موسوعة المصطلحات والمفاهيم || موسوعة الإعلام والتبليغ

النفاق والمنافقون
مقداد محمد



إن الاسلام الذي يمثل الفكر الإلهي والأطروحة السماوية التي تضمنت القوانين الكفيلة بإسعاد المجتمع واستقامته إنما كان ولا زال وسيبقى تلك الصرخة التي أيقظت المستضعفين من السبات والدليل الذي أرشدهم إلى طريق الخلاص والحرية، والسيف الذي ظل مصلتاً بوجه كل أعداء البشرية، لهذا نرى أن هؤلاء الذين لا يريدون أن يعيشوا كبقية الناس والذين يرون في استغلال الناس واستعبادهم راحة لنفوسهم وإرضاء لعقدة النقص فيها، نراهم أول من وقف ويقف بوجه الاسلام على امتداد التاريخ، فمنهم من أصر على رفض هذا الدين الجديد وأنكر وجود الخالق ورسالة النبي وهؤلاء هم الكافرون.. ومنهم من تجاهر بالاسلام وظل يحمل في قلبه الكفر وهم المنافقون الذين نحن بصددهم.
وإن أغلب هؤلاء الأعداء لم يكتفوا بإنكارهم للاسلام وعدم إيمانهم به بل أبوا إلا محاربته بشتى الوسائل والأساليب.
ولهذا أردف القرآن كلمتي (الكافرين والمنافقين) باعتبارهما العدوين اللدودين اللذين يتربصان بالاسلام، ويتآمرون في تواطؤ خبيث للقضاء عليه.
(يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليماً حكيماً) الأحزاب/ 1.
(ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً) الأحزاب/ 48.
لهذا فالاسلام واجه ويواجه الأخطار من الداخل والخارج وعلى شتى المستويات. ولكنه وبفضل ما يمتلك من قوة على المجابهة وتحد للأخطار وبما بذل في سبيله من دماء زكية ظل يقطع أشواط الحياة، ويعيش في وجدان المخلصين.
النفاق ظاهرة خطيرة:
النفاق أسلوب ماكر وخبيث يلجأ إليه الأعداء عندما لا يستطيعون مجابهة الحق ولا مواجهة التيار الاسلامي العنيف بصورة مكشوفة وسافرة، لهذا وخوفاً على وجودهم يحاولون الاستسلام لهذا الواقع الجديد والتظاهر بقبوله والانصياع إليه، إضافة إلى حفاظهم على بعض مصالحهم الدنيوية التي لا يريدون التفريط بها أو فقدانها لهذا يضطرون إلى التوشح بوشاح الاسلام حيث يمكنهم حينها نفث سمومهم واستخدام كل ما لديهم من أساليب ماكرة وطرق ملتوية من أجل إضعاف هذا المد الهادر وكبح جماحه وتهيئة الفرصة المناسبة للانقضاض عليه..
فالنفاق باعتباره خطراً يهدد الوجود الاسلامي يستلزم إذن الانتباه إليه والحذر منه.. وهو أسلوب قد لا يستطيع المؤمنون اكتشافه وتشخيصه بسهولة. وإن سهل عليهم ذلك فهو قد ينطلي على عامة الناس. ومما يزيد في صعوبة اكتشاف المنافق وتعيينه بدقة هو تفننه في الأساليب وبراعته في التحرك ومحاولته الظهور بمظهر المخلص الحريص على تطبيق قوانين الاسلام ورعاية مصالح الجماهير، وبذلك قد يستطيع المنافق أن يكسب قلوب الناس ويستميلهم إلى جانبه. وهذا ما يجهد المنافق نفسه في سبيله لأنه متى ما استطاع أن يخلق له قاعدة جماهيرية عريضة في صفوف الأمة يستطيع عند ذلك أن يؤثر على هذه القاعدة بأفكاره ويوجهها حسب إرادته ـ ، وبذلك يكون قادراً على تحريف المفاهيم وحرف المسيرة والإجهاز على العناصر المؤمنة الملتزمة.
النفاق وصدر الدعوة الاسلامية:
لقد تصدى النفاق للمسيرة الاسلامية بعد أن خطت خطوات واسعة، وبعد أن استطاعت أن تمد جذورها في أرض الجزيرة.. فقد وجد الكفر نفسه في موقع حرج وأمام تيار اسلامي هائل.
