موسوعة المصطلحات والمفاهيم || موسوعة الفكر الإسلامي

صفات الله الثبوتية
العلامة الحلي ـ فاضل مقداد



قال الحلي:
الأولى، أنه تعالى قادر مختار لأن العالم محدث لأنه جسم، وكل جسم لا ينفك عن الحوادث، أعني الحركة والسكون، وهما حادثان لاستدعائهما المسبوقية بالغير، وما لا ينفك عن الحوادث فهو محدث بالضرورة، فيكون المؤثر فيه، وهو الله تعالى قادراً مختاراً، لأنه لو كان موجباً، لم يتخلف أثره عنه بالضرورة، فيلزم من ذلك إما قدم العالم أو حدوث الله تعالى، وهما باطلان.
والقادر المختار هو الذي إذا شاء أن يفعل فَعَلَ، وإن شاء أن يترك تَرَكَ، مع وجود قصد وإرادة، والموجَب بخلافه.
والعالم كل موجود سوى الله تعالى.
والمحدث هو الذي وجوده مسبوق بالغير أو بالعدم، والقديم بخلافه.
والجسم هو المتحيز الذي يقبل القسمة في الجهات الثلاث.
والحيز والمكان شيء واحد، وهو الفراغ المتوهم الذي يُشغله الأجسام بالحصول فيه.
والحركة هي حصول الجسم في مكان بعد مكان آخر. والسكون هو حصول ثان في مكان واحد.
إذا تقرر هذا فنقول، كلما كان العالم محدثاً، كان المؤثر فيه وهو الله تعالى قادراً مختاراً، فهنا دعويان: الأولى إن العالم محدث، والثانية انه يلزمه اختيار الصانع. أما بيان الدعوى الأولى، فلأن المراد بالعالم عند المتكلمين هو السموات والأرض وما فيهما وما بينهما. وذلك إما أجسام أو أعراض، وكلاهما حادثان. أما الأجسام فلأنها لا يخلو من الحركة والسكون الحادثين، وكل ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث، أما انها لا يخلو من الحركة والسكون، فلأن كل جسم لابد له من مكان ضرورة. وحينئذ إما أن يكون لابثاً فيه فهو الساكن، أو منتقلاً عنه، وهو المتحرك، إذ لا واسطة بينهما بالضرورة، وأما انهما حادثان، فلأنهما مسبوقان بالغير، ولا شيء من القديم مسبوق بالغير، فلا شيء من الحركة والسكون بقديم، فيكونان حادثين، إذ لا واسطة بين القديم والحادث، أما انهما مسبوقان بالغير، فلأن الحركة عبارة عن الحصول الأول في المكان الثاني، فيكون مسبوقاً بالمكان الأول ضرورة. والسكون عبارة عن الحصول الثاني في المكان الأول، فيكون مسبوقاً بالحصول الأول بالضرورة، وأما إن كل ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث، فلأنه لو لم يكن حادثاً لكان قديماً وحينئذ إما أن يكون معه في القدم شيء من تلك الحوادث اللازمة له أو لا يكون، فإن كان الأول لزم اجتماع القدم والحدوث معاً في شيء واحد، وهو محال، وإن كان الثاني، يلزم بطلان ما علم بالضرورة، وهو امتناع انفكاك الحوادث عنه وهو محال. أما الأعراض، فلأنها محتاجة في وجودها إلى الأجسام، والمحتاج إلى المحدث أولى بالحدوث. وأما بيان الدعوى الثانية، فهو إن المحدث لما اتصف ماهيته بالعدم تارة، وبالوجود أخرى كان ممكناً، فيفتقر إلى المؤثر، فإن كان مختاراً فهو المطلوب، وإن كان موجباً، لم يتخلف أثره عنه فيلزم قدم أثره لكن ثبت حدوثه، فيلزم حدوث مؤثره للتلازم وكلا الأمرين محال. فقد بان إنه لو كان الله تعالى موجباً، لزم إما قدم العالم أو حدوث الله تعالى، وهما باطلان، فثبت انه تعالى قادر ومختار، وهو المطلوب.
