هو في اللغة بمعنى الكفاية، وفي الاصطلاح عبارة عن تأثير إتيان
متعلق الأمر في حصول غرض الآمر لينتج سقوط الأمر، وحيث إنهم قسموا
الأمر إلى واقعي أولي وواقعي ثانوي كالأمر الاضطراري وإلى ظاهري،
وقع البحث منهم في مواضع ثلاثة:
أولها: في إجزاء إتيان متعلق كل أمر بالنسبة إلى نفس ذلك الأمر فهل
يجزي إتيان الأمور به بالأمر الواقعي كصلوة الصبح مثلاً في سقوط
ذلك الأمر وإتيان المأمور به بالأمر الاضطراري أو الظاهري كالصلوة
بالتيمم أو مع استصحاب الطهارة في سقوط أمرهما أم لا، والمخالف في
هذا المقام نادر والنزاع فيه لا يليق بحال العلماء، فإنه لو أمر
المولى بفعل وأتى المكلف به بتمام ماله دخل في غرض المولى ومتعلق
أمره فلا معنى لعدم سقوط غرضه وأمره.
ثانيها: في إجزاء إتيان المأمور به بالأمر الاضطراري ونحوه في سقوط
الأمر الواقعي بأن يقال إنه لو أتى الفاقد للماء صلوة بتيمم ثم وجد
الماء في الوقت أو خارجه فهل تجزي تلك الصلوة الاضطرارية عن الأمر
الواقعي فيسقط الإعادة والقضاء أم لا يجزي فيجبان.
ثالثها: في إجزاء إتيان المأمور به بالأمر الظاهري في سقوط الأمر
الواقعي، فإذا صلى بإجراء أصالة الطهارة في ثوبه أو استصحابها
مثلاً ثم انكشف الخلاف في الوقت أو خارجه فهل تجزي تلك الصلوة
الظاهرية عن الواقع فلا يجب الإعادة والقضاء أم لا فيجبان.
تنبيه:
استدلوا على إجزاء الأوامر الاضطرارية بالنسبة لى الواقعية باطلاق
مثل قوله تعالى: (وإن لم تجدوا ماء فيتيمموا صعيداً طيباً) وقوله
(ع): ((التراب أحد الطهورين ويكفيك عشر سنين)) ونحوهما، فإن ظاهرها
كون العمل الاضطراري في هذه الحالة مشتملاً على جميع مصالح
الاختياري أو معظمها في حال الاختيار، ولازمه الإجزاء وعدم وجوب
الإعادة أو القضاء.
ولو لم يكن إطلاق لذلك الدليل فمقتضى أصالة البرائة عدم الوجوب
فإنه لشك في تجدد التكليف بعد رفع الاضطرار والأصل عدمه.
واستدلوا أيضاً على إجزاء الأمر الظاهري عن الواقعي بأن مريد
الصلوة مثلاً إذا شك في الطهارة فأجري قاعدة الطهارة أو استصحابها
كان الأصلان مثبتين للطهارة حاكمين على إطلاق ما دل على أنه لا
صلوة إلا بطهور ولازم ذلك إحراز الشرط وإجزاء العمل.