موسوعة المصطلحات والمفاهيم || موسوعة الأدب والفنون

مكانة التراث في عملية التجديد
عبد الحليم ابو شقة
 


ان التجديد كي يكون عن اصالة وعن وعي, وليس مجرد انبهار بالعصر وتقليد لما يستحدث, لابد ان يسبقه ويدعمه دراسة جادة متذوقة وناقدة في ان واحد للتراث القديم. والتراث هنا – كما سبق – ليس القران والسنة, ولكنه الاجتهادات التي دارت حولهما, كما ان النقد لا يعني الرد, ولكنه يعني التمييز بين الغث والسمين, لنقل ما ينفعنا ونرد غيره, ولذلك فان القديم ابنة اصيلة في اساس البناء التجديدي أو بناء الجديد..
ان لحظات الانتظار السلبي ولو طالت, لا تنجب المستقبل, بل تكرس وجود الماضي.. والحاضر قد يتعلثم بحروف اخذت شكل الحداثة ولكنها في الحقيقية ملتصقة بمفاهيم عتيقة متوارثة عن عصور الانحطاط.
ان افاق الغد تحمل فكر المواجهة والتصدي والبناء, وترفض في نفس الوقت مهادنة الحاضر, ومصالحة الماضي, واجترار المستقبل.
وفكر المواجهة والتصدي والبناء هذا من معالم المستقبل, لذا هو أكثر رسوخاً في الحاضر, ولأنه كذلك فانه يخوض حربه ضد العقم والتبعية والرجعية, وضد اشكال المصالحة مع عناصر الجمود الموروثة والمتجددة..
لقد أوتي هذا الفكر نعمة انجاب المستقبل وهو ينظر الى الماضي ويتأمله ويتعلم منه, لكن بعين المستقبل.
وقد ادركت كل حركات التجديد الاسلامي العاقلة هذا المعنى, فسعت الى بعث الاصيل والتركيز عليه اولاً دون أن تذوب وسط امواج التقليد.
ان الصحة والاستقامة العقلية تستوجب توافر القدرة على البحث واعادة النظر دائماً, سواء في المقدسات او غيرها, والقدرة على تقبل الافكار الجديدة ما دامت تملك الحق.
والتقليد يبلغ بصاحبه مرحلة الشيخوخة بسرعة, فيعاني من امراض التفكير المستعصية, بل يعاني من التعفن المزمن..
وفي نفس الوقت يعاني التجديد القائم من الطفولة غير السوية ومن تشوهات في الخلقة وقصر في النظر, أو طول فيه..


 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || موسوعة الأدب والفنون