موسوعة المصطلحات والمفاهيم
موسوعة
الفقه والتشريع

د.مقداد يالجن
أهم الخطوات الإجرائية لمنهج التأصيل



الخطوة الأولى: أن يكون الباحث متخصصاً في مجال المعرفة التي تؤصلها ذلك أن التخصص يضع في عين الانسان منظاراً يرى في جوانب تخصصه ما لا يراه الآخرون ويحيط من جوانب العلم وأسراره ما لا
يحيط به الآخرون وإن كان عندهم بعض القراءات حوله.
ومن خلال تخصصه ومنظار هذا التخصص أو ذاك يستطيع أن يدرك من المعاني والألغاز في نصوص القرآن والسنة. فعالم النبات مثلاً يفهم ما يتعلق بعلمه من الآيات والأحاديث المتعلفة بها، وكذلك الأمور في علم
الفلك والطب وكذلك في العلوم الاجتماعية.
ولهذا فمهما حاول غير المتخصص تأصيل غير تخصصه لا يكون ناجحاً فيه، قد يستطيع تأصيل وتوجيه بعض الأمور ولكن تأصيل العلم كله لا ينجح فيه إلا متخصصه.
وهذا يقتضي عدم مطالبة من ليس متخصصاً في علم تأصيل هذا العلم ويشترط إلى جانب التخصص التمكن من المهارات البحثية على منهج الاسلام وهو المنهج الاستنباطي القائم على مسلمات معرفية واعتقادية
وتشريعية وتعبدية وأخلاقية وعلى قواعد الاستنباط وقواعد فهم دلالات النصوص وقواعد الترجيح بين المفاهيم إذا حصل التعارض.
كما يقتضي من المتخصص أن يضع مبادئ لتخصصه إذا لم يكن موضوعة من قبل ويبين مستلزماته العملية التأصيلية لهذه المبادئ وينبغي أن يعلم المؤصل أساسيات العلوم من حيث المسلمات، ومن هذه الناحية
تصنف إلى ثلاث مجموعات وهي مجموعة العلوم التجريبية والثانية مجموعة الاجتماعية والثالثة مجموعة العلوم الاسلامية. إن مسلمات العلوم التجريبية قائمة على الحقائق التجريبية وهي ثابتة كثبات هذه العلوم.
ومسلمات العلوم الاسلامية قائمة على الوحي وهي ثابتة من حيث الأساس.
ومسلمات العلوم الاجتماعية وهي قائمة على فرضيات وهي متغيرة باستمرار.
وحسب الاتجاهات يمكن تقعيدها ولهذا وبناء على ذلك فهي خاضعة لروح كل الاتجاه والأيديولوجية وتخدم المجتمعات بحسب عقائدها وأهدافها وتدعيم قيمها.
ولهذا كله فهي بحاجة شديدة إلى التأصيل لنستخدمها في الأمور تخدم الدين والأمة.
الخطوة الثانية: البدء بالاستدلال بالقرآن
وذلك باعتبار المصدر الأول الذي يمثل الوحي ويجسد معرفة الخالق باعتباره عالم الغيب والشهادة. وأن يكون الاستدلال بقواعد الاستدلال وبقواعد فهم دلالات النصوص التي حددها علم أصول الفقه وهي تمثل
قواعد الاستنباط من القرآن.
وأن يبدأ بالآيات الواضحة الدلالة على موضوعه أولاً، وأن يستفيد من جهود المفسرين في فهم النصوص عن طريق التفسير بالمعقول والتفسير بالمأثور قديماً وحديثاً وبخاصة تفسير الأحكام.
الخطوة الثالثة: الاستدلال بالحديث
وأهم ما يجب أن يتمكن الباحث من المهارات هنا أن يعرف طريقة الوصول إلى صحة السند وطريقة الوصول إلى صحة المتن والمعنى، وأن يعرف أمهات كتب السنة أو شروحها والمعاجم المنظمة للأحاديث تنظيماً
يساعد الحصول على الموضوعات المختلفة، وأن يبدأ بالاستدلال بالأحاديث من كتب الصحاح الدرجة الأولى ثم الثانية والثالثة وهكذا.
الخطوة الرابعة: الجمع بين القرآن والسنة في الاستدلال إن أمكن
لأن الاستدلال بالإثنين يدعم الدليل ويقويه:
وأن يستخدم في الاستدلال دلالات النصوص من حيث العموم والخصوص والحصر والقصر والدلالات الأربعة وهي دلالة عبارة النص وإشارة النص ومقتضى النص والقياس الجلي.
لأن ذلك يقنع القارئ ويعرف تمكن الباحث من المهارات البحثية والسير على نهج الاستنباط الشرعي ونتيجة لذلك يثق به ويتقبل آراءه.
الخطوة الخامسة: الرجوع إلى مصادر المعرفة التشريعية الأخرى
المهم أن يعرف الباحث شروط العلماء وطريقة الاستدلال بها في مجالات تخصصاتهم.
إذ بها يعرف المؤصل أحكام ما يقوم به من الأعمال التأصيلية من حيث الجواز وعدمه أو الحلال والحرام ومن حيث الواجب والسنة والمندوب ومن حيث الحرام والمكروه وما يجب فعله وما يجب تركه. وما إلى ذلك
في ضوء أهداف التأصيل.
وكل ذلك يتعلق بفقه التأصيل إذ الفقه يتعلق بكل تصرفات الانسان القولية والفعلية والتعليم والكتابة والتأليف من النواحي السابقة.
وبقدر ما يقف على فقه التأصيل وبقدر ما يكون قادراً على تبرير ما يقوم به ويستطيع الدفاع عما يكتبه في الوقت نفسه يكون قادراً على تقويم أعمال غيره مع القدرة على الاستدلال على كل ما يقوم به من الأعمال
التأصيلية.
الخطوة السادسة: الرجوع إلى قواعد أصول الفقه
ويمكن أن يقوم بمثله أي متخصص في مجال تخصصه على غراره فمثلاً قاعدة الأمور بمقاصدها وفي ضوء مقاصد الشريعة يستطيع الباحث أن يوجه مقاصد تعلم العلو
م وتعليمها ودراستها. وعلى رأس تلك المقاصد الضروريات الخمسة وتحقيق حاجات الناس و المجتمع والأمة من الصناعات والزراعة والتجارة والمعالجات وغيرها وتساعد أيضاً على تأصيل نفوس المتعلمين على
تحسين المقاصد من التعلم بما طالبهم به الاسلام من التعلم من أجله وتأصيل نفسيه المعلمين ليكون تعليمهم لوجه الله.

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم    || موسوعة الفقه والتشريع