موسوعة المصطلحات والمفاهيم || موسوعة الفكر الإسلامي

الله وكلمة القرآن
جاك لانفاد
ترجمة: وجيه أسعد


ضمني القرآن عن اللسان يمكنه أيضاً أن يكون سهل المنال علينا بفعل استفهام عن مؤلف الكلمة الإلهية، وبفعل التفكر في أسماء الله على وجه الخصوص.
ماذا يقول القرآن عن الله؟ إذا كان السؤال موجزاً، فالجواب شاسع كما الله في القرآن. وسنقتصر على علاقة الكلمة بالله. ونذكر، لنبدأ، أن الله خلق كل شيء بالكلمة، وأن هذه الكلمة الإلهية تصف أيضاً عيسى بن
مريم. ثم إن هذه الكلمة تفرض نفسها، كما تقول السورة، الأنعام، آية 115: (وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً. لا مبدل لكلماته، وهو السميع العليم).
إنه مرسوم إلهي ثابت، وصدق الله في وعوده وأحكام وأوامر إلهية، وتدوين إلهي لأعمال الناس، فنحن نجد مجدداً باستمرار كلمة الله فاعلة. وهي الموجودة أيضاً عندما منح الله الانسان تنزيله. وعندما نقول إن الله
يعلم كل شيء (عليم)، وإنه (الشاهد) على أعماق الناس، وإنه يرى كل شيء (بصير)، وإنه يسمع كل شيء (سميع)، وإنه (الحق)، وإنه (الحكيم)، فإننا نحال أيضاً بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى الكلمة، كلمته.
ونودّ فقط أن نسترعي الانتباه هنا إلى جانب من الجوانب: الله الذي يرى ويسمع هو أيضاً الذي لا يخلق كل شيء فحسب، بل (صراحة) يمنح الانسان السمع والبصر والفؤاد، أو العينين واللسان والشفتين. فثمة هنا
اقامة علاقة مباشرة للملكات، التي تتدخل في الانسان لتكوين اللسان، بالقدرة الإلهية الخلاقة. وربما يمكننا أن نرى في ذلك ضرباً من إضفاء القداسة على هذه الفاعلية الخاصة، فاعلية الانسان التي هي اللغة.
وتنجم بعض الثوابت الكبرى عن التحليل الذي حاولنا إجراءه لما كان القرآن يخبرنا عن اللغة بصورة ضمنية. وبوسعنا أن نقول:
ـ إننا لاحظنا أول الأمر أن القرآن يستخدم على الأغلب، في مجال المفردات، أفعالاً تحيل إلى وقائع تمس المجال الألسني من قريب أو بعيد.
ـ إن مقاومة التبشير المحمدي ومعارضته يعبر عنهما تعبيراً قوياً في استعمالات الأفعال.
ـ إن التنزيل على محمد هو قول (القول) الإلهي وقول الانسان جواباً، وإن هذا الجانب أساسي، وإنه موجود في الإبلاغ، القرآن، وفي الوظيفة النبوية، كما يذكره الاشتقاق من جهة أخرى، في العربي كما في الفرنسي.
ـ إن محمداً النبي ماثل على نحو أساسي بصفته انسان الكلمة، أو أنه ذو علاقة بالكلمة، وإن ذلك يقوم بالنسبة له مقام الهوية والاسم.
ـ إن الكلمة القرآنية تتميز من الكلمة الدنيوية التي ينبغي ألا تختلط بها والكلمة الانساني تمحي، بالقرآن، أمام الكلمة الإلهية.
ـ وذلك لأن لسان الانسان متحدر من كلمة الله الخلاقة وينبغي لها أن تكون في خدمتها.
المصدر : من القران الى الفلسفة

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || موسوعة الفكر الإسلامي