قال: وقدرته يتعلق بجميع المقدورات، لأن العلة المحوجة إليه هي الإمكان، ونسبة ذاته إلى الجميع بالسوية، فيكون قدرته عامة.
أقول: وقد نازع فيه الحكماء حيث قالوا إنه واحد لا يصدرُ عنه إلا الواحد والثنوية حيث زعموا إنه لا يقدر على الشر. والنظام حيث اعتقد إنه لا يقدر على القبيح. والبلخي حيث منع قدرته على مثل مقدورنا والجبائيان حيث أحالا قدرته على عين مقدورنا والحق خلاف ذلك كله. والدليل على ما ادعيناه انه قد انتفى المانع بالنسبة إلى ذاته وبالنسبة إلى المقدور، فيجب التعلق العام. وأما بيان الأول، فهو إن المقتضى لكونه تعالى قادراً هو ذاته، ونسبتها إلى الجميع متساوية لتجردها، فيكون مقتضاها أيضاً متساوية النسبة، وهو المطلوب. وأما الثاني فلأن المقتضى لكون الشيء مقدوراً هو إمكانه، والإمكان مشترك بين الكل، فيكون صفة المقدورية أيضاً مشتركاً بين الممكنات، وهو المطلوب. وإذا انتفى المانع بالنسبة إلى القادر وبالنسبة إلى المقدور، وجب التعلق العام، وهو المطلوب. واعلم انه لا يلزم من التعلق الوقوع، بل الواقع بقدرته تعالى هو البعض، وإن كان قادراً على الكل. والأشاعرة اتفقوا في عموم التعلق، وادعوا معه الوقوع.
قال: الثانية، أنه تعالى عالم لأنه فعل الأفعال المحكمة المتقنة، وكل مَن فعل ذلك فهو عالم بالضرورة.
أقول: والعالم هو المتبين له الأشياء، بحيث تكون حاضرة عنده، غير غائبة عنه والفعل والمُحكم المتقن هو المشتمل على أمور غريبة عجيبة والمستجمع لخواص كثيرة والدليل على كونه عالماً وجهان: الأول أنه مختار، كل مختار عالم. أما الصغرى فقد مر بيانها. وأما الكبرى فلأن فعل المختار تابع لقصده، ويستحيلُ قصد شيء من دون العلم به. الثاني انه فعل الأفعال المحكمة والمتقنة، وكل مَن كان فعله كذلك فهو عالم بالضرورة. أما انه فعل ذلك فظاهر لمن تدبر مخلوقاته. أما السمائية فيما يترتب على حركاتها من خواص فصول الأربعة وكيفية نضد تلك الحركات وأوضاعها، وهو مبين في فنه. وأما الأرضية فيما يظهر من حكمة المركبات الثلاث، والأمور الغريبة الحاصلة فيها، والخواص العجيبة المشتملة عليها، ولو لم يكن إلا في خلق الإنسان، لكفى الحكمة المودعة في إنشائه وترتيب خلقه وحواسه وما يترتب عليها من المنافع كما أشار إليه بقوله: (أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق).
قال: علمه يتعلق بكل معلوم لتساوي نسبة جميع المعلومات إليه، لأنه حي وكل حي يصح أن يعلم كل معلوم، فيجب له ذلك لاستحالة افتقاره إلى غيره.
أقول: الباري تعالى عالم بكل ما يصح أن يكون معلوماً، واجباً كان أو ممكناً، قديماً كان أو حادثاً، خلافاً للحكماء حيث منعوا من علمه بالجزئيات على وجه جزئي، لتغيرها المستلزم لتغير العلم الذاتي. قلنا المتغير هو التعلق الاعتباري لا العلم الذاتي. والدليل على ما قلناه أنه يصح أن يعلم كل معلوم، فيجب له ذلك. أما إنه يصح أن يعلم كل معلوم، فلأنه حي وكل حي يصح منه أن يعلم، ونسبة هذه الصحة إلى جميع ما عداهُ نسبة متساوية، فيتساوى نسبة جميع المعلومات إليه أيضاً. وأما إنه إذا صح له تعالى شيء وجب له، فلأن صفاته تعالى ذاتية، والصفة الذاتية متى صحت وجبت، وإلا لافتقر اتصاف الذات بها إلى الغير، فيكون الباري تعالى مفتقراً في علمه إلى غيره، وهو محال.
