موسوعة المصطلحات والمفاهيم
موسوعة
الفقه والتشريع

وقفـة ..مـع علـم الفقـه


ذكر الفقهاء في تحديد وتعريف علم الفقه تعاريف متعددة منها: أنه علم إستنباط الأحكام الشرعية ,أو علم عملية الاستنباط بتعبير آخر. ووما جاء في تعريف الفقه:
1-الفقه في خطه العام,تشريع تنظيم فيه أفعال المكلفين,بدوافع ذاتية مجردة عن الدوافع المادية المحضة,ومعه يصبح المجتمع الذي يتحرك في فلكه مجتمعاً ذا دين.
2-وتتسع هذه السمة لجميع التشريعات السماوية,والتقنين الأرضي,وتقع الهوة السحيقة بينهما من حيث الدوافع والاستمرارية فالتقنين الوضعي وليد حاجة المجتمع,فقد وضع ليلبي مقتضيات ظروفهم,فدوافعه مادية صرفة,واقتضى ذلك التبدل والتغيير المستمرين.
3- أما التشريع,فلم يوضع ليقوم المجتمع على خدمته وحراسته,بل على العكس من ذلك تماماً,فقد أنزل ليكون في خدمة البشرية, والارتفاع بها الى مستوى أهدافه السامية,فاستلزم ذلك سمواً في أهدافه,ومرونة في تشريعاته تستعصي على التبديل والتغيير,ومن هنا كان لابد ان يدين له الإنسان. ولاتخفى على احد ولاسيما على كل مسلم اهمية علم الفقه والحاجة اليه,فهو يشتمل على تحديد الموقف العملي تجاه الشريعة تحديداً استدلالياً,والفقيه في علم الفقه يمارس إقامة الدليل على تعيين الموقف العملي في كل حدث من أحداث الحياة,وهذا مانطلق عليه اسم عملية استنباط الحكم الشرعي. ولتوضيح هذه الحاجة والمهمة الإساسية لعلم الفقه يقول محمد باقر الصدر: "بعد أن أمن الانسان بالله والاسلام والشريعة,وعرف بأنه مسؤول بحكم كونه عبداً لله تعالى عن امتثال أحكامه,يصبح ملزماً بالتوفيق بين سلوكه في مختلف مجالات الحياة والشريعة الاسلامية,وباتخذا الموقف العملي الذي تفرضه عليه تبعيته للشريعة, ولأجل هذا كان لزاماً على الإنسان أن يعين هذا الموقف العملي,ويعرف كيف يتصرف في كل واقعة. ولو كانت أحكام الشريعة في كل الوقائع واضحة وضوحاً بديهياً للجميع,لكان تحديد الموقف العملي المطلوب تجاه الشريعة في كل واقعة أمراً ميسوراً لكل واحد,ولما احتاج الى بحث علمي ودراسة واسعة,ولكن عوامل عديدة منها بعدنا الزمني عن عصر التشريع أدت الى عدم وضوح عدد كبير من أحكام الشريعة واكتنافها بالغموض. وعلى هذا الأساس كان من الضروري أن يوضع علم يتولى دفع الغموض عن الموقف العملي تجاه الشريعة في كل واقعة بإقامة الدليل على تعيينه". فالفائدة والحاجة الى علم الفقه هي أنه يساعد على تحديد وتعيين الحكم الشرعي وتحديد الوظيفة العملية للمكلف تجاه الحكم المشكوك,وهنا يرز الفقيه في الاسلام في كونه القادر والمستطيع لاستعمال الأدلة التي يحرز بها الحكم الشرعي والتي بها يستنبط هذه الاحكام ويحدد الموقف العملي تجاهها بالدليل. وبقدر مايتسع الإسلام في أحكامه وتشريعاته ليشمل ويستوعب جوانب الحياة الانسانية بكل تفاصيلها ,ويكون له الأحكام التفصيلية في جميع شؤون الحياة الدينية والآخرة والتي تضم العبادات والمعاملات والأحكام القضائية والجنائية وغيرها. وكما في مضمون بعض الأحاديث بأنه ليس هناك من واقعة إلا ولله فيها حكم. فإن الشريعة الإسلامية من خلال الأحكام الفقهية حاكمة على جميع أفعال العباد,بحيث لايخلو فعل من الأفعال عن حكم من هذه الأحكام الشرعية. سواء على مستوى تنظيم العلاقة بين الخالق والمخلوقين,أو تنظيم علاقة الانسان بنفسه,وعلاقة الإنسان بأسرته ومجتمعه,وعلاقة الإنسان بالكون من حوله,وفق الأحكام الشرعية التكليفية الخمسة المعروفة,وهي :الوجوب,والاستحباب,والحرمة ,والكراهية, والإباحة.

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم    || موسوعة الفقه والتشريع