موسوعة المصطلحات والمفاهيم || موسوعة علم الإقتصاد

موقف الإسلام من المذهب الفردي أو الحر (أو المذهب الرأسمالي)
د. عبد الحميد متولي



من الأمور البينة أن الإسلام بعيد عن النزعة الفردية فهو لا يقّر منه خصائصه التالية:
1- فالإسلام لا يجعل صالح الفرد وحده أو حريته هدفه وغايته، إنما يهدف الإسلام إلى تحقيق صالح الفرد والجماعة معا. وهذه النزعة (نزعة العمل لتحقيق صالح الفرد والجماعة معا) نجدها تسود تشريعات العبادات والمعاملات (التشريعات أو القوانين) معا، كما هو شأن الأحكام الخاصة بالصلاة والصيام والزكاة، والأمر برعاية الجار والوفاء بالعقود الخ.
2- والإسلام لا يسمح للحاكم أن يقف موقفاً سلبياً وألا يتدخل ـ بإسم كفالة حريات الفرد ـ إزاء تصرفات من جانب بعض الأفراد تنطوي على استغلال أو ظلم أو احتكار أو حبس للأموال عن التداول، وتركيزها في أيدي طائفة خاصة من الناس. بينما الحرية التي تركها هذا المذهب للأفراد إنما كانت حرية ارتكاب هذه المفاسد والمظالم، فهي ـ كما يقال ـ حرية صورية مزيفة. فقبل ظهور وصدور التشريعات التي صدرت في أوائل هذا القرن لحماية مصالح العمال (كنتيجة لبداية انهيار ذلك المذهب الفردي) لم يكن من المقبول الادعاء بأن العامل يتعاقد مع صاحب العمل على قدم المساواة، وأن عدم تدخل الدولة في العلاقات بين هذين الطرفين ينطوي على كفالة حرية العامل، فالواقع كان العكس، وحرية الفرد التي يتحدث عنها أنصار هذا المذهب إنما هي حرية الفرد الرأسمالي، لذلك وصف البعض هذا المذهب بحق: "المذهب الرأسمالي".
3- حق الملكية لا يعد في نظر الإسلام حقاً مطلقاً ذا صبغة "مقدسة" (كما نص عليه في وثيقة إعلان حقوق الإنسان في عصر الثورة الفرنسية) وكما كان شأنه في الديمقراطيات الغربية تحت ظلال المذهب الفردي إبان ازدهاره، أي قبل بداية انهياره.
فالملكية في الإسلام تعد بمثابة "وظيفة اجتماعية"، وقد وضع لها قيوداً مباشرة، وغير مباشرة لكفالة استعمالها لصالح الجماعة والفرد معا، أي بما يتلاءم مع العدالة والصالح العام.
(أ‌) فالقيود غير المباشرة هي تلك القيود التي فرضت على الإنفاق لا على التملك، وأحكامها تهدف إلى الحيلولة دون تضخم الثروات، ودون تركيز في أيدي طائفة خاصة من الناس.
ومن أمثلة تلك القيود تحريم كل من التبذير والتقتير، الأمر الذي يؤدي إلى فرض الحجز على السفهاء (المبذرين).
ومنها الزكاة، وهي تعد من أركان الإسلام، كما تعد أحد أركان ما يطلق عليه في لغة العصر الحديث "التكافل الاجتماعي" وقد جعلت لمستحقيها حقاً لهم لا مِنة عليهم "والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم" فهي فريضة على كل من أحرز نصاب الزكاة.
(ب‌) أما القيود المباشرة على الملكية، فصورها متعددة منها جواز تحديد الملكية، بل ونزع الملكية للمنفعة العامة مع دفع تعويض عادل، وتحريم الاحتكار، وإلزام المالك باستثمار ملكه في بعض الحالات.
--------------------------------------------
المصدر : الإسلام ومبادئ نظام الحكم في الماركسية والديمقراطيات الغربية


 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || موسوعة علم الإقتصاد