موسوعة المصطلحات والمفاهيم || موسوعة الإعلام والتبليغ

الفقيه والمثقف.. إشكالية الموقع والدور
علي المؤمن



لكل من الفقيه والمفكر والمثقف في واقعنا الاسلامي مواقع وأدوار ثابتة ومتحركة، متباعدة وخاصة أحياناً، ومتقاربة ومتداخلة أخرى. وهي أدوار ومواقع تشتمل على أبعاد واسعة: دينية وعلمية وثقافية واجتماعية ومهنية. أما حقلها الأساس، فهو عملية التغيير الاجتماعي والاجتهاد والتجديد والاصلاح الديني (بمعانيها الواسعة) على مستويي الفكر والممارسة.
والموقع وطبيعة الدور ومساحات الحركة يحددها مصطلح المدرسة الاسلامية ومفهومها لكل من الفقيه والمفكر والمثقف، والمراد من ذلك: التعريفات والمفاهيم والمصطلحات الخاصة المفصلة على مقاس الشريعة الاسلامية، وحينها ستكون تلك المواقع والأدوار مختلفة من واقعنا الاسلامي إلى الواقع الآخر. وقد تقدم في كلمة التوحيد (العدد 77) تفصيل عن المصطلحات والمفاهيم الاسلامية بهذا الخصوص. ومن مجموع ذلك نخرج بنتيجة، وهي ان هذه المواقع والأدوار متكاملة ومتعاضدة، وربما متداخلة أحياناً، رغم انها تتفاوت وتفترق، بل وتكون لها حدود صارمة في بعض الميادين. وفضلاً عن الأساس النظري لتشريع هذه المواقع والأدوار، فإنها في الواقع العملي تحظى بأهمية كبرى؛ لأنها شبيهة بعملية توزيع الأدوار وتقسيم الأعمال، بغية استيعاب الساحة الاسلامية بأكملها، وفي جميع المجالات. فمثلاً: الدور الذي يطلبه الواقع الاسلامي من المفكر ليس نفسه الذي يطلبه من الفقيه، إذ قد يُكتفى من المفكر التنظير أو صياغة نظريات تأسيسية في مختلف مجالات حركة المجتمع، وخاصة في مجال العلوم الانسانية، كعلم السياسة، وعلم الاجتماع، وعلم القانون، وعلم الاقتصاد، فضلاً عن مجالات أسلمة المعارف الأخرى. في حين أن الفقيه يحدد الموقف الشرعي لهذه النظريات، من منطلق المعرفة الكفاية بموضوعاتها، كما انه يقوم بدور عملي باتجاه تسيير المجتمع نحو الموقف الشرعي في جميع مجالات الحياة، تحقيقاً لغايات الله تعالى في خلق الانسان ودوره على الأرض. أما المثقف، فهو يتبنى موقف الفقيه ونظرية المفكر، ويدرسهما ويشرحهما ويفتش عن تطبيقاتهما ويحولهما إلى واقع عملي. وهذا ما يفرض وعياً خاصاً في اتجاهه ومستواه لدى كل من الفقيه والمفكر والمثقف، إذ ان انسجام حالة الوعي مع الدور المطلوب، هو الذي يحقق الأهداف والغايات.
* * *
الفقهاء ـ كما جاء في الأحاديث الشريفة ـ أمناء الرسل، وورثة الأنبياء، والحكام على الناس، والحكام بين الناس، ومراجع الشريعة. ومن هنا استدل أصحاب الاختصاص على أن للفقهاء موقع:
ـ الولاية وقيادة الأمة.
ـ المرجعية في الفتوى والتقليد.
ـ القضاء بين الناس.
ـ الولاية على الحقوق الشرعية.
وبما أن المفكر والمثقف جزء من الأمة، فهما يتوليان الفقيه وينقادان إليه، ويأخذان منه الموقف الشرعي على المستويين الفردي والاجتماعي، ويحتكمان إليه.
ان تلك المواقع تتطلب من الفقيه:
ـ وعي مصادر الاسلام، إلى مستوى القدرة المطلقة على الاستنباط والافتاء.
