موسوعة المصطلحات والمفاهيم || موسوعة الإعلام والتبليغ

أسباب قصور الصحافة الاسلامية
د. عبد القادر طاش



1_ ضمور الإحساس الإسلامي بأهمية العمل الإعلامي الجماهيري _والعمل الصحفي الاسلامي بطبيعة الحال جزء منه _ لدى الكثيرين من العاملين للإسلام سواء أكانوا أفراداً كالعلماء والمشايخ أم جماعات وتيارات. وقد انصرف العمل الاسلامي إلى ميادين أخرى رأى فيها الدعاة وطلبة العلم والجماعات مردوداً أفضل كالعمل التعليمي والتثقيفي العام والخاص. وهذا الاتجاه فرّغ الساحة الاعلامية من التجارب الاسلامية التي كانت موجودة على نحو مميز في بدايات الحركة الاسلامية في أوائل هذا القرن.
2_ عدم نضوج الرؤية الاسلامية الشاملة لمفهوم الصحافة الاسلامية بسبب قلة الخبرة العملية وغياب التأصيل العلمي مما أدى إلى حصر هذا المفهوم فيما يمكن أن نسميه بـ "التضييق المنهجي والعملي لمفهوم الصحافة الاسلامية أدى إلى فقدان أرضية واسعة من العمل الاعلامي في أنواع "الصحافات" الأخرى، وبخاصة العامة منها.
3_ قلة الاستثمار الاقتصادي في الميدان الاعلامي الإسلامي بعامة والصحفي منه بخاصة، فكثير من الاسلاميين _بمختلف اتجاهاتهم وتمثيلاتهم _ يفتقرون إلى النظرة التي تعد العمل الاعلامي عملاً اقتصادياً إلى جانب كونه عملاً رسالياً. وفي ضوء ارتفاع وتعقد "اقتصاديات" الصحافة الناجحة في عالم اليوم يتبين مدى "الهزال" الذي تعاني منه الصحافة الاسلامية.
4_ ندرة الكفايات "الكوادر" الصحفية الاسلامية التي تتمتع بالتأهيل المطلوب لممارسة عمل صحفي مميز. بل أن معظم العاملين الآن في الصحافة الاسلامية يفتقرون إلى كثير من أساسيات العمل الصحفي سواء في تكوينهم المهني والفكري أو في خبرتهم وممارستهم العملية الميدانية. والصحفي المؤهل تأهيلاً متيناً هو حجر الزاوية في أي عمل صحفي ناجح، وبدونه لا يتحقق المراد حتى ولو تحددت الأهداف بوضوح وتوافرت الامكانات المادية والفنية.
5_ ضعف الانتشار للصحافة الاسلامية، وهذا العامل له وجهان، أحدهما: أن الصحافة الاسلامية في مجملها لا تخاطب بمادتها الصحفية وانتاجها الفكري إلا فئات معينة في المجتمعات العربية والاسلامية وهي منحصرة غالباً في المتدينين والمنتمين إلى الاتجاهات والجماعات الاسلامية مما يفقدها سعة الانتشار. ومن جهة أخرى فإن محدودية إمكانات التوزيع في الصحف والمجلات الاسلامية تعوق انتشارها على نطاق واسع أيضاً.
عيوب الصحافة الاسلامية
1_ غلبة الطابع "الأيديولوجي" السياسي على كثير من الصحف والمجلات الاسلامية مما يعمق الاتجاه نحو التلوين القسري للاخبار والقضايا بلا مسوغ، ويكرس الاستقطابات السياسية والحزبية. وهذا يفقد الصحافة الاسلامية كثيراً من مصداقيتها لدى القارئين العام والخاص.
2_ غياب المعلومات أو ضحالتها في الخطاب الصحفي الاسلامي والميل إلى الانشائية والحواشي غير المرغوب فيها، مما يضعف تأثير الصحافة الاسلامية في جمهورها الخاص والعام. والصحافة العصرية المتطورة تعتمد اليوم على المعلومات المباشرة التي تستقيها مصادر هذه الصحافة ومراسلوها ومندوبوها، وعلى المعلومات الغزيرة التي توفرها مراكز المعلومات وقنوات الاتصال والخدمات الصحفية في أنحاء العالم.
3_ الأسلوب "التهييجي" العاطفي الذي تتسم به كثير من الكتابات الصحفية الاسلامية، بل حتى المعالجات الأخبارية والتقريرية التي يفترض فيها الموضوعية والتوازن والواقعية.
4_ ضعف الصنعة المهنية في الخطاب الصحفي الاسلامي، إذ نجد كثيراً من الكتابات الصحفية والموضوعات الاسلامية _برغم جودة أفكارها _ لا تستفيد من "تقنيات" الكتابة الصحفية ولا تستفيد من إمكانات الفنون الاخراجية التي تستقطب القراء وتشد انتباههم من جهة، وتيسر لهم الافادة من المادة الصحفية وتغريهم بمتابعتها من جهة أخرى.
إن المأمول من الصحافة الإسلامية المعاصرة كبير وواسع. مأمول منها أن تواصل مشوارها التاريخي في التعبير عن حركة الصحوة الاسلامية والدفاع عن مكتسباتها والتبشير بمشروعها الحضاري لانقاذ الأمة مما هي فيه من بلاء. ومأمول منها أن تسهم في التكوين الفكري والسلوكي لقاعدة التغيير الإسلامي وهم شباب الأمة المتدينون والملتزمون وترشيد مسيرتهم كي يتجنبوا المزالق الفكرية والاندفاعات العاطفية. ومأمول منها أيضاً أن تقوم بدور فاعل في التأثير الإيجابي في الرأي العام محلياً وإقليمياً ودولياً حتى لا تكون صحافة منعزلة ومتقوقعة على نفسها.
------------------------
المصدر: الاعلام وقضايا الواقع الاسلامي


 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || موسوعة الإعلام والتبليغ