قال: الثالثة، أنه تعالى حي لأنه قادر عالم فيكون حياً بالضرورة.
أقول: من صفاته الثبوتية كونه تعالى حياً، فقال الحكماء وأبو الحسين البصري حياته عبارة عن صحة اتصافه بالقدرة والعلم. وقالت الأشاعرة هي صفة زايدة على ذاته مغايرة لهذه الصحة، والحق هو الأول إذ الأصل عدم الزائد. والباري تعالى قد ثبت إنه قادر عالم، فيكون حياً بالضرورة، وهو المطلوب.
قال: الرابعة، أنه تعالى مريد وكاره، لأن تخصيص الأفعال بايجادها في وقت دون آخر، لابد له من مخصص وهو الإرادة، ولأنه تعالى أمر ونهى، وهما يستلزمان الإرادة والكراهة بالضرورة.
أقول: اتفق المسلمون على وصفه بالإرادة، واختلفوا في معناها. فقال أبو الحسين البصري هي عبارة عن علمه تعالى بما في الفعل من المصلحة الداعي إلى إيجاده وقال النجار معناها أنه غير مغلوب ولا مكروه، فمعناها إذن سلبي، لكن هذا القائل أخذ لازم الشيء في مكانه وقال البلخي هي في أفعاله عبارة عن علمه بها، وفي أفعال غيره أمره بها، فإن أراد العلم المطلق فليس بإرادة وإن أراد المقيد بالمصلحة، فهو كما قال أبو الحسين البصري. وأما الأمر فهو مستلزم للإرادة لا نفسها. وقالت الأشاعرة والكرامية وجماعة من المعتزلة إنها صفة زائدة مغايرة للقدرة والعلم مخصصه للفعل. ثم اختلفوا، فقالت الأشاعرة ذلك الزائد معنى قديم، وقالت المعتزلة والكرامية هو معنى حادث. فالكرامية قالوا هو قائم بذاته تعالى، والمعتزلة قالوا لا في محل، فإذن الحق ما قاله أبو الحسين البصري. والدليل على ثبوت الإرادة من وجهين الأول، إن تخصيص الأفعال بالإيجاد في وقت دون وقت آخر، وعلى وجه دون آخر، مع تساوي الأوقات والأحوال بالنسبة إلى الفاعل والقابل، لابد له من مخصص. فذلك المخصص إما القدرة الذاتية، فهي متساوية النسبة، فليست صالحة للتخصيص، ولأن من شأنها التأثير والإيجاد من غير ترجيح، وإما العلم المطلق فذلك تابع لتعيين الممكن وتقدير صدوره، فليس مخصصاً وإلا لكان متبوعاً. وأما باقي الصفات فظاهر إنها ليست صالحة للتخصيص. فإذن المخصص هو علم خاص مقتضي لتعيين الممكن ووجوب صدوره عنه، وهو العلم باشتماله على مصلحة لا تحصل إلا في ذلك الوقت أو على ذلك الوجه، وذلك المخصص هو الإرادة. الثاني: أنه تعالى أمر بقوله: (أقيموا الصلوة) ونهى بقوله: (ولا تقربوا الزنا) فالأمر بالشيء يستلزم إرادته ضرورةً والنهي عن الشيء يستلزم كراهته ضرورةً، فالباري تعالى مُريد وكاره وهو المطلوب. وهيهنا فائدتان: الأولى، كراهته تعالى هي علمه باشتمال الفعل على المفسدة الصارفة عن إيجاده كما إن إرادته هي علمه باشتماله على المصحة الداعية إلى إيجاده. الثانية، إن إرادته ليست زائدة على ما ذكرناه، وإلا لكانت إما معناً قديماً كما قالت الأشاعرة، فيلزم تعدد القدماء، أو حادثاً، فإما في ذاته كما قالت الكرامية فيكون محلاً للحوادث، وهو باطل، وإما في غيره، فيلزم رجوع حكمه إلى الغير لا إليه، وإما لا في محل كما تقول المعتزلة. ففيه فسادان: الأول، يلزم منه التسلسل، لأن الحادث مسبوق بإرادة المحدث، فهي إذن حادثة، فننقل الكلام إليه ويتسلسل. الثاني، استحالة وجود صفة لا في محل.
