موسوعة المصطلحات والمفاهيم
موسوعة
علم الحديث

هاشم الموسوي
المهدي المنتظر (ع)

على امتداد حركة التاريخ كان هناك صراع بين خطين، خط الهدى وخط الضلال، وكانت العناية الإلهية دوماً إلى جنب الهدى والتصحيح والإصلاح، فكانت الرسل تترى، والرسالات تتتابع، وحركة التصحيح والصراع ضد الجاهلية والفساد يقودها الأنبياء والرسل (ع). (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين ... ) الفرقان/ 31.
وقد شاء الله سبحانه أن يكون محمد بن عبدالله خاتم النبيين، وتمام عدة المرسلين، فلا وحي ولا نبوة بعده.
وقد واصل قادة الفكر ودعاة الإصلاح من الأئمة والعلماء والمصلحين في هذه الأمة السير على خط النبوة، ومارسوا مهمة التصحيح والتغيير وتنقية الفكر الاسلامي من الشوائب والإفرازات الدخيلة، ودخلوا في ملحمة جهاد فكري دائمة ضد التيار الجاهلي، كما دخل المسلمون على امتداد التأريخ ملاحم الجهاد والدفاع المقدس، ومع ذلك فإن المعسكر الجاهلي بفكره وسلوكه وحركته كان دائماً قوة تتحدى مسيرة الهدى ودعوة الرسل. غير أن العناية الإلهية لن تغيب عن هذه الأرض، ووعده الحق يجب أن يتحقق: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) الأنبياء/ 105.
وبدراسة الروايات التي رواها المسلمون بشتى مذاهبهم ومشاربهم نجد أن العقيدة الإسلامية تبشر بمهدي مصلح لهذه الأرض بعد تراكم الفساد والضلال وفي ذلك يقول السيد عبدالله شبر (ره) في إجماع المسلمين على الإيمان بالمهدي ما نصّه: ((إعلم أنه قد ورد في روايات متواترة وأحاديث متظافرة، البشارة بالمهدي (ع) وبأنه تكون له غيبة من طرق العامة والخاصة، وقد روى ذلك من العامة البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، ومؤلف جامع الأصول وغيرهم. وقد ورد في كتب العامة من الروايات في القائم المهدي ما يزيد على مئة وخمسين حديثاً، وفي الكتب المعتبرة والأصول المقررة ما يزيد على ألف حديث، وفي الصواعق المحرقة لابن حجر في أحوال العسكري ما لفظه: ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة (عجل الله تعالى فرجه) وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن آتاه الله فيها الحكمة، وسمي بالقائم المنتظر؛ قيل لأنه ستر بالمدينة وغاب. ولم يعرف أين ذهب، وذكر نحو ذلك غيره من العامة، كابن خلكان، وصاحب الفصول المهمة، ومطالب السؤول، وشواهد النبوة ... )).
وقد كتب الشيخ عبدالعزيز بن باز مفتي المملكة السعودية موضحاً عقيدة المسلمين في المهدي، فقال: ((إن أمر المهدي أمر معلوم، والأحاديث فيه مستفيضة، بل متواترة متعاضدة، فهي بحق تدل على أن هذا الشخص الموعود به أمر ثابت، وخروجه حق)).
أما الشيخ عبدالمحسن العباد عضو هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، فقد ذكر في محاضرته التي ألقاها بعنوان: (عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر) ذكر أسماء الصحابة وأصحاب كتب الحديث الذين رووا أحاديث المهدي، أو خرجوها، فقال: ((جملة ما وقفت عليه من أسماء الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي عن رسول الله (ص) ستة وعشرون، هم:
1 ـ عثمان بن عفان (رض).
2 ـ علي بن أبي طالب (رض).
3 ـ طلحة بن عبيدالله (رض).
4 ـ عبدالرحمن بن عوف (رض).
5 ـ الحسين بن علي (رض).
6 ـ أم سلمة (رضي الله عنها).
7 ـ أم حبيبة (رضي الله عنها).
8 ـ عبدالله بن عباس (رض).
9 ـ عبدالله بن مسعود (رض).
10 ـ عبدالله بن عمر (رض).
11 ـ عبدالله بن عمرو (رض).
12 ـ أبو سعيد الخدري (رض).
