ان الصحافة بعامة وسيلة هامة من وسائل التأثير في الرأي العام في
المجتمعات الإنسانية المعاصرة. ويتعاظم دور الصحافة الاسلامية
بخاصة لصلتها أولاً بالصحوة الإسلامية فهي نبتة مباركة لهذه الصحوة
أولاً، ثم إنها من أكثر الوسائل التوجيهية مصداقية لدى الجمهور
المنتمي للصحوة. ومن ثمّ فيفترض فيها أن تكون الأكثر تأثيراً في
صياغة آراء هذا الجمهور وبلورة أفكاره وبناء تصوراته وتوجيه
سلوكياته.
ويتبادر إلى الأذهان _دون ريب _ سؤال مشروع عن مفهومنا للصحافة
الإسلامية، وماذا نقصد بهذا المصطلح؟
إن مصطلح الصحافة الإسلامية مصطلح جد شائك، فهو يطرح جملة من
التساؤلات التي تبحث عن إجابات:
أولاً: ماذا نقصد بالصحافة الاسلامية بالضبط؟ هل هي صحافة دينية
متخصصة، أم هي صحافة عامة مستلهمة لروح الدين ومصطبغة بتوجيهاته؟
هل هي صحافة حزب أو جماعة أو تيار، أم هي صحافة قيم ومبادىء وروح
غالبة حتى ولو لم يصدرها حزب يرفع شعار الإسلام أو تيار يتبنى
توجهات إسلامية؟ هل هي صحافة يصدرها مسلمون وتتوجه إلى مسلمين، أم
هي صحافة يصدرها مسلمون وتتوجه لغير المسلمين بهدف دعوتهم إلى
الإسلام؟
ثانياً: ما نوع الجمهور الذي تتوجه إليه الصحافة الإسلامية، هل هو
جمهور خاص أم عام؟ هل تتجه الصحافة الإسلامية إلى الملتزمين
بالدين، أم إلى النخبة المثقفة الواسعة أم إلى عامة الناس، أم
تتوجه إلى هؤلاء جميعاً؟
ثالثاً: ما المنهج الذي يميز الصحافة الاسلامية في معالجتها وطرحها
عن "الصحافات" الأخرى؟ وبنحو أكثر دقة: ما الصبغة التي يمتاز بها
هذا اللون من الصحافة هل هي الصبغة "الأيديولوجية" الملتزمة، أم هي
الصبغة الموضوعية المحايدة؟ هل هي صحافة قضية ورسالة أم صحافة وصف
وإخبار، أم هي مزيج من هذا وذاك؟ وفي اسلوب الطرح: هل هو أسلوب
يميل إلى الرصانة والوقار أم يجنح نحو التبسيط والإثارة؟
رابعا: ما مواصفات العناصر البشرية التي تصلح لقيادة وإدارة وتحرير
وإنتاج هذه الصحافة؟ وما طبيعة ومكونات تأهيل هذه العناصر "أو
الكوادر" وما المحاضن التي يمكن أن تقوم بهذا التأهيل؟
خامساً: ما هي اقتصاديات هذا النوع من الصحافة، وهل تختلف في
طبيعتها ومتطلباتها وآلياتها عن اقتصاديات "الصحافات" الأخرى؟ وهل
هناك صيغة مميزة للصحافة الإسلامية تحكم العلاقات التي تقوم بين
عناصر: التمويل والإعلان التجاري والتوزيع والإمكانات التقنية
الحديثة؟
سادساً: ما المناخ الملائم لنشوء صحافة إسلامية حقيقية سواء على
الصعيد السياسي أو الصعيد الاقتصادي، أو الصعيد الاجتماعي؟ وما
الارتباط بين كل من حدود الحرية السياسية وحرية التعبير، ومستوى
الوعي الاجتماعي، ومشكلات الرقابة والقوانين وبين قدرة الصحافة
الاسلامية على القيام بدورها وأدائها لرسالتها؟
هذه بعض التساؤلات التي تشخص _في تصوري _ أعراض الأزمة التي تعيشها
الصحافة الاسلامية المعاصرة. وهي أزمة حقيقية لا مصطنعة وقد لا يعي
عمقها ومشكلاتها إلا أولئك الذين عايشوا تجربة هذا النوع من
الصحافة عن كثب، أو أولئك الذين حاولوا خوض غمار البحث والدرس
التنظيري للصحافة الإسلامية في الحقل الأكاديمي.
----------------------
المصدر: الاعلام وقضايا الواقع الاسلامي