موسوعة المصطلحات والمفاهيم || معجم المصطلحات

حديث: الحديث الغريب
* د.ابراهيم بن علي آل كليب


 1 ـ تعريفه: هو لغة: المنفرد أو البعيد عن أقاربه، تغرب فلان واغترب فهو غريب، واغترب فلان إذا تزوج من غير أقاربه، وأغرب الرجل: جاء بشيء غريب.
والخبر الغريب اصطلاحاً: هو الحديث الذي تفرد بروايته راو واحد في جميع طبقات السند أو بعضها.
2 ـ أقسامه:
أ ـ الفرد المطلق: وهو ما تفرد به راويه الأعلى من صحابي أو تابعي عن جميع الرواة سواء استمر التفرد إلى آخر الإسناد أم لا. وهذا هو الغريب سنداً ومتناً.
ومثاله عند كثير من العلماء: حديث: (إنما الأعمال بالنيات).
فقد تفرد بروايته عن النبي (ص) عمر، وتفرد به عن عمر: علقمة بن وقاص، ولم يروه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي، ولم يروه عن التيمي إلا يحيى بن سعيد الأنصاري، فلم تطرأ عليه الشهرة إلا عند يحيى، فقد رواه عنه العدد الكثير.
ب ـ الفرد النسبي: وهو ما وقع التفرد فيه بالنسبة إلى جهة معينة، وهو ثلاثة أقسام:
الأول: ما وقع التفرد فيه بالنسبة إلى راو معين، مع ورود الحديث من جهة أخرى، وهذا غريب سنداً لا متناً.
ومن مثلته: ما رواه أصحاب السنن من طريق سفيان بن عيينة، عن وائل بن داود، عن ابنه بكر بن وائل، عن الزهري، عن أنس، أن النبي (ص) أولم على صفية بتمر وسويق.
فلم يروه عن الزهري إلا بكر بن وائل، ولم يروه عن بكر إلا وائل بن داود، ورواه عن بكر سفيان.
وقد رواه بعضهم عن الزهري مرسلاً.
الثاني: ما تفرد به أهل بلد عن بقية البلدان.
ومثاله: حديث بريرة: (القضاة ثلاثة، قاضيان في النار، وقاض في الجنة).
تفرد به أهل مرو عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه.
وكذا حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي (ص) صلى على جنازة سهيل بن بيضاء في المسجد.
قال الحاكم: هذه سنة تفرد بها أهل المدينة.
الثالث: ما تفرد به ثقة عن بقية الرواة.
ومثاله: ما رواه مسلم وأصحاب السنن، عن ضمرة بن سعيد المازني، عن عبيدالله بن عبدالله، عن أبي واقد الليثي، أن النبي (ص) كان يقرأ في الفطر والأضحى بقاف، واقتربت الساعة.
فلم يروه ثقة إلا ضمرة بن سعيد.
ورواه الدارقطني من طريق ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن النبي (ص) كان يقرأ في الفطر والأضحى بقاف، واقتربت الساعة.
وعلى هذا فالفرد أعم من الغريب لأن من أقسام الفرد ما لا يدخل في الغريب، فكل غريب فرد، وليس كل فر غريباً.
حكمه:
1 ـ لا يخلو الراوي المتفرد في غريب السند والمتن أن يكون ثقة ضابطاً أو خفيف الضبط أو ضعيفاً.
أ ـ فإن كان الراوي المتفرد ثقة ضابطاً، فلا يخلو من احتمالين:
الأول: لا يكون في روايته مخالفة لغيره، فهو صحيح، مثل حديث عمر: إنما الأعمال بالنيات.
الثاني: أن يكون ما رواه مخالفاً لمن هو أرجح منه، أما لمزيد ضبط أو كثرة عدد.
مثال المخالفة: ما رواه أبو داود، والترمذي، وغيرهما من حديث ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عوسجة، عن ابن عباس، أن رجلاً توفى على عهد رسول الله (ص) ولم يترك وارثاً إلى مولى له أعتقه.
وقد شارك ابن عيينة في وصله ابن جريج، ورواه حماد بن زيد مرسلاً، فلم يذكر ابن عباس، فروايته شاذة، حيث خالف من هو أوثق منه، لكثرتهم بالنسبة له، فهما اثنان، وهو واحد.
ب ـ وإن كان الراوي المتفرد خفيف الضبط، فحديث حسن، ومثاله:
ما رواه أبو داود، والترمذي، ويرهما من حديث بهر بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت النبي (ص) يقول: (ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له، ويل له).
فهذا الحديث من رواية بهز بن حكيم، وهو وإن كان ليس من الثقات الضابطين فليس من الضعفاء، ولذا قال فيه ابن حجر، كما في التقريب: صدوق.
أي بمعنى أنه عدل في دينه وأمانته، لكن حفظه ليس بتام، بل هو خفيف.
ج ـ وإن كان الراوي المتفرد ضعيفاً، فحديثه ضعيف مثله.
ومثاله: حديث أبي زكير يحيى بن محمد بن قيس، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً: (كلوا البلح بالتمر، فإن ابن آدم إذا فعل ذلك غضب الشيطان).
فهذا الحديث ضعيف، لأنه من رواية أبي زكير، وهو ممن لا يحتمل تفرده، لضعفه، فقد قال فيه ابن معين: ضعيف، وقال ابن حبان: لا يحتج به، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه.
2 ـ وأما الغريب سنداً لا متناً ـ (أي الغريب النسبي) ـ فلا حكم يخصه من هذه الجهة، فلا يكون ضعيفاً، لكونه غريباً نسبياً، وإنما ذلك باعتبار أسانيده، فقد يكون صحيحاً، وقد يكون حسناً، وقد يكون ضعيفاً

 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || معجم المصطلحات