ـ وعي العصر والحياة، إلى مستوى القدرة على تحديد الحاجات الجديدة للفرد والمجتمع، واستيعاب موضوعاتها، وتحديد الموقف الشرعي منها، وباختصار: التجديد الديني وتطوير حركة الفقه والاجتهاد.
ـ الكفاءة القيادية، إلى مستوى القدرة على التخطيط لحركة المجتمع ثم تسييرها وتوجيهها ـ في مرحلة التنفيذ ـ في جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية وغيرها.
ـ العدالة في النظر والقول والفعل والتقرير، إلى مستوى الابتعاد عن كل مواطن الشبهات، والتحول إلى أسوة في التزكية والعبادة والمعاملة.
أي ان للفقيه أدواراً ومواقع متكاملة ومتداخلة:
ـ دينية، وتتمظهر في مرجعية الفتوى والتقليد.
ـ علمية، وتتمظهر في التحقيق والتأليف والتدريس.
ـ اجتماعية، وتتمثل في الإرشاد والتوجيه والتبليغ.
ـ سياسية، وتتمثل في الولاية والقيادة.
ـ اقتصادية، وتتمظهر في تنظيم بيت مال المسلمين.
ـ قانونية، وتتمثل في القضاء بين الناس واجراء أحكامه.
ومن أجل تنظيم هذه الأدوار، والحيلولة دون حصول أي نوع من أنواع التزاحم بين مساحات عمل الفقهاء، فقد اختصت بعض الأدوار والمواقع في واحد أو أكثر من الفقهاء. مثلاً: موقع قيادة الأمة وولاية أمرها يستقل به الفقيه المتصدي، الذي تكشف عنه الأمة من خلال أهل الحل والعقد، من بين مجموع الفقهاء الحائزين على شروط الولاية العامة، كالاجتهاد المطلق والكفاءة القيادية والعدالة. وكذلك منصب القضاء العام، فان الضرورات التنظيمية والادارية تفرض أن تناط مهامها بالعدد الذي تقتضيه الضرورة.
* * *
والفقهاء أنفسهم لا يرون فجوات مخلّة في كثير من تلك المواقع والأدوار، خاصة الجانب التقليدي في موقع مرجعية الفتوى، والمواقع العلمية والسياسية والقضائية. ولكنهم يتوقفون ـ غالباً ـ عند ثلاثة أدوار ومهام، ويعملون على إعادة النظر في واقعها:
1 ـ الاجتهاد الجديد المنسجم مع حركة الحياة والعصر؛ أي ما يقابل الجانب التقليدي في موقع الافتاء.
هنا، ننقل كلمة للإمام الخميني توضح خلفية هذا الواقع، يقول: (سيتغير الكثير من الطرق السائدة في ادارة أمور الناس في السنوات القادمة، وستحتاج المجتمعات الانسانية إلى المسائل الاسلامية الجديدة لحل مشاكلها. يجب على علماء الاسلام العظام أن يفكروا بهذا الموضوع من الآن). ولا جدال في أن مسألة استنباط الأحكام الجديدة إلى مستوى تغطية حاجات الانسان المتجددة ومجتمع الدولة الاسلامية، وتحديد الموقف الشرعي منها، والتجديد في الاجتهاد، من اختصاص الفقهاء فقط ومنحصرة بهم، بحيث تتوقف وتتعطل إذا لم يقوموا بذلك، بل ربما تنحرف عن مسارها الشرعي. فان ملاحظة تلك التغييرات والتطورات والتحولات في حركة الحياة، ثم معالجتها فقهياً، مع الأخذ بنظر الاعتبار عاملي الزمان والمكان، وأساليب الاجتهاد الجديد، إلى مستوى التغطية الشرعية لجميع حاجات الانسان الجديد ومجتمع الدولة الاسلامية المعاصرة، هو الحل الوحيد الذي ينادي به الفقهاء أنفسهم. وبذلك سيبقى الفقه تخصصاً علمياً، وموقفاً نظرياً، ومنهجاً في العمل، وخطاباً شاملاً، ونظاماً يحكم الحياة. وبهذا تكون مهمة الفقيه في هذا المجال تطويع الحياة ـ بكل مجالاتها ـ إلى الشريعة. ويؤكد أحد الفقهاء ـ الشيخ الجناتي ـ ان مهمة المجتهد الحقيقي في الوقت الحاضر إحداث تحول في واقع الاجتهاد والفقه، في المسائل غير العبادية؛ أي الاجتماعية، بعد دراسة عناصر الاستنباط ومصادره من جديد. وبذلك ـ كما يقول ـ (تتجلى شمولية الدين والفقه ومسايرته لمظاهر الحياة المتطورة. ويجب أن نعرف إذا لم تستخدم أصول الأحكام والقوانين الكلية، في الاستنباط بهذا الأسلوب، ولم يستخدم العقل في استنتاج ملاكات ومناطات الأحكام في المسائل غير العبادية، كالمسائل السياسية والاقتصادية والتجارية أو مسائل العلاقات الدولية ومسائل السلطة، فانه لا يمكن حل كثير من المشاكل.. وسيبقى الخلل والنقص واضحين).
