موسوعة المصطلحات والمفاهيم || موسوعة علم السياسة

محمد عبد الجبار
اشكالية العلاقة بين الدين والسياسة في الدولة العراقية المعاصرة

 

سجلت اشكالية العلاقة بين الدولة والسياسة حضورا مكثفا في الدولة العراقية المعاصرة منذ السنوات الاولي في تاريخها الحديث . وقد ارتبطت هذه العلاقة بنحو عضوي مباشر بالدور الكبير الذي اضطلع به المجتهدون وعلماء الدين في الحياة السياسية للمجتمع العراقي المعاصر ابتداء من مواجهة الاحتلال البريطاني للعراق اثناء الحرب العالمية الاولي وليس انتهاء بالمواجهة السياسية والعسكرية الساخنة والمستمرة حتي هذه اللحظة بين النظام العراقي الحاكم وبين التيار الاسلامي الذي يقوده بنحو اساسي علماء الدين والمثقفون الاسلاميون.
سجل الدور المميز لعلماء الدين في الحياة السياسية للمجتمع العراقي المعاصر حضوره الكثيف مع وصول طلائع القوات البريطانية الغازية الاراضي العراقية الجنوبية في عام 1915 في سياق الحرب العالمية الاولي بين الدولة العثمانية الاسلامية التي كان العراق احدي ولاياتها وبين الدول الاوروبية الغازية ومنها بريطانيا العظمي انذاك.
فمع وصول اول جندي في الجيوش البريطانية الغازية كانت فتاوي المجتهدين وعلماء الدين في النجف وكربلاء وسامراء والكاظمية، وهي حواضر القيادات الاسلامية في العراق، صريحة وقاطعة وحاسمة وقاضية بوجوب التصدي للغازي الكافر والدفاع عن بيضة الاسلام ، اي الاراضي الاسلامية العراقية . ولم يتاثر هذا الموقف الاسلامي الشرعي بحقيقة ان العلماء الذين صاغوه هم من المجتهدين الشيعة في حين ان الدولة الحاكمة انذاك وهي الدولة الاسلامية العثمانية كانت علي مذهب السنة.
ذلك ان اجماع مجتهدي الشيعة المسلمين كان علي الدوام قاضيا بوجوب الدفاع عن الاسلام وحرمة اراضيه بغض النظر عن مذهب الدولة الحاكمة . ولم يكتف موقف العلماء المجتهدين باصدار فتاوي الجهاد بل شارك بعضهم مشاركة فعالة في الجهد العسكري الميداني الذي تصدي للقوات البريطانية الغازية.
وحين نجحت القوات البريطانية في احكام قبضتها علي غالبية الاراضي العراقية واخضعتها لسلطتها العسكرية والادارية المباشرة لم ييأس العلماء المجتهدون ولم يستسلموا بل واصلوا تحريض جماهير الشعب العراقي في المدن والارياف والعشائر علي مقاومة الاحتلال والثورة عليه. وقد اسفر هذا التحريض عن اندلاع الثورة العراقية الكبري في شهر حزيران (يونيو) من عام 1920 والمعروفة باسم ثورة العشرين. وقد كانت شعارات هذه الثورة واضحة وقاطعة وتلخصت بتحرير العراق من سلطة الاحتلال واقامة حكومة اسلامية عراقية بقيادة ملك عربي مقيد بدستور ومجلس نيابي. وكانت القيادة العليا لهذه الثورة معقودة بلا منافس لعلماء الدين المجتهدين ويليهم في القيادة والتأثير والنفوذ رؤساء العشائر العراقية الذين كانوا يدينون بالولاء والطاعة والانقياد لعلماء الدين المجتهدين خاصة في النجف والكاظمية.
