مذهب فلسفي صيني انشأه لاو تزو (604 ق.م) . ومعنى "طا" هو الطريق
الذي تشقه الاحداث في سيرها وتتاليها المنتظم . وكما
كان الامر مع جان جاك روسو كان الامر عند لاو تزو الذي جعل الطبيعة
هادياُ ومرشداً , فهي الناموس العادل الذي يراح له العقل
, فقد بدأت الحياة على سطح الارض هينة وادعة ثم لم تلبث ان تعقدت
مع تطور المدنية . لذا كان من الحكمة الرجعة الى الطبيعة
والبعد عن التصدي لمجريات الامور . وهكذا كانت الطاوية وسيلة
للتألف والانسجام والتكامل والتعاون , تدعو الى ما يحقق السلام
والرخاء والعافية , ولذا كان لابد للطاوي ان يتخفف مما يشغله من
بلبلة او قلق او هوى زائف من خلال تأملاته الصوفية . وكانت
نشأة الطاوية استجابة للاحداث التاريخية , فلقد شهد القرن 6 ق.م
اضمحلال الاقطاع في الصين , ثم اذا المجتمع الصيني يتعرض
في دور الانتقال لاضطرابات سياسية وفوضى سياسية وانحلال خلقي .
وعلى مدى قرون اسهمت كل مدرسة نشأت من مدارس
الفلسفة المئة برأيها او نهجها الذي حدد " طريقها " تاو , ومن هنا
كان أطلاق لفظ الطاوية اي " الطريق " فهو المنفذ والمخرج ,
اعني الحل . وكانت مدرسة لاو تزو وأتباعه اشد المدارس صلابة وتحديا
للاحداث فتميزت من بين كافةالمدارس , والتصق بها
وحدها اسم المدرسة الطاوية ( طا تشيه ) التي لم يرد لها ذكر حتى
القرن الاول ق . م ولا يعني هذا بطبيعة الحال انه لم تكن ثمة
حركة طاوية قبل هذا بقرون . ومن المرجح ان الفلسفة الصينية القديمة
كانت من اول نشأتها موصولة بمن اليهم مدار الامور من
الحكام . ويزكي هذا الرأي ان لاو تزو الذي تعزى اليه الطاوية نشأة
كان مديرا للوثائق التاريخية .
ولك تكن الطاوية ذات نظام يجنح للتأمل الرخي فحسب بل ينهج نهجاً
عملياً في الحياة , واذا تعاليمها تصبح في القرن الخامس
أساساً لمذهي ديني هو العقيدة الطاوية لها الهتها المتعددة , غير
انها ما لبثت في مراحلها اللاحقة ان شغلت بالتوفيق المسرف بين
العقائد المتعارضة , كما عني اصحابها بالبحث عن اطالة الحياة
والخلود سواء عن طريق السحر او الاهتمام بالسيمياء تطلبا لاكسير
الحياة .
والطاوية جزء لم ينفصل عن الحياة والفكر الصينيين طيلة الفي عام
ومثلها في ذلك مثل الكونفوشيوسية التي لها اثرها في مناحي
الحضارة الصينية جميعا , فلسفة كانت ام عقيدة ام فناام ادبا ام
حكما . وعبر التاريخ الصيني كانت الطاوية ندا للكونفوشيوسية
تؤازرها حينا وتنال منها حينا اخر , وكذا كان لها اثرها في انعاش
البوذية في الصين . وفي الحقيقة ان كل صيني هو طاوي ,
فعلى حين تعني الكونفوشيوسية بالنظام الاجتماعي والعمل الدؤوب تعني
الطاوية بحياة الفرد وما ينبغي ان يسري فيها من سكينة .
وقد يوحي هذا ان نصيب الطاوية في الحياة عرضي , والامر على خلاف
ذلك فدعوة الطاوية الى الفردية والحرية الروحية
والبساطة والعودة الى الطبيعة والتصوف الديني ومبدأ الحكم القائل :
دعهم وشأنهم ونظرية التعالي في الفن , هذه كلها لها الشأن
نفسه الذي للكونفوشيوسية في الحياة الصينية . والمذهب في عمومه
يخاطب العواطف اكثر مما كانت عليه منافسته الكونفوشيوسية
.