ومن جانب آخر، بات الانفتاح على المذاهب الاسلامية الأخرى، والانتفاع من تراثها ونتاجاتها العلمية في المجالات العملية، أمراً ضرورياً في حل كثير من المشاكل الشرعية التي تتعرض لها المجتمعات المسلمة. ويتطلب ذلك توسيع دائرة الفقهاء المتخصصين في العلوم الاسلامية المقارنة (ليس ي علوم الفقه وحسب، بل في علوم القرآن وعلوم الحديث وعلم الأصول وغيرها).
2 ـ الحقوق الشرعية والموقف المالي:
القضية الأخرى التي يتوقف الفقهاء عند واقعها، قضية الحقوق الشرعية (الزكاة، الخمس وغيرهما). وليس محور البحث هنا مسألة تشريع هذه الحقوق أو مواردها أو مستحقيها، بل المتولي على هذه الحقوق في عصر الغيبة. ويجمع الفقهاء على أن ولاية التصرف بالحقوق الشرعية هي للحاكم الشرعي (الفقيه). ولكن.. أي فقيه؟ كل الفقهاء، أم فقيه بعينه؟ هذه هي نقطة التوقف. فالموقف الشرعي النظري (عند الإمام الخميني والشهيد السيد محمد باقر الصدر وغيرهما من الفقهاء المعاصرين) يقول بأن الحقوق الشرعية ـ كغيرها من الأموال العامة ـ يعود أمرها إلى منصب الحكومة الشرعية المتمثلة بولي الأمر؛ أي الولي الفقيه الحاكم. من هنا يخرج أولئك الفقهاء بنتيجة، وهي أن تنظيم حركة الحقوق الشرعية من الأمة إلى بيت المال، ومنه إلى مستحقيها (الجباية والتصرف) ـ أي بمعنى الولاية عليها وتوحيد الموقف المالي عملياً ـ ينحصر في الولي الفقيه الذي ترتضيه الأمة إماماً لها بطريقة من الطرق، كما هو الحاصل في الدولة الاسلامية في إيران.
3 ـ حركة التبليغ والإرشاد الديني ـ الاجتماعي:
يعتقد الفقهاء المتصدون بضرورة أن تكون قضية التبليغ والإرشاد الديني المباشر للمجتمع لصيقة بالفقيه؛ لأنها تقع في دائرة مهامه الأساس. ويعتقد هؤلاء بوجد خلل واضح في هذا المجال، فمعظم علماء الدين ـ وخاصة أولئك الذين تقدموا في مراحل الدراسة العليا ـ يرجحون الاستمرار في الدراسة والتدريس والتحقيق والبحث، على السفر خارج مدنهم أو بلدانهم للقيام بأعباء التبليغ والإرشاد والدعوة، ولو لمدة محدودة. بل ان بعضهم لا يقوم بهذا الدور حتى في منطقة اقامته، ويعتبر العمل التبليغي مهم خطباء المنبر وصغار العلماء، وليس من شأن ومقام عالم الدين أو الفقيه، الذي تنحصر مهمته ـ على هذا الرأي ـ بالدراسة والتدريس والتحقيق الفردي. حتى بات هذا الاتجاه عرفاً لدى بعض علماء الدين. وبهذا الصدد يقول الإمام الخامنئي في معرض حديثه عن اصلاح الحوزة: (أعلمُ أن هناك أماكن وبلداناً كثيرة تحتاج إلى مبلغين، ولكننا لا نمتلك من المبلغين من هو أهل لذلك.. من مختلف بلدان العالم يطلبون مبلغين، ولكننا لا نمتلك!.. بل يأتون من المدن الإيرانية ويطلبون إمام جمعة ولكننا لا نمتلك! وهذا أمر عجيب!.. هذه الحوزة ]الجامعة العلمية الدينية[ التي تحتوي على أعداد ضخمة، ألا تستطيع تأمين أئمة جمعة؟! .. فليعرض بعضكم عن المرجعية والرئاسة، وينصرف عن التدريس، ويكتفي بحد من العلم والفضل.. ان التبليغ وظيفتنا الأولى).
