هناك ثلاثة معطيات تتحكم في العوامل المحددة لمسار الجماعات الأصولية: هناك أولا سياسة النخبة الحاكمة، وهناك ثانيا المثيرات الخارجية وأخيرا هناك أشكال المبادرة الأصولية.
أولا سياسة النخبة الحاكمة:
إن سياسة النخبة الحاكمة تتحكم إلى حد كبير في مسار الجماعات الأصولية، لذلك فدكمجيان ينصح هذه النخبة، إن هي أرادت اقتلاع المد الأصولي، أن تنهج سياسة ذات ثلاثة أبعاد:
_ إصلاح شامل.
_ إيجاد تكييف اجتماعي منتظم، وبتعبير آخر، إيجاد إيديولوجيا تملأ الفراغ الذي عرفته الساحة العربية بعد وفاة جمال عبد الناصر. ويلاحظ الباحث بهذا الصدد أن معمر القذافي نجح نسبيا بالجماهيرية الليبية في ملءِ هذا الفراغ.
_ اعتدال في استخدام قوة الدولة ضد المناوئين.
ثانيا / المثيرات الخارجية:
هناك نوعان من المثيرات بإمكانها التحكم في مسار الجماعات الأصولية:
_ النوع الأول: حدوث ثورة إسلامية في دولة عربية.
فنجاح هذه الثورة بإمكانه تقوية الجماعات الأصولية، ويلاحظ الباحث أن تأثير الثورة الإيرانية كان نسبيا لطابعها الشيعي.
_ النوع الثاني: تطور مسار الصراع العربي _ الإسرائيلي. فأمام العجز العسكري للأنظمة العربية ودعم الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الإسرائيلي، قد تحدث ثورة إسلامية تُقَوِّي من شوكة المد الأصولي.
ثانيا / أشكال المبادرة الإسلامية:
يلاحظ هدكمجيان أن أهم القيادات الأصولية قد تعرضت للقتل أو معتقلة داخل السجون العربية، كما يسجل أن حركة الإخوان المسلمين المصرية قد شاخت، وبالتالي فإنه يرصد التحديات التي تواجه الجماعات الإسلامية ويختزلها في ثلاثة تحديات:
التحدي الأول: إعداد برنامج مذهبي إسلامي مرن ورحب، يتوفر على أعلى درجة ممكنة من الإغراء للقطاعات الرئيسية من السكان، هذا البرنامج المرن من شأنه أن يؤدي إلى تحالف الأصوليين مع القطاعات الأخرى غير الأصولية على غرار التجربة الإيرانية، وعلى غرار ما لوحظت بوادره في كل من سوريا والعراق.
التحدي الثاني: إنشاء روابط انتقالية قوية بين الجماعات الإسلامية داخل العالم العربي وخارجه. وهذا عمل قامت به فعلا حركة الإخوان المسلمين بعد ضربها من لدن جمال عبىد الناصر، بحكم تواجد أتباع لها في عديد من مناطق العالم العربي، وبحكم مشاركة كثير من التنظيمات للإخوان في مبادءهم.
التحدي الثالث: إعداد عناصر قيادية مقتدرة. فالباحث يلاحظ أن عددا كبيرا من الجماعات الأصولية ينقصها وجود الطليعة الثورية وتعوزها الشخصية الكارزمية، وإن كان يلاحظ أن الإخوان المسلمين يتوفرون فعلا على تنظيم وإيديولوجيا ( دعوة).
--------------------------------
المصدر: الحركة الاسلامية النشأة والتطور