والي هذه الفترة لم يكن دور علماء الدين وتدخلهم في الشؤون السياسية وبالتالي العلاقة بين الدين والسياسة موضع تساؤل او نقاش في الاوساط الشعبية والسياسية والثقافية فضلا عن العشائر. فقد كان من المسلم به ان علماء الدين هم رؤساء الدين وزعماء المجتمع وقادته. وكانت سلطتهم تستمد نفوذها الحاسم بين الناس من علاقة التقليد بين المسلم العادي والمجتهد باحكام الشريعة الاسلامية. وهذه العلاقة تعطي المجتهد سلطة شرعية علي "المكلف"، اي المسلم العادي، لا يجوز له ان يتحداها او يخرج عليها. وجوهر هذه السلطة هو الامتثال الطوعي لاوامر الفقيه المجتهد واحكامه سواء في الشؤون الدينية او الشؤون السياسية، علما بان الاخيرة كانت تطرح في فتاوي الفقهاء والمجتهدين في اطار الاولي الامر الذي يجعل الديني سياسة والسياسي دينا. ونجد هذا التداخل في نصوص فتاوي المجتهدين مثل فتوي الامام ابو الحسن الموسوي الاصفهاني حول المشاركة في انتخابات المجلس التاسيسي الذي كانت الحكومة العراقية عازمة علي اجرائها، والتي جاء فيها:"نعم قد صدر منا تحريم الانتخاب في الوقت الحاضر لما هو غير خفي علي كل باد وحاضر فمن دخل فيه او ساعد عليه فهو كمن حارب الله ورسوله واولياءه . وهي عبارة تكررت في فتاوي مشابهة للشيخ الامام محمد حسين النائيني والامام محمد مهدي الخالصي . وقد صدرت كلها في 5 تشرين الثاني (اكتوبر) عام 1922.
لقد كان يشار الي المجتهد بعبارة الحاكم الشرعي ، وكانت هذه العبارة تمنح الفقهاء موقعا قياديا في حياة الفرد والمجتمع . ولم يكن هذا الدور محصورا في الامور الشخصية للفرد وانما اتسع ليشمل كل شؤونه الفردية والاجتماعية وفي المركز منها قضايا الدولة والسياسة خاصة وان هذا الفرد وذلك المجتمع كانا يتحركان بقيادة العلماء في واجهة قوات اجنبية وسلطة محتلة وحكومة محلية هي من صنع تلك السلطة . وبقي الفقيه يمارس دور الحاكم الشرعي حتي مع وجود سلطة الدولة العثمانية ولكن علي نطاق ضيق. لكن مع انهيار هذه السلطة وانسحابها من العراق لم تعد هناك سلطة يعترف الناس والفقهاء بأي نوع من الشرعية لها. وهذا ينطبق بنحو كامل علي سلطة للاحتلال ثم علي السلطة المحلية التي اقامتها سلطة الاحتلال ثم ينسحب هذا الانطباق علي السلطة المحلية التي اقامتها سلطة الاحتلال والمتمثلة في الحكومة العراقية الاولي التي شكلها المندوب السامي لسلطة الاحتلال برئاسة عبد الرحمن النقيب في 25 تشرين الاول اكتوبر عام 1920.
ومع ان التناقض الرئيسي كان بين الموقع القيادي للفقهاء والمجتهدين من جهة وبين سلطة الاحتلال التي يمثلها المندوب السامي من جهة اخري الا ان السلطة المحلية ايضا كانت تشعر بان سلطة الفقهاء ودورهم القيادي تشكل تحديا اساسيا لسلطتها ونفوذها. خاصة وان الفقهاء تصدوا لمشاريع الحكومة المحلية وعلي راس ذلك انتخابات المجلس التأسيسي واعتبروا ان المشاركة في هذه الانتخابات والفعاليات امر مخالف للاسلام.
لقد عمل الفقهاء علي عزل الحكومة المحلية عن المجتمع عبر الفتوي بحرمة الانخراط فيها وفي فعالياتها وانشطتها وتحريم المساهمة في نشاطاتها ومشاريعها السياسية. واثر هذا علي فعالية هذه الحكومة وصدقيتها في تمثيل الشعب العراقي وفي التعبير عن مصالحه الحيوية وكشف عن كونها دمية تتستر وراءها سلطة الاحتلال وتحركها من وراء ستار لكنه ستار غير كثيف، بما يخدم مصالح الاحتلال ويخدم السياسة البريطانية في العراق.