ولم يكن يدور في بال أولئك الذين استعبدوا المستضعفين واستذلوا الناس واستهانوا بكراماتهم، لم يكن يدور ببالهم بأنهم سينهزمون أمام دين دعا له شخص واحد!
ولكن الحقيقة التي فرضت نفسها عليهم والتي لم يستطيعوا مجابهتها ـ بعد أن وقفوا بوجهها بكل ما يملكون وتعاظم مدها وانقاد لها الناس من مختلف الطبقات ومن كل صوب، أملت عليهم أن يتقمصوا الاسلام ليستروا به عورة الكفر.. وكان هذا هو النفاق بعينه، السلاح الجديد الذي لم يجدوا بداً من اللجوء إليه.
لقد عانى منهم الرسول (ص) الكثير، وعانى منهم المسلمون، فهم يستغلون الأوضاع المضطربة، وظروف الحرب وقلة وعي بعض المسلمين من أجل أن يطعنوا هذا الدين القيم في محاولات نشطة للإجهاز عليه.
فهم من جهة يحاربون المسلمين نفسياً ويطلقون الكلمات والإشاعات لتثبيط المعنويات.. ومن جهة أخرى يتحالفون مع الأعداء السافرين من المشركين واليهود ويخططون معاً لكسر شوكة المسلمين ودحر هذا الدين..
ولكن بسبب النظرة الثاقبة للنبي (ص) والتسديد الإلهي، كان النفاق يبوء بالفشل مرة بعد أخرى. وكان اللثام يماط بين حين وآخر عن وجه منافق جديد أو عن مجموعة منافقة..
صفات المنافقين:
لا تختلف صفات المنافقين عن الكافرين إلا ببعض ما تستدعيه ظاهرة التستر والاختفاء، فهم ولكونهم غير مؤمنين بالله أو غير ملتزمين بالاسلام، فإنهم لا يخافون الله ولا يرهبونه، ولهذا فإن تصرفاتهم تكون انعكاسات لعقيدة فاسدة تستقر في قلوبهم، وبالتالي فهم ومهما حاولوا إخفاء الشخصية الحقيقية وطلوها بطلاء الإيمان والورع فإنهم لن يستطيعوا أن يحافظوا على ذلك الإخفاء، ولا بد من أن يتضح الإناء بما فيه، وتنكشف حقيقتهم أمام الناس.
وقد قال الإمام علي (ع): ((ما أضمر أحد شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه)). إن عدم الخوف من الله هو الإطار العام الذي يؤطر تصرفاتهم وأعمالهم، وعدم الخوف هذا يدفع بالمرء إلى اقتراف كل جريمة وانتهاك كل مقدس وارتكاب كل محرم.
وقد أشار سبحانه إلى ضعف العلاقة التي تربط المنافقين به في قوله عز وجل مخاطباً المؤمنين: (لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون) الحشر/ 13.
معنى هذا إن المنافقين يرهبون قوة المسلمين ولا يرهبون بطش الله وعذابه، وإن تسترهم بالإيمان إنما كان خوفاً من المسلمين لا خوفاً من الله!! ويغدو بذلك النفاق ديناً بدل الاسلام.
ويمكن لنا أن نجمل أهم الصفات السيئة التي يتمتع بها المنافقون بما يلي:
1 ـ الكذب وإخلاف الوعد والخيانة:
إن كذب المنافقين لا ينحصر في نقل الأقاويل الكاذبة عن الناس وإليهم فقط بل حتى في نقل الأحاديث الكاذبة عن الرسول (ص) وذلك من أجل العمل على تشويه الرسالة الاسلامية أولاً ولحرف مسيرتها التطبيقية ثانياً.
وقد أشار الإمام علي (ع) إلى بعض الأشخاص الذين يدعون رواية الحديث عن الرسول (ص): ((رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالاسلام، لا يتأثم ولا يتحرج، يكذب على رسول الله (ص) متعمداً)).
وقد أفلح هؤلاء إلى حد ما في تشويه كثير من الحقائق، وحجب أنظار الأمة عن كثير منها، ولحد الآن مع الأسف.
