موسوعة المصطلحات والمفاهيم || معجم المصطلحات

فقه ـ أصول: الاستقلالي والآلي



يطلق هذان الوصفان غالباً على المعنى الملحوظ عند استعمال اللفظ فالمعنى الملحوظ بما هو آلة وحالة للغير معنى آلي، والمعنى الملحوظ بنفسه بما هو هو معنى استقلالي، والكلام في هذين العنوانين وقع في الأصول في موارد:
منها: معاني الحروف والأسماء فقيل إن معاني الحروف آلية ومعاني الأسماء استقلالية لا بمعنى أنها غير ملتفت إليها أصلاً بل بمعنى توجه الذهن إليها ولحاظها حالة للغير توضيح ذلك إنك إذا قلت سرت من البصرة إلى الكوفة فكلامك هذا مركب من أربعة أسماء وثلاثة حروف، أما الأسماء فمادة سرت وضمير المتكلم وكلمتا البصرة والكوفة وأما الحروف فهيئة الفعل وكلمتا من والي، فألفاظ ذلك الكلام سبعة كما أن معانيه أيضاً سبعة، أربعة معان مستقلة باللحاظ وثلاثة منها غير مستقلة أما المستقلة فهي السير والمتكلم والبصرة والكوفة، وأما غير المستقلة فهي حالات السير الموجود في الخارج وصفاته، أحدها ارتباطه بالمتكلم بصدوره عنه، ثانيها كون مبدئه البصرة، ثالثها كون منتهاه الكوفة، ولا إشكال في أن المتكلم لاحظ في مقام الاستعمال الألفاظ السبعة والمعاني السبعة فاستعملها فيها لتفهيم المخاطب، فمراده من هيئة الفعل أعني سرت بيان ارتباط السير بالمتكلم بنحو الصدور ومن كلمة من بيان حال مبدئه ومن كلمة إلى بيان حالة منتهاه، فالمعاني الحرفية ملحوظة حالة للغير.
ومنها: ما ذكروه في مقام الفرق بين القطع الطريقي والموضوعي بالنسبة إلى بعض الألفاظ كالعلم والقطع والارادة والقصد ونحوها، فإنها قد تلاحظ آلية وقد تلاحظ استقلالية، فربما يقول المولى إذا علمت بورود زيد إلى بلدك فزره فيريد ترتيب حكم الزيارة على نفس المجيء والورود لا على العلم به، فالمقصود إذا ورد بلدك فزره، وحيث إن انكشاف الورود وثبوته لا يكون إلا بالعلم أطلق اسم الكاشف وأريد المنكشف كناية. وهذا هو العلم الذي يسمى في باب القطع بالقطع الطريقي.
وربما يقول إذا علمت بنك تسافر فصل ركعتين أو تصدق على فقير، أو يقول إذا أردت الأكل فقل بسم الله، أو يقول إذا قطعت بكون مايع عصيراً حرم عليك شربه، ويريد ترتيب تلك الأحكام على صفة العلم والارادة فيقال إن تلك العناوين لوحظت استقلالية، ويسمى هذا القطع في بابه بالقطع الموضوعي.
ومنها: ما ذكروه في باب الاستصحاب بالنسبة إلى كلمة اليقين من كون اليقين الوارد في أخبار ذلك الباب ملحوظاً بنحو الآلية لا الاستقلالية كقوله (ع): «لا تنقض اليقين بالشك» فمن شك في بقاء حياة زيد مثلاً يكون المراد من اسناد حرمة النقض ووجوب الابقاء إلى يقينه اسنادهما إلى متيقنه كحياة زيد فكأنه قال لا تنقض حياة زيد بالشك فمن شدة الارتباط بين اليقين والمتيقن أطلق اليقين وأريد به المتيقن كناية ولذلك أيضاً أسند آثاره إليه وأريد من حرمة نقض آثار اليقين ووجوب ترتيب أحكامه، حرمة نقض آثار المتيقن كحياة زيد وكُرِيّة الماء مثلاً.


 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || معجم المصطلحات