* * *
المثقف الاسلامي ـ كما اتضح من مفهومه ـ هو رجل الميدان الذي يعيش المجتمع المسلم بكل تفاصيله، واقعه، حاجاته، سلبياته، همومه، التحديات التي تواجهه على مختلف الصعد، والشبهات التي تسعى لحرفه، فيكتشفها، ويتصدى لها، ويحاول معالجتها بالأساليب المشروعة البناءة، التي تعتمد نظرية المفكر والموقف الشرعي الذي يحدده الفقيه.
المدارس الغربية، تحصر ـ عادة ـ أدوار المثقفين بما يلي:
1 ـ دور خدمة السلطة في الأبعاد السياسية والاجتماعية والايديولوجية والثقافية؛ أي تسويغ واقع السلطة.
2 ـ الدور المعرفي العلمي (البعيد عن الأطر الايديولوجية)، وهو ما يعبر عنه عالم الاجتماع السياسي (سيمور مارتن ليبست) بـ(نهاية الايديولوجية)، حيث يرفض أية علاقة بين المعرفة العلمية المحايدة والانتماء الايديولوجي للمثقف.
3 ـ الدور الانتقادي، وهو الدور الذي تعبر عنه الفئة المثقفة الانتقادية (Intelligentsia)، والتي يعرفها عالم الاجتماع الألماني (كارل مانهايم): (يجب عليها ]أي الانتلجنتسيا[ أن تبقى انتقادية لنفسها ولكل الجماعات الأخرى).
ونرى ـ من خلال ذلك ـ أن المثقف محصور بين خيارين: الانتماء؛ ويعني الانتماء للسلطة تحديداً والايديولوجية التي تمثلها، واللاانتماء؛ أي يكون المثقف علمياً أو انتقادياً. وهذه الخيارات غير مطروحة في واقعنا الاسلامي. فالمقولات التغريبية، من قبيل المثقف النقدي والثقافة الانتقادية، المثقف العلمي والثقافة العلمية، المثقف المستقل أو اللاعضوي أو اللامنتمي، دفعت بعض المثقفين المسلمين إلى تبني بعض هذه المقولات، وراح يبحث ـ مثلاً ـ عن دور انتقادي، فينتقد ـ لمجرد النقد ـ كل ما وقع أمام عينيه: المجتمع، التراث، الرموز، المؤسسة الدينية، النظام الاسلامي؛ لكي يقال عنه انه مثقف (انتلجنتسي)، أو غير منتم، وانه يمارس دوره الثقافي الحقيقي!! وأخذ آخرون يضعون التصنيفات والتعريفات والمفاهيم الموجودة في الغرب ذاتها، مثلاً: السلطة الدينية، السلطة الايديولوجية، السلطة السياسية، السلطة الثقافية، السلطة الاجتماعية السلطة الاقتصادية.. الخ، ثم يحدد موقفه منها كما أفرزته ايديولوجيات الغرب، ويعلن استقلاله عنها جميعاً، ويقوم بنقدها بالدوافع ذاتها. وكما يحدد (ريمون أرون) دور المثقف، ويحصره بثلاثة أنواع من النقد: النقد المنهجي، والنقد الأخلاقي، والنقد الايديولوجي والتاريخي.