إضافة إلى صفة الكذب التي يتميز بها المنافق فهو لا يتناهى عن إخلاف الوعد والخيانة إذ أنى له أن يشعر بقدسية لهما نتيجة لغياب المحاسبة النفسية النابعة من الإيمان بالله والالتزام بالاسلام.
2 ـ الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف:
إنهم لا يتوانون عند سنوح الفرصة، في أن يدعوا الناس إلى عمل القبيح وترك العمل الصالح سواء كان بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بالإشارة أو التلميح، فهم يستخدمون ما لديهم من وسائل في نشر الرذيلة والوقوف بوجه الفضيلة.
(المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، ويقبضون أيديهم، نسوا الله فنسيهم، إن المنافقين هم الفاسقون) التوبة/ 67.
3 ـ التهرب من مواطن الخطر:
بما أن المنافق لم يظهر الإيمان إلا لدوافع الخوف وللمحاربة المخفية للاسلام، فمن الطبيعي إذن إلا يندفع نحو مواطن الخطر وألا يتحمل تبعات الخطوب. لذا فهو يحاول تبرير تكاسله وعدم اندفاعه بمختلف التبريرات التي يقبلها العقل ولا يقرها الواقع. وهذا السلوك هو علامة مهمة ربما تستطيع أن تشكل مفتاحاً لاكتشاف النفاق وإزاحة الحجاب.
4 ـ عدم التعقل واضطراب التصرفات:
يظل التصرف الأحمق والسلوك الطائش علامة مهمة من علامات المنافق. فهو لا يملك الوعي الذي يستطيع به أن يميز بين الأشياء ولا الإيمان الذي يضمن له الاستقامة والورع. لهذا فإن تصرفاته الخارجية تكون انعكاساً لسريرته الخبيثة وقلبه المريض وعقله الجاهل... ويبقى سلوكه بصورة عامة غير متسم بالاتزان والتعقل.
وقد أشار إلى ذلك الإمام علي (ع): ((لسان المؤمن من وراء قلبه وقلب المنافق من وراء لسانه)).
5 ـ التلون والتزلف والتملق:
من أجل أن يصل المنافق إلى ما يريد، أي لكي يؤدي الدور النفاقي على أتم ما يرجو ولكونه أصلاً لا يستند على قاعدة عقائدية ولا يملك مؤهلات أخلاقية، لهذا يجد نفسه مرغماً على التلون وفقاً للظروف والأحوال، كما انه لا يجد حرجاً في أن يظهر بمظاهر مختلفة حسب ما يميله عليه المخطط والهدف.. كما نه لا يمانع في أن يخضع لهذا أو يتزلف لذلك أو يركع عند قدمي زيد أو يقبل أيادي عمرو أو يمدح من لا يستحق المدح أو ينتقص من شأن من لا غبار عليه.. فهو مكلف بدور لا بد من أدائه وبمهمة لا بد من إنجاحها حتى وإن كان ذلك على حساب عناصر الكرامة في نفسه إن كانت له كرامة.
أساليب النفاق:
1 ـ تشويه الحقائق وتحريفها:
وهي نقطة مهمة يركز عليها المنافقون، فهم يظهرون الحقائق الناصعة والتحركات الاسلامية بمظهر مشوه، وأقوال القيادات الاسلامية بصورة محرفة مما يكون لها وقع سيئ على أسماع الناس، وبتكرار هذا الأسلوب ومن مصادر منافقة متعددة فإن ذلك يؤدي إلى توهين العلاقة بين المسلمين والقيادات الاسلامية وبالتالي بينهم وبين الاسلام.
2 ـ التشكيك:
وفي هذا المجال يسعى المنافقون إلى توجيه أنظار الناس إلى سلبيات تطفو على سطح التحرك الاسلامي ربما تنشأ بصورة طبيعية وغير مقصودة أو لأخطاء لم تكن في الحسبان أو ربما يتناول المنافقون قضية عقائدية فيها مجال للتأويل فيثيرون الشبهات حولها بطريقة لا تجلب الانتباه إلى سوء نياتهم مما يؤدي إلى خلق عنصر الشك والارتياب في النفوس، وربما يستفحل هذا العنصر ـ وهذا ما يسعى له المنافقون فعلاً ـ فيؤدي إلى مروق المرء وربما قطاع واسع من الأمة عن جادة الصواب.
