موسوعة المصطلحات والمفاهيم
موسوعة
الفقه والتشريع

محمد محمد طاهر الخاقاني
الزواج المؤقت


يسمى بزواج الميقات زواج (Marriage) يعقد Tern - Marriage لفترة محددة من الزمن يتفق عليها بين الرجل والمرأة وهو نوعان أولهما تجدد له فترة أطول كثيراً مما يتوقع أي واحد من الزوجين أن يعيش
وثانيهما تكون فترة قصيرة قد لا تتعدى أياماً معدودات وقد تكون ليلة واحدة ويمارس النوع الأول من زواج الميقات اتباع أحد المذاهب الإسلامية حين يرومون الزواج بأكثر من أربع زوجات وهو الأعلى من
الزوجات الذي يسمح الدين الإسلامي التزوج بهن في وقت واحد ويعتبرونه زواجاً شرعياً عن زوجته لفترة من الزمن ضرباً من الزنى ـ ويمارس زواج الميقات في أثيوبيا والتبت وأجزاء من الشرق الأوسط ويطلق
عليه في العراق زواج المتعة.
وعلينا أن نتطرق إلى ما جاء في القرآن وأثره الاجتماعي وما يحمل في طياته من حل مشكلة اجتماعية له أبعاده الزمنية من غير تحيز إلى طائفة دون أخرى.
تعرض القرآن إلى ناحية الزواج المؤقت وأن الاستمتاع بالزوجة مرغوب فيه في نظر الشريعة الإسلامية كما دلت الآية الكريمة بقوله تعالى: (ومَن لم يستطع منكم طولاً أ ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت
إيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على
المحصنات من العذاب لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم) النساء/ 25.
لا مانع من معرفة أثر المتعة في الإسلام والتطلع إلى أهدافها لأنه لما كان أفراد الجنس الأنثوي سريع النمو وكثرة التوالد منه أكثر من جنس الذكر فتكون النسبة في جانب الأنوثة أكثر شيوعاً فيحصل التضخم
النسائي بين كل فترة وفترة بينما الجنس الرجالي بطيء السير قليل الإنتاج والتوالد مع أن الرشد في جانب الأنوثة أسرع من جانب الذكر فتكون نسبة البلوغ وسرعة الوصول إلى سن التماثل الجنسي بالنسبة للمرأة
أكثر بالقياس إلى الرجل فتتصاعد نسبة المراهقة وتقل نسبة الرشد في طرف الذكور، وهذا مما يحتاج إلى حل ولكن القرآن فسح مجال الزواج المؤقت لتكريم الرجل أو المرأة عن الدخول في ساحة التهتك والميوعة
وخلاف العفة والشرف والنزاهة.
ولو حدد الزواج وجعل لكل رجل امرأة واحدة كما هو المتعارف عليه عند بعض المذاهب والأديان لكثر الأولاد غير الشرعيين وبوجودهم تنعدم الرحمة والعطف والحنان ولعمت الفوضى والخلل الاجتماعي وكان
الحكم القرآني للمتعة أن لا تتعدى الحدود المقررة من حيث الصيغة والوقت والمهر وحفظ الولد وانتمائه إلى والده وأسرته حتى يكتسب من بيئته الحقيقية تلك الانطباعات الأولى المجهولة على الفطرة وسلامة
الضمير.
إن الحديث عن المتعة يحتاج إلى مزيد من البيان وذلك لأن للمتعة الأثر الاجتماعي والأخلاقي والاقتصادي والنفسي.
1 ـ أما من الوجهة الاجتماعية فالعقد المؤقت يشكل أسرة قد أقرها القانون ولم تكن ضياعاً بين رواد الفوضويين. والماجنين ويكون سير الإنسان على منهجية قويمة ولو كان الوقت محدداً. هذا بالنظر إلى الزوجين
وهكذا لو كان التوالد منهما محققاً فإنه يتسع نطاق المجتمع إلى عالم الأسرة ويكونون في إطار مجتمع تربوي ـ صالح من قبل الزوجين لم يتدخل في شؤونهما أفراد لا تمت إلى الأسرة بشيء ويكون المسؤول عن
الأبناء هو الأب الشرعي الحقيقي المتكفل لرعاية أبنائه إدارياً وثقافياً واقتصادياً واجتماعياً وذلك عند إدخالهم في الرابطة الاجتماعية.
2 ـ أما بالنظر إلى الناحية الأخلاقية فالانطباعات الأخلاقية التي يحملها الأبناء من الآباء إذا كانوا في أجواء غير الأسرة الصالحة سوف تستهلك بحسب البيئة ويقعون ضياعاً في أحضان الآخرين تتجاذبهم الأهواء