ولم تكن سلطة الاحتلال السلطة المحلية لتخلو من مؤيدين ومناصرين. فقد اخذت تتشكل بمرور الزمن ولكن بسرعة ملفتة للنظر نخبة سياسية ساندت الاحتلال وسلطته المحلية وتعاونت معهما وشكلت ظهيره المحلي في مواجهة الفقهاء والمجتهدين ومن ورائهم عامة الشعب خاصة ابناء العشائر العربية ومثقفو المدن الذين التفوا حول اولئك الفقهاء والمجتهدين. وكانت هذه النخبة التغريبية التي سوف ترتبط مصالحها بمصالح الاحتلال وسلطته المحلية تضم اسماء لامعة مثل طالب النقيب والشاعر جميل صدقي الزهاوي والشيخ خزعل ومزاحم الباجه جي الذي القي خطبة ذم فيها ثورة العشرين ووصفها بحماقات الافراد العرب وادعي ان فيها عنصرا اجنبيا وهي اشارة مبكرة الي علماء الدين الذين قادوا الثورة وحرضوا عليها. وكان عبد الرحمن النقيب الذي اصبح اول رئيس للوزراء في ظل الاحتلال يمقت الثورة والثوار والمجتهدين الذين ايدوا الثورة.
ومن اجل مواجهة النفوذ المتزايد والمزعج لعلماء الدين عمد الاحتلال البريطاني ومعه النخبة السياسية التغريبية المتعاونة معه والمؤيدة له الي استخدام عدة اسلحة منها اثارة الدعوة الي فصل الدين عن السياسة وبالتالي منع علماء الدين من التدخل في الشؤون السياسية واثارة الدعوة القومية العربية في مواجهة الدعوة الاسلامية واتهام علماء الدين والمجتهدين بأنهم اجانب وغرباء عن البلد واخيرا اللجوء الي سلاح الاعتقال والابعاد والنفي ضدهم.
لقد شكل العلماء والمجتهدون مركز الاستقطاب في مواجهة سلطات الاحتلال البريطاني والحكومة المرتبطة به في العراق المعاصر . وقد ادركت هذه السلطات ان الامور سوف لن تستقيم لها مالم تتصدي لهم لتأمين انسيابية السلطة المحلية العراقية التي اقامتها في العراق تحت حراب الاحتلال العسكري. وقد تفننت سلطات الاحتلال البريطاني والحكومة المحلية والنخبة السياسية التغريبية في محاربة المجتهدين والعلماء وابعادهم عن الحياة السياسية والقضاء علي نفوذهم في المجتمع العراقي. وقد كان هذا الامر يشكل هدفا ذا اولوية قصوي اقتضت ان يشير اليه التقرير البريطاني المقدم الي عصبة الامم المتحدة في عام 1924 بقوله ان الحكومة العراقية تستحق التهنئة علي موقفها الصلب الذي انتهي بانتصارها علي رجال الدين الايرانيين المشاغبين.
وقد تطلب هذا الانتصار حربا منظمة ومستميتة شنتها سلطات الاحتلال والحكومة العراقية والنخبة السياسية التغريبية علي المجتهدين وعلماء الدين استخدمت فيها مختلف الاسلحة والاساليب.
وكان من اوائل هذه الاساليب اثارة الدعوة الي فصل الدين عن السياسة باعتبار ان هذا الفصل سوف يشكل عاملا مهما في سحب البساط من تحت اقدام العلماء والمجتهدين الذين كانوا يصدرون الفتاوي الدينية في الامور السياسية ويقودون الفعاليات والنشاطات السياسية والعسكرية والاجتماعية علي اساس ديني بحت.
ولعل اولي بوادر هذه الدعوة تكمن في الانشقاق العشائري الذي نفذه عدد من زعماء العشائر عام 1922 بتنسيق تفصيلي مع المندوب السامي البريطاني كوكس . وكان من هؤلاء الزعماء كل من عداي الجريان رئيس البوسلطان ورشيد العنيزان رئيس عشيرة اليسار وعمران الزنبور رئيس بني عجيل وشمران الجلوب رئيس آل فتلة الهندية ومراد الخليل رئيس الجبور. وقد اعد هؤلاء مذكرة مضادة لمؤتمر كان قد عقد انذاك بمبادرة علماء الدين للدفاع عن العراق والعتبات المقدسة في مواجهة الغارات العسكرية التي شنها الاخوان من الجزيرة العربية. وقد ضمن هؤلاء الزعماء مذكرتهم احتجاجا علي تدخل علماء الدين في السياسة واعلانا بتمسكهم بالانتداب البريطاني الذي كان علماء الدين يحملون راية محاربته والدعوة الي تحرير العراق واقامة الدولة الملكية الدستورية المستقلة.