قال: الخامسة، أنه تعالى مدرك لأنه حي، فيصح أن يدرك. وقد ورد القرآن بثبوته له، فيجب إثباته له.
أقول: قد دلت الدلائل النقلية على اتصافه تعالى بالإدراك، وهو زائد على العلم، فإنا نجد تفرقة ضرورة بين علمنا بالسواد والبياض، والصوت الهائل والحسن وبين إدراكنا لها، وتلك الزيادة راجعة إلى تأثر الحاسة، لكن قد دلت الدلائل العقلية على استحالة الحواس والآلات عليه تعالى، فيستحيل ذلك الزائد عليه. فإدراكه هو علمه حينئذ بالمدرَكات. والدليل على صحة اتصافه به هو ما دل على كونه عالماً بكل المعلومات من كونه حياً، فيصح أن يدرك. وقد ورد القرآن بثبوته له، فيجب إثباته له. فإدراكه هو علمه بالمدركات، وذلك هو المطلوب.
قال: السادسة، أنه تعالى قديم أزلي باق أبدي، لأنه واجب الوجود، فيستحيل العدم السابق واللاحق عليه.
أقول: هذه الصفات الأربعة لازمة لوجوب وجوده. فالقديم والأزلي هو المصاحب بمجموع الأزمنة المحققة والمقدرة بالنسبة إلى جانب الماضي. والباقي هو المستمر الوجود المصاب لجميع الأزمنة. والأبدي هو المصاحب بجميع الأزمنة محققة كانت أو مقدرة بالنسبة إلى الجانب المستقبل. والسرمدي يعم الجميع. والدليل على ذلك هو أنه قد ثبت أنه واجب الوجود، فيستحيل عليه العدم مطلقاً، سواء كان سابقاً على تقدير أن لا يكون قديماً أزلياً، أو لاحقاً على تقدير أن لا يكون باقياً أبدياً. وإذا استحال العدم المطلق عليه، ثبت قدمه وأزليته وبقاؤه وأبديته، وهو المطلوب.
قال: السابعة، أنه تعالى متكلم بالإجماع والمراد بالكلام الحروف والأصوات المسموعة المنتظمة. ومعنى أنه تعالى متكلم أنه يوجد الكلام في جسم من الأجسام. وتفسير الأشاعرة غير معقول.
أقول: من جملة صفاته تعالى كونه متكلماً، وقد أجمع المسلمون على ذلك. واختلفوا بعد ذلك في مقامات أربع: الأول، في الطريق إلى ثبوت هذه الصفة. وقالت الأشاعرة هو العقل. وقالت المعتزلة هو السمع. وهو قوله تعالى: (وكلم الله موسى تكليماً) وهو الحق لعدم الدليل العقلي، وما ذكروه دليلاً فليس بتام. وقد أجمع الأنبياء على ذلك، وثبوت نبوتهم غير موقوف عليه لجواز تصديقهم بغير الكلام، بل موقوف على المعجزات، ولا يلزم الدور، فيجب إثباته. الثاني في ماهية كلامه، فزعم الأشاعرة أنه معنى قديم قائم بذاته، يعبر عنه بالعبارات المختلفة المتغيرة المغايرة للعلم والقدرة، فليس بحرف ولا صوت ولا أمر ولا نهي ولا خبر ولا استخبار وغير ذلك من أساليب الكلام. وقالت المعتزلة والكرامية والحنابلة هو الحروف والأصوات المركبة تركيباً مفهماً. والحق الأخير لوجهين: الأول، إن المتبادر إلى أفهام العقلاء هو ما ذكرناه، ولذلك لا يصفون بالكلام مَن لم يتصف بذلك كالساكت والأخرس. الثاني، إن ما ذكروه غير متصور، فإن المتصور إما القدرة الذاتية التي تصدر عنها الحروف والأصوات، وقد قالوا هو غيرها، أو العلم وقد قالوا هو غيره، وباقي الصفات ليست صالحة لمصدرية ما قالوه، وإذا لم يكن متصوراً لم يصح إثباته إذ التصديق مسبوق بالتصور. الثالث، فيما تقوم به تلك الصفة أما الأشاعرة فلقولهم بالمعنى قالوا انه قائم بذاته تعالى، فعندهم هو المتكلم بالحروف والصوت. وقالت المعتزلة والإمامية وهو الحق إنه قائم بغيره لا بذاته، كما أوجد الكلام في الشجرة فسمعه موسى (ع)، ومعنى انه متكلم انه فعل الكلام لا قام به الكلام. والدليل على ذلك انه أمر ممكن، والله تعالى قادر على كل الممكنات. وأما ما ذكروه فممنوع، وسند المنع من وجهين: الأول، انه لو كان المتكلم مَن قام به الكلام لكان الهواء الذي يقوم به الحرف والصوت متكلماً، وهو باطل، لأن أهل اللغة لا يُسمون المتكلم إلا مَن فعل الكلام، لا مَن قام به الكلام، ولهذا كان الصدى غير متكلم. وقالوا: ((تكلم الجني على لسان المصروع)) لاعتقادهم إن الكلام المسموع من المصروع فاعله الجني. الثاني، إن الكلام إما المعنى وقد بان بطلانه، أو الحرف والصوت، ولا يجوز قيامهما بذاته وغلا لكان ذا حاسة لتوقف وجودهما على وجود آليتهما ضرورة، فيكون الباري تعالى ذا حاسة، وهو باطل. الرابع، في قدمه أو في حدوثه، فقالت الأشاعرة بقدم المعنى، والحنابلة بقدم الحروف، وقالت المعتزلة بالحدوث، وهو الحق لوجوه: الأول، أنه لو كان قديماً لزم تعدد القدماء وهو باطل، لأن القول بقدم غير الله كفر بالإجماع. ولهذا كفرت النصارى لإثباتهم قدم الأقنوم. الثاني، إنه مركب من الحروف والأصوات الذي يعدم السابق منها بوجود لاحقه، والقديم لا يجوز عليه العدم. الثالث، انه لو كان قديماً لزم الكذب عليه واللازم باطل، فالملزوم مثله. بيان الملازمة أنه أخبر بإرسال نوح في الأزل بقوله: (إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه) ولم يرسله إذ لا سابق على الأزل، فيكون كذباً. الرابع، انه يلزم منه العبث في قوله: (اقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) إذ لا مكلف في الأزل، والعبث قبيح، فيمتنع عليه تعالى. الخامس، قوله تعالى: (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) والذكر هو القرآن، لقوله: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
قال: الثامنة، انه تعالى صادق، لأن الكذب قبيح بالضرورة، والله تعالى منزه عن القبيح لاستحالة النقص عليه.
أقول: والصدق هو الاخبار المطابق. والكذب هو الاخبار الغير المطابق، لأنه لو لم يكن صادقاً لكان كاذباً، وهو باطل، لأن الكذب قبيح ضرورة، فيلزم اتصاف الباري بالقبيح، وهو باطل. وأيضاً الكذب نقص، والباري تعالى منزه عن النقص.
------------------------------
المصدر:شرح الباب الحادي عشر

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || موسوعة الفكر الإسلامي