* * *
وربما يعتقد بعضهم أن نقد المجتمعات المسلمة وواقعها، من خلال تشكيل طبقة (انتلجنتسيا اسلامية) حقيقية، هي مهمة المثقف الاسلامي في هذه المرحلة، بهدف نقل المجتمع إلى واقع أفضل، أو ـ بكلمة أخرى ـ التصدي بكل عزم وتصميم إلى كل المسائل المحرمة (أياً تكون العقبات المتزايدة تدريجياً، وأياً تكون المخاطر والصعاب)! وحيال ذلك، نسجل الملاحظات التالية:
1 ـ عدم تجاوز المجالات المقدسة عند النقد، ومراعاة ظرفي الزمان والمكان، والأطر الشرعية والأخلاقية، والمصلحة الاسلامية العليا؛ وعلى ذلك، فان النقد يكون حراماً أحياناً، وأخرى واجباً أو مستحباً، وهدفه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ أي البناء والتغيير نحو الأفضل.
2 ـ النقد والتقويم لابد أن يكونا منسجمين مع واقف المثقف؛ أي انه يبدأ بميدانه الأول (النفس)، ثم يتحرك في حدود تخصصه وثقافته.
3 ـ المثقف الاسلامي لابد أن يكون منتمياً وعضوياً، وليس له خيار غير الانتماء النظري والسلوكي الكامل للاسلام واصالة الاسلام وكيان الاسلام، وليس له خيار غير العضوية المرصوصة في مجتمع المسلمين؛ وبانتمائه هذا، يكون مثقفاً ايديولوجياً، وليس مجرد مثقف واقعي أو معرفي أو عقلاني أو حر أو انتلجنتسي، أو أي تعبير مستورد آخر يحاول بعض المنفعلين والسطحيين فرضه على واقعنا الاسلامي.
ومما سبق نخلص إلى أن المثقف الاسلامي يمارس الدور الذي يحدده التكليف الشرعي، أياً كان الظرف الموضوعي، مثلاً: إذا كانت السلطة تمثل الواقع الاسلامي وتستند في شرعيتها إلى الولاية الشرعية للأمة، فهو لابد أن ينتمي إليها. وفي الوقت نفسه، يمارس دوراً علمياً في المجالات التي تتطلب ذلك، ويمارس أيضاً تكليفه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو دور النقد البناء والمحاسبة والنصيحة. مع الأخذ بنظر الاعتبار ان الانتماء ـ طبع المنهج الاسلامي ـ لا يلغي دور النقد والمحاسبة والنصيحة؛ إذ يمارسه المثقف مع مختلف أشكال السلطة. بل ان دور النقد والمحاسبة والنصيحة هو جزء من الانتماء.
وبذلك تتلخص أدوار المثقف الاسلامي ومهامه فيما يلي:
1 ـ على الصعيد الفردي: أي بناء النفس والعقل، روحياً وثقافياً وعلمياً، وتحصينهما في مواجهة كل التحديات والمغريات والشبهات، ومحاسبتهما وهذا الصعيد هو الميدان الأول للمثقف الاسلامي، وهو منطلقه في العمل والحركة.
2 ـ على الصعيد النظري: ويتمثل في التخطيط والبرمجة والنقد والتسديد والمواجهة.
3 ـ على الصعيد العملي: تبني قضايا المجتمع في مختلف المجالات، وممارسة التوعية، والسعي للتغيير والبناء.
هذه الصعد الثلاثة لا ينفصل أحدها عن الآخر، بل تتكامل مع بعضها وهي بحاجة إلى وقفة طويلة؛ لتقييم وبلورة موقع المثقف الاسلامي ودوره ومهمته، وخاصة في هذه المرحلة التي تشرب فيها بعضهم المقولات المنهجية المتغربة بشأن المثقف وموقعه، وهي بعيدة كل البعد عن منهجنا وواقعنا، وأفرزها واقع لا يمت إلى الاسلام بصلة.
*المصدر : مجلة التوحيد/80/1996م


 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || موسوعة الإعلام والتبليغ