة أفراد وهذه الأُمَّة هي التي تخاذلت عن نصرة الحسين وبالتالي هي مَنْ قتل الحسين حقيقةً ،
بل ؛ وليس الأمَّة الحاضرة في زمان الحسين صلوات الله عليه وإنما كل أمًَّةٍ تتخاذل عن نصرة المنهج الحسيني تكون مصداقاً لقتلة الحسين صلوات الله عليه .

التساؤل الثالث /
لماذا تقام المجالس الحسينية إلى يومنا هذا بعد أنْ مَرَت على الملحمة الحسينية أكثر من أربعة عشر قرن ؟
أنا سأكتفي بإجابة العلاّمة الأميني صاحب موسوعة الغدير رضوان الله تعالى عليه الذي حينما سُئلَ بهذا السؤال فأجابهم بقوله :
(( لكي لا تُنسى كما نُسِيَت بيعة الغدير )) .


التساؤل الرابع /
لماذا تعادل زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه أكثر من مئتي حجَّة وعمرة وغزوة كمن حَجَّ وإعتمر وغزا مع رسول الله صلوات الله عليه وآله ؟
ولقد أجاب البعض بأن الإمام الحسين صلوات الله عليه قد ضَحّى بكل ما يملك فيكون مقتضى العدل الإلهي ، أنَّ الله تعالى يمنح الحسين كل ما يملك !!!
وهذه الإجابة يترتب عليها إشكال واضح ، وهو أنَّ الإمام الحسين صلوات الله عليه قد وهَب ما لا يملك ، إنما هو فَيْضٌ مِنْ نور الله وقُدسه ،
وأنا أجيب : بأنَّ الله تعالى إنما جعل هذه المنزلة العظيمة للإمام الحسين صلوات الله عليه وهذا الثواب العظيم في زيارته لكي يتسلَّط الضوء على المنهج الإسلامي المحمدي الحقيقي الأصيل فينجلي الغبار وينزاح الستار وينكشف النقاب ، فترى الإنسانية بشكل واضح وجليّ مَنْ هو الممثّل الحقيقي للإسلام ومَنْ هو الإمتداد الطبيعي للنبوة ومَنْ هو المُجَسّد الواقعي لقيم السماء ، و ليحثّ البارئ عزّ وجل الإنسانية فتهتدي إلى النبع الصافي والنقي لرسالته الخالدة التي تكفل السعادة الأبدية ، ليحيى مَنْ يحيى بعد ذلك عن بيّنة ويهلكُ مَنْ يهلك عنْ بيّنة ،
ومع بالغ الأسف والأسى أننا نرى ونسمع الكثير من الخرافات والأساطير في بعض الأطروحات التي يقدمها البعض لتفسير وسرد الملحمة الحسينية الخالدة ، فيحاول البعض منهم إستدرار الدموع وإستقطاب الأنظار حول شخصه وأطروحاته ، فيطرحون الكثير من الخرافات التي ستؤثر على مصداقية وقداسة الملحمة الحسينة الخالدة مع مرور الزمن وتطور وإرتقاء البشرية في معارفها وعلومها ، وبذلك فإنني أرى بأنَّ البعض من أحبّاء الحسين صلوات الله عليه قد أضَرّوا بالثورة الحسينية أكثر من أعدائه ، لذلك أنا أنصح كل مَنْ يريد أنْ يستقي وينهل من النبع الصافي للملحمة الحسينية المباركة فعليه أنْ يَطَّلع على كتاب ( موسوعة الملحمة الحسينية / 3 أجزاء ) للفيلسوف الشهيد مرتضى مطهَّري رضوان الله تعالى عليه ، وكتابي ( أضواء على ثورة الحسين ع + شذرات من فلسفة تأريخ الإمام الحسين ع ) للفيض المقدس السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس الله خَفيّه ، وكتاب ( دروس من الثورة الحسينية ) للسيد محمود الهاشمي الذين غربلوا وحقَّقوا ودقَّقوا فأزاحوا كل ما لحِقَ من غبار وتشويه بهذه النهضة المباركة .

