موسوعة المصطلحات والمفاهيم || معجم المصطلحات

فقه ـ أصول : الأرضون
* د. محمد عبدالمنعم الجمال


 وأما الأرضون إذا استولى عليها المسلمون فتقسم ثلاثة أقسام:
القسم الأول:
أحدها ما ملكت عنوة وقهراً حتى فارقوها بقتل أو اسر أو جلاء، فقد اختلف الفقهاء في حكمها بعد استيلاء المسلمين عليها.
فذهب الشافعي (رض) إلى أنها تكون غنيمة كالأموال تقسم بين الغانمين إلا أن يطيبوا نفساً بتركها فتوقف على مصالح المسلمين.
وقال مالك:
تصير وقفاً على المسلمين حين غنمت، ولا يجوز قسمتها بين الغانمين.
وقال أبو حنيفة:
الإمام فيها بالخيار بين قسمتها بين الغانمين فتكون أرضاً عشرية، أو يعيدها إلى أيدي المشركين بخراج يضربه عليها فتكون أرض خراج، ويكون المشركون بها أهل ذمة، أو يقفها على كافة المسلمين، وتصير هذه الأرض دار إسلام سواء سكنها المسلمون أو أعيد إليها المشركون لملك المسلمين لها، ولا يجوز أن يستنزل عنها للمشركين لئلا تصير دار حرب.
القسم الثاني:
منها ما ملك منهم عفواً لانجلائهم عنها خوفاً فتصير بالاستيلاء عليها وقفاً، وقيل بل لا تصير وقفاً حتى يقفها الإمام لفظاً ويضرب عليها خراجاً يكون أجرة لرقابها تؤخذ ممن عومل عليها من مسلم أو معاهد، ويجمع فيها بين خراجها وأعشار زروعها وثمارها إلا أن تكون الثمار من نخل كانت فيها وقت الاستيلاء عليها، فتكون تلك النخل وقفاً معها لا يجب في ثمرها عشر، ويكون الإمام فيها مخيراً بين وضع الخراج عليها أو المساقاة على ثمرتها، ويكون ما استؤلف غرسه من النخل معشوراً وأرضه خراجاً.
وقال أبو حنيفة:
لا يجتمع العشر والخراج، ويسقط العشر بالخراج وتصير هذه الأرض دار إسلام، ولا يجوز بيع هذه الأرض ولا رهنها، ويجوز بيع ما استحدث فيها من نخل أو شجر.
القسم الثالث:
أن يستولي عليها صلحاً على أن تبقى في أيديهم بخراج يؤدونه عنها، فهذا على ضربين: أحدهما أن يصالحهم على أن ملك الأرض لنا فتصير بهذا الصلح وقفاً من دار الإسلام، ولا يجوز بيعها، ولا رهنها ويكون الخراج أجرة لا يسقط عنهم بإسلامهم فيؤخذ خراجها إذا انتقلت إلى غيرهم من المسلمين، وقد صاروا بهذا الصلح أهل عهد فإن بذلوا الجزية عن رقابهم جاز إقرارهم فيها على التأبيد، وإن منعوا الجزية لم يجبروا عليها ولم يقروا فيها إلا المدة التي يقر فيها أهل العهد وذلك أربعة أشهر، ولا يجاوزون السنة. وفي إقرارهم فيها ما بين الأربعة أشهر والسنة وجهان.
الضرب الثاني:
أن يصالحوا على أن الأرضين لهم ويضرب عليها خراج يؤدون عنها، وهذا الخراج في حكم الجزية متى أسلموا سقط عنهم، ولا تصير أرضهم دار إسلام وتكون دار عهد، ولهم بيعها ورهنها، وإذا انتقلت إلى مسلم لم يؤخذ خراجها ويقرون فيها ما أقاموا على الصلح، ولا تؤخذ جزية رقابهم لأنهم في غير دار الإسلام. وقال أبو حنيفة:
قد صارت دارهم بالصلح دار إسلام وصاروا به أهل ذمة تؤخذ جزية رقابهم، فإن نقضوا الصلح بعد استقراره معهم فقد اختلف فيهم. فذهب الشافعي (ره) إلى أنها إن ملكت أرضهم فهي على حكمها، وإن لم تملك صارت الدار حرباً. وقال أبو حنيفة:
إن كان في دارهم مسلم أو كان بينهم وبين دار الحرب بلد للمسلمين فهي دار إسلام يجري على أهلها حكم البغاة، وإن لم يكن بينهم مسلم ولا بينهم وبين دار الحرب بلد للمسلمين فهي دار حرب.
وقال أبو يوسف ومحمد قد صارت دار حرب في الأمرين كليهما.
الأموال المنقولة فهي الغنائم المألوفة:
كان رسول الله (ص) يقسمها على رأيه، ولما تنازع فيها المهاجرون والأنصار يوم بدر جعلها الله عزوجل ملكاً لرسوله يضعها حيث شاء.
وروى أبو أمامة الباهلي قال: سألت عبادة بن الصامت عن (الأنفال) في قول الله تعالى في سورة الأنفال 8/ 1:
(يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم).
فقال عبادة بن الصامت: فينا أصحاب بدر، أنزلت حين اختلفنا في النقل فساءت فيه أخلاقنا فانتزعه الله سبحانه من أيدينا فجعله إلى رسوله فقسمه بين المسلمين على سواء واصطفى من غنيمة بدر سيفه ذا الفقار وكان سيف منبه بن الحجاج، وأخذ منها سهمه، ولم يخمسها إلى أن أنزل الله عزوجل بعد بدر قوله تعالى في سورة الأنفال 8/ 41:
(واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل).
ـ فتولى الله سبحانه قسمة الغنائم كما تولى قسمة الصدقات، فكان أولى غنيمة خمسها رسول الله (ص) بعد بدر غنيمة بني قينقاع.
وإذا جمعت الغنائم لم تقسم مع قيام الحرب حتى تنجلي، ليعلم بانجلائها تحقق الظفر واستقرار الملك، ولئلا يتشاغل المقاتلة بها فيهزموا، فإذا انجلت الحرب كانت تعجيل قسمتها في دار الحرب وجواز تأخيرها إلى دار الإسلام بحسب ما يراه أمير الجيش من الصلاح. وقال أبو حنيفة:
لا يجوز أن يقسمها في دار الحرب حتى تصير إلى دار الإسلام فيقسمها حينئذ فإذا أراد قسمتها بدأ بأسلاب القتلى فأعطى كل قاتل سلب قتيله سواء شرط الإمام له ذلك أو لم يشرطه.


 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || معجم المصطلحات