13 ـ جابر بن عبدالله (رض).
14 ـ أبو هريرة (رض).
15 ـ أنس بن مالك (رض).
16 ـ عمار بن ياسر (رض).
17 ـ عوف بن مالك (رض).
18 ـ ثوبان مولى رسول الله (رض).
19 ـ قرة بن أياس (رض).
20 ـ علي الهلالي (رض).
21 ـ حذيفة بن اليمان (رض).
22 ـ عبدالله بن الحارث بن حمزة (رض).
23 ـ عوف بن مالك (رض).
24 ـ عمران بن حصين (رض).
25 ـ أبو الطفيل (رض).
26 ـ جابر الصدفي (رض) )).
ثم ذكر في محاضرته القيمة أسماء الأئمة الذين خرجوا الأحاديث والآثار الواردة في المهدي في كتبهم، فقال:
((وأحاديث المهدي خرّجها جماعة كثيرون من الأئمة في الصحاح والسنن والمعاجم والمسانيد وغيرها، قد بلغ عدد الذين وقفت على كتبهم، أو اطلعت على ذكر تخريجهم لها ثمانية وثلاثين، هم:
1 ـ أبو داود في سننه.
2 ـ الترمذي في جامعه.
3 ـ ابن ماجة في سننه.
4 ـ النسائي ذكره السفاريني في لوامع الأنوار البهية، والمناوي في فيض القدير، وما رأيته في الصغرى ولعله في الكبرى.
5 ـ أحمد في مسنده.
6 ـ ابن حبان في صحيحه.
7 ـ الحاكم في المستدرك.
8 ـ أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف.
9 ـ نعيم بن حماد في كتاب الفتن.
10 ـ الحافظ أبو نعيم في كتاب المهدي وفي الحلية.
11 ـ الطبراني في الكبير والأوسط والصغير.
12 ـ الدارقطني في الافراد.
13 ـ البارودي في معرفة الصحابة.
14 ـ أبو يعلى الموصلي في مسنده.
15 ـ البزاز في مسنده.
16 ـ الحارث بن أبي أسامة في مسنده.
17 ـ الخطيب في تلخيص المتشابه وفي المتفق والمفترق.
18 ـ ابن عساكر في تاريخه.
19 ـ ابن منده في تاريخ اصبهان.
20 ـ أبو الحسن الحربي في الأول من الحربيات.
21 ـ تمام الرزاي في فوائده.
22 ـ ابن جرير في تهذيب الآثار.
23 ـ أبو بكر المقري في معجمه.
24 ـ أبو عمر الداني في سننه.
25 ـ أبو غنم الكوفي في كتاب الفتن.
26 ـ الديلمي في مسند الفردوس.
27 ـ أبو بكر الاسكاف في فوائد الأخبار.
28 ـ أبو الحسين بن المناوي في كتاب الملاحم.
29 ـ البيهقي في دلائل النبوة.
30 ـ أبو عمر المقري في سننه.
31 ـ ابن الجوزي في تاريخه.
32 ـ يحيى بن عبدالحميد الحماني في مسنده.
33 ـ الروياني في مسنده.
34 ـ ابن سعد في الطبقات.
35 ـ ابن خزيمة.
36 ـ الحسن بن سفيان.
37 ـ عمر بن شبه.
38 ـ أبو عوانة.
وهؤلاء الأربعة، ذكر السيوطي في العرف الوردي، كونهم ممن خرّج أحاديث المهدي دون عزو التخريج إلى كتاب معين)).
ومن المفيد أن نذكر بعض الروايات التي اعتمدها المسلمون جميعاً في الإيمان بخروج المهدي وثورته التغيرية الكبرى.
قال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا حجاج وأبو نعيم قالا: حدثنا قطر عن القاسم عن أبي الطفيل قال حجاج: سمعت علياً (رض) يقول قال رسول الله (ص): ((لو لم يَبقَ من الدنيا إلا يوم، لبعث الله (عزوجل) رجلاً منا يَملؤها عدلاً كما ملئت جوراً)).
قال رسول الله (ص): ((المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة)).
وقال (ص): ((المهدي مني أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً، يملك سبع سنين)).
وقال: ((المهدي من عترتي، من ولد فاطمة)).
وهكذا يتضح لنا أن الإيمان بالمهدي عقيدة كل المسلمين، وليست هي عقيدة الشيعة الإمامية وحدهم، ولا خلاف بينهم إلا في تحديد شخصيته، ويوم يسمع المسلمون دعوته، ويشهدون حركته يختفي ذلك الخلاف ويتحد الجميع حول المصلح العظيم.
* المصدر : التشيع (نشأته ,معالمه)

 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم    || موسوعة علم الحديث