* علي المشكيني
يطلق الإجماع تارة ويراد به اتفاق جميع علماء الاسلام أو التشيع حتى الإمام
(ع) ولو في عصر واحد على أمر من الأمور الدينية.
ويطلق أخرى ويراد به اتفاق عدة من العلماء فيهم الإمام (ع) ولو
كانوا فئة قليلة.
ويطلق ثالثة ويراد به اتفاق الجميع غير الإمام (ع) ولو في عصر
واحد.
ويطلق رابعة على قول الإمام (ع) وحده.
أما القسم الأول والثاني: فيسمى كل منهما إجماعاً دخولياً لدخول
الإمام في المجمعين، فمتى حصل لأحد ذلك النحو من الاتفاق وعلم به
كان حجة على إثبات ذلك الأمر المجمع عليه لاشتماله على ما هو من
أعلى الحجج أعني قول المعصوم (ع) ولكن الكلام في حصول العلم
والاطلاع على ذلك، نعم قد يتصور القسم الثاني بأنه لو ورد أحد من
المؤمنين في مجلس أو مسجد فرأى عدة جالسة فسئلهم عن حكم السورة في
الصلوة مثلاً فافتوا جميعاً بالوجوب ثم علم بعد ذلك أن الإمام (ع)
كان داخلاً فيهم وإن لم تحصل له المعرفة بشخصه فهذا الاتفاق إجماع
دخولي فممكن حصوله.
وأما القسم الثالث: ففي حجيته بالنسبة إلى من حصله أو من نقل إليه
اختلاف بين الأعلام فقال عدة منهم بالحجية لأجل الملازمة بين
اتفاقهم على حكم وقول الإمام (ع) بقاعدة اللطف، بتقريب أن المجمعين
لو أخطأوا في الحكم جميعاً لوجب على الإمام (ع) عقلاً من جهة وجوب
اللطف عليه أن يردعهم عن خطائهم بنحو من الأنحاء، فحيث لم يردعهم
فهم مع الحق والحق معهم، ويسمى هذا إجماعاً لطفياً والقائل به
الشيخ الطوسي وعدة آخرون.
وقال عدة أخرى بالحجية للملازمة بينهما بقاعدة التقرير بمعنى انهم
لو أخطأوا جميعاً لوجب على الإمام (ع) شرعاً من باب إرشاد الجاهل
تنبيههم على خطائهم فحيث لم ينبههم عليه فهم على الحق، ويسمى هذا
إجماعاً تقريرياً.
وذهب عدة ثالثة إلى إنكار الملازمة بين قوله (ع) وقولهم، وقالوا
انه إنما يكون حجة من جهة انه يحصل غالباً لمحصل هذا الاتفاق قطع
أو اطمينان بتوافق رأيهم مع رأي الإمام (ع)، فإنه يبعد كل ا لبعد
أن يتلبس مثلاً جميع جنود سلطان بلباس مخصوص مع عدم اطلاع سلطانهم
عليه وأمرهم به ويسمى هذا إجماعاً حدسياً.
وذهب عدة رابعة إلى عدم الملازمة وعدم حصول القطع بقول الإمام (ع)
ألا انهم قالوا بأن اتفاقهم كاشف عن وجود دليل معتبر في البين فهو
حجة من هذه الجهة ويسمى هذا إجماعاً كشفياً.
وأما القسم الرابع: فقد يتفق فيما إذا وصل أوحدى من الناس في زمان
الغيبة إلى حضرة الإمام (ع) وتشرف بخدمته وأخذ منه (ع حكماً من
الأحكام ولا يريد إظهار الأمر على الناس، فيقول هذا الحكم مما قام
عليه الإجماع مريداً به نفس الإمام (ع) فإنه واحد كالكل ولأجله خلق
البعض والكل فبهم فتح الله وبهم يختم وهذا يسمى إجماعاً تشرفياً.
تنبيهان:
الأول: قد عرفت أن الإجماع على أقسام ستة، دخولي ولطفي وتقرير
وحدسي وكشفي وتشرفي، ومتى حصل لأحد قسم من تلك الأقسام ونقله لغيره
فهو بالنسبة إلى من حصله وتحقق في حقه يسمى إجماعاً محصلان،
وبالنسبة إلى من نقل إليه إجماعاً منقولاً.
الثاني: وجه حجية الإجماع لمحصله وللمنقول إليه هو قول الإمام (ع)
فالدخولي والتشرفي لا إشكال في حجيتهما للسامع إذ الناقل ينقل قول
الإمام (ع) بلا واسطة وإن ضم إليه أقوال آخرين فهو خبر عالي السند.
وأما الأربعة الأخر فحجيتها في حق المنقول إليه منوطة باعتقاده
اللطف والتقرير والكشف أو بحدسه قول الإمام (ع) مثل الناقل بواسطة
نقله وإلا فلا حجية فيها.