التساؤل الخامس /
لماذا يخشى الطغاة ويمنعون زيارة الحسين صلوات الله عليه ؟
فلقد طرق مسامعنا بعد سقوط الطاغوت المقبور صدام اللعين أنَّ عوام الجماهير يتسائلون مستغربين ، ها نحن نزور الحسين صلوات الله عليه مسالمين ، فلماذا كان الطاغية المقبور يمنع الزيارة ؟!!!
الطغاة لم يكونوا من النوع الساذج بحيث لا يعرفون ما معنى زيارة الحسين (ع)،
أنْ تذهب إلى الحسين يصنع منك ثائراً ،
الجميع يعرف بأنك حينما تذهب إلى الإمام الحسين (ع) عارفاً بحقّه فإنك ستستلهم وتستمد كل قيم الكبرياء والشموخ والعزة والإباء والإيثار والشجاعة والتضحية ورفض الظلم والطغيان من ذلك المثوى الطاهر ، فها نحن اليوم نستلهم من بطلة كربلاء الحوراء نصر الحسين ذلك الموقف التأريخي المُشَرِّف الذي هَزَّ عروش الطغاة ، لنخاطب اليوم كذلك قوى الإستعباد والإستبداد والإستكبار والإستهتار العالمي المتمثلَّة بالإدارة الأميركية وعلى رأسها جورج بوش فنقول له :
أظَنَنْتَ يا بوش حين أَخَذْتَ علينا أقطار الأرض وآفاق السماء ، أنَّ بكَ على اللهِ كرامةً وأنَّ بنا عليه هواناً ، فما حكمكَ إلا عدد وما جَمْعُكَ إلا بَدَد فَكِدْ كَيْدَك وإسعَ سَعْيَك وناصِبْ جَهْدَك ، فوالله لن تمحوَ ذِكْرَ الشهيدين الصدرين ولن تُميتَ فِكْرَهما ،
إنَّها حضارةُ الصَدْرَيْنِ التي تُمَثِّلُ الإمْتِداد الطبيعيّ لِحَضارةِ الحُسَيْنِ ومَلْحَمَة عاشوراء المُبارَكة ،
نعم ؛ أيها المتغطرسون المتجبّرون المستكبرون قد تستطيعون قتلنا ولكنكم لن تستطيعوا هزيمتنا ،
ونستطيع مقاومة غزو جيوشكم ولكنكم لن تستطيعوا مقارعة فكرنا الذي يتناغم مع الفطرة الإنسانية ويرتقي بها ،
وإلى الرأس المُقَدَّس الذي رفعوه على الرماح فكان حَيَّاً ومَيّتاً أعلى رؤوسهمُ ؛ إلى ثأر الله وخلود دينه ؛ أقول :

والعصر والنونِ والقلم وما يسطرونِ
لولا أبا الأحرار ما بقى ليَ ديني
يا أستار الكعبة وحِبْرَ القُرآنِ
أنتَ في الإسلام كالقلبِ والوتينِ
أنت مع الزهراء كروضةٍ بجنانِ
أنتَ مع الحسنِ كالعيْنِ والعيْنِ
أنتَ مع الكرار كمسجدٍ وآذانِ
أنتَ مع المصطفى كسفينةٍ ورُبّانِ
أنتَ إلى الله كعاشقٍ لولهانِ
دمُك َسِراجُ الله وصوتُ الثائرينِ
رضيعُكَ أرْضعَ الخُلْدَ للأديانِ
سيدي المُفَدّى بالأرواح والأهلين
تُقَدِّمُ الأُضْحيات بالإخوانِ والبنينِ
مولايَ ما أبقَيبْتَ لنا مِنْ جزاءٍ بإحسانِ
وكأنَّ القلوب تنبض حُسَيْنٌ حُسَيْنِ

نسألُ الله العلي القدير أنْ يَتقَبَّل منا ومنكم أيّها الأحبَّة وأنْ يُلْهمنا ويرشدنا لكل ما يُعزّ الإسلام والإنسانية والوطن ،
وإلى أرواح الذين ماتوا على حُبِّ محمد وآل محمد ، لاسيَّما علمائنا الأعلام العامملون الناطقون بالحق ؛ وأخصّ منهم بالذكر السيد روح الله الموسوي الخميني سلام الله عليه ، والسيد الشهيد فيلسوف القرن العشرين محمد باقر الصدر سلام الله عليه ، والفيض المُقَدَّس السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قّدَّسَ الله خَفِيُّه ، والشهيدة العلوية الثائرة المجاهدة آمنة حيدر الصدر سلام الله عليها ، وإلى إخي الشهيد الثائر المجاهد ثائر تركي الذي أعدمه الطاغية المقبور في ذكرى أربعينية الإمام الحسين صلوات الله عليه والذي كان أول مَنْ أخذ بالثأر للفيض المقدس السيد الشهيد الصدر الثاني حيث قام وبعد سبعة أيام فقط من إستشهاد الصدر الثاني بضرب أحد عشر بعثيَّاً كانوا متواجدين لكبت أصوات الأمَّة في مدينة شعلة الصدرين في العملية المعروفة قرب المصرف ، إلى الجميع نهدي ثواب سورة الفاتحة مسبوقة بالصلاة على محمد وآل محمد .
اللهم صلّي على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم وإلعن عدوَّه