3 ـ بث الإشاعات:
كانت الإشاعة ولا زالت سلاحاً فعالاً يستخدمه الأعداء للنيل من خصومهم... وكذلك كانت الإشاعة وسيلة مهمة من الوسائل التي يلجأ إليها الأعداء المتخفون من أجل تشويه بعض الشخصيات الاسلامية أو الجهاز الاسلامي الحاكم أو الحركة الاسلامية النقية، وذلك مما يؤدي فيما لو أفلحوا إلى خلق بذور القرف والتشكيك بتلك الشخصية أو الجهاز أو الحركة وبالتالي عزلها عن القاعدة الجماهيرية. ومثل ذلك حديث الإفك.. حيث أراد المنافقون فيه النيل من شخصية الرسول ومكانته في نفوس المسلمين بأن بثوا إشاعة كاذبة ضد إحدى زوجاته (عائشة) وراحت السن المنافقين تتناقل تلك الإشاعة وتبثها في أوساط المدينة. ولكن الله تعالى أفشل هذا المخطط الآثم حينما أنزل: (إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم، لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) النور/ 11.
4 ـ دس الأفكار المنحرفة والمفاهيم الخاطئة:
وهذه مهمة يؤكد عليها المنافقون كثيراً، فهم وتحت غطاء الاسلام يحولون تقديم الاسلام إلى الناس بصورة مشوشة، ومفاهيمه بشكل محرف.. ويتبعون في ذلك أسلوباً هادئاً وتدريجياً.. أي انهم لا يحاولون بادئ الأمر طرح المفهوم بصورة مغايرة تماماً لحقيقته بل يدخلون عليه شيئاً أو يخرجون منه شيئاً.. ثم يتوسعون بعد أن تعتاد الناس على الشكل الجديد في تحريف المفهوم وبالتالي وعند نهاية المطاف نرى أن المفهوم أو الفكرة الاسلامية قد صيغت صياغة تتعارض مع الصياغة الإلهية.
5 ـ إثارة روح الاختلاف والنزاعات بين العناصر الاسلامية:
إن المنافقين يسعون جاهدين إلى تقطيع الأواصر الاسلامية المتلاحمة وتفتيت القوى المتحدة، وتبديد الطاقات المؤمنة، وإثارة روح الخلافات الجانبية فيما بينها... وهذا ولا شك أسلوب لو قدر له النجاح فإنه سيؤدي إلى هزيمة نكراء تعصف بالمد الاسلامي وتفسح المجال للأعداء الداخليين والخارجيين لكي يستولوا على مقادير الأمور.
6 ـ إثارة المشاكل والصعوبات لإعاقة المسيرة الاسلامية:
إن المشاكل والصعوبات والعراقيل تؤدي بلا شك إلى إرباك المسيرة، وبدلاً من أن تتوجه لخلق إنجازات جديدة فإنها ستنشغل بالمشاكل الجديدة التي يحاول المنافقون خلقها وافتعالها بطريقة أو بأخرى.. وعندها سيستغل الأعداء فرصة انشغال المؤمنين بهذه المشاكل استغلالاً يمكنهم من تقوية نفوذهم وقدراتهم لضرب المد الاسلامي أو الحركة الاسلامية أو الحكومة الاسلامية المنشغلة بمواجهة الصعوبات.
7 ـ إعطاء تصورات خاطئة أو مزيفة عن أعداء الاسلام المكشوفين:
لو قُدر للمنافقين أن يكونوا في مواقع مسؤولية متقدمة، أو على مقربة ممن أنيطت بهم مسؤولية إسلامية، فإنهم سيحاولون وبكل وسيلة أن يحجبوا كثيراً من الحقائق المتعلقة بالأعداء الذين يجاهرون بعداوتهم للاسلام وربما أن يعطوا المعلومات الخاطئة عنهم وذلك لكي لا يكون المؤمنون على بصيرة واضحة بأولئك الأعداء.
8 ـ التجسس وخدمة العدو الخارجي:
وهذه مهمة أساسية من مهام المنافقين حيث يقدمون للعدو الخارجي ا لذي يرتبطون به كل ما يتعلق بنشاطات المسلمين وتحركاتهم والشخصيات البارزة والإمكانيات العسكرية والخطوط التنظيمية.
9 ـ اغتيال الشخصيات العقائدية:
وهذه مهمة تُناط ببعض المنافقين الذين لا يمكن توجيه أصابع الاتهام إليهم فيستغلون الثقة التي توليها الشخصيات العقائدية إليهم فيلجأون عند الضرورة واقتضاء الأمور إلى اغتيال بعض الشخصيات التي يكون وجودها مهماً في تقوية المد الاسلامي ورفده بالفكر النقي ودحر الشبهات عنه أو تلك التي لها استقطاب جماهيري واسع ومؤثر.
النفاق سلاح استعماري:
أن الاستعمار الذي يشعر بخطورة التحرك الاسلامي على مصالحه ومواضع إقدامه في المنطقة الاسلامية راح يحارب الاسلام والرساليين بمختلف أنواع الأسلحة بهدف إسقاطه في أعين المسلمين وشدهم إلى الحضارة الغربية. فهو بعد أن فشل في استكمال ذلك عند احتلاله المباشر للأقاليم الاسلامية عدل عن طريقته هذه إلى طريقة أخرى تضمن له مصالحه ونفوذه ولكنها لا تثير حساسية أبناء هذه الأقاليم ضده، وذلك بتنصيب الحكومات المحلية العملية التي تخضع لهيمنته وتسير وفق توجيهاته، وعمل إضافة إلى ذلك على محاربة الفكر الاسلامي عبر وسائل النشر والإعلام المختلفة من كتب وصحف ومجلات وما شابه.
كما انه استطاع أن يضمن له وجوداً عسكرياً في هذه الدول، بعد ضمان الوجود الاقتصادي والفكري والسياسي، متمثلاً بقواعده العسكرية في بعض تلك البلدان.
كما أن الاستعمار لجأ وبعد تعاظم مدّ الحركات الاسلامية إلى خلق حركات أو أحزاب تدعي الاسلام وتظهر الإيمان كي تقف بوجه الحركات والأحزاب الاسلامية النقية في محاولة خبيثة لعزل الحركات المخلصة عن الساحة كي تكون هي البديل للأنظمة السائرة في ركاب الظالمين عندما يصبح من الضروري تبديل تلك الأنظمة عند تصاعد النقمة الشعبية وتطلع الناس للنظام الاسلامي، ويكون بهذا قد حفظ مصالحه عبر أسلوب ذكي آخر.
كما نلاحظ أن الاستعمار نفسه استطاع أن يستميل بعض الحركات أو الأحزاب التي كان لها رصيد اسلامي، ومن ثم استطاع أن يستوعبها ويحركها وفق ما يريد من أجل أن تكون نداً قوياً للأحزاب الاسلامية النقية وبالتالي تصبح ومن خلال المد الخارجي المتزايد قوة لا يستهان بها لضرب الاسلام نفسه.
كما إن الاستعمار قد يلجأ بمساعدة أعوانه الداخليين والمنافقين إلى تسليط الأضواء على بعض الشخصيات المنافقة التي يتوسم فيها حفظ مصالحه والسير في ركابه كي يؤهلها لاحتلال مواقع مسؤولية متقدمة في الدول الاسلامية.
الجزاء الأخروي:
إن المنافق أسوة بأخيه الكافر لا بد وأن يلقى عقاباً أخروياً شديداً وذلك نتيجة لصدوده وصده عن سبيل الله ومحاربته للمسلمين.. ولا بد أن يلج أبواب جهنم، وسيخسر الآخرة كما خسر الدنيا التي افتضح فيها أمره، وسقطت أقنعة الإيمان الخادعة عن وجهه الأسود، وسقطت أقنعة الإيمان الخادعة عن وجهه الأسود، وتجلى على صورته الكالحة وعزفت عنه الأمة وأشاحت بوجهها.
لا بد أن يلقى جزاء ما اقترفت يداه ولسانه وقلبه من آثام وجرائم، وما سبب من ويلات ومحن وخطوب... فجهنم حق لا بد منه لكل كافر ومنافق ومشرك.
(وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم) التوبة/ 68.


 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || موسوعة الإعلام والتبليغ