من الأهمية بمكان أن يكون القائم بالاتصال في الإعلام الإسلامي
مدركا لمضمون الرسالة الإسلامية، وحججها، والدعاية المضادة الإسلام
وحججها، بالإضافة إلى الأحداث والظروف الفكرية المعاصرة الفكرية
المعاصرة، "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم
بالتي هي احسن" ومن الأهمية بمكان أدراك خصائص المتلقي ومستواه ،
ومن الأهمية أن تكون الأهداف الأبتعاد عن التشدد { ربنا ولا تحملنا
مالا طاقة لنا به }.
وهناك منعطفات في طريق الدعوة ، مثل الانحراف في الفهم أو العمل ،
مثلا: الحكم بتكفير مسلم أمر في غاية الخطورة { كل المسلم على
المسلم حرام دمه وماله وعرضه } وبالتالي فالحكم على مسلم بالكفر
معناه أهدار كل هذه الحرمات ، فعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم { إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما
فان كان كما قال وإلا رجعت عليه }.
وإذا كانت الدعوة إلى الله وظيفة رسل الله ، معتنقي الدعوة شركاء
للرسل في الدعوة إلى الله ، وبالتالي فكل المسلمين مكلفون بالدعوة
إلى الله ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني
وسبحان الله وما أنا من المشركين).
وهكذا يجب على العالم ما لا يجب على الجاهل ( أن الذين يكتمون ما
أنزلناه من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب فأولئك
يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ألا الذين تابوا واصلحوا وبينوا
فأولئك
أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ). أي من مهام أهل العلم أن يعلموا
الناس ما يعرفوه عن الإسلام ومن الواجب على أصحاب السلطان والجاه
في الأرض أن ينشروا دعوة الله ، ( الذين أن مكناهم في الأرض أقاموا
الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة
الأمور )، وقد فسر الذين مكناهم في الأرض بالولاة والعلماء والدعوة
إلى الله تعد في مقدمة المعروف ( ومن احسن قولا ممن دعا إلى الله
وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ).
أي إن الداعي يبلغ الرسالة ( وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) ،
ومن الأهمية أن يتسم الداعي بالاستمرار وعدم اليأس، واحتمال
الإجابة، لان الأمور بيد الله وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع
الرحمن يقلبها كيف يشاء، فلا يستطيع الداعي أن يقطع بعدم الإجابة
فيجب عليه الاستمرار بالدعوة والوعظ والإرشاد حتى يقضي الله أمرا
كان مفعولا.
ومن الأهمية أن يكون الداعي على علم وفهم دقيقين، ( فاعلم انه لا
اله إلا الله ) وإذا كان على عكس ذلك فان ضرره قد يكون اكثر من
نفعه ، ( وقل ربي زدني علما ) ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين
أوتوا العلم درجات ) وقد يصل الفرد إلى حالة من عدم القبول ، وهنا
قد لا يجدي الوعظ أو التذكير ( فاعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد
إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم ).
ومن الأهمية أن يتسم الداعي بالصدق، وهذا يعبر عنه إعلاميا بتكنيك
القابلية للتصديق credibility وفي هذا يقول الله تعالى ( يا أيها
الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ).
ومن الأهمية أن يتسم الداعي بالصبر ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) (
فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم ).
والصبر مهم عند الابتلاء ( احسب الناس أن يتركوا يقولوا آمنا وهم
لا يفتنون؟ ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا
وليعلمن الكاذبين).
ومهمة الدعاة مهمة صعبة ، فهم يبتلون بأذى من يتوجهون إليهم ( ولقد
كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا
مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين ).
ومن الأهمية أن يتسم الداعي بالرحمة وفي هذا قال الرسول (لا يرحم
من لا يرحم الناس ) ومن الأهمية أن يتسم الداعي بالتواضع وعدم
التكبر إذ جاء في الحديث القدسي قول الله ( العزازاري والكبرياء
ردائي فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته ) وقال الله تعالى (
سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ) ومن الأهمية أن
يتسم القائم بالإعلام الإسلامي بالثبات وليس أدل على ذلك من ثبات
الرسول وأصحابه أمام المشركين وعنادهم، ومن الأمثله على ذلك أن
الرسول خرج إلى الطائف بعد أن نالت قريش منه، وذلك ليلتمس النصرة
من ثقيف، ولما انتهى الرسول إلى الطائف عمد إلى نفر من ثقيف ، فجلس
إليهم ودعاهم إلى الله ، فردوا عليه ردا نكراً ، وفاجأوه بما لم
يكن يتوقع من الغلظة وسجح القول، فقام رسول الله من عندهم راجيا
منهم أن يكتموا خبر مقدمة إليهم عن قريش، فلم يجيبوه إلى ذلك
أيضاً، ثم أغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به، وجعلوا
يرمونه بالحجارة حتى أن رجل الرسول أدميتا، حتى وصل الرسول إلى
بستان لعتبة بن ربيعة، فرجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه، فعمد
عليه الصلاة والسلام، وقد أنهكه التعب والجراح، إلى ظل شجرة عنب
فجلس فيه وابنا ربيعة ينظران إليه، فلما أطمأن النبي في ذلك الظل،
رفع رأسه يدعو بهذا الدعاء "اللهم أليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي،
وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي،
إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو وملكته أمري؟ أن لم يكن
بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي
أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة"...