واستخدمت النخبة السياسية التغريبية الدعوة الي القومية العربية كسلاح في مواجهة الدعوة الاسلامية التي كان علماء الدين يحملون لواءها. وقد كانت هذه محاولة مبكرة للايقاع بين العروبة والاسلام لم تقم علي اساس وجود تناقض بينهما يستدعي اختيار احدهما وطرح الثاني بقدر ما كانت سلاحا للحد من تأثير الدعوة الاسلامية المترفعة علي الدعوات بل النعرات القومية. وكان من شأن الدعوة الاسلامية ان تستقطب العراقيين علي اختلاف انتماءاتهم القومية وفي مقدمتها الانتماء القومي العربي والانتماء القومي الكردي وغيرهما من الانتماءات التي تشكل فسيفساء المجتمع العراقي. وعلي النقيض من ذلك كانت الدعوة القومية العربية سببا لاشعار العراقيين غير العرب بأن الدولة التي يجري العمل علي اقامتها في العراق سوف لن تكون دولتهم بل لن تكون دولة العراقيين جميعا بقدر كونها دولة العرب بحجة كونهم الاغلبية الساحقة في المجتمع العراقي.
ونعرف اليوم ان هذه النعرة قد تطورت علي الجانبين العربي والكردي علي نحو سلبي قاد الي سنوات دامية من الحروب المدمرة بين الكرد والحكومات العربية العراقية المتعاقبة في المركز.
بل ان الدعوة للقومية العربية استخدمت ايضا لحرمان العلماء والمجتهدين الشيعة من ممارسة دورهم في الحياة العامة العراقية بحجة كونهم ايرانيين وليسوا عراقيين عربا. وقاد هذا التوجه عبد المحسن السعدون وزير الداخلية ورجل بريطانيا الاول في الحكومة المحلية. وكان هذا يزعم ان المجتهدين عجم وبالتالي غرباء عن العراق وليس لهم الحق بالتدخل في سياسة البلد اما اذا ارادوا العمل في السياسة فالواجب يقضي عليهم ان يتجنسوا بالجنسية العراقية والا فان الحكومة يجوز لها ان تبعدهم عن البلاد. وكانت هذه بوادر اولي لسياسة التطهير العرقي التي مارستها حكومة عراقية قادمة هي حكومة صدام حسين التي اقدمت علي تسفير وابعاد مئات الالاف من العراقيين بدءاً منذ اوائل السبعينيات بحجة كونهم من التبعية الايرانية رغم انهم يمتلكون الجنسية العراقية . وقد قنن السعدون هذا الموقف رسميا حين اصدر في 9 حزيران (يونيو) عام 1923 تعديلا لقانون العقوبات البغدادي اعطي للحكومة العراقية الحق في نفي الاجانب بسبب الجنح التي يرتكبونها. وطبلت الصحف التي كانت تصدرها النخبة السياسية التغريبية لهذه السياسة فكتبت صحيفة العاصمة مقالا دعت فيه الي محاربة الدخلاء الذين لا ارتباط لهم بالعراق. وطلبت من الحكومة ان تكف يد كل من ليس بعراقي ولا عربي عن التدخل في شؤون الامة . بل ان الصحيفة اعتبرت في مقال لاحق ان فتوي مقاطعة الانتخاب اكبر مظهر من مظاهر الفكرة الاعجمية تلك الفكرة الدخيلة التي لا تخلص للقومية العربية واستقلال العراق. وطلبت الجريدة من الحكومة الضرب بشدة علي الايدي الآثمة التي تدس السم بالدسم لتتمكن من القضاء علي القومية العربية في ربوع العراق. ثم اصدرت الحكومة نفسها بيانا رسميا ذمت فيه المجتهدين ووصفهم بأنهم دخلاء لا علاقة لهم بالقضية العربية ولا تهمهم مصالح الشعب الحقيقية وانهم يختلقون اقوالا يزعمون انها مستنبطة من الشرائع الدينية غير انهم لا يقصدون منها سوي الاخلال بسير الانتخابات وتضليل الراي العام وعرقلة وصول الشعب الي السلطة.
