موسوعة المصطلحات والمفاهيم || معجم المصطلحات

فقه ـ اصول - :  (أنواع) الألفاظ
* عبدالرحمن بدوي



((اللفظ الذي يقع على أشياء كثيرة: إما أن يقع بمعنى واحد على السواء، وقوع ((الحيوان)) على الإنسان والفرس، ويسمى: متواطئاً.
وإما أن يقع بمعان متباينة، وقوع ((العين)) على: الدينار،والبصر، ويسمى مشتركاً.
وإما أن يقع بمعنى واحد لا على السواء، ويسمى مشككاً، وقوع ((الموجود)) على الجوهر والعرض)) (ابن سينا: ((عيون الحكمة)) ص3).
أما إذا وقعت عدة ألفاظ على شيء واحد فإنها تسمى ((مترادفة))، مثل: أسد، سبع، ليث، هزبر للدلالة على الحيوان المعروف.
وقد اهتم علماء اللسانيات Linguistique اهتماماً بالغاً بهذه الأنواع، وفصلوا القول فيها: وهاك خلاصة أبحاثهم في هذا الصدد:
أ) الترادف: الترادف Synonymie لا يتعلق بالألفاظ المنعزلة وحدها، بل يتناول أيضاً التعابير المركبة. فمثلاً: ((يمدح)) يرادفها من الألفاظ: يطري، يقرظ، يشيد بـ يمجد، يثني على .. ويرادفها من التعابير المركبة: خلع على عرضه أجمل الحلل، نشر طراز محاسنه، نثر لآلئ وصفه، سيّر ذكر محامده. ـ كذلك ((يذم)) يرادفها من الألفاظ: يثلب، يسب، يعيب، يتنقص، يقدح فيه، يغمز فيه، يطعن فيه، أو عليه، يقع فيه، يشنع عليه. الخ، ويرادفها من التعابير المركبة: يقرع صفاته، يغمز قناته، ينحت اثلته، يرميه بالهاجرات والمهجرات ... الخ. ويدخل في العبارات المركبة التعبيرات المنمقة مثل قول الشاعر الفرنسي أندريه شينيه Chenier عن الندى: هدايا الفجر اللطيفة، أو قول الشاعر الفرنسي دليل Delille عن ((الدجاجة)): زوجة تغني بزوغ النهار.
وقد يستعمل التعبير المركب بدلاً من اللفظ من باب التلطف والتهذيب: مثلاً: ((سلم روحه إلى بارئه، انتقل إلى الدار الآخرة، لحق بالرفيق الأعلى، لبى نداء مولاه ... الخ فهي كلها مرادفة للفظ: مات.
ويذهب بعض اللغويين إلى القول بأنه لا يوجد ترادف دقيق، بل يوجد بين ما يسمى بالمترادفات فروق في المعاني دقيقة. وكتب ((الفروق اللغوية)) (مثل كتاب أبي هلال العسكري بالنسبة إلى اللغة العربية، وكتاب Bally بالنسبة إلى اللغة الفرنسية، وكتاب Roget بالنسبة إلى الانجليزية، ودودن Duden بالنسبة إلى الألمانية، إلخ إلخ) تهدف إلى بيان هذه الفروق الدقيقة. ويقول لابرويير في هذا الصدد: ((بين كل التعابير التي تدل على فكرة واحدة، لا يوجد إلا تعبير واحد هو الصحيح)).
وثمة مشكلة أخرى هي: السبب في وجود المترادفات ـ خصوصاً في لغة كالعربية تعد فيها المترادفات ذات المعنى الواحد بالعشرات وأحياناً بالمئات؟ وهي مشكلة لم تجد لها أي حل حتى الآن.
وقد ذهب البعض إلى القول بأن الكلمة المرادفة الأحدث ظهوراً إنما وضعت أو استعيرت من لغة أخرى من أجل التعبير عن ظل من المعنى مختلف عما تدل عليه الكلمة الأقدم. لكن هذا القول مشكوك في صحته تماماً، إذ الأرجح أن التفريق بين ظلال المعاني في الكلمتين إنما جاء تالياً ـ لا سابقاً ـ لظهور الكلمة الأحدث. يقول Bally في هذا الصدد: ((لو ظهرت، في خلال التطور، كلمة جديدة، أما بالخلق أو بالاستعارة من لغة أخرى، كانت تعبر عن معنى مماثل للمعنى الذي تعبر عنه كلمة موجودة من قبل، فإن اجتماعهما يندر أن يصدر عن الرغبة في تمييز وجهين لفكرة واحدة، بل الغالب هو أنه بعد ظهور الكلمة الجديدة يحدث التمييز، وهو تمييز يدعو إليه في المقام الأول حضور الكلمة الجديدة أولى من أن يكون ذلك ناتجاً عن حاجة قائمة في المدلول.
ب) الاشتراك Homonymie: يثير الاشتراك عدة مشاكل، بعضها عام في كل اللغات، وبعضها الآخر خاص بلغات دون أخرى. ومن هذا النوع الأخير: الاشتراك في الصوت، دون الرسم في الكتابة. مثلاً في الفرنسية: Ver (دودة)، Verre (زجاجة)، Vair (فراء نوع من السنجاب الروسي)، Vert (أخضر)، Vers (بيت شعر، تجاه).
كذلك يفرق بين تعدد معاني الكلمة الواحدة ويسمى Polysemie، وبين اشتراك الشكل بين كلمتين متمايزتين. ومن الصعب التمييز، في الاستعمال الجاري الحالي للغة ما، بين كلا النوعين: هل نحن بإزاء كلمة واحدة، أو عدة كلمات ذات شكل واحد في الأصل؟ فمثلاً في الفرنسية الكلمة Louer بمعنى: يمدح، جاءت من الكلمة اللاتينية Laudare (يمدح)، أما كلمة Louer بمعنى: يستأجر أو يؤجر، فقد جاءت من كلمة لاتينية أخرى مختلفة هي Locare (يستأجر أو يؤجر). بينما الكلمة greve بمعنى شاطئ البحر وكلمة greve بمعنى الاضراب عن العمل هي كلمة واحدة في الأصل واختلفتا في المعنى بعد ذلك في تطور الكلمة الأصلية.
ويحدث في هذا التطور للمعنى الخاص بنفس الكلمة أن تتباين معانيها تبايناً شديداً جداً كما هو ظاهر من المثل الأخير، وكما في كلمة ((عين)) العربية: الباصرة، الذهب، العقار، تساوي كفة الميزان، إلخ ... فكلها معان متباينة جداً.


 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || معجم المصطلحات