* * *
وهكذا يتبين لنا الأهمية التي يعتد بها للقائم بالاتصال، ومن هنا
يركز الأعلام الإسلامي على خصائص القائم بالأتصال وتمشيه مع
الجماهير.
ويعمل القائم بالاتصال على تقديم معلومات إلى الملتقي في أطار
رسالته الأعلامية، محاولاً التأثير على الاتجاهات والسلوك.
ومن الأهمية أن يركز القائم بالاتصال في الأعلام الإسلامي على درجة
العمق أي مدى ارتباط المتلقي بالقضية المطروحة، فإذا أرتبط المتلقي
بشدة تجاه قضية معينة مثل الأمة الإسلامية، والرسالة العالمية
للإسلام، فهنا يتميز الرأي بدرجة عالية من العمق وإذا لم يهتم
المتلقي بهذه المفاهيم ، فأن الرأي يتميز بدرجة منخفضة من العمق
ومن الأهمية بمكان أن يأخذ القائم بالاتصال في اعتباره الثقافة
السياسية وبالنسبة لمفهوم التنشئة السياسية فقد استحوذ على كثير من
الاهتمام، ويرتبط بالمعتقدات السياسية والاتجاهات والسلوك، وتثير
التنشئة، وتقوم الأسرة بدور يعتد به في تشكيل الاراء والسلوك أي
أنها تقوم بدور يعتد به في التنشئة بالاضافة إلى جهات أخرى
كالمدرسة وأماكن العمل، وتتفاعل الديانة مع الرأي السياسي، إذ تقدم
خلفية من القيم لسلوك الفرد والجماعة، فقد ترجع القيم الثقافية
لمجتمع معين إلى تقاليد مرتبطة بالدين، حتى ولو كان هذا المجتمع
علمانيا بالطريقة التي يقدمها بها.
وبما أن الأسرة والمدرسة تقوم بدور يعتد به في التنشئة، ومن هنا
وجب الاهتمام بهاتين المؤسستين سواء على مستوى الأعلام الداخلي
الإسلامي، أو مستوى الأعلام الدولي الإسلامي.
ومن الأهمية أن يدرك القائم بالاتصال في الأعلام الإسلامي الدولي
الصور النمطية، وهي شكل من أشكال الرموز الذي يرتبط بتبسيط القضايا
بشكل قد يخل بها، أي أن الصور النمطية هي شكل من أشكال التبسيط
المخل من قبل الجماهير تجاه موضوعات معينة، ومن مظاهر هذه الصور
تصور شعب لشعب آخر، وغالباً ما تكون هذه الصور غير دقيقة ولذلك من
الأهمية بالنسبة للقائم بالأعلام الإسلامي الدولي أن يدرك هذه
الصور، حتى يمكن له أن يواجهها بالشكل المناسب والأسلوب المناسب،
فالصورة النمطية للإسلام لدى الغربي مشوهة وغير صحيحة وكذلك للعرب،
وهو يخلط بين العروبة والإسلام، وكذلك العربي والمسلم، وبالتالي
فأدراك القائم بالاتصال في الأعلام الإسلامي لهذه القضايا أمر في
غاية الأهمية، حتى يقلل قدر الامكان من هذه الصور، ويزيد من فاعلية
رسالته الإسلامية الأعلامية.
ومن الأهمية أن يدرك القائم بالأتصال، الحرب النفسية الموجهة ضد
الإسلام ويمكن أن يعرف بأنها أستخدام مخطط من جانب دولة أو مجموعة
دول للدعاية وغيرها، وتستهدف جماعات تعتبرها معادية أو محايذة أو
صديقة للتأثير على أرائها وعواطفها وسلوكها بطريقة تعمل لتحقيق
سياستها أو الجهات المستخدمة لها.
ومن الأهمية أن يراعي القائم بالاتصال اللغة المتعلقة بالمستقبلين،
فلكل لغة خصائص معينة، وأن كان هناك علاقات مشتركة بين المجموعات
اللغوية المشتركة، وعلى سبيل المثال هناك علاقات مشتركة بين اللغات
الفرنسية والإيطالية والإسلامية، وهناك صلاة مشتركة بين اللغتين
العربية والفارسية.
وتعكس اللغة طرق الحياة الخاصة بكل شعب، ودرجة تقدمه أو تخلفه، كما
ينعكس فيها المواريث التاريخية والقيم والمعتقدات.
وبما أن اللغة تعد بمثابة الرموز المشتركة بين الذين يتكلمون بها
وبالتالي فهي عامل يؤثر بدرجة كبيرة على الرأي العام، لا سيما إذا
أمكن أستخدام اللغة بنجاح عند الاتصال بالجماهير.
-----------------------
المصدر : الاعلام الاسلامي الدولي بين النظرية والتطبيق