ومهد هذا الموقف الارضية لخطوة اخري اقدمت علي اتخاذها الحكومة العراقية وهي اعتقال ونفي العلماء . فقد قرر عبد المحسن السعدون اعتقال الشيخ مهدي الخالصي الذي كان من ابرز علماء الدين الذين يتعاطون الشأن السياسي في ذلك الوقت ومن ثم نفيه وابعاده . وكان ذلك الاجراء الاول من نوعه الذي تتخذه السلطة المحلية بحق علماء الدين الذين ظلوا طيلة الفترة السابقة مصونين ازاء مثل هذه الاجراءات. فقد حافظ مجتهدو النجف وكربلاء والكاظمية علي استقلالية كاملة عن السلطات الزمنية في بغداد خاصة في العهد العثماني المتأخر. ولم تجرؤ هذه السلطات علي اعتقالهم او ابعادهم او اتخاذ اي اجراء اخر مماثل بحقهم. لكن خطوة عبد المحسن السعدون فتحت الطريق امام الحكومات المتعاقبة لانتهاك استقلالية المجتهدين وانتهاك حرمتهم الامر. وشجعت خطوة السعدون صحف النخبة السياسية التغريبية علي نشر المقالات الطويلة في ذم المجتهدين بصورة غير مباشرة ووصفهم بانهم اجانب وانهم يملكون ذهنية محدودة ويريدون هدم كيان الدولة. وكتب سلمان الشيخ داود مقالا عنيفا قال فيه ان هؤلاء المجتهدين لم يقصدوا سوي الفت في ساعد الحركة العربية المباركة فهم بذلك يخونون البلاد التي يتنعمون تحت ظلها الوارف بقصد خدمة شعب اجنبي كان من اكبر عوامل القضاء علي دولة العرب وابادة مدنيتهم الزاهرة.
اخيرا جاءت الضربة القاضية التي تلقاها المجتهدون علي يد سلطات الاحتلال والحكومة المحلية والنخبة السياسية التغريبية وقد تمثلت في اجبارهم علي اصدار تعهد بعدم التدخل في السياسة اي الالتزام بفصل الدين عن السياسة. وهو الامر الذي اعتبرته الحكومة البريطانية انتصارا للحكومة العراقية كما مر قبل قليل.
وقد تم ذلك في عام 1924 حيث قدم كبير مجتهدي النجف السيد ابو الحسن الاصفهاني تعهدا خطيا بهذا المعني جاء ضمن رسالة وجهها الي الملك جاء فيها: وان كنا اخذنا علي عاتقنا عدم المداخلة في الامور السياسية والاعتزال عن كلما يطلبه العراقيون ولسنا بمسؤولين عن ذلك وانما المسؤول عن مقتضيات الشعب وسياسته جلالتكم .
وقد اشارت هذه الرسالة وهي واحدة من اربع رسائل وقعها اضافة الي السيد الاصفهاني كل من حسن النائيني وعبد الحسين الطباطبائي والسيد حسن الطباطبائي الي انتهاء مرحلة مهمة من تاريخ التيار الاسلامي في العراق وبدء مرحلة جديدة تمثلت في انحساره العام عن القضايا العامة ومسائل الدولة والسياسة وهو انحسار سيستمر فترة طويلة تمتد الي اواخر الخمسينيات دون ان يؤثر علي عموميته الانقطاعات التي تمثلت في موقفين اتخذهما بعض علماء الدين الاخرين وهما:
اولا: موقف الاستمرار في التدخل في الشؤون السياسية ورفض التعهد المشار اليه وهو موقف جسده الشيخ كاشف الغطاء والشيخ الخالصي الاب والابن.
وثانيا: موقف التعامل الايجابي مع السلطة المحلية بدل مقاطعتها وهو موقف مثله السيد محمد الصدر، الذي تولي رئاسة الوزراء فترة من الزمن.
* الزمان

 

مركز الصدرين للمصطلحات والمفاهيم   || موسوعة علم السياسة