والميولات لأنه بوجود الأسرة ورعاية الآباء تجعل الأبناء في دور نمو الصفات التي قد يفقدها غالب الأبناء غير الشرعيين من صفة العفة والحياء والكرم والنبل والشرف والحنان والمودة والصفاء وعدم الإخلاص
في مجالات العمل إلا لوازع قانوني مدعم بالقوة والسيطرة دون الوازع الوجداني ولذا تجد طبائعهم في مجال النفوذ والسطوة والقاهرية والتنكيل أقرب من العطف والمحبة فتطغى عليهم هذه الصفات وعلى هذا لابد
من تقليل حدتها ونشاطها لتأثيرها على المجتمع ولابد من جعل حلول في حل هذه المشكلة ولا يكون ذلك إلا عن وجود المتعة.
3 ـ وأما الملاحظة من الوجهة الاقتصادية فإن مصرف الدولة دائماً يكون في خط معتدل يصرف الثروات في الأمور العامة التي تخص شؤون الدولة وتحفظ كيانها الاقتصادي.
أما إذا وجدت بعض المشاكل التي لها حل اجتماعي فتحيله إلى الأخصائيين في إطار علم الاجتماع مثلاً وهكذا بالنظر إلى الوجهة الاقتصادية إذا وجدت مَن يتكفل في الضمان فتحيله إلى تلك الجماعة ولا سيما إذا
كانت هي المسببة في الإنفاق والتوسعة الاجتماعية كما في الرابطة الجنسية لأن الغرائز الجنسية ليس لها ضابطة وإنما هي دائمة الانفعالات والتأجج ولابد أن الإنفاق في صالح الدولة ومثل الإنفاق على الأبناء غير
الشرعيين يوجب ضعف الدولة من الوجهة الاقتصادية فلابد من تحديده والتحديد غير ممكن لكافة الدولة فإذاً لابد من جعل المجتمع العائلي هو المتكفل للرعاية والإنفاق دون جعل ميزانية الدولة خاضعة إلى مثل هذه
الحالات اللامشروعة وعلى هذا يكون تشريع المتعة فيه منفعة لميزانية الدولة لأن بيت المال متخذ للمصارف العامة التي بها حفظ كيانها لرجوع الضمان إلى مصدر النطفة وتقييده في دائرة الأسرة.
4 ـ أما الحديث من زاوية علم النفس حيث يكون الأولاد غير الشرعيين موجبين لحدوث انفعالات تطغى عليهم فيكونون معقدين اجتماعياً ونفسياً لعدم نضوجهم التربوي وعدم كفاءتهم للمؤهلات كما يسبب الاختلاف
فيما بين المجتمعات لأن الولد الشرعي ينظر إلى الولد غير الشرعي بعين الحقارة والازدراء وذاك يحس في نفسه النقصان ولابد من امتلاء ذلك الفراغ وهكذا إلى أن تصبح المجتمعات في اضطراب وتنافر قد سببه
الآباء باشتعال الجنس في فترة قصيرة ولم يكن من الدين معالجة لهذه المجالات ويقول السيد قطب في العدالة الاجتماعية أن الطفل الذي لا والد له يعاني مركب النقص ويهرب من هذا الواقع.
بينما الإسلام والنظام القرآني جعل حلولاً لرفع هذه المشاكل وعالجها بحل علمي دقيق وإن كان الخليفة الثاني قد منعها وشدد العقاب عليها من غير نظر إلى أبعادها.
وإن كان في نظر بعض أبناء العامة بأن آية: (فما استمتعتم به منهن) منسوخة إلا أن ابن جرير الطبري والسيوطي عن عبدالرزاق وأبي داود في (ناسخه) وابن جرير عن الحكم قال سألته عن هذه الآية (فما استمتعتم
به منهن) منسوخة هي قال لا قال الحكم وقال علي (رض) لولا أن عمر (رض) نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي.
ويقول ابن الأثير: قال ابن عباس: ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها أمة محمد (ص) لولا نهيه عنها ـ يعني عمر (رض) ـ ما احتاج إلى الزنى إلا شقي أي قليل من الناس.
وإليك تعبير الخليفة الثاني كما عن الفخر الرازي قال عمر (رض) متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) حلالاً أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما متعة النساء ومتعة الحج.
وخلاصة الحديث أن المذاهب الإسلامية الأربعة ومذهب الزيدية منعوا المتعة.
* المصدر : علم الاجتماع بين المتغير والثابت

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم    || موسوعة الفقه والتشريع