موسوعة المصطلحات والمفاهيم || معجم المصطلحات

المجتمع المدني
محمد حسين بناهي



مفهوم المجتمع المدني ترجمة لكلمة ( civil society) وهو كغيره من المفاهيم المعقدة له تعاريف متعددة.
ومثالاً على تعدد التعاريف,ان المجتمع المدني برأي "هيجل":" يشمل جميع العلاقات الاقتصادية والاسرية الواقعة خارج دائرة النظام السياسي والاقتصادي للدولة,وذاتاً هو دائرة من الفردية اللا محدودة".
اما "ماركس","فيربط تكون المجتمع المدني بمرحلة نمو قوى الانتاج,حيث شتظهر الملكية الخاصة وستتكون طبقة البرجوازية.يقول:"ظهرت كلمة المجتمع المدني في القرن الثامن عشر حينما تحررت علاقات الملكية من المجتمع الاشتراكي القديم ومجتمع القرون الوسطى,فالمجتمع المدني رافق وجود الطبقة البرجوازية فقط ..."
فالظاهران "ماركس" يضع المجتمع المدني في مقابل الدولة,وهو يشمل كل شيء ما عدا الدولة,لأنه يقول :"عندما تحررت الملكية الشخصية اصبحت الدولة وجوداً مستقلاً يقع خارج المجتمع المدني.
اما المجتمع المدني فليس هو شيئاً آخر سوى التنظيم,وقد اضطرت البرجوازية الى اختلاقه لخدمة مصالحها وضمان ملكيتها".
ويعتقد "هيجل" أن المجتمع المدني يشمل العالم الخاص للافراد بما في ذلك مصالحهم ونشاطاتهم,لكن اطار الدولة,وتوقع أن تقوم المؤسسات التي ستتكون فيما بعد بتنظيم العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني.
بما أن المصالح متنوعة ومتعددة,والسيطرة عليها تختلف باختلافها,فقد اعتبر "هيجل" التقنين من أجل السيادة والسيطرة المسالمة وحل النزاعات بين الاطراف احدى وظائف الدولة.
كما وضع عالم الاجتماع الشهير "دوركهايم"الدولة في مقابل المجتمع,وكتب :"عندما تستطيع الدولة ممارسة الردع ستنفك عن مصالح عموم الشعب في المجتمع المدني.وعندما يتحقق ذلك سوف لا تنمو المجموعات الثانوية التي تتوسط العلاقة بين الافراد والدولة بشكل كامل.وعندما تكون تلك المجموعات قوية وتستطيع أن تقف في قبال الدولة,حينئذ تتمكن من المحافظة على حقوق الافراد".
وفي رأي "دوركهايم" أن تلك الوسائط لا تكون مجرد سبب لحماية حقوق الافراد في مقابل الدولة,وانما- ستحل لقربها من الافراد- مكانة العائلة في تمتين وترشيد الاخلاق,وعن هذا الطريق ستقوى البنية الاجتماعية.
في ضوء التعاريف المتقدمة للمجتمع المدني,يظهر أن بنية المجتمعات وحاجاتها الاجتماعية المتطورة,بحاجة الى تنظيم اكثر من المجتمعات الزراعية,فالافراد والفئات الاجتماعية منظمة من خلال :اهدافها,حاجاتها,رؤيتها,طريقتها الخاصة في العمل,وحياتها المشتركة.فلا يعيشون حالة التفكك أو الغربة من ابناء جنسهم ومجتمعهم,كما ان اعمالهم ونشاطاتهم منظمة.ولهم ممثل رسمي وقانوني يعكس وجهات نظرهم الى الدولة ورجالها,وعن هذا الطريق يرتبط الافراد بالنظام السياسي,وحينها يشعرون بالاطمئنان والامن.
أما تعريفنا للمجتمع المدني, مع أخذ ما تقدم بنظر الاعتبار فهو مجموع التشكيلات المهنية,الاجتماعية,والسياسية المنظمة مع استقلال المجموعات,الفئات,والطبقات الاجتماعية التي تنسق اهداف وآراء اعضائها من جهة,ومن جهة اخرى تعكس تلك الاهداف والآراء الى النظام السياسي والمجتمع لكي يساهموا في القرارات الاجتماعية والسياسية بشكل مؤثر.
وفي ضوء هذا التعريف سيكون المجتمع المدني ظاهرة اجتماعية تبرز حينما تتوافر لها الظروف المناسبة,وهي وجود دولة كبيرة متطورة ومنفصلة عن الافراد من جهة,ومن جهة اخرى يكون المجتمع اكثر طبقية من خلال التخصص في الاعمال,وحينئذ يتعذر على الدولة الارتباط بالمجتمع دون وجود مجموعة من المؤسسات التي تمثل الفئات المختلفة.
ولا يعني استقلال تلك المؤسسات عن الدولة,أنها تعمل بحرية كاملة,بل في اطار القوانين الحاكمة في المجتمع والحاكمة على كيفية عملها,وتعمل في ضوء ما تراه صالحاً لا عضائها وتشارك في النشاطات الاجتماعية والسياسية من اجل تحقيق اهدافهم.وهذه المؤسسات تحول دون انزلاق اعضائها في اهداف غيرمعقولة,وتمنع تمركز السلطة وانحصارها بيد فئة أو مجموعة معينة,وتقف بوجه الانانية والفئوية وسيحل في المجتمع التنافس الصحيح والقانوني بدلاً من التنافس والسلوك السياسي والمهني المنحرف.
المصدر : مجلة التوحيد.